• من المعيب أن نكون قوما لا نعرف كيف نتعامل مع الفرح, بعض الأشخاص لديهم اعتقاد بأن الضحك من بواعث المصائب ومن المبشرات بقرب وقوع كارثة!!! لذا لا غرابة ان يقول أحدنا بعد ضحكة بسيطة «الله يكافينا شر هذا الضحك» وكأن الضحك يسبب الشر ويأتي الدعاء كحل حتمي لدرء ذلك الشر والتعوذ منه. والأغرب هو تحولنا إلى حالة الهستيريا و«فقدان العقل» لمجرد تعايشنا مع أجواء مفرحة فالفرح لدى بعضنا متنفس لتفريغ الكبت الداخلي بشكل يضر بالغير.
• ما حصل من أحداث مؤسفة في الخبر ليلة العيد الوطني صورة قبيحة تشهد بأننا لا نعرف كيف نعيش أفراحنا بسلام والأمر هنا لا يقتصر على المراهقين الذين اتخذوا من «اللثمام» وسيلة لستر أفعالهم «البلطجية» ولا يقتصر على هذا الحدث فقط فنحن كسعوديين نطلق الرصاص في الأعراس في الهواء الطلق كتعبير مزاجي عن مباركتنا لأهل العريس أو العروس والسجلات الأمنية مليئة بالقضايا الناجمة عن الأعراس التي تنتهي بمقتل أحد المدعوين برصاصة طائشة.
• من الضروري أن يسمح للشباب والعائلات بالاحتفال في أي مناسبة وخاصة إذا كانت وطنية طالما لا يتعدى ذلك حدود حريات الغير ولا يتجاوز حدود الأخلاق العامة التي يعرفها الجميع, ممارسة الفرح في هذه الحالة تحتاج إلى ثقافة واعية تجنب المرء الهستيريا والخروج عن المألوف وتجعل الفرح منضبطا ومتوازنا مع العادات والتقاليد وقبل ذلك الحدود الشرعية, كما أن المطالبة بقمع كل مظاهر الفرح في المناسبات الوطنية تعتبر مطالبة بوأد مشروع إعادة بناء ثقافة حب الوطن بين الشباب ولدى العائلات أيضا، بعد أن فشلت مناهج التربية الوطنية في هذه المهمة وعجزت وسائل الإعلام والمنابر عنها.
• أمر آخر لا بد من الالتفات إليه وهو معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت بعض المراهقين والشباب للتصرفات الطائشة في الخبر والذين حولوا الاحتفالية باليوم الوطني إلى كرنفال فوضى وخطأ لا يغتفر ولا يمكن تجاوزه دون إيقاع أقصى العقوبات بصفته عملا إجرامي من الدرجة الأولى وبالتاكيد ما حصل دليل صريح على انعدام ثقافة الفرح وقلة الوعي الثقافي والحضاري ولذا لا بد من تلمس مواطن الخلل والبحث عن السبل الكفيلة بتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية لدى النشء عن طريق الاحتقال بالمناسبات الوطنية بطريقة حضارية لا تخدش الحياء ولا تحيل الاحتفال إلى فوضى واعتداء صريح على الممتلكات العامة والخاصة.
•تغيير المفاهيم السلبية السائدة عن طرق الاحتفال الخاطئة مثل «التفحيط» و«إزعاج وتعطيل حركة المرور» أمر تتحمل مسئوليته الجهات المعنية بالتربية ورعاية الشباب فلا يعقل أنه مع كل مناسبة وطنية كالاحتفال باليوم الوطني أو بانتصار المنتخب تمتلئ الشوارع بمئات السيارات وآلاف المحتفلين وتكون رؤية باصات الشرطة وهي مليئة بالمتجاوزين أمرا اعتياديا مما يدل على أن ثقافة الفرح لدينا وللأسف الشديد مقترنة بالخروج عن النص دائما لذا لا بد أن تقوم هذه الجهات بدورها التوعوي الفعال حتى لا تقع الفأس في الرأس وتتكرر الأحداث المأساوية في أفراحنا ومناسباتنا إلى ما لا نهاية.
خارج الحدود
• قمة التحدي والألم أن تبتسم وفي عينيك ألف دمعة ومن لم تبك الدنيا عليه فلن تضحك الآخرة له.
•معالجة الموجود خير من انتظار المفقود والبحث عن المسار الصحيح لأي أمر خير من التسويف فهل هناك من يتعقل؟
................................................
جريدة اليوم السعودية الجمعة الموافق 13 شوال 1430