حكمة الفاروق وحريق جده

[طلال الفقير]

جده تطفو على السطح من جديد ولكن هذه المرة ليس غرقـــًا بل حريقـــًا نحمد الله على قضاءه وقدره ! ..

بين الغرق والحريق عشنا الألم لتلك المأساة رحمهم الله جميعــًـا وللأسف الشديد غاب كثير من المنطق وطغت العاطفة إبان غرق مدينة جده وتكررت الصورة ولكن بوجه آخر ومسار مختلف والقاسم المشترك هي إننا عاطفيون وفوضويون في نفس الوقت لا حياتنا منظمة ولا شكاوينا مصيبة فالعجيب والغريب تكون الشكاوي بحزمة واحدة موجه إلى رأس الهرم فغاب المنطق وطغت العاطفة ! ..

فالفاروق رضي الله عنه صاحب المقولة المشهورة (لو ضاعت بغلة في العراق لسألني ربي عنها لما لم تمهد لها الطريق يا عمر) بزمنه شُهر العدل والمساواة بين الناس ففي عصر ابن الخطاب نظام وتنظيم وحضارة وعلم ورغم ذلك كان هناك أخطاء وفساد ومفاسد ولكنه رضي الله عنه يحاسب ولاته وكان يتحقق من شكاوي الرعية ضد الولاة فلكل خطاء حساب ولكل مسئول محاسبة فلا يوجد مجتمع من المجتمعات يعيش المثالية سوى مدينة الفارابي بكتابه أما غير ذلك وهم لأننا بشر ! ..

فحادث الحريق بتلك المدرسة المنكوبة ألم يدرك أولياء الأمور عن حال هذه المدرسة..؟! أين هي شكاويهم وإذا هي أهملت هل تم التوجه إلى المسئول عن المسئول وهل هم مجبورون على تدريس بناتهم بتلك المدرسة ؟! ..

وكـعادة العاطفة لدينا تطغى على العقل ويغيب المنطق وتضيع الحقيقة وتشير السبابة إلى الحكومة وحدها بحمل جميع الخطايا فلو وضع "مطب اصطناعي "بغير مكانه وأحدث حادث وبسببه تسبب بوفاة هل نقول الحكومة بينما الحقيقة والمنطق تقول (كلكم راع وكل راعي مسئول عن رعيته) فالمجتمع لا يتقدم ولا يتطور بالفردية بالعمل ولكن بالعمل التكاملي وسلامة المجتمع وأمنه هو مسئولية الجميع ! ..

فالمسئولية تكمن من أصغر موظف حتى رأس الهرم فصاحب المدرسة مسئول وإدارة التعليم التي قامت باستئجار تلك المدرسة مسئولة وإدارة الدفاع المدني مسئولة إذ هي لم تنذر إدارة المدرسة وصاحب البناية فالجميع مسئول وكل مسئول يتحمل أخطائه لنترك العاطفة جانبـــًا ونراعي الأمانة بين عيوننا بدلا ً من التباكي على اللبن المسكوب ! ..

طلال بن محمد الفقير


24/12/1432هـــ