رِوايــة رهائن الخطيئة لهيثم حسين/ قراءة و تحليل - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 4462 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7438 - )           »          ما يكتُبُهُ العضو بالعُضْو : (الكاتـب : نواف العطا - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 2418 - )           »          مجلة ألوان .. (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 118 - )           »          مرضى متلاعبون (الكاتـب : إبراهيم عبده آل معدّي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 2 - )           »          إلتقاطة أبعاد اللون (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 407 - )           »          حب بلا ملامح (الكاتـب : صالح بحرق - مشاركات : 1 - )           »          رَذَاذٌ عَاقْ ! (الكاتـب : زهرة زهير - مشاركات : 76 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 790 - )           »          تخيل ( (الكاتـب : يوسف الذيابي - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 431 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-19-2014, 11:16 PM   #1
سارة النمس
( كاتبة جزائرية )

افتراضي رِوايــة رهائن الخطيئة لهيثم حسين/ قراءة و تحليل


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



قراءة في رواية "رهائن الخطيئة " للكاتب السوري "هيثم حسين"


هيثم حسين، قبل أن يكون كاتباً هو رجلٌ إنبثق من أرض عامودا، فسكنته أكثر ممّا سَكنها، عامودا هي العشيقة الأبدية للكاتب، و الملهمة الأولى، ليس بحاجة أن يتودد إلى امرأة ليستمد منها إلهاماً ثم يستنجد بالورق، يكفي أن يجلس أمام الورق و هو غارقٌ في التفكير في عامودا لينقلكَ إلى عالمه و يرغمك على حب هذه المدينة و اكتشافها. لو كانت عامودا امرأة ما كانت لتحبَ رجلاً غير هيثم!

من يقرأ لهيثم رواية آرام يدرك أنّه يسرد الوجع الكردي، و من يقرأ له رواية رهائن الخطيئة يستغربُ كيف للكاتب أن سردَ نفس الوجعِ مرة ثانية دون أن يكرر نفسه، بأحداث جديدة تختلف كلياً عن الأولى و ليس بوسع أي شخص أن يسرد نفس الوجع و نفس الأماكن بشخصيات جديدة و رواية مختلفة إلاّ إن كان حقاً مبدعاً.

تفتحُ كتاب رهائن الخطيئة فتستقبلك أوّل جملة :
" يخطئ مَن يظنّ أنّ في هذه الرواية شيئاً من الخيال "

ليحملكَ مسؤولية ما أنتَ بصدد قراءته، و يفتح لك مجالاً لكل التساؤلات المتعلقة بشخصيات هذه الرواية، و هو يدرك بذكاء أنّ القارئ قد يحبذ أن يقرأ ما هو واقعي و حقيقي أكثر مما هو خيالي، و يستفز فيك الفضول لتبدأ القراءة بشهية.

بدأ الكاتب روايته بمقدّمة مقالية لا أعتقد أنها تخدم النص الروائي، بحيث أنّ صوته ككاتب تدخل و لم يطلق العنان لشخصياته بأن تسردَ نفسها، بالنسبة لي تبدأ الرواية من الصفحة الرابعة عشر للكتاب حين يبدأ بالحديث عن "خاتونة" سيّدة مسنة عبرت الحدود التركية إلى قرية من قرى عامودا لتربي ابنيها " علو و أحمِي "دون أن تتحدث عن شيء عن الماضي لا للولدين و لا للجيران.

يُلمّح الكاتب إلى سرّ خاتونِة دون أن يسرده و هو يرغمك على أن تقرأ كتابه حتى النهاية لتتعرف على حيوات الأبطال، تفاصيل عيشهم، أسرارهم الدفينة، جوانبهم المشرقة و المظلمة، خطاياهم .. إلخ
يصف الأماكن ببراعة تأخذك إليها، لتزور بنفسك الحارات، تكتشف بيوتها و أسرارها، و حتى جدرانها ! فيكون خير دليل سياحي، يصف لكَ وجه قرية "داري" و "ماردين" يجعلك تتحسس تجاعيدها و تستحضر أرواح من سكنوها قبل أن تكون موجوداً، و عشق هيثم لهذه الأماكن يجعله يسهب في سرد تفاصيلها لصفحات ... لو قلّت كانت أفضل، لأنّ القارئ المتعطش لمزيد من الأحداث يريد أن يقرأ ما الذي حدث لبقية الأبطال.

يروي هيثم، همّ المرأة في المجتمع الشرقي، كما لو أنّها ترويه، من خلال شخصية "زوجة علو" التي أصيبت بالطرش بسبب صفعة من والدها عندما رآها تكنس البيت فظنّها تنتظر عشيقاً أو تحاول إغواءه، ثم يعود ليتحدث عن الظلم في مشهد مؤثر حدث في الباص بين أستاذ و رجل أهانه أمام الملأ و حطّ من قدره أمام الناس بسبب مكان مقعد في الباص، يجعل القارئ يشرد طويلاً و هو يستحضر الظلم الذي يعيشه كل يوم في وطن يموت فيه الضعيف و يتمادى فيه القويّ بلا رحمة، يسرد الكاتب العامودي هموماً أخرى للذين يعيشون على الحدود كيف لهذه الأخيرة أن تجلب الشقاء لهم و هم يحاولون أن يغادروا الأرض أو عودة إليها، أو حتى و هُم يعيشون حياتهم اليومية كالصبي الذي تعوّد على جمع الأشياء المرمية ليصلحها و ينتفع بها، فحدث أن عثر على لغم حاول تفكيكه فانفجر و أودى بحياته.

هذه الأحداث الدراماتيكية، لا تغيّب الكثير من الأحداث الطريفة، التي تبرز حس الدعابة لدى الروائي، كالنص الذي يتحدث فيه عن الليلة الأولى من زواج أحمي من سيري، كيف أن تصوفه أجبره على قمع شهواته لسنوات طويلة و هذا القمع أدّى إلى جهلٍ جنسي أحرجه في حضرة سيري.

للكاتب عالمه الذي شاء أن يتقاسمه مع قرائه، و له لغة سردية جميلة، تعد من أهم ملامحه ككاتب، بحيث يكتب بنَفَسه الخاص دون أن يستعير نَفس أحد من الكتّاب الآخرين.

بالنهاية .. أدركتُ أنّ خاتونة المرأة القوية، التي نذرت حياتها من أجل أن البحث عن حياة تليق بأولادها ماهيَ إلاّ كردستان! الممزقة بين سوريا و العراق و إيران و تركيا، هذه المرأة التي تبحث عن هويتها على كل شبرٍ من الأرض التي تشم رائحتها فيها، لم ينهِ هيثم الكتاب دون أن يسردَ للقراء سرّ خاتونة و تاريخ العائلة الذي بدا مجهولاً بالأحداث الأولى للرواية، ترويه لحفيدها "هوّار" في مشهد مؤثر يليق كخاتمة لرواية "رهائن الخطيئة".

أقتبسُ لكم أحد النصوص التي راقت لي من الكتاب :

" المرأة هي آخر من ينام، أوّل من يفيق، آخر من يأكل، أوّل من يضحي، هي القائد الثائر بالفطرة، تأكّدَ أنّ هذا هو دأب النساء اليومي، عملهن فدائي إلى حد بعيد، قضيتهن كبرى القضايا، همهن الوحيد تعليم أبنائهن، كي لا يكرروا سير أبائهم و أجدادهم، و قد يكون التعليم بطرق عفوية منها قولهن للأولاد:
- لا نريدُ لكم أن تعيشوا حياةً كحياتنا "

مجرد انطباع قارئة
سارة النمس

 

التوقيع


لقد فهمتُ أخيراً معنى أن تتركَ وطنك لتكون في وطن الغير
الأمر أشبه بأن تترك بيتك و تمكث ضيفاً في بيت آخر
ستدرك أنك مهما مكثت ستظل ضيفاً و لست صاحب البيت !

من رواية " الحب بنكهة جزائرية "

سارة النمس غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:52 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.