يقول يوسف السباعي في رواية " ارض النفاق "
وتحديداً في صفحة الإهداء :
إلى خير من استحق الإهداء
إلى أحب الناس إلى نفسي
وأقربهم إلى قلبي , إلى يوسف السباعي
ولو قلت غير هذا لكنت شيخ المنافقين
من ارض النفاق "
يوسف السباعي
ما كتبه يوسف السباعي يوضح أن للمجاملة وجه يدعى النفاق
وهو باعتقادي أقرب صفة للمجاملة رغم أني أرى بأن المجاملة تشترك بمعان كثر
فيتخلط على أيٍ منا تحديده بالضبط وذلك تبعاً لمستوى الثقافة وطريقة التفكير
ولن أقول أن للمجاملة حدود وأبعاد , إنما أقول أن لها وجوه عدة تتصف بالطواعية لحالةِ صاحبها
فلربما يريد حين يلبس أحد أقنعة المجاملة التقرب إلى الطرف الآخر أو كسب وده
وسأسقط هذا الكلام على الردود في المنتديات الأدبية أو المقابلات التلفزيونية ويمكن
القول عن هذا الوجه من المجاملة بأنه ضرب من اللياقة
لأن الكلام هنا لا يتعبه تصنيف حقيقي ومسؤول ومقيد بشرط ما للطرف الآخر
ولكي يتوضح المعنى أكثر أقول : لا تكون المجاملة مشروعة مثلاً في برنامج شاعر المليون
من قبل اللجنة المختصة حين ابداء رأيهم بإحدى القصائد المشاركة
لأن ذلك مصيري فيما يطلقون من أحكام على أساس الشروط التي وضعت لهذا الغرض
ونستيطع أن نقول أن للمجاملة وجه نبتغي به درء بعض العواقب غير المحمودة كإبداء الرأي
في مدير العمل أمامه مثلاً وعلى كل حال من الأحوال " وهذا رأيٌ شخصي واعتذر للجميع مسبقاً "
أرى أنّ للمجاملة معنًى معاكس للصدقِ اذا تعمقنا في حقيقتها أو على الأقل هي من
الأشياء التي قيل عنها " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدَ لكم تسؤكم "
فمن جهةٍ أخرى , تصورا معي جميعاً لو أن المجاملة فقدت في واقع ما
فكيف ستكون الحياة حينئذ ؟
ربما كان تصور يوسف السباعي قريباً جداً مني
حينما رأى لافتةً كتب عليها :
" تاجر أخلاق بالجملة والقطاعى , المحل له فروع في جميع أنحاء العالم "
حيث دخل الكاتب الى هذا المحل وعرض عليه صاحبه مساحيق للشجاعة , والتواضع , الصبر ....الخ
الا أن الكاتب أصرّ على أن يشتري مسحوق الصدق رغم معارضة البائع وأسرع في
سكبه في النهر الذي يشرب منه كل سكان المدينة
وبعد فترة دخل الكاتب ليرى آثار فعلته فتفاجأ بفوضى لا توصف ومشاكل وعلاقات سيئة
الى حدٍ تستحيل به الحياة فتحولت المدينة الى مثال للتشتت والانهيار بعد أن أزاح
الناس أقنعة المجاملات والنفاق والكذب عن وجوههم حيث كان مشروب الصدق قد أظهر
كل الأفعال على حقيقتها فانقلبت المدينة رأس على عقب
وبناءً عليه يُـطرح السؤال:
هل نستطيع أن نتخلى عن المجاملات بكل وجوهها وتسمياتها في حياتنا اليومية...؟
سأدع الجواب ينتظر مشاركاتكم جميعاً , وشكراً لرحابة صدوركم
أميرة الشام منال عبد الرحمن
اعلمي أني شربت أيضا من نهر المدينة في تلك الرواية ثم جئت لأقول بأنك صاحبة
أفكار مبدعة وفكر يشع أنواراً تسرق رؤانا وتجبرنا على أن نكون متوحدين معها ,
سلم فكرك وأتمنى أن أنال الرضا بهذه المشاركة المتواضعة
مودتي ..