استرجاع حالة وهم مغادرة

[محمد الخضري]

استرجاع حالة وهم مغادرة

تعاودني هذه الأيام رغبة جامحة للسفر عن هذا المكان والنأـي بنفسي إلى مكان أكثر هدوءاً وسكينة وطمأنينة
يخالجني التفكير في الرحيل عنك أعواما ...
فأنا يا صديقة ما عدت أطيق هذا العبث
ولم يعد لي احتمال على الصبر ...
فالصبر دونه الصبر

ولأنني مسافر في لحظات لايمكن استرجاعها ..
أقضي هنا في هذه الحياة إجازة قصيرة لأتملى برؤية وجهي ورؤيتك ثم أرحل
ولأنني عابرٌ في هذا الطريق المقفر إلا من أنَات الألم وصدى حفيف الخوف الكامن في الزوايا المقفرة
وقدماي اللتان أثقلهما الركض خلف مواكب الشوق للغربة .

عابرٌ أنا إلى منافي الشتات يا صديقتي مثل قارب طافٍ على صفحة ماء متيبس لا تهزه الريح ولا يحركه الموج
ليس أصعب على القلب يا صديقة القلب أن ينكأ جراحاته باجترار حالات نادرة من الحزن المتخثر في قوافي الكلام ...
وعبث الصهيل خلف أسوار الدنيا ومضامير العناء وتماهيات الذاكرة.

يلتبس علي يا صديقة التفريق بينك وبين الأشياء المحيطة بي
فأنتِ كل أشيائي الراكضة في الشرايين والمخبوءة تحت مسام القلب ولكن السفر يلح علي أن أهجر هذا المكان حيث لا بساتين ... لاحقول ... لا عصافير ... ولا ورود

وحده ظلك الصامد يستطيع أن يفك طلاسم السفر والرحيل وظلي أنا المتأرجح خلف ستائر الليل ونوافذ النهار الهجين الذي يجهل حكاية السفر
سأغيب عنك قسراً وسأهجرك كرهاً ولكني سأظل معلقاً بين البقاء وبين الفناء
حتى أستعيد هذه اللحظات وأستعيدك .