( ◊◊ بــدر لا يأفـل بـكِ ◊◊ )

[بدر الحربي]

.
.
.


"هذيان"




ليس "هو" من إختار
سنة مولده لكنه قدر

وليس شغوفا بالعيش
فيما اسموه "آخر زمان"
هكذا يرددوا منذ صغره

كبر ولم تكبر الأحلام
تصغر مع خيباتها العقول

لم يدرك أن عيسى
لم يصلب إلا قريباً
ولا ذنب له فالذنب
ذنب الرهبان
هكذا قالوا له

من "هو" إذاً..!

ومن أولياءه
في هذا الزمان

مسخٌ يتكرر
في كل حين
وأوجاعٌ مرقدها
أصبح مزاراً
لكل شيطان

تقلبه نزوات روح
سئمت العيش
لولا بقايا إيمان

يجاهد نفساً ذبُلَ
مع الوجد عودها

تتساقط على وقع
دمعٍ خارقٍ لأقصى قلبه
والأسباب جسام..

يا "أفراح" العالم
تباً لكِ..!
أذانٌ صمّ
وقلوبٌ غلف
وألسنةٌ لا تهذي
إلا بكفر بواح..!

 

[بدر الحربي]

.
.
.


"همس"




- همَسَتْ ذات شوق:
مسائي خاملٌ بدونك..!
متى تمطر سماءك ماءً..
أتعطر به..
أصبح حاملاً..
أصابع قدميك العشرة أطفالي..!

 

[بدر الحربي]

.
.
.



"بـراءة"





إلى بدر..
قلمي..
أحلامي..
رائحة أمي..
ووجه أبي..
ومن يقرأني..

ما أكتبه هنا من قبل ومن بعد
لا يخص سوى بدراً وأحاسيسه الخاصة
لا علاقة له بما كتب أويكتب هنا أو هناك
فلا تحمّلوه ما ليس منه أو فيه..
وكونوا قراءَ بدرٍ رحماءَ به!

فـ عذراً يا قلمي..
إن ظنوا بك السوء..
ألبسوك ثوباً لم يكن يوماً لك..
لم يرحموا وجع غربتك وحنينك..
وبعثروا فوق أوراقك جمر الظنون..
فإنهم لا يعلمون..!

 

[بدر الحربي]

.
.
.


"إعترافات هاربة"




حينما أسمع أم كلثوم تغنّي:
"طول عمري بخاف من الحب"
تجاريها دقات قلبي خافقة:
"طول عمري بهرب من نفسي"

إلى أين..
مصيرك العودة..
سواءٌ كانت باردة كقالب ثلج..
أم متوقدة كعينيك يوم ذرفا
الدمع جمراً في أول رحلة هروب..

جربت الهروب من نفسي إلى لا شيء
ولم أجدني أو أجد ما أفتقد..
جربت الهروب من الله إلى المعاصي
ولم تخدّر أوجاعي ملذاتها..
حاولت الهروب إلى الله مراراً..
متجرداً من كل شيء
ولم أستطع.. شيءٌ ما يمنعني..!
شيءٌ هائل لا طاقة لي به..!

الحياة رحلة قصيرة..
لا تكفي لكثير من الأحداث
لكننّا نرهق أنفسنا بكمّ هائل
من الأشياء القبيحة غالباً
حتى نقع ضحايا الإنفصام الصامت
لنعيش غرباء لكنها غربة أخرى
تختلف عن غربة:
"كن في الحياة كأنك غريب أو عابر سبيل"
غربة لاهثة باحثة عن لا شيء
بين كمّ هائل من الأشياء
في وقت قصير محسوب بالثانية..!

إرهاقات وإرهاصات سلبية في كل شيء..
في اللقاءات.. في الحضور والغياب..
في العمل.. في المكتب.. في المجاملة..
في الوعود والإلتزامات.. والتضحيات الصامتة..

حتى يموت الوقت ويلفظنا اليوم
هياكل في أجنحة ذاتية التكييف..
باردة كأنها مسلوخة من مسطحات سيبيريا
لتلقتي برودة جو وجسد.. وعقل إنسان بليد..
وتدور اسطوانة رتيبة حدّ الإدمان:
وابتدى ابتدى ابتدى المشوار
وآه يا خوفي من آخر المشوار
جنة وألا نار آه ياعيني
رايح وأنا محتار آه ياخوفي..!


!

 

[بدر الحربي]

.
.
.


"إعترافات قلب"




لرجلٍ نترافق أنا وإياه منذ سنوات
تقاسمنا كسرات الضوء وفتات الوجع
اختلفنا كثيراً وتحدثنا كثيراً وتآلفنا كثيراً
ووفى كلٌ منا للآخر كثيراً كثيراً..

يغمرني حرفه بسؤاله في الغياب
ودعاءه عند المصاب
وفرحته كـ أنا وقت الأفراح
ليته يعلم أنه أخ وصديق وقريب
ولو قصرت بحقه كثيراً فقلبه
يعلم حجم الغيوم حول البدر..

لـ "صالح الحريري"
أشكرك ولا تكفي يا أقرب الأخوة..!
فلـ تبقى أستاذ حرف وفكر وطيبة
نتعلم منه في كل مرّة..!

 

[بدر الحربي]

.
.
.



"إلى أمي"





أتذكرين الروضة...
أسرارنا سويّاً..
خوفنا دموعنا..
وسهرنا وحيدين..

أتذكرين أعوام الحزن..
دهور الشقاء..
دمعاتكِ الطاهرات..
والصمت يقبض أرواح الصغار..

أتذكرين بدراً..
غرفته.. كتبه..
رسوماته.. ودفتر أحزانه..

أين هو.. أين أنتِ.. أين ما مضى..
لما نعيش الآن وما قد راح راح..

كل الوجوه واحدة والأصوات شاحبة..
وطعم العيد بلا سكّر ولا ماء..

يساومونني على ماذا؟
وهل تبقى شيء..
الفيلم يقترب من نهايته..
المخرج تخلى عن كرسيه..
الإضاءة احترق قلبها..
والخطوات نحوكِ ثقيلة
يحيد بها لون السواد..
وتغشى عيوني غمامة
من نور تحرقه نار..

 

[بدر الحربي]

.
.
.





حينما يأتي صوته يذكرني بطفولتي
يذكرني بأغنيات الموت على شفاه
أمي حين فقدت اثنين من أخواني..

كنت الوحيد الذي اسمعه خلسة
فلا أحد يؤمن بأن هناك سعودي
يستمع لمثل عنفوانه والوحدة قاتلة..

حكاياته تشبه حكاياتي وأحلامه
قرأتها كما هي فكانت طبقاً
لأحلامي وحينما رأيته لأول
مرة بكيتُ على ذكرى أشجاني..

صوتي المبحوح ماستطاع
له وصولاً ولا تلك الأمنيات
العابثات بطفولتي وشبابي..

لأبقى قيد الحلم والفقد
مترنحاً على أرضٍ ميتة
فقدت كل معاني الوضوح..

مسافر إلى البعيد إلى
حيث لا شيء سوى
حبال تنتظر ملابس جنازة
جديدة تتعطر بكآبة الشمس..

إلى أرضٍ خالية من أشباه
الإناث والرجال وما فُطر على
غير فطرة الحياة البِكر..!

 

[بدر الحربي]

.
.
.


"لو تفتح عمل.."




- حدّث نفسه ذات صباح غريب:
لو علمتُ أن الكتابة بالمنتديات
ستورثُ كل هذا الكمّ الهائل
من غوغائية الفكر وصراع الحرف
وحرب التأويل والكراهية والحقد الدفين
ما فكرت بولوجها ذات غباءٍ مني..!

فقاعة تتلوها فقاعة
وقلمي ينهكُ في كل مرّة..
مسكين.. لا ذنب له..
لم يصنع ليكون سهماً
يصطاد الفقاعات..!



* وسام إعتذار لكل كاتبٍ/كاتبة شريفـ/ـة