منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - نصَّبت جفنك منبرا
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-22-2012, 09:55 PM   #1
مجاهد السهلي
( شاعر وكاتب )

افتراضي نصَّبت جفنك منبرا


قالوا : مُشاغلةُ النفس عن الأسى بما تألف ، و يخدم أساها ينُسْيِها ألمَها ... و يُهوِنُ مُصابَها ، و ينقلُها إلى عالَمٍ آخرَ فتعيشُه و تلهو به عن واقعها.
و أنا ممن لجأ إلى الحروف و الكَلِمَاتْ عِوَضاً عن صُحبةِ الحال و الكَلَمَاتْ.
فقلتُ شيئاً مِن القصيدِ في والدي (رحمه الله) الذي لم يزلْ حُزني عليه طَرِيَّا ، و شوقي إليه نوَّاحاً شجيا. فقلت:

نَصَّبْتَ جَفْنَكَ لِلْمَدَاَمِعِ مِنْبَرَاَ
وَ أَثَرْتَ حُزْنَكَ ... فَانْبَرَىَ فِيمَنْ بَرَىَ

وَ طَفِقْتَ تَنْثُرُ فِي دُجَاَكَ مَوَاعِظَاً
أَتُرُىَ يَتُوُبُ النَّجْمُ أَوْ يَغْفُوُ السُّرَىَ؟

كَفْكِفْ دُمُوُعَكَ مَاَ إِخَالَكَ نَافَعِاً
مَنْ لَاَ يُجِيِبُ وَ لَا يَحُسُّ وَ لَا يَرَىَ

يَا رَاَحِلَاً عَنِّيِ وَ ذِكْرُكَ لَمْ يَزَلْ
يَجْرِيِ بِأَوْرِدَتِيِ مَعَ مَنْ قَدْ جَرَىَ

نَفْسِي الْفِدَاَءُ و لَوْ لِتُرْبِةِ نَعْلِهِ
حَاشَاهُ قَدْرَاً أَنْ يُبَاعَ وَ يُشْتَرَىَ

سَمَتِ النُّفُوسُ عَنِ الْفِدَاَءِ وَ إِنَّمَاَ
أَلَمُ الْفِرَاَقِ عَلَىَ النُّهَىَ قَدْ أثَّرَ

ضَمَّتْنِيَ الدُّنْيَا بِهِ فَتَغَيَّرْتْ
لِتَضُمَّ أَعْظُمَهُ مَعَ لَحْدِ الثَّرِىِ

لَوْ كَانَ يَدْرِي الَّلحْدُ مَنْ قَدْ ضَمَّهُ
لَغَدَا مُنِيِفَا فَوْقَ هَامَاتِ الذُّرَىَ

لَوْ كَاَنَ يَدْرِيِ مَنْ أَتَاَهُ تَبَاَدَلَاَ
هُوَ وَ السَّمَاءُ مَكَانَهُ مِمَّاَ يَرَىَ

لَوْ كَاَنَ يَدْرِيِ بِكَ يَاَ "أَبِيِ" لَوَجَدْتَهُ
-وَ أَظُنُّ- مُنْبَلِجَ الْجَوَاَنِبِ أَخْضَرَ

لَوْ كَاَنَ يَدْرِي مَنْ أَتَاهُ لَأَبْرَقَتْ
جَنَبَاتُهُ بِكَ وَ اكْتَسَىَ وَ تَعَطَّرَ

ظَفِرَتْ بِهِ "أُمُّ الْقُرَىَ" يَا لَيْتَنِيِ
أَحْظَىَ بِلَحْدٍ فِيِكِ يَا "أُمَّ الْقُرَىَ"

سَأَظَلُّ أَكْتُبُ فِيِكَ فَيْضَ مَدَاَمِعِيِ
حَزَنَاً عَلَيْكَ الدَّهْرَ حَتَّى أُقْبَرَ

أَتُرَىَ يَعُوُدُ لِيَ الزَّمَانُ كَما مَضَىَ
بِكَ أَوْ يَعُوُدَ بِيَ الزَّمَانُ إِلَىَ الْوَرَاَ ؟!

يَاَ لَيْتَ أَنِّي مَاَ عَرَفْتُ شَبِيِبَتِيِ
و أبتْ عليَّ طفولتي أن أكبُرَ

وَاَ حَسْرَتِيِ إِنْ طَاَلَ عُمْرِيَ هَاَهُنَاَ
وَحْدِيِ أَذُوُبُ مَضَاَضَةً وَ تَحَسُّرَاَ

أَوَ يَاَ تُرَىَ أَلْقىَ الْأَحِبَّةَ بَعْدَمَا
خَطَفَتْهُمُ الْأَقْدَاَرُ مِنِّيِ يَا تُرَىَ ؟

سَأَظَلُّ أَنْتَظِرُ اللِّقَاءَ و إن بدا
قَدَمُ الزَّمَانِ مُرَاَوِغَاً مَسْتَهْتِرَاً

سَأَظَلُّ أَكْتُبُ فِيِكَ حُرَّ قَصَائِدِي
وَ أُعَاَنِقُ الْكَلِمَاَتَ حَتَّىَ تَظْهَرَ

وَ أُهَدْهِدُ الْعَزَمَاتِ مِنْ وُكُنَاتِهَا
وَ أُعَلِّلُ الْأَشْوَاَقَ كَيْ تَتَصَبَّرَ

فَغَدَاً سَيَأْتَلِفُ الْأَحِبَّةُ كُلُّهُمْ
وَ تَزُوُلُ هَاتِيِكَ الْهُمُوُمُ بِلَا امْتِرَاَ

كَمْ هَوَّنَتْ ثِقَتِيِ بِقُرْبِ وِصَالِهِمْ
كَرْبِيِ وَ كَمْ جَعَلَتْ يَقِيِنِيِ أَكْثَرَ

لَا تَجْزَعِي يا نَفْسُ و احْتَسِبِي فَقَدْ
وَقَعَ الَّذِي تَخْشَيْنَهُ و تَقَدَّرَ

يَا صَاحِبَيَّ تَرَفَّقَا بِيَ وَ ابْكِيَاَ
مَعِيَ الَّذِيِ أَبْكِيِهِ حَتَّىَ تُعْذَرَا

أَوْ فَاتْرُكَانِي مِنْ مَلَاَمِكُمَاَ فَمَاَ
لَكُمَاَ يَدٌ عِنْدِيِ تذاعُ فَتُشْكَرَا

كُفَّا الْمَلَاَمَةَ وَ اتْرُكَاَنِيَ لِلْأُوْلَىَ
لمَسَوُا فُؤَاَدِي بِالْعَزَاَ فَتَصَبَّرَ

مِنْ كُلِّ ذِيِ قَلَمٍ يَكَادُ إِذَا انْبَرَىَ
أَسَدَاً يَحُوُمُ عَلَىَ الرَّدَىَ وَ غَضَنْفَرَا

أَفْدِيِهِمُو مِنْ مَعْشَرٍ بَهِمُو الْأَسَى
يَحْلُوُ وَ طَعْمُ الصَّابِ يَغْدُوُ مُسْكِرَاَ

وَ لَرُبَّ خَاشِعَةٍ إِذَاَ مَا اسْتَنْطَقَتْ
لُغَةَ الْجِرَاَحِ أَجَابَهَا وَ تَخَدَّرَ

لِيِ نَغْمَةُ الْأَحْزَاَنِ تَطْرُقُ مَسْمَعِيِ
وَ لَكمْ يَرَاَعِيِ فَاقْرَؤُوا مَا سَطَّرَ

صَلَّىَ عَلَيْنا اللهُ مَا انْسَكَبَ النَّدَىَ
أَبَدَاً وَ أَبْرَقَ عَارِضٌ وَ تَحَدَّرَا
الكريم -عندي- من يستحضرُ ربه ثم يدعو لوالدي بدعوة صالحة. و لا يشترط كتابتها أو التعقيب لأجلها .

 

التوقيع

رؤيَ أحد المحدثين في المنام بعد وفاته و قد وقف أمام ربه ، فناقشه ذنوبه. فقال له : ياربِّ ما هكذا بلغني عنك !!.. قال : و ما بلغك عني.؟ قال : حدثنا فلان قال حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم أنك قلت: إن رحمتي سبقت غضبي.. قال فضحك رب العزة و قال له: قد عفوت عنك.

اللهم إني ألتمس رضاك و غفرانك لأبي بما قطعته على نفسك أن رحمتك تسبق غضبك

مجاهد السهلي غير متصل   رد مع اقتباس