إيمان النور
صباحك أنفاس الياسمين
بحق هي قصيدة أكثر من رائعة
هذا الحوار العاطفي بين قلبين ، وجلسة التقاضي في محكمة الحب
استطعـت ِ التعـبير عـنهما بحرفية واقتدار وبشاعـرية تستحق التصفيق
فلم تقعـي في السردية والمباشرة كما يقع كثيرون في الحواريات
سأحاول تلمس نبضات كل بيت من أبيات قصيدتك الحسناء هذه متمنياً لنفسي التوفيق:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان محمد ديب طهماز
قالت: كرهتك يا هذا، فقلت لها
إني أحبكِ حتى لو كرهتيني
لعمري هذا هو الحب الزُلال
الذي يتسامى على المنطق والعقل وحتى الخيال
قالت: فدع للهوى فصل المقال أما
آمنت بالهجر ، فلتهمل عناويني
إذا كان فصل المقال للهوى فلا إهمال للعناوين التي يرصدها القلب
ما ذنب قلبي إذا ما كنت تعشقه
وإن رأيتك في الأحلام تؤذيني
لا ذنب ولا وزرَ على المحب ولا على المحبوبة
ذلك تصريف القدر، وأذى المحب جناية لا يمحوها إلا خضوع منه وقبول من مليكة قلبه
**********
قلتُ: ارحمي بالنوى من ليس يدركه
موتٌ فيرحمه، هلاّ رحمتيني
أقصى درجات الحب والعشق الإحساس بالعدمية بدون الحبيبة
حُلكة وغُـبار ورواسي هموم، الموت أرحم من الضياع في متاهات الوجع ولا شك
أجدت النطق بلسانه إيمان النور
يا من عشقت سناها قبل ما خلقت
قبل الخليقة يا أنتِ فتنتيني
قلبي من هذه المدرسة التي تؤمن بحب يولد قبل ولادة المحب والمحبوبة على حد سواء
وأنا القائل في قصيدتي ( كأنا ):
كأنا
وقبل التخلُّق كنا
على موعد فتأنّى ..
هذا الذي ما ارتضيتِ منه ـــــ قاتلتي ـــــ
حب السنين به كبر السلاطين
المحب لا يرى في الحبيبة قاتلاً إلا من منطلق شعوره بالعـدمية وهي تشيح بوجهها عنه ذات عاصفة غضب
لأنه يراها سبب الحياة ومبرر البقاء
فهو كذلك في البعد والهجران يرى نفسه أضغاث جسد وبقايا أشلاء قتيل
تركتِني في متاهات الأسى ثملاً
على بساط الهوى جرحاً، بلا لين ِ
المعاناة المكابدة التي يعانيها العاشق وهو على رصيف الانتظار واللوعة لا يفي حقها نزف جرح
هي أعظم من الزلزلة والانفجار
رحماك ربي
*********
يا حاكم العشق فلتنظر قضيتنا
شكوت حالي لصوت الرعد يطويني
لا حاكم للعشق إلا القلب، والتسليم بحكمه واجب
هلاّ سمعتَ صراخ الموت في كبدي
فلتحكم اليوم في حال المساكين
تأوهات العاشق وعـذابه ينم عن مدى انسحاقه الجميل المبارك وتلاشيه عند عرش الحبيبة
أحس بذلك النبض المتأجج لوعة وحباً واشتياقاً في فلاة العـطش والهجران
وعـدتها العشق مختوم الرحيق وما
لغيرها الآن بعد الأمس يدنيني
عـشق مختوم الرحيق ! وحصريّ !
ذلك هو منتهى الدفق والعطاء الروحي
إيمان النور: لقد كنتِ وفيّةً لنبضه بالتعبير عن حاله بصدق كما لو أنه هو المتحدث
*********
قالت وقد فاض كأس الصمت وامتلأت
كف الضراعة من فيض البراكين
هنا تصاعـد وتأجج جديد، وانفلات من عـقال الصمت، وتوثُّبٌ لصرخة بركانية مدوّية
ما كنت أعشقهُ يوماً وما وعدت
روحي، وما قلت مقبولاً *فناديني
العشق زلازل وبراكين وصواعق لا ميقات لها ولا منطق
فلا تلام المحبوبة إن لم يتوهج فيها الحب كما هو في المحب، فذلك تصريف القدر
والحب في عُـرف من يدرك كنهه الحقيقي لا يعرف المقايضة وإنما هو عـطاء بلا حساب
هكذا أراه وهكذا أراك يا إيمان قد أحسنت التعـبير عـنه
قد أعلن الحب في وجه الشراع فما
ذنب السفينة في ريح المجانين ؟!
ربما كان خفق المحب وهيجانه أعتى من أن يستطيع كتمه أو مواراته
حتى لو كان في وجه الشراع ومصارعة الأمواج ومكابدتها
إنه جنون العشق الذي يتسامى على المنطق والعـقل
ومع هذا فلا ذنب تتحمل وزره سفينة المحبوبة إن كانت تتوجس من رياح اللامعقول واللااعتيادي
لكنه يبقى جنوناً حلواً يستحق الإكبار والتصفيق
لم أطلب الوصل من وحي الهوى حلماً
ولا خدعتك في صمتي فتبكيني
هنا التبرؤ من إثم عـذاب المحب ووزر دمـوعه المسفوحة على طول قامة وجعـه ولوعـته
والعاشق الحق دائماً يرى المحبوبة أسمى منه، فإن خاب رجاؤه حمّل نفسه المسؤولية لتعـثّره في بلوغ رضاها
********
باسم الغرام الذي ما اخترت سطوته
لكنَّ سهم القضا هيهات يخطيني
هذا التداعي والتوسُّل للمحبوبة لا يكون إلا بعـد استغـراق في الوله
ما كان وعداً ولكنّ البدور إذا
ما أسفر الحسنُ أوحت للشياطين
صحيح، وكيف يصمد القلب الفائض بالحب أمام قامة البدر وآيات حُسنه
كيف له الصمود وقد وجد ضالته
هو هنا ليس شيطاناً تُخضعه الغواية، وإنما هو كطفل معـذَّب محروم
وقد وجد ضالته في الحسن والإحسان
هذا الجمال كأغلال اللظى قبضت
كفّ المنايا وصالت بالسكاكين
من ذا الذي يقاوم الجمال إذا أخذ القلب بما فيه، وقبضت ناره قبضة برد ٍ وسلام ٍ على تضاريس الروح !
ما أصنع اليوم ! مقتولٌ بفاتنة
مارقّ منها الرضا يوماً لترضيني
تساؤل يشي بمدى الحُرقة، وعُـمق الجرح واتساع مداه، وعـظمة المأساة
فالمحب يتلظى على نار لوعـته وحرمانه
ويتشهّى غـيث رضا المحبوبة لتزهر فيه الحياة من جديد
لعمري إنَّ هذا الحب مقدَّس
والله ما برحت روحي تطارحها
كأس الصبابة من حينٍ إلى حين
حتى وإن لاقى قلب المحب صدوداً وهجراناً ذات غـضب وانفعال من المحبوبة
فالمحب الصادق يطوي الجرح ويتوسم تحقيق المُنى وبلوغ الشمس، فلا يستكين
والروح تبقى تطوف حول ضياء المحبوبة تتوسل الرضا والغـفران
*******
يا قاضيَ الحُبِّ: ما حُكمُ الغرام إذا
ما أوقد الروح في صبّ الرياحين ؟
قاضي الحب هو القلب فحسب، والتسليم بحكمه واجب
فإن سُئل أجاب بصدق وشفافية دون مراوغـة ولا حرج أو مجاملة أو رضوخ للحظات انفعـال
فقوله هو الفصل، وهو الحق والعـدل في عُـرف الحب
إيمان النور
أؤكد مجدداً على روعـة قصيدتك هذه
وإنني أحب هذا النوع من الشعـر الذي يتناول لواعـج المحبين وأحوالهم
ولي في هذا الموضوع قصيدة بعـنوان ( ملحمة الحب )
وأحياناً أسميها ( معـلَّقة الحب )
تصبُّ وقصيدتك هذه في بوتقة واحدة
وهذا ما يُغـريني لنشرها هنا قريباً
دام ضياؤك وتألقك
مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي
ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف
|