احتماء .... بالضوء ! - الصفحة 4 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : نازك - مشاركات : 75383 - )           »          أَعـتَــرِف .! (الكاتـب : سُرَى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 52 - )           »          !!!!! .....( نـــــذرولـــــوبــــيــا ) ..... !!!!! (الكاتـب : خالد العلي - مشاركات : 167 - )           »          ؛؛ رسائِل للغائِبين ؛؛ (الكاتـب : رشا عرابي - آخر مشاركة : عبدالله السعيد - مشاركات : 407 - )           »          مِن ميّ إلى جُبران ... (الكاتـب : نازك - مشاركات : 895 - )           »          رفعت الجلسة غناء (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - مشاركات : 1 - )           »          ...نبض... (الكاتـب : رشا عرابي - مشاركات : 4700 - )           »          معراج (الكاتـب : إبراهيم عثمان - آخر مشاركة : رشا عرابي - مشاركات : 5 - )           »          غموضك والوضوح•• (الكاتـب : نوف مطير - آخر مشاركة : رشا عرابي - مشاركات : 10 - )           »          ادعوهم بأسمائهم (الكاتـب : عبدالإله المالك - آخر مشاركة : رشا عرابي - مشاركات : 3 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-18-2010, 10:00 PM   #25
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* الوحش

أستلقي على الهواجس بكل أريحية .. والنوم عزيز في بقعة الأرق الملعون ..
لا شئ غير يقيني .. وزمرة أوهام أهش عليها بوعي مهتوك اليقظة .. ووجه أستجلبه من الشتات ..
كنت أحتبيك .. وأرسم في عيني جنة لنا .. لا توازيها سوى أرصفة أفلاطون .. ومدن غائرة وراء تلال الحلم ..
كنت أشي بك إلى قلبي .. الذي أدار لي ظهره وقام يخفق ممتعضآ من شكواي ..
والروح لا تقف لديك .. وإنما تهرول صعودآ إلى حيث سدرة المنتهى تدوي بتسابيح تُزهق القنوط ..
وقبل خطوتي الأخيرة إلى قلب السحاب .. وبعيد أن التجأت بتعبي إلى جدار المطر ..
حل الظلام .. ليعتمر مساحتي الكتظة بأطياف كانت تضاحكني .. وتسرف في الفرح ..
بات كل شئ وهم .. غير محسوس .. فسقطت حواسي على صخرة ملساء لا أم لها ..
ويحي .. من أخيلة تأتي تباعآ من أرض الأساطير .. والسحر الأسود ..
وأجاري الوهم لهنيهة .. وأنصاع مرغمة لتميم القهر ..
خوف عاصف يجتاح قلبي للتو.. فأسرع لواذا إلى تهاليل تنجيني من مغبة الفزع ..
رأيتُ هضاب من السواد السيريالي .. ووحش للألم يجثم فوق سفح البصر ..
كائن سرابي .. بملامح بوهيمية ..يغويني يالمثول كي يأكل طمأنينتي ..
مخلوق عارم الهيئة .. بعينين تتنفس النار .. والأظلاف تشحذ صريرها لتنهش بقايا احتمالي ..
دون وعي مني .. أقفز جلوسآ على أريكتي وأشعل شمعة .. استعرتها جيب قلبك ..
شمعة بيضاء كنسمة مهيبة ..أمسك ذوبانها بأصابعي وما انفكت حنجرتي تخفق ب " لا إله إلا الله "
شئ فشئ .. يذوي الوحش في بصري .. ويعم الإخضرار أرض كانت جدباء لشح مطرك ..
تلبدت غيومك من جديد وأمطرتني نورا تساقط كرطب شهي على دوح قلبي الجائع ..
وبعد أن احتميت بظلك .. جاء النوم على عجل يلبي ندائي المبحوح ..
ويهبني أحلام منيرة .. كنت أنت من يضيئها ..
تحيتي ..,

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-20-2010, 06:22 AM   #26
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* العين التي لا تنام ..
في قرية ترفو مكثها على تلة من الخمائل كانت تعيش ..
في جوف منزل طيني .. وبين النخيل وأحزمة الياسمين .. وسنابل ذات عصف وريحان درجت خطاها ..
كانت كزهرة أخرى تسير على الحقل نهارا .. وبعد مغيب الشمس باتت من الشاردين على موانئ الليل ..
أجهدت والدها الفلاح وأمها الطيبة بالسمر على دكة البيت القديم ..
فأخبروها بأن العين التي لا تغمض .. سيأتي جني الليل ليسرق الجفون ويأكلها ..
مُنذاك .. وهي تنمو على بقعة من الفراش المليئة بحشائش الأرق ..
كل ليلة تخزها الملاءات البيضاء .. وكأنها منسوجة من دبابيس الدم .. وتتدثر بغطاء تغمض فيه رموشها بأكذوبة السبات ..
وعند فلول السحر ترتخي أهدابها تعبة .. وتغط في نوم لا تشوبه الخيالات المريبة ..
ومع ذلك كانت تفارقها انتفاضات مفاجئة في رقادهاالنهاري تجعل أكتافها تبدو وكأن عاصفة حطت عليها لهنيهة ورحلت ..
لياليها باتت بلا غفوة .. أرق .. وقلق , ونمط زمني كدغدغة رتيبة لعقارب الساعة ..فقط تغلق أجفانها وتزعم أنها في حضرة الكرى
شبت على معاداة الليل .. وعلى استفزاز الظلام .. فأضاءت من انتباهتها سراجا متوهجآ حتى مطلع الشمس ..
وذات يوم جاءت ابنة عمتها من المدينة لتزورها ولتقضي بصحبتها بضعة أيام قليلة ..
وبعد يوم ضاحك ومتعب وعند حلول الظلام طلبت الفتاة من ضيفتها .. كوب من الماء كي تأوي لفراشها ..
سألتها زينب بارتعاش : هل سترقدين الآن ؟
قال الفتاة وهي تتثاءب : أجل فقد تجاوزنا منتصف الليل ..
- ولكني لا أنام أنا في هذه الساعة ..
سألتها ضيفتها بدهشة : إذن متى تأوين إلى فراشك ؟
- عند مطلع النهار ...
قالتها بشبه همس ونظرت إلى قريبتها بطرف خفي لترى وقع الكلام عليها ..
هتفت الضيفة باستغراب : انك تقلبين موازيين الكون ..
- أعلم .. ولكن الأمر ليس بيدي ..!
- لماذا ؟
سألتها قريبتها فأومأت زينب خجلة ثم قالت : أخاف جني الظلام ..
- بسم الله .. وما جني الظلام .. بسم الله .. !!؟
- يأتي في الليل .. ويأكل العيون الساهرة ..
ضحكت قريبتها المليئة بالفكر وقالت : وهل تصدقين هذا ؟
- لقد نشأت على هذه الحكاية , فكيف لا أعيشها ..!
- ولكنها أسطورة لا وجود لها .. يرونها للصغار حتى يناموا مبكرا ..
- ماذا ؟
- أجل .. إنها مجرد حكاية للصغار ..
وكأن العالم برمته بات كذبة في مآقيها .. وكأن الظلام كان يضحك عليها كل ليلة ملئ شدقيه لسذاجتها ..
وانتبهت من شرودها إلى الفتاة وهي تقول :
- صدقيني .. لا وجود لهذه الخرافة .. فدعينا ننام حتى نصحو مبكرا ..
لأول مرة تلتحف دهشتها وتغط في نوم عميق .. بعد هذه السنين التي عاشتها في أكذوبة لا حقيقة لها على الإطلاق ..
تحيتي ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-21-2010, 04:45 AM   #27
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* خمسة عشر شبحآ .. وليلة
خارج المدى .. تنهمر الظلال كسيل عرم لا تحجزه سيوف الضوء التي أشهرتها قناديل الأرصفة ..
تأتي الأطياف بلا مبرر , فقط لتشعل أخشاب مبللة بالجفاف , لخوف كان ملقى في ركن عميق من الباحة الصماء ..
وكان الليل يشير إليها خفية صوب الأزقة ويحجبها بعباءة الظلام التي أغوت الأطياف بالحضور ..
قيل بأن خمسة عشر شبحآ قطعوا الطرق في الأزمان البالية , ثم لم يعد لهم وجود على حواف المدينة ..
ولكن القروي , الذي أقبل مع طلوع الفجر , لم يزد الأمر سوى غرابة ..
قال بأنفاس متقطعة بأن الأشباح قد ظهرت من جديد عند الوادي وقامت تعيث في الصحراء فسادا ..
تمتم شيخ المسجد يشد عليه مئزره : تحصنوا بالتعاويذ .. وستدبر كما أقبلت ..
سأله فتى كان ينتفض فرقآ : لن أبرح المسجد .. فهذا بيت الله .. ولن تدخله الشياطين .. أليس كذلك ؟
أجاب رجل بصوت أجش : دع عنك الجبن .. فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف عند الله ..
وانفض الجمع .. وعين سعادة لا تنغلق لا على حلم أو وهم ..
مازالت تتحضر للمشهد الأخير .. وحضور جند الظلام ليغتالوها هي وأحلامها الصغيرة ..
ونثرت بين الزوايا ببخور جلبته من تيك المرأة التي ادعت الطهر ..
وأقسمت على سراجها الواهن أن يظل مشتعلا حتى حين ..
ولكن النار بقيت على موعد مع الإنطفاء , ومادام الضوء قد قُد وهجه فلا سبيل إلى الأمان ..
وآنست في روحها سطوعا وقد جاء السحر بموعد مع الصبح .. فخفقت تهمس بتمتمات الفلق والناس ..
ولكن الخوف الذي أطل من جدار الروح لم يدعها تعيش بسكون ..
وأمها المريضة .. واخوتها الصغار قد علا شخيرهم من الحجرة المجاورة ..
وليت ذلك البحار يأتي ليذود عنها وعنهم سواد الليل الذي يخبئ الموت بين جنباته ..
خمسة عشر ليلة مضت وهي على هذا الحال من انتظار مداهمة الأطياف .. وعودة البحار ..
خمسة عشر يومآ ولا صارخ يلجم هواجسها التي تعملقت حد الهوس ..
أخذت تذبل شيئا فشيئا والعيون اكتساها السواد والوعي في منأى عن الحواس ..
حتى نفذ جلدها وراحت تذوي في غياهب الخنوع .. حين جاءت الليلة الأخيرة بالعجب ..
على الطرقات تعالى صوت المجنون جذيم الذي كان ينقل أخبار الطريق إلى سيد القرية ..
سمعته يصيح فتوجست رعبآ مع تعالي صوت المآذن بالتكبير ..
وما هي إلا لحظات حتى سمعت ضجة بالقرب من العريش الذي يغطي سقيفة بيتهم القديم ..
قال الصوت : هل يعقل هذا .. أكل هذا الخوف كان مجرد وهم .. سراب .. !؟
وأتاها صوت الشيخ عبد العزيز كصوت حق تحتمي بنوره من تمتمات الظلام : أجل .. كل ماحدث كان مجرد كذبة ..
كذبة ..!؟ عن ماذا يتحدث هذان الرجلان .
وأجابهاصوت الشيخ الوقور : إنها خرافة أشاعها التاجر فاروق .. كي يقطع على الناس تجارتهم ويسرقهم تحت جنح الظلام ..
وأردف بينما خطواته تبتعد : ليس هناك من أشباح ولا يحزنون ..
هنالك فقط اشتهت النوم لترتديه جبة تحتويها لساعات طويلة .. طويلة جدا >>

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-23-2010, 02:58 AM   #28
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* ظلام الموت
تحس بي الأفلاك ساعة شروقي على تأملها , تجوسني وقد هلت العتمة معتمرة السواد حدادا على النهار . وفي حنايا الكون تكتظ الغرائب ,
فأتوقف بجانب زحل وأرمق كل العجائب التي تحيطه كحلقات من شظايا الأضواء وترسبات النيازك وهشيم الكواكب ..
أقر بأن مجابهة العجاف من الأفراح كالتوسل إلى شبح يهمهم في جوار الروح فزعا .. أطياف تهيم على قرى نائية للذاكرة كانت القبور في ثراها ترقد بخيلاء ..
وربما أن اللحود تمادت في سبر أغوار الرفات , والأجثام تواسي استفحال الفناء ويحايلها بالخلود ..
كنتُ كمن أُتي كتاب الصدفة بشماله والشؤم مسطور على جباه الزمن .. كسيرة فرحتي التي ترعرعت على الشموخ ثم انحازت إلى الخنوع حيث الفقد يضنيها في كل غصة تعتريني ..
تعلقتُ بشدة بذاك الصغير الذي وُلد والفرح موشوم على صدغيه .. طفل في الثانية من عمره حباه خالقه بكل ما جبل عليه مخلوق رائع بهيئة النقاء والجمال ..
كنتُ أتحين زيارة أختي لآخذه من بين ذراعيها وأجوب به حقول الطفولة بينما سنابل السعد تنتشي لضحكاتنا وعبثنا ..
كنت ألاحقه وأطارده , ألقيه في الهواء وأدغدغه أطعمه وأهدهده في أحضاني حين نعاسه ووجهه الوسيم يمدني بمشاعر لا تنتهي لهذا الكائن الشفيف النضر البراءة ..
وعندما كتب الله النهاية لحكمة لا يدركها إلاه سبحانه كان الصبر في أوجه والإبتلاء زاخم بقدوم أسود في أيام طاهرة كانت تنضح بالبياض والرحمة ..
أجل .. كنا في شهر رمضان المبارك , وبعد فوضى الإفطار كنا نتجهز كي يصحبنا أخي لصلاة التراويح في مسجد الراجحي كما هو دأبنا كل عام ..
فجأة رن الهاتف .. وجاءت صلصلته المقيته تحمل في طياتها الخبر المشؤوم ..
رأيت أمي جيدآ وهي تتحدث عبره بعيدآ حتى تغيرت ملامحها فجأة وأخذت شكل التقطيبة ثم الفزع وارتكزت على الجدار لتندي, عنها صرخة جعلتني وأخي نهرع إليها بخوف لنستجلي الخبر ..
سألتها بقلق : ما الأمر يا أمي .. ماذا حدث ؟
قالت وهي تبكي بحرقة : لقد مات .. مات ..
يا للهول .. زلزلتني كلمتها .. وصفعتني بشدة حتى تخيلت أن الوجود بدأ يتلاشى من وعيي ليحل محله الذهول والشتات والحيرة ..
أسرع أخي لالتقاط الهاتف الملقى على الأرض , وسمعته يتحدث إلى زوج أختي ..
وبعد قليل أنهى المكالمة بقوله عظم الله أجركم , وجعله من شفعائكم يوم الدين ..
كنت تائهة حائرة مصعوقة , فأمي كانت لا تزال تبكي وتولول وأنا أحاول مواساتها والتخفيف عنها بينما أخي يوصيها بالصبر ويطلب إليها أن تهدأ ..
هنا صحت بصوت كأنه آت من بعد آخر : من الذي مات .. أخبروني ..
قال أخي بحزن : عظم الله أجركِ في إبن أُختنا الصغير ..
لا أذكر حينها ردة فعلي .. ولا أذكر أبدآ ما فعلته , كل ما أعيه أنني وجدتُ نفسي بعد ساعة فقط في بيت أختي بمعية أمي وأخي وأنا أعانقها بشدة وأبكي بمرارة ..
كانت حادثة سوداء في تاريخ عائلتنا , وكنا نتذاكر أنه موته كان من أعجب ما سمعنا به , فقد مات غريقآ وفي يوم جمعة من العشر الأواخر من شهر رمضان ..
وكنا نحسبه من أهل الجنة إن شاء الله ..
وتوالت السنين , ومرت بنا الأيام والشهور , وذلك الصغير لا تزال ضحكاته منقوشة على جدران حياتنا .. لم تذبل أبدآ ..
رحمه الله ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2010, 10:30 AM   #29
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* ليلى .. والذئب
تفتقت عنها الأرض تيك النوارس ..
كحكاية تمتطي عنان الضوء وتلثم المدى بأجنحة من السراب ..
رحيل وحلول . متناقضان للنهار يجثم بلزوجة على وقع حفيف الصُبح وهجرة الأطيار ..
والفراشة التي من دأبها المثول عند مجئ الشمس ..
كانت تئن هذا الصباح , وتعصب تحليقها بوشاح متذمر أحمق ..
شئ ما .. يحدثني بأن الليل قادم بوشاية الحزن واغتياب الفرح ..
فلم أفتش عن الياسمين ولم ألم بأخبار الخزامى ولا بسعال النرجس الذي رقد في تربته طويلا ..
كل الزهور مرضى من عاصفة الأمس التي جاءت بغتة تلقي إلى أنفاسنا بأتربة الاختناق ..
وكل ما أذكره .. حكاية الطفلة التي خطفت قبل أيام من أمام باب منزلها ..
طفلة انسلت ذات ظلام من بيتها تلاحق فراشة - ربما - أو تسير وراء أحلامها الغضة حيث صادفها ذاك الذئب ..
طفلة بيضاء وعتمة سوداء , منحت الشرير مزيدآ من الطقوس ليمارس جريمته وهي تعمي الأبصار بظلامها الدامس ..
كانت "عهد" تلهو على عتبة بيتهم .. وتسافر إلى النجوم بطائرة ورقية وأجنحة بريئة وضحكة بيضاء ..
ترى ما الحيلة التي مارسها ذاك الكائن الدوني ليجعل الصغيرة تثق به ؟
بأي صوت حدثها كي يغوي طفولتها بصدقه الملعون الزائف حتى تُصغي إليه ..!
خُلقت هواجسم مبتورة المنطق , وعواء الذئاب كصرير فزع يئز الروح ويخلع عنها كياستها ..
من نحيب الأم الموجوعة أرسم لليل فزعآ آخر في صوت القلق وبحة الوساوس ..
في الليل أُمسك بتلابيب فكرة شاردة بأن الطفلة لا زالت حية ..
طفلة في الرابعة من عمرها , كانت تغزل من أحلامها أطياف من الورد .. وتلبس على رأسها بقبعة مزهرة بالنجوم ..
بعد حين من الزمن .. لا أذكر عدده وأنا التي كنت أعد الدقائق .. وأفتش الثواني في تكات الساعة ..
أنا التي أذابت الفرح .. وسكبته مراة في فناجين قهوتي المسائية ..
أنا لم أقو على استيعاب صوت النذير الذي أصم الوعي بصوت الشؤم ..
بعد بضعة أيام من اختفاء أريج ..
قالوا ذات مساء تلون بدماء الغدر وشر الظلام الفائح بالعفن والقبح والمنشرخ باللامعقول ..
قالوا .. أنهم وجدوا الصغيرة جثة هامدة بالقرب من احدى حاويات المدينة ..
منذاك .. وأنا أغلق على نفسي باب الوحدة وأزداد عزلة .. وتعبا .. وبكاء ..
لاغتيال البراءة ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-25-2010, 05:38 AM   #30
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* رجل على الطريق ..
كان كلما مر من ذلك الطريق المتواري في أزقة الحي وتحت ظل الظلام الدامس , وجد "سالم" ذلك الكهل يجلس على الناصية .. رجل يتقوقع على نفسه ويهذي بعبارات كالجنون.. غريب يتأرجح على شواطئ الوجود بوهن وعجز ..
من أجل ذلك كان يتراءى للفتى هاجسه الذي يغويه بالشؤم ..هاجسه يتضح مليآ بشظف العيش والفقر المدقع .. وعذاب تلو عذاب .. وحظ عاثر .. ولا نهاية للألم .. أجل .. حياته كليلة بلا هدف أو طعم .. حياته كموت من نوع آخر استل مرحه وصخبه وتركه جثمانآ هامدآ على على بقاع الزمان.. كان دومآ يتوقف عند الكهل ويسمع جليآ صوته الساخط من سجون الهذيان .. كهل يزور الأرصفة ويجوب الطرقات كالشريد .. مخلوق مرتعش الأطراف بجسد نحيف وعينان ثاقبتان , يستعمر الطرقات بفلسفات عجيبة .. ومتكومآ على ذاته بظهر منحني وعصآ متكرجة اقتطعها من إحدى الأشجار الميتة .. ..
سمع سالم من أحد رفاقه أن هذا الشيخ قد فقد أسرته قبل سنوات طويلة في حريق منزلي بينما كان في عمله .. ومنذ ذلك الحين وهو يحلق على فضاءات التيه ,, ويقطن أروقة المدينة ..
الآن تراوده نفسه بأن يتحدث إلى الغريب .. يغريه فضوله بأن يستشف خفاياه . لكنه كان فيما مضى.. وفي كل مرة يقترب فيها منه يشعر برهبة فيمضي دون أن يحقق مراده ..غير أنه هذا اليوم قرر أن يعزم ويتوكل ..فحمل بصره إلى حيث تمضي به خطاه .. كان الرجل يحدق في الفراغ شاردآ .. كان غارقآ في أفكار عميقة .. فاقترب منه سالم وجلس بهدوء على حافة الدرج المرتفع حيث اتخذه الكهل مجلسآ ..
تمتم يلقي عليه بالتحية فلم يسمع من الشيخ شيئآ .. فغام بصره بالحيره ثم عاد وألقى به على هيكل من العظام كان يجثم بجانبه , لأول مرة يلحظ العظام البارزة في وجه الكهل ,, لأول مرة يكتشف الشحوب المتفشي على بشرته الهزيلة , فبدا الرجل في هيئته تلك وكأنه على وشك الإحتضار , لأجل ذلك أخذته الشفقة عليه مأخذآ عجيبآ .. سأله بدون تفكير :
- هل أنت جائع يا عم ؟
وقبل أن يجيبه الرجل ليشبع رحمته , ظهر وجوم على جبينه , وقال كلماته المبهمة وهو يشيح بوجهه صوب العتمة :
- لا أحد يريد أن يفهم ..
- إنني أسألك .. هل تشعر بالجوع ؟
- وما فائدة الشبع والموت يلتهمنا في النهاية ..!
غصة اجتاحت صدر الفتى فقال معترضآ :
- لماذا تذكر الموت دائمآ ؟
نظر إليه الكهل بأحداق قاسية وصاح :
- لأنه المجهول الوحيد الذي يقاتلني بلا مواجهة ..
وأومأ يلكز بعصاه وجه التراب على الرصيف :
- يأتينا بغتة ويختطفنا إلى مصير مجهول ..
إنقبض الشاب ووقف على عجل , لم يستطع مجاراة الحقيقة الرمادية . غير أن ذاكرته لا زالت تلوح له بتشوق عارم لتفاصيل الحكاية . حتى داهمه خاطر مفاجئ :
- ما رأيك أن نكمل حديثنا في مكان آخر ؟
كان ينظر ناحية الجسر والمبنى الذي ينطوي على مكتبه .. متسائلآ عما يفعله مديره اللحظة . متخيلآ أصابعه المجعدة وهي توقع ورقة إقالته النهائية من العمل , وظيفة لم يكسب منها سوى الذل والتعب وحفنة من الريالات التي لا تغني ولا تسمن من جوع , إزداد إنقباضه .. ففر منه إلى إلحاح وجهه إلى صاحبه :
- ما رأيك .. هل نذهب ؟
فعل ذلك .. وعاد أدراجه إلى الوراء بخطوتين صغيرتين , ولكن الرجل لم ينبس ببنت شفة , فعاد يسأله :
- هل نذهب ؟
- حدثني عن حلمك ..
فاجئه الكهل بفضول أيقظ كل الأماني الغافية في صدره . وجد نفسه يعود بلا إدراك إلى مجلسه الأول بجوار الغريب, ثم يطلق زفرة مثل ضباب يلجم حنجرته . قال بصوت مرتعش :
- حلمي بحجم هذا الكون البعيد في الفضاء ..
لم يكن يأمل أن يسمع من الشيخ شيئآ . كان لا يزال يتجهم , وكان بوحه الأول بمثابة رغبة تدلق الإحساس , قال من جديد :
- أحب الحياة وأحب السفر.. أريد أن أكون جوالآ يرحل إلى كل بلاد الدنيا حتى ذلك العالم السحري في الفضاء أريد أن أصله..
تنهد من جديد وتمتم :
- ولكني خلقت فقيرآ ,, والعثرات تسقطني في كل خطوة أخطوها نحو النجاح ..
عند هذا الحد من تدفق مشاعر الحزن .. كادت أن تتجمع العبرات في عينيه فقاوم هطولها , وأمعن في حزنه قائلآ :
- مات أبي منذ سنوات .. وترك لي أمي وحفنة من الصغار أرعاهم .. حتى دراستي الجامعية لم أقدر على إنهاؤها .. وهكذا وجدت نفسي موظف بسيط في عمل يأكل كل وقتي ..
وبلا مقدمات نظر إلى الكهل وقال يلومه حين تجمع سحاب السخط في مداه :
- أو تسألني بعد ذلك عن حلمي ..!
ووقف مرة أخرى يوشك على البكاء هاتفآ :
- أي حلم يمكن أن يتحقق في هذه الظروف العصيبة ..؟
فجأة شعر بيد الكهل تربت على كتفه , إلتفت إليه بين غمام من الدموع .. فوجده يبتسم إليه بحنان .. قال الرجل يشير إلى السماء :
- أنظر جيدآ هناك .. وأخبرني بما تراه ..
حدق سالم في الظلام وأسرجة الكون المضيئة .. فقال بحيرة :
- هناك فضاء .. وجمال .. وغموض ساحر .. وحلم لي يتراقص على وجه النجوم ..
- بل هناك القوة العظمى الوحيدة القادرة على تحقيق حلمك .. هناك المعجزة تنتظرك أن تطرق بابها .. هناك ضوء عظيم وسط طبقات الظلام .. حيث المالك لكل هذا العالم ..
فلما لا تمشي إليه وتسأله العون ..!
وأردف يستعد للرحيل :
- كن معه يكن معك ..
وقف سالم يرقب الرجل وهو يبتعد دون أن يحرك ساكنآ ليوقفه.. رآه يخطو ببطئ قبل أن يبتلعه الظلام في الزقاق الجنوبي , نظر مجددآ إلى السماء وابتسم ..
قال وقد قفزت في صدره عزيمة وفأل ورجاء :
- أجل .. أنا قادم إليك يا ألله .. فكن معي ..
ومضى بفرح يركل الطريق بخطى الأمل . حينها أدرك أن حلمه بات على قاب قوسين أو أدنى منه ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-01-2010, 03:27 AM   #31
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

افتراضي




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* جدل بين النور والظلام
لا أتخيل يوما أن ينطق الظلام ويذود عن سواده باستماتة كي يُرسخ قدمه على جبين الوجود ..
لا .. لا أستسيغ هذه الفكرة ولا أحبذها .. ولا حتى أرجوها , مع أن الظلام قد يضم بين جانبيه كثيرا من الأصوات التي تقشعر لها الأبدان .. والأسرار التي قد لا تخطر على خيال أحد ..
لكن أن يتحدث هو بنفسه .. ويعدد مزاياه .. ويحاول إقناعنا بجدواه .. فهذا أمر أستبعده غالبآ ..
هذا التصور أضحكني وأنا أتخيل نفسي أقف وجها لوجه مع الظلام لأسمتع إليه بينما فرائصي تنتفض .. أنصت إلى ما سيبدر عنه باهتمام يعلوه الدهشة وبوادر العجب ..
ولكن ماذا لو تحقق ذلك فعلا , ماذا لو باغتني صوته من منحى آخر ومن خلال إنسكابات مغايرة لقلم يتصوره في جدال مع النور ..
هنا .. هل يمكن أن تهبط المعجزة بحيث يتحول الظلام إلى كائن عملاق ويجادل ويناقش في محاولة أن يحابي سواده ..؟
هذا ما قرأته عن حوار جميل دار بين الظلام والنور.. ورغم بساطته - جاء في نص أشبه بمحاكمة أو ترجمة جدلية بين النور والظلام ,
وبدون أي تردد قررت أن أضيفه إلى " إحتماء" في بوحها النازف لهول العتمات كي يتواءم مع الجوهر المتحور حول ماهية العتمة وسطوع متألق للنور ..
حيث بادرنا ذاك المتوهج بقوله :
- أنا النور أعيش بكل مكان .. لازمان ولا حدود لعالمي.. أمتد من الأفق حتى المدى البعيد.. من حدود الشمس إلى سطح القمر..
لا أُخفي زوايا .. ولا استر على أحد.. لهذا بسميني البعض من الناس فاضح للتصرفات في كافة اشكالها والنوايا المحاكة في الخفايا بجميع تفاصيلها
لاأصادق العتمة فأنا نقيضها.. وأن كانت بديل لي في معظم الأحيان ..
أنا الأسد مالك العرين .. عندما أشرق لايحب الظلام التواجد في مسرح وجودي..ولا يجرؤ ..
بل يخشاني .. الكاذبون .. المقنعون .. المزيفون ..فان أصبت وجوههم لن أكونسبباً في ضيق بؤبؤ عيونهم فقط ... بل في ضيق حياتهم.. وكشف حقائقهم..
وهنا يجيبه الظلام بزهو :
وأنا الستار الُمسدل على نبضات الح ـياه .. الساتر اُسمي نفسي .. اكره النور ولا أحبذ التواجد معه..
يعشقني الجميع ,, المتألم . والعاشق .. والمُقنع ...والمُتعب..ولا يكرهني احدأ .. إلا الجريئين الصادقين ..
أنا صديق صدوق .. لا أفشي سر احد .. وأتغاضى عن الهفوات..
حسناتي جُ ـل مثل سيئات النور..
ترى أيهما الأفضل في وصفه لنفسه ..؟
بالطبع لم نتوقف عند هذا الحوار حيث عززنا هذه المفارقة بنوع آخر من المقارنة والسمات لكل منهما من خلال مقتطفات منقولة جاءت على النحو التالي :
حيث يشاع أن :
* العلم نور و الجهل ظلام
* الصدق وخشية الله نور ... وخشية الناس والكذب ظلام ..
* الظلام هو صوت الخطيئة المكتوم .. والنور وجهه المشرق ..
* الظلام جسر يعبره الغوغاء , والنور درب يسلكه الصالحون ..
* أن تضئ شمعة خير من أن تلعن الظلام ..
* من استوطن الحقد قلبه فقد طرد النور مُكرهاً وُسكن أفواج الظلام..
* النور وجه الحقيقة والوضوح .. والظلام ملبد بالغموض والطلاسم العديدة والبشعة ..
* والنور قبل أي شئ صفة العظيم تبارك بينما الظلام إحدى خلال شياطين الإنس والجن ..
الآن .. وبعد كل ما تقدم .. ألا يحق لي أن أكره الظلام وأخافه ؟
تحياتي

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-28-2010, 10:20 PM   #32
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* بعد منتصف الليل ..
حتى دغدغة الضوء من سماوات النور , لم تحرك ساكنا في جسد الظلام ..
حتى إذا هلت أسارير الحلم بغتة , واشتد وطيس الصمت , طاب لي أن أفتت الأمنية إلى أجزاء أبعثرها على وسادتي ..
جزء منها ظل ملتصقآ بعيني , ولم يجديني أن أغمض جفني كي ينزلق إلى صدري .. مكانه المعتاد
نظرتُ للمرة الخامسة إلى البدر المنبعج التكوير , شاحب البياض بصفرة الريح
وفي بدن الليل أثر أسود كجرح لا يداويه قناديل وقفت في الحي مشيحة برأسها إلى الأفق غير عابئة بي ..
وكلما طالت أفكاري واستطالت , لا تكدرني بفوضويتها المبعثرة فوق بساطي المنقوش برسومات سيريالية ,,,
وإنما استحالتها إلى وجوه تعبس في خاطري , وأطياف لا تصدق لواعجي ..
ثم تماهى إلي وقع شبح فار من سجن الخيال , ألم به التعب حتى جاس في حجرتي حلولا أهوج ..
كائن طيفي يقدم خطوة ويؤخر أخرى على وجل من بحلقتي في تفاصيله الغائبة كليآ بفعل ضوء السراج الباهت ..
ويسير إلى حواسي بوخز طفيف ودبيب أيقظ قشعريرة الخوف النائمة في سبات نبضاتي ..
عند الثالثة فجرا , جاءني الوعي وبلا وعد أو موعد ب " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا"
حقيقة زالت كل الوجوه البشعة من الزاوية البعيدة في حجرتي ..
ورأيت وأنا أصفق الباب خلفي أتأبط نية للوضوء .. ابتسامة مجهولة لكائن من نور ..
حسبته كائن هبط من السماوات العلى ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:17 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.