الله يرحمه

[طلال الفقير]

كانوا ضمن المشيعين لدفنه بعد أن شاركوا مراسم الدفن وقفوا على قبره وهم يتهامسون كيف مات ؟!..
قال الآخر بحادث سيارة رد الآخر "لاحول ولا قوة ألا بالله" كان رجل طيب ولكن عيبه أنه نصاب نسأل الله أن يتجاوز عنه (وتبدوا عليه علامات التأثر) وهو ينطق بها ..!
قال كيف نصاب رد عليه فقال والله الرجل مقبور الآن ومن غير اللائق أن نتحدث أمام قبره ..!

فأنا أدعوك للاحتساء فنجال من القهوة "بستار بوكس" لنتحدث فيه عن عناوين ودهاليز هذا المقبور ونسأل الله أن يتجاوز عنه فما رأيكم ؟!..
لا بأس فيكون موعدنا "بمقهى ستار بوكس ".

دنوت منهما وقلت لهذا المعتوه جزاك خير على احترامك لمشاعر قبره ولكنني اعتب عليك لم تحترم مشاعره والحقيقة لقد رأيت رؤية البارحة اليسا أنت فلان وأنت فلان الفلاني قالا نعم فما رأيت قلت رأيت صاحبنا المقبور ينتظركم على شفير جهنم وهو يرقص "بالسناوي" (والسناوي هو باللهجة السعودية ما يعرف بسروال السنه وهو من السراويل القصيرة الداخلية للرجال).

قال أحدهم هذه رؤية معقده فما رأيك أن تشاركنا فنجال من القهوة قلت لا مانع ولكن مقهى "ستار بكس" حقيقة هذا المقهى لا أتي إليه الا في الكوارث أو المقاطعات لأستفيد من العروض المقدمة لعملائه فهو لا يعرفهم إلا في المصائب فأنا افضل مقهى "هاف مليون" فما رأيكم وافقا على ذلك المقهى .
ولكن بما أنكما دعوتماني فأن قهوتي المفضلة (فلات وايت) حتى يكون التركيز عالي بشخصية تفاصيل الراحل ولا سيما تراقصه "بالسناوي" وسأحضر معي مفسر أحلام وأتكفل بمصاريفه ونطلب مغني وراقصة ان كانت الرؤية مبهجة نريد أن نحتفل ايها الرجال ونفرغ ما في داخلنا من حزن وان كانت عكس ذلك سندعو الفنان مزعل فرحان ليقيم مأتم عزاء بأغنيته (أنا حزين)!..

أتمنى أن نؤمن بجميع الاحتمالات وان نتقبل النتائج فما رأيكم ..!
صحيح لا بد من أخذ جميع الاحتمالات أتفقنا جميعاً وكان اليوم الموعود.
الحقيقة حضرنا جميعاً وانتظرنا حتى حضر مفسر الاحلام وقصصنا له الرؤية وسكت برهة من الزمن وهو يمسح بلحيته وعيناه تتطاير يميناً ويساراً وأخذ يتصبب عرقاً من جبهته حتى طلب اعادة الرؤية مرة أخرى وهو يقول هل أنت متأكد من أنه يرقص "بالسناوي" قلت نعم وعلى شفير جهنم ..!
وذكر المفسر بنبرات الحزن ان رفيقكم (سناوي مميز بالرقص وممتع ولا يرقص جيدا الا للجنس الناعم للأهداف مشبوها).

طلال الفقير

 

[عُمق]

المقالة تتخذ طابعًا ساخرًا رمزيًا ناقدًا يدمج بين الحدث الجنائزي الجادّ (دفن رجل متوفى)
وبين خيال جامح مشحون بالتهكم على النفاق الاجتماعي بعد الموت
وانكشاف الأقنعة والتقلب في الأحكام حسب المصالح أو المزاج.
حيث يظهر التناقض بين
الحزن الظاهري وغياب الاحترام الحقيقي للموتى.
وبين الحديث عن الرؤية كمادة للجدل والنقد الاجتماعي لا للإيمان أو الاتعاظ.

عندما يموت أحدهم لا ينتهي الحديث عنه بل تبدأ الحكايات التي لم يُتح لنا قولها في حضوره.
بين الحقيقة والظن وبين الرقص على الأطراف وحدود النار.
ويبقى سؤال واحد فقط معلقًا: من منّا حقًا يستحق أن يُرثى له؟

وعليه تمّ الاتفاق على تحويل (ستاربكس) إلى منصة لتصفية الحكايات الميتة
و(هاف مليون) إلى صالة انتظار للرؤية القادمة.
أما المفسّر فقد غادر المكان بخطى ثقيلة وهو يتمتم بعض الرؤى
لا تُفسّر بل تُكتم حتى لا تُشعل جهنمًا جديدة!

إلى أ. طلال صاحب الحرف المُضاء من الداخل
الكاتب الذي يعرف كيف يُنطق الصمت وكيف يُلملم شتات الروح
نخرج من بين حروفك أعمق وأنقى وأشدّ صدقًا مع أنفسنا
دمت للحرف أهلاً وللجمال دليلًا ولقلوب قرّائك ضوءًا لا يخبو.
عُمق