حُلمي المنذور بالتأويل العاشر

[بدور الشمراني]

ذاكرتي متخمة بأهازيج "الوشوشات القديمة" التي لازالت عالقة في أذني.. وقد نسيت أنت كل شيء حتى "روحي" المعجونة بحبك وبقيت أنا اليوم بعد غيابك المبتور من قصتي معك "ألعق الحب" المتبقي في أطراف حكايتي أرجوه الرحيل من قلبي لأنسى !! جمعنا شتاء في برلين كنا فيه نحترق شوقاً نلتهب من دغدغة الشهوات الثائرة ..!! فنحلق كالعصافير أطير حولك "والاشتهاء" في عمقي لازب ! ممسك بتلابيب "الرغائب المتأججة" بسعير الاشتياق!! أتصنع "اللامبالاة" فتقترب ترفرف بجناحك فوق جسدي تلفه بقبلٍ دافئة تكسر وجوم الصقيع المكوم فوق النوافذ ! تراقبنا المدفئة فتشتعل "غرائزها" أكثر فتحتضن ألواح الخشب المعلقة بقربها تفترسها، تصهرها، وتتعالى آهاتها... فتشكل كتلاً ضبابية سوداء ترانا وتفر من مواجهتنا للخارج بعيداً جداً ... للسماء الماكثة كالحلم بين "قلبينا وأدنى" !! واليوم تشتتت كل الأشياء الجميلة من ذاكرتي كتلك الثلوج التي نزحت لمواطن أخرى "تقدس الحاجة للاحتضان" فتلتصق مثلها فوق الشبابيك وأسقف الأبنية وتراقب الأجساد تدنو من بعضها تلتحم كما يلتحم القمر بين الغيمات المثقلة بالمطر في شتاء برلين الذي جمعني بك !!. أتذكر تلك التفاصيل الصغيرة قلمك الأسود، ولاعتك الذهبية خاتمك الفضي، وإطار نظارتك المكسورة، وصورك الكثيرة المتناثرة في أرجاء غرفتي و رسائلك المجنونة التي كانت تنتظرني تحت الأبواب وتحت الوسائد والأغطية!! ما بالها الأشياء "فقدت روحها" من ألجم صوت تراتيلها؟؟ من كتم أنفاسها العاشقة .. ؟؟ تفاصيلك الصغيرة تحتضر اليوم أمام عيني !! وأنا أراقبها بحزن شديد ولا أملك تجاهها "لا حول ولا قوة"!! ودمي يشتعل بين أوردتي يمتص منها "روح المقاومة" يصرخ باسمك يسمعه العابرون خلف الطرقات المنسية ! يخترق ضجيج العاصمة يصل إليك ولا تسمع!! هل مازلت نائما؟ بعد أن أنساني الأرق وعدي لك بإيقاظك ؟ أم أنك مازلت في "غيك الأول" تنتظر توسلاتي الباكية التي كانت تخلق في قلبك غرورا لا يرحم !! تنتظر احتراقي أمامك في حين "توسل مغفرة "!! تنتظر رجوعي الأخير بعد أن تجاهلت نداءاتي المتكررة!! كيف قسوت بعد هذا كله برغم "المواثيق" التي وقعتها معي على الوفاء والإخلاص ما حييت..!! من سرق نبضك؟؟ من بدل عناوين البريد القديمة التي كانت توصل مكاتيبك لي رغم أنف غرورك المصطنع؟؟ من أنساك صدري الذي كنت تغفو على جنباته؟ وقلبي الذي كان يهمس في اُذنك حكايا نبضاته ؟ من تجرأ على "قدسيتي" في عينك ؟؟ من حرق الباقيات العالقات في مسامات جبينك؟؟ من أفسد طهرك وقسى قلبك .؟؟ صامت حزني برغم ثورته لا يقدر على شيء من أمره إلا بالبكاء حينا وبالتضرع فوق الورق حينا آخر !! والحزن يلتحفني يعربد بي يحرضني على خنق تفاصيلك الصغيرة التي لازالت تحتضر أمامي ترفع أبصارها خاشعة في "وجه ذهولي" !! ترجوني الرحمة لأحكم القبض على "زناد العزم" فأقتلها سريعا .!! ولكني على غير عادة واقفة أمامها "أتلذذ بتعذيبها" أراها تموت كما ماتت الأشواق في قلبك "أعذبها بي" كما "عذبتني بك" كثيراً !! وأدرك أن الوقت عابث يماطلني بالتجلد يحذو حذو الليالي الطويلة التي يزفرها شتاء برلين كل عام !! يعبث في صبري يزيد من حرقتي ولا أمل أن تنقطع "عقارب الزمن" أن تتكسر إطارات الساعة الكبيرة التي تركتها لي فوق حائط غرفتي بجوار صورتك القديمة وأنت تبتسم .!! أعرف ما وراء ابتسامتك تلك وأعرف ما تحيكه لي تلك الصورة بمساعدة من عقارب الساعة ودقائقها وثوانيها مؤامرات كثيرة تدور حولي.!! صعب جدا أن أشعر في لحظة بأن الأشياء كلها عدوة لي تطمح للنيل مني دونما سبب.!! ذلك الحب الذي كان يرتشف "البهجة من أضلعي" أصبح يسقيني علقما بعد غيابك .!! يعاقبني على أوزار ما اقترفتها إلا معك !! أبحث عنك في محطات الانتظار وبين أوردة الشارع الصاخب.. خلف "حوانيت الراحلين" وفوق "أروقة العابرين" في الظلام !! ولا أجدك وتفتتني الأشواق "أتفلت من همي " !! و "أنعتق من ظلي" وأهرب لمسافات بعيدة .... أهجوك، ألعنك، أدعو عليك بكل ما تخافه !! فيباغتني الوقت من جديد يعود بي للوراء كلما نبذتك.. ويركض للأمام سريعا كلما "عدت للبحث عنك" !! فتنصرم الأيام تشيع فرحي المقتول عمداً على يديك !! أهرم كما هرمت ذاكرتك حين طردتني من جنة حبك. ونسيت كل ما منحته لها لتحيا !! مربك هو هذا الشتاء جاء سريعا ليطوي صحائف الذكريات الغابرة ليلفها تحت ذراعه ويمضي .. دون أن يمرر لي كلمة "مواساة" واحدة !! تنهض بهمتي لأتتبع خطواته من جديد أملا في العثور عليك!! يا رجلي المشتهى .. ويا حلمي المنذور بالتأويل العاشر .. !! ويا أخر الآمال المسروقة من شفاه القدر !! يا من تجبرت وتكبرت يا من سحقت ماضينا الجميل بغلطة لا تغتفر !! ها أنا أحرق ذاكرتي المتخمة بك "أقلبها فوق ألهبة الحقائق" !! أجبرها على تذوق الموت من "حافة كأس مكسورة " تقطع شظيته "شفتيّ الرحمة" في داخلي فتتدلى اللعنات من أطرافها !! تنهمر كسيل جارف لا يتوقف .!! ما كنت لأضرك يوما ولا لـ أقسو عليك... وما كنت لأتمم بذكر غير اسمك وحبك ..!! وها هي "المصادفات الغريبة" تأبى أن تأتي بك إلا في لحظة كهذه !! لحظة غضبي السحيق "المغضوب عليه" الذي يتجرأ على عشقك!! ويشوهه فيصورك لي كـ المجذوم فأهرب منك ما استطعت .!! توقيع : آمنت أن لا أمـل في عودتك .. ولا أمـل في أن تعفر روحي بنسيانك !! المخلصة : بدور الشمراني .. . .