قلبٌ يكتبُ كي لا يختفي: تأملات في فلسفة المهزومين! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ظِلُّ الكَلَامِ! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 2 - )           »          الرجلُ الذي رأى ظِلَّه يذوب... (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          قلبٌ يكتبُ كي لا يختفي: تأملات في فلسفة المهزومين! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 4486 - )           »          صالون الشعـر الفصيح ـــ ربـاعـيـات (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 37 - )           »          الأطياف الصغيرة.. (الكاتـب : سهيل العلي - مشاركات : 0 - )           »          [ اعتِرافَات شَعْبيّة ]: (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 75 - )           »          عِــنَـــاق ....! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 26 - )           »          (( شهد .. للحديث بقية ..)) (الكاتـب : زايد الشليمي - آخر مشاركة : رشا عرابي - مشاركات : 1 - )           »          اعترافاتٌ تُكتَبُ بِنارِ الرُّوحِ وقَبضَةِ القَمَرِ! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد المقال

أبعاد المقال لِكُلّ مَقَالٍ مَقَامٌ وَ حِوَارْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم اليوم, 03:09 PM   #1
جهاد غريب
( شاعر )

الصورة الرمزية جهاد غريب

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 3701

جهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعةجهاد غريب لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي قلبٌ يكتبُ كي لا يختفي: تأملات في فلسفة المهزومين!


قلبٌ يكتبُ كي لا يختفي: تأملات في فلسفة المهزومين!

كانَ ينبغي لي أنْ أشتري نظارةً جديدةً منذُ زمن. ربما لو فعلتُ ذلك، لَما ظننتُ أن سرابَكِ واحةٌ، ولَما ظللتُ أجرّ أذيالَ حُلْمي على رمالٍ تلظّى، ككائنٍ صغيرٍ يتشبثُ بذيلهِ، كأنه حبلُ نجاة، لكنّي ـ كالعادة ـ فضلتُ أن أكونَ "فيلسوفَ العشقِ المُفلس"، أدرسُ طبيعةَ الوهمِ بينما تنزفُ قدمي على شظايا الزجاجِ الذي كسرْتِهِ أنتِ ببرودٍ.

تخيّلي معي أنكِ تدخلين غرفتي فجأةً، فتجدين جسدي المُعلّق على حائطٍ من دموع! نعم، إنها "لوحةٌ وجودية" تُجسّدُ لحظةَ انتحارِ الروحِ أمامَ مرآةِ الحب. الجثةُ تبتسمُ - بالطبع - لأنها تعلمُ أنكِ ستسألين: "لماذا ارتدى سُترةً بهذا اللون الباهت؟" لا تهتمين أبداً بأنه كانَ يرتدي قلبَه على كُمّهِ طوالَ الوقت.

وربما، حين تمعنّتُ وجهَ رفاتي المُعلّق في انعكاسكِ الذي لم يعد يراني، لم أعد أبحث عن تفسيرٍ فيكِ... بل وجدتُني أفتّش في ملامحي عن شيءٍ ضاع منذ زمن. تذكّرتُ كم من مرةٍ كنتُ أبحثُ في عينيكِ عن خلاصٍ، بينما كنتِ تبحثين في ابتسامتي عن سببٍ للغياب. عندها فقط، أدركتُ متأخرًا أن اللعبة كانت أكبر من مجرد مشهد درامي... لقد كانت حياةً بأكملها نُراهن عليها في محطةٍ لم توجد قط.

الحبُّ هو أن تدفعَ كلَّ ما تملكُ ثمنًا لتذكرةِ قطارٍ، ثم تكتشفَ أن المحطةَ كلها وهمية، لكنّنا نستمرّ في الصفّ الطويل، لأننا - كبشر - نؤمنُ بأن الخداعَ الجماعيَّ يُشبهُ الديمقراطية: كلّنا نعرفُ أنها مُربكة، لكننا نُصفّق كي لا نضطر للاعترافِ بالهزيمة.

وكلما طال الانتظار في ذاك الصفّ الوهمي، ازددتُ يقينًا أن الحظّ ليس غائبًا فحسب، بل كان يجلسُ يراقبُني من بعيد ويضحك.

في أحد الأيام، قررتُ أن أُجري حوارًا مع "حظّي العاثر". سألتهُ: "لماذا تختارني دائمًا ضحيةً؟" فضحكَ وقال: "لأنكَ الوحيدُ الذي لا يشتري!" ثم ناولني كوبًا من المُرّ، فشربتُه مُبتسمًا، ظننتُه قهوة. هكذا يُعلّمنا العارفُ أن السُّكران لا يُميّز بين العلقم والنبيذ.

ومن ذلك الضحك، تولد في داخلي صورةٌ للفراق، لا تشبه النهايات المعتادة، بل لوحةً من رمادٍ يحاول أن يشتعل رغم فقدانه لروحه.

لو كانَ لي أن أرسم فراقنا، لرسمتُ حديقةً من الشموعِ المُطفأة، تُنبتُ بينها أزهارٌ بلا رائحة. في المنتصفِ، يقفُ رجلٌ يحاولُ إشعالَ النارِ بأضلاعه، بينما تمرّين أنتِ - كظلٍّ بلا جسد - فتسحبين الهواءِ من حوله، ثم تهمسين، وكأنكِ تجهلين أن الهواء الذي سحبتيه، هو ما كان سيشعلُه.

نحن كائناتٌ مهووسةٌ بالمعنى، نبحثُ عنه حتى في ركامِ انكساراتنا، نُزيّن الألمَ بشيءٍ من البلاغة، ونخطّ القصائد على جدرانِ السجن كي نخدعَ أنفسنا بأنّنا أحرار! فنحن لا نُقرّ بأننا نحبُّ سجاننا، بل نقول إننا نكتب له كي نُغويه إلى باب الهروب.

هكذا يتحوّلُ العشقُ إلى فلسفةِ المُهزومين: نثبتُ من خلال النزيفِ أننا لم نمت بعد، ونُعلنُ عن حضورنا الأبدي بالغياب. نُغلقُ الأبواب خلفنا كي يسمعوا صوتَ الرحيل، لا لأننا نريد الذهاب، بل لأننا نرجو أن يركضَ أحدهم خلفنا... ولو مرة.

جهاد غريب
يوليو 2025

 

جهاد غريب متصل الآن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:47 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.