-] عَنِّيْ مِنِّيْ [- - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-27-2009, 05:39 PM   #1
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

افتراضي -] عَنِّيْ مِنِّيْ [-


هأنا ذا في محلٍّ رفيعٍ عالٍ ، في غرفةٍ تُحيط بي كتُبي من كلِّ جانبٍ ، على نافذةٍ تُطِلُّ على السماءِ ، السماءِ فحسْب ، حيثُ أنني أقربُ إليها من الكثيرين حولي ، أشعةُ الشمسِ أقسَمتْ أن تدُخلَ ، إما هيَ و إما أثرُها ، و ما حيلةُ المضطرِّ إلا ركوبُ الأسِنَّة .
ألْزَمُ الأرْضَ جلوساً ، و طاولةً أرضيَّةً استخداماً ، بعد أن غادرتَ مقعداً مكتَبِيَّاً لا بأسَ به ، ففيه نوعٌ من الطُهْرِ ، إذْ لم يُمَسَّ بسوءٍ ، و قد كان لصيقاً حَسَنَ المعْشَرِ ، و طاولةً فخْمةَ الشكلِّ ، بُنِّيَّةَ اللونِ ، تسْحرُ الناظرين .
تركتُ تلكَ كلَّها ، مؤقتاً فقطْ ، لأن الحرفَ هو هو لن يتغيَّرَ ، سواءً كُتِبَ على طاولةٍ فخمةٍ اشتُرِيَتْ بمبالغَ طائلةٍ ، و على ورقٍ فخمٍ أبيضَ من ثلجِ قُطْبِ الشمالِ ، و بقلمٍ غالٍ يلمعُ بريقُه ليراهُ مَنْ بَعُدَ كما يراه مَنْ قَرُبَ ، لا يتغيَّر لأنه حرفٌ أبجديٌّ ، و لكن يتغيَّرُ المكتوب و المضمونُ .
نفسي ، هنا ، ترتقبُ أُفُقَ سماءِ الوجودِ ، التي أراها بعيني و تلك التي أراها بقلبي و روحي ، لأستقبلَ غيثها الساقطِ من عُمْقِها على أرضٍ ، ذاتِ أنواعٍ شَتَّى ، ليخرُجَ منها زرعٌ مختلفٌ لونه و طعمه و ريحه ، و كلُّ إناءٍ بما فيه ينضَح ، و كلُّ أرضٍ بما تملكُ تمنَحُ ، و أتأمَّلُ السماءَ لأستخرجَ كنزاً من أعماقِ أرضِ النفسِ و ما حَوَتْهُ من أسرارٍ لم ينتهضِ العقلُ إلا لكشفِ قليلٍ .
لا شيءَ يُزعجُ سوى أن الجوَّ فيه برودةٌ ، و من رغِبَ الاعتلاءَ أصابَه بردُ الاختلاءِ ، و لكنَّ برْدَ نجدٍ ، و رياضها بالتحديد الدقيقِ ، ليس كسائرِ البرْد ، فجوُّها لا وسطيَّةَ فيه ، و الأرضُ تمنحُ الإنسان منها كثيراً ، و قد قيلَ : المدن كالبشَرِ .
سنحتْ لي هذه الفرصة ، و الفُرْصَةُ إن لم تُسْتَغلَّ تكون غُصَّةً ذاتِ قَرْصَةٍ ، فارْتَأيْتُ أن أكتُبَ شيئاً ( عنِّيْ مِنِّيْ ) ، لا سيرةً ذاتيةً ، فلا أستعملها إلا لاكتسابِ أمرٍ يهمُّني في دُنيايَ ، و أما في الاهتمامِ الفكري فلا يكتُبُها إلا من سارتْ الرُّكبَانُ بذواتِ أخبارهم في آفاقِ المشارقٍ و المغاربِ ، و أما أنا فلست إلا واحداً من الناسِ يكتبُ كما يكتبون ، و لا يُذكرُ كما يُذكرون ، و إنهم لَعُظماءُ إذْ ذُكروا في المحافلِ فتاهَ فيهم كلُّ فاضلٍ .
فليستْ سوى خاطرةٍ عن نفسي أكتبها بين الفينةِ و الفَيْناتِ ، و الفَيناتُ طويلاتٌ مُغدقاتٌ أو مُمْحلاتٌ ، فبجودِ السماءِ يكون العطاءُ .
أكتبُ ذِكراً لأُذْكرَ بعْد حين ، فرُبَّ قائلٍ يقول في حنينٍ و أنينٍ : رُمِقَ رَمَقُ الحرفِ ههنا ، فلا برْقَ يُبدي سناه ، و لا أثرَ يُجَلِّي سُراه .
فهنا أكتُبُ أنايَ ، أو بمعنى آخرَ : أكتبُ ما يَحكيني ، أو بمعنى ثالثٍ : أكتبُ فقط ، إما أن أكتُبَ من نفسي عن نفسي ، أو من غيري شبيها بنفسي ، أو ما يروقُ لي فكراً و عقلاً و ثقافةً ، ذا عُمْقٍ دِلاليٍّ .
سألني محبٌّ من بلادٍ بعيدةٍ : مَنْ أنتَ ؟
كان سؤالهُ صدمةً ، فهو يعرفني و يقرأ لي ، فكيف يجوزُ له أن يسألني .
فأجابَ عن تساؤلي : من تكونُ نفساً و ذاتاً ؟
فأجبتُهُ : أنا شخص تعلَّم و جرَّب ، و قلَّبتْه دُنياه شيئاً مَّا ، فيحكي من عُمقِ نظرةٍ منه لحاله و زمانه ما يكبُرُه بسنين .
طبعاً لستُ كبيراً مُسِنَّاً ، و لكنني قلبتُ القلبَ لأنه متقلِّبٌ في الأصلِ ، فكنتُ معه على نفسِهِ .

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-27-2009, 06:44 PM   #2
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي


1]
الناسُ أشباهُ بعْضٍ ، و " شبيهُ الشيءِ منجذبٌ إليهِ " ، هكذا قالَ أبو الطيب المتنبي ، الحكيم الأكبر .
و بما أنَّ التشابُهَ سِمةُ الإنسان فإنني أجد نفسي في بعضِ الشعراءِ ، شِبهاً في النفسيةِ لا في الموهبةِ ، فلستُ شاعراً ، و إن قيلَ عني ذلك ، و الواقعُ بُرهانُ الحكايةِ ، و لا بًُرهانَ .
لهذا أجدني مُغرَماً بشعرِ أبي الطيب المتنبي ، أُحبُّه كثيراً ، و أطرَبُ له ، جعلتُ رُكناً خاصاً في المكتبة ، لا يُشاركه فيه أحدٌ .
حين أقرأ لأبي الطيب المتنبي أجدُ أبياتَه كأنها تحكيني ، وهذا أكبرُ بُرهانٍ نجده في حياتنا ، فذا يُثبتُ التواصُلَ الروحي و النفسيَ بين الناسِ ، و لو لم يكن هذا موجوداً لربما ضاع الكثيرُ مما أبقاه الأولُ ، فالميلُ تعلُّقٌ ، و التعلُّقُ إبقاءٌ .
في بعض الدراساتِ الإنسانية وجدوا شيئاً من هذا ، قلتُ شيئاً لأننا لم نصِلْ إلا إلى جزءٍ يسيرٍ مما يتعلق بأعماقِ الإنسان ، إذْ أثبتتْ تلك الدراساتُ أن الشخصياتِ التي بينها ميلٌ لبعضها يكون بسبب تشابُهٍ كبيرٍ في جُمجمةِ الرأس .
من الشعراءِ الذين أُحبُّهم الشريف الرَّضي ، و في ديوانه أبياتٌ اخترتُها ، و عجبي من هذا الشاعر من منطِقِ شعره جوهرٌ بهيٌّ ، يسلُبُ مني الكثيرَ حين أقرأ له ، لكنني أتحاشاه خشيةَ أن يأخذني من المتنبي و يحِلَّ هو محلَّه ، لهذا فإنني أمُرُّ مروراً عليه ، و أمتثلُ الأدبَ " زُرْ غِبَّاً تَزْدَدْ حُبَّاً " .
غير الشعراء هناك مفكرون ، و علماءُ شرعيون ، و آخرون أدباء ، و فلاسفةٌ ، و أصنافٌ ذَوو أطيافٍ ، و ربما لا يكون ميلاً كبيراً حدَّ الظهور عِياناً .
هنا أتساءل : أسرارُ الميلِ بين بَني الإنسانِ مما يكون منبثقاً و مُنبعِثَاً ، خاصةً حين لا تكون هناك صِلةٌ ، كالميلِ من الإنسان الحالي إلى الإنسان السابقِ ؟
و حتى إن وقفتُ على جوابٍ فلن أرضى حتى أُنَقِّبَ عن عُمْقٍ فيه لأقفَ على نقطةٍ ينتهي إليها العقلُ البشري ، و هنا تساؤلٌ آخر : متى ينتهي بحثُ العقل البشري ؟

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-27-2009, 11:56 PM   #3
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي


2]
التأملُ في الوجودِ لا يكون إلا من خلالِ عينٍ صافيةٍ ، ليس عليها غشاوة و لا يعتليها غَبَشٌ ، لذا اتخذتُ عينينِ أحسبهما صافيتين ، فكانتْ القراءةُ في الكتابِ من تلك العين ، ليست ذات خلفيةٍ معيَّنة ، لأنها تقرأ فكراً لتبنيَ منه نفساً ، و الفكرُ متى ما قُريءَ بعينٍ لها خلفياتٌ كألوانِ قوس قُزَح فالنتائجُ ستكون معاكسة للحقيقة .
في فترة معينة من العُمر كانت القراءة تتخذُ خلفيةً معيَّنة ، فكان تأثيرها واضحاً ، و الانفكاكُ عن الفكرِ صعبٌ ، و السهلُ توجيه و ترشيد الفكرِ نحو الأسلَم و الأصلح ، و إنْ سَهُل الانفكاكُ صِيْرَ إليه .
النظرُ المُجرَّدُ في الأشياءِ يُعطي أبعاداً في فَهمها و فَقْهِ حقائقها ، كما أنه يفتح آفاقاً لا تُدرَك إلا بذلك ، بخلاف النظر المُقَيَّد فإنه كالظلِّ لا يُجاوزُ مَوْضِعَ خَطْوِ القدمِ ، وهذا ما تصنعه النظرة المعتمدة على خلفيةٍ ذاتِ لونٍ .
كان للتنويع في القراءةِ أثرُه الكبيرُ في مَحْوِ الخلفياتِ الموجودة ، ففي التنويعِ توسيعٌ .
من الجُرْمِ أن يُنظَرَ إلى الوجودِ من ثُقبِ إبرةٍ ينتهي بِثقابِ إحراقٍ ، و لا يقبلُ الوجودَ شيئاً من هذا ، و هو قدحٌ في حكمةِ وجودِهِ و سَعَتِهِ ، و النظرُ إليه من عدةِ أوجهٍ ، و تحميله أكثر من احتمالٍ صنيعُ الحكيم العاقل .
هكذا خرجت من تأملٍ قديمٍ ، إذْ بأيِّ حقٍّ يُحجَّرُ الكونُ بفكرٍ بشريٍ ، و خالقه لم يُحجِّرْه بشيءٍ ؟!
فبِتُّ قارئاً بعشرةِ عيونٍ ، كما يقول علي الطنطاوي : إذا دخلت مدينة فانظر بعشر عيون ، فكان لكل عين تحصيلها ووظيفتها ، و هذا ما تحتاجه الحياة و الكون كله ، ففي تثنيةِ العينين و الأذنين إشارةٌ إلا تكرارِ وظائفهما ، و تفريد اللسان إشارة إلى أنَّه لا يعبِّرُ إلا عن شيءٍ واحد ، و لا يكون إلا يقيناً .
في القراءة قد تنظرُ لحكمةٍ بين السطور ، كما تنظرُ إليها بين الصخور أو في عمق البحور ، و قد تقرأ قصةً في ورقةٍ من خيالٍ خصبٍ قد حكتْها السُحُبُ و هي تمرُّ في السماء ، و ربما تجدُ في القلمِ رسالة خطَّتْ نملةٌ مثلها ، فالكتابُ الأصغرُ هو الكتابُ الأكبر .
كما هو الإنسانُ نفسُه ، وهذا ما خلَقَه التنويع في القراءة ، المجرد من الخلفياتِ الضيقة :
و تحسَبُ أنَّك جسمٌ صغيرٌ
و فيكَ انطوى العالَم الأكبرُ

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.