حديث الغمام - الصفحة 2 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-20-2007, 01:59 AM   #9
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


هو : طلبت مني طبيبة الأطفال أن أصلح جهازها ،، في الأربعين من عمرها على أقل تقدير ،، مقبولة المنظر ،، ممتلئة في تكوين حسن ،، مثيرة رغم رزانتها واحتشامها أو ربما لرزانتها واحتشامها ،، يقال أنها ورثت عن زوجها السابق عمارتين ،،


قالت : على أبيها أن يساعدك


فقلت : وفيمَ يساعدني ؟!،، وقبل كل شئ أرفض ذلك


فقالت بإعجاب : جميل أن أسمع ذلك ،، الأخلاق أهم شئ في الدنيا ،، فقد رفضت العديد ممن تقدموا للزواج مني لطمعهم الواضح في أموالي ،،


نبرتها لا تدع مجالا ً للشك في صدقها ،، وإني أجدها مثيرة للغاية ،، وإني مخزن بارود عند أي إثارة ،، معاناتي في هذه الناحية تستحق الرثاء ،،


وقالت : هي فتاة ممتازة ولكن الزمن ****ها ،،


طعنة وأي طعنة ،، مقصودة أم جاءت عفو الخاطر ؟! ،، يا عجوز الغابرين هي بعمر بناتك ،،


على أي حال أفسدت تركيزي في حل مشكلة الجهاز ،، ولم يخفف من حدة توتري قولها : الحب هو العمر الحقيقي ،،


وغادرت غرفتها مشحونا ً بالسخط عليها والإثارة منها ،،


قابلت حبيبتي في أحد الممرات فقالت من فورها : هل أصبحت فني الصيانة !!،، هنيئا ً لك الترقية ،،


قلت : يا عزيزتي المرأة عاقلة متزنة وأنا احترمها كأم


فضحكت ضحكة باردة وتساءلت : وهل عاملتك كابن ؟! ،،


فتساءلت محتجا ً : تحقيق واتهام ؟! ،،


فقالت بسرعة : لا سمح الله ،، هل أنت غاضب ؟! ،،


قلت : أنا لا أغضب منك أبدا ً ،، هيا بنا لتناول الغداء ،،


ولكن ليت الأمر انتهى عند ذلك ،، فعندما عدت إلى المنزل وجدت والدتها تجلس مع أمي فتوجست شرا ً ،،


وقالت أمي على الفور : ها هو قد جاء ،، فقولي له ما تشائين بنفسك



" يا له من مساء " ،،


قالت : المسألة يا بني إنها على وشك الضياع ،،


" آه ،، فهمت مقدما ً هي الاسطوانة القديمة " ،،


قلت : إني مصغ يا خالتي ،،


قالت : حتى متى ننتظر ؟! ،، لا اعتراض لي على مشيئة الله ولكن الانتظار يبدو بلا نهاية ،،


قلت : أنا لم أقصر في شئ ،،


قالت : لا أحد يتهمك ،، ونحن لا نكن لك ولأسرتك إلا كل احترام ،، ولكن العمر يجري ،، وأنت فتى عاقل ،، بيدك إنقاذها ،، وربما إنقاذك نفسك أيضا ً ،، إنه مجرد سوء حظ ،،


وبعد انصرافها قالت أمي : لهم عذرهم يا بني ،، هذا ما يجب أن نسلم به ،،


" لم أقل شيئا ً "،،


فقالت : حتى أبوك رحمة الله عليه لم يقتنع تماما ً بالارتباط لولا إصرار صديقه ،، ولو سمعنا كلام أمها من أول الأمر ما انتهى بنا الأمر إلى هذه الخاتمة المهينة ،،

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-20-2007, 02:00 AM   #10
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


هي وهو : هذا المكان سجل لهما أجمل الذكريات ،، اللعنة على كل شئ ،، لا يوجد شخص يستحق الاحترام ولا فعل يستحق الثقة ولا وعد يستحق التصديق ،، ذلك التاريخ المنحدر ما بين الهدوء والثورة ،، اختنقت الأنفاس تحت ركام من الأتربة ،، فلتكف الأفواه عن إلقاء الشعارات فقد شربت الأرواح العشق حتى الثمالة ،،


قالت : أعوذ بالله من صمتك ،،


هدوء نظرة عينيها يضاعف من إحساسه بالمطاردة ،،


ولكنه قال باستهانة : لا جديد تحت الشمس ،،


قالت : أراك متأثرا ً من الزيارة أكثر مما توقعت


قال : الهموم كثيرة


قالت : أعلم ،، نعيش في مجتمع لا يرحم ،، ستفرج بإذن الله


قال : الوقت مهم أردنا أم لم نرد ،، ومسئوليتي ثقيلة ،، وعمي لم يترك شئ إلا وابتلعه حتى الأرض الباقية فكل شئ باسمه ،،


فقالت بحزم : لست معفاة من المسئولية ،، إني مثلك تماما ً ،،


قال : لا مفر من التسليم بأني أهدر مستقبلك


قالت : ومستقبلك أنت ؟! ،،


قال : أي مستقبل ،، أنت طبيبة أمامك ينتظر غد مشرق أما أنا ،،


شحب وجهها وهي تتمتم : لأول مرة أجدك منهزما ً ،،


فقال بتردد : ربما لأنني أنتصر على أنانيتي لأول مرة


فهتفت بفزع : رباه ،، أتفكر حقا ً في ،،


وأشفق من إتمام جملتها فقال وهو يمرق من جرحه : إني أحررك من قيدي ،،


قالت بانفعال شديد : لا أطيق سماع ذلك


قال : أعيدي التفكير في حياتك بعيدا ً عن ظلي الثقيل


قالت : إني حرة ولا سلطان لأحد علي


قال : الأمر يتطلب إعادة نظر


فتفكرت في وجوم ثم قالت : إنه منطق سليم ولكني أشك بسلامته في ظل حب حقيقي


فقال بسرعة وحرارة : حذار من الشك فيّ ،، لا تزيدي الموقف سوءا ً ،، فالحب أيضا ً هو التضحية


قالت وكأنها على وشك البكاء : لا حاجة لك إلى التضحية


قال : إني أحاول عمل الصواب ،،


فقالت بمرارة : وماذا عن حبنا ؟! ،،


قال : صدقيني ،،


أشاحت بوجهها عنه زاهدة عن سماع أي كلمة أخرى ،، وفصل بينهما صمت أثقل من الليل الزاحف ،، انسحبا كلا إلى داخل ذاته وباعد اليأس بينهما إلى ما لا نهاية حتى فقد اللقاء أي معنى ،،


وقامت متثاقلة وهي تقول : لا وجه لبقائي هنا ،،


فقام ضامر الحيوية ،، كأنهما غريبان سيذهب كل إلى وطنه ،، ورفضت أن يوصلها إلى المنزل ولكنه لم يدعها رغم إصرارها ،،


لا شئ أقوى من الحب إلا الألم ،، تخايلت لعينهما الوحدة المتربصة في نهاية الطريق ،، وطوال الطريق لم يتبادلا كلمة واحدة ،، ولا تحية عندما أصبحا أمام منزلها ،،

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-20-2007, 02:02 AM   #11
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


هي : رأيت صورة وجهي معكوسة في نظرة أمي التي استقبلتني بها ،، ها هي تداري عينيها في إشفاق وما يشبه الخوف ،،


قلت لها على مسمع من أبي : هنيئا ً لك ،، نجح مسعاك ،،


فغرقت أكثر في الصمت حتى اغرورقت عيناها ،،


وإذا بأبي يقول : إني مطمئن إلى رجاحة عقلك ،،


" فلم أقل شيئا ً " ،،


قال بهدوء : لن تندمي ،، وسوف أذكرك بذلك في يوم قريب ،،


ونطقت أمي لأول مرة بقولها : لا يهمنا في الدنيا شئ سوى مصلحتك


ولكنها دنيا جديدة تماما ً علي أن أعايشها منذ الساعة ،، دنيا لا يوجد بها أثر لحبيبي ،، دنيا على القلب أن يصبر عليها حتى يجيئه الفرج بموته ،،


ودهمني شعور قاس بتقدم عمري وأنني أطرق أبواب العنوسة برجاء خائب ،، فشاب شعري وتساقطت أسناني ووهنت عظامي ،، وتبدت لي غرفة نومي قديمة بالية لم يبق من ألوانها إلا خيال ،، وثار غضبي عليه ،، أثبت أنه أضعف مما تصورت ،، وأنه خليق أن يبقى حائرا ً بلا مرفأ إلى الأبد ،، الحقيقة أنه ضاق بحمل المسئولية ،، إنه يهرب من عجزه ،، وفي ظنه أنه لن يرمى بعد اليوم بالعجز عن الزواج ،،


إنني يجب أن أسعد بالتحرر منه ،، إنني أخف مما كنت في أي يوم مضى ،، هجرني وخانني ،، من غيره يسأل عن تعاستي ذات الأنياب الحادة ،، يجب أن أهنئ نفسي على التحرر منه ،، ذلك الفقير الحقير المعدم البائس ،، من الآن فصاعدا ً أستطيع أن أزن الأمور بعقل غير مشلول بقيود القلب ،، أنا حرة ،، حرة ،، حسبي ذلك ،،


مرارة التجربة التي طحنتني مزقت أقنعة الحياء الفارغة ،، أنضجتني أكثر مما قدرت ،،


ولكني عندما انفردت بنفسي انهار سد المقاومة فأجهشت في البكاء ،، ليكن هذا وداعي الأخير للماضي العقيم ،، قد أكون خسرت أثمن ما في حياتي ،، ولكن لأدع كل شئ للزمن ،،


ماذا كان يعني رئيس القسم ذلك اليوم ؟! ،، يا للتعاسة التي تتمطى بلا حدود ،، هل يشفي الزمن حقا ً من الحب ؟! ،، متى وكيف ؟! ،، لن يفيد البكاء وإن رويت الدهر بالدموع ،، سأعالجه بالازدراء كما سقاني الذل ،، والداي يمعنان في الهرب حتى ينظما صفوفهما ،، أول النصر هزيمة ،، هرب وتحررت ،، احملي ألمك بشجاعة حتى يتبخر ،،


انتظرت رؤيته في المستشفى صباحا ً مصممة على لقائه كزميل وكأن شيئا ً لم يكن تماديا ً في إعلان اللامبالاة ،، لكنني لم أستطع ،، لم أنظر نحوه ففضحت تعاستي ،، ترى كيف بات ليلته ؟! ،، شاركني العذاب أم غط في نوم من الراحة والحرية ؟! ،،


وكان لا بد للسر أن ينكشف فعرف في القسم وأحدث في الظاهر على الأقل وجوما ً ،، لم تعلق واحدة في القسم بكلمة ،، لعل المفلسات قد سعدن ،، فالتعساء يتعزون بالتعساء ،،



وقال لي رئيس القسم : علمت وأسفت ،،


" فلذت بالصمت" ،،


فقال : لكنها نهاية محتومة ،، وفي تقديري أنها جاءت متأخرة ،،


ثم بنبرة أقوى : مثلك لا يصلح لها أن تعلق مستقبلها بوعد مجهول كأنك لا تدركين قيمتك الحقيقية ،،


" ولم أنبس بكلمة " ،،


فقال : عندما قلت لك يوما ً إن لكل مشكلة حلا ً كنت أفكر في هذه النهاية ،، وإن يكن كل وجود إلى زوال فالحزن لن يشذ عن هذه القاعدة ،،


وطوال حديثه تصفحني بنظرات جريئة لم يعد يخفف منها الحاجز الذي كان قائما ً ،، كم أكرهه ،،



وفي المساء قال لي أبي : أود أن أصارحك بأنه لو كان كامل الإخلاص لما تخلى عنك أبدا ً ،،


ورغم أنني ملت لتصديقه إلا أنني قلت : لأنه لم يعد يحتمل المزيد من اللوم فقد أقدم على ما يسميه بالتضحية ،، إني أعرفه تماما ً ،،


فقال : ما يحزنني حقا ً أنني السبب في هذه المأساة ،،


فقلت باستياء : لقد انتهى كل شئ


فقال وهو يبتسم : بهذه الروح نقهر الأحزان ،،


قبلت رأسه واستأذنته معتذرة بالنوم ،، وا أسفاه ،، هو يمعن في البعد وها نحن نتحدث عن حياة جديدة ،،

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-20-2007, 02:04 AM   #12
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو
 
0 أحزان على الطريق
0 مرايا
0 فلا تغيب ،،
0 من غير ليه

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


هو : داعبت أختي الصغرى وهي تجلس على ركبتي ،، جاءتني الأخرى بفنجان شاي ووقفت مرتبكة ،،


ابتسمت وقلت لها : هاتي ما عندك ،،


فقالت بسرعة ولهوجة : ستقيم المدرسة في الأسبوع القادم حفلة تخرج ،، ويلزمني فستان مناسب


قلت : ولكنك لن تتخرجي هذا العام ،،


فقالت : أجل ولكن ستكرم المتفوقات في جميع المراحل ،، وأصرت المعلمة أن ألقي كلمة المتفوقات ،، وسوف تحضر مديرة المنطقة ،، ولكني أستطيع الاعتذار إذا ،،


فقاطعتها قائلا : لا عليك سوف نذهب غدا ً إلى السوق ونشتري ما يعجبك ،،


قالت : صدقني لولا إصرار المعلمة على وقوفي أمام الجميع لما خشيت أن أرتدي أي شئ


فقلت : إنك تستحقين نور عيني ،، سأراك بإذن الله طبيبة عظيمة ،،


" كدت أغص لهذه الأمنية " ،،


فقالت الصغيرة وهي تعبث بنظارتي : وأنا أريد فستان ،،


فقبلتها وقلت : لك ذلك ،،


قالت الوسطى وهي تسند كتفها على الباب : أنا متفوقة ولم تشتري لي هدية ،، أم أن الهدايا لأناس دون غيرهم ؟ ،،


قلت : سنذهب جمعينا غدا ً إلى السوق فتختاري هديتك بنفسك ،، هل يرضيك ذلك ؟! ،،


فقالت أكبرهن : هيا بنا دعوه يشرب الشاي ،،


ثم جاءت وحملت الصغيرة من حجري ورمقتني بامتنان وهمست : شكرا ً ،،


بعد ذهاب شقيقاتي قالت أمي : أود أن أحمل عنك بعض حزنك ،،


فقلت : الحق أنني لا أدري ماذا أفعل بحياتي ،،


قالت : سنبلغ يوما ً شاطئ الأمان


فقلت : سأبلغ الشيخوخة قبل ذلك ،،



حملتها وأرقدتها على فراشها ثم قبلت رأسها ،، أغلقت باب غرفتي وأشعلت سيجارة وسرعان ما ذكرتها ،، جرح القلب والكرامة ،، أهيم على وجهي بلا مأوى ،، الحرارة المشتعلة في رأسي تبخر لذة الجلسة مع أسرتي ،، لا رغبة لي في الخروج ،، فلا مهرب من السهر في غرفتي رغم ضجر الوحدة ،، أجلس وأدخن وأرهف السمع للصمت ،،


هنا معبد تقدم به القرابين إلى الأمل الراحل الذي أصبح رمزا ً للسعادة الضائعة ،، هنا تنقض شلالات السخط على كل شئ بغير استثناء ،، اسمع واهنأ بشئ من العزاء ،، إن أضجرك الكلام فمد بصرك إلى الطريق ،، راقب الآتين والذاهبين ،، حركة سريعة لا تتوقف ولا تنقطع ،، وجوه مكفهرة وضاحكة ماذا وراءها ؟! ،، كل يحمل مأساته أو مهزلته ،، أضواء الميدان قوية مثيرة للأعصاب ،، ومثيرة للأعصاب أيضا ً سيارة رئيس القسم الفارهة ،، وأغرب الأغاني تنطلق في الطريق ،، لا يبقى شئ على حاله التي كان عليها إلا الشجر والبيوت ،، ويدوي تعميم في مكان ما فينشر الأكاذيب في الجو مع الغبار ،، تعب ،، تعب ،، فلأعد إلى الكلام ،، خرابة صغيرة بعشرين ألف ،، الجرائم التعليمية ،، كم مضى من أقساط الديون ؟! ،، كم عدد أصحاب الملايين ؟! ،، الأصدقاء والأعداء والطفيليون ،، المهربون والقوادون واللصوص ،، حكايات ألف ليلة وليلة ،، نادل المطعم عنده أيضا ً حكاية وعند سائق التاكسي ،، متى تبدأ الولادة ؟! ،، الرشوة على الملأ وبأعلى صوت ،، فيتامين ( و ) لعلاج الشلل رغم أعراضه التي تسبب السرطان ،، شيخ العصابة له كتيبات ،، الدوائر الحكومية كانت مكانا ً للرقص فأصبحت مكانا ً للغناء ،، أنواع الجبن والأجهزة والمفروشات ،، البنوك الجديدة ،، كم ارتفع سهم شركة الفضاء ،، ويسود صمت شامل ريثما تذهب امرأة غير محتشمة ،، وتعقد مقارنة بين تضخم تضاريسها والتضخم المالي العام ،، ومتفائل يؤكد بأن زوجها يخونها ،، لا خلاص إلا بالخلاص من الفساد ،، حرب أبدية مع الذات والويل لعملاء التطبيع ،، كفى ،، كفى ،،


لم أحتمل الوحدة فخرجت ،، في الوقت متسع لقليل من التسكع ،، الفرار منك جهد ضائع يا حبيبتي ،، مرض الحب بطئ الشفاء وأخاف أن يكون من الأمراض المزمنة ،، لا يعزيني عن إساءتي إليك إلا أنني أسأت ضعفين إلى نفسي ،، في تخبطي أذهب إلى المقهى فألقى صديقي ،، يا صديقي لقد انفصلت عن خطيبتي ،، غير موافق طبعا ً ويطالبني بإعداد لقاء بينه وبين أبيها ،، الوداع يا صديقي مضى وقت الكلام ،، أعدك بأن أكون عدوا ً للكلام بقية العمر ،،



ولما قابلت مدير القسم في الصباح قال : آسف ،، ولكنك فعلت الصواب ،، وسوف تضحك لك الدنيا ،،


وتلاقيت مع طبيبة الأطفال في نظرات مسترقة باحت بمودة لا خفاء فيها ،، دافئة وعميقة ومراوغة ،، إنها غير مقصرة في إبداء مفاتنها ورزانتها معا ً ،،


كأنما تقول لي إني امرأة فاضلة ولكن لا حيلة لي مع مفاتني ،، فهل يعجبك هذا الطراز من النضج الأنثوي المتخطي حلقة الشباب ؟! ،،


المسألة بالنسبة إلي مسألة جوع أولا ً وأخيرا ً ،، لعلها تنظر إلي باعتباري حملا ً على حين أنظر إليها بعيني ذئب ،، لكن كيف ومتى وأين ؟! ،، يا عزيزتي ،، يا أنفاس السحاب التي تتمايل الأغصان شوقا ً إليها ،، أنظري ما الذي فعلته بي ؟!

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-20-2007, 02:05 AM   #13
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


هي : الأمل في الزمن ،، هو أيضا ً يميت ويحيي ،، سيهلك الفيروس ذات يوم ويتجلى وجه الشفاء ،، ولن يخذل الله مؤمن ،، اليوم نتبادل الحديث كزميلين ،، كزميلين غريبين لم يذوبا في قبلة قط ،، وأحيانا ً أراه مثلي يستحق الرثاء ،، لم أعد أدينه ولم أعد أحترمه ،، التجربة الجديدة التي اقتحمتني هي مدير القسم ،، يستقبلني ببشاشة غير عادية ،، ويحاورني مداعبا ً معلنا ً إعجابه ومودته ،، إني أتوقع وأفكر تحت مظلة من الكبرياء تأبى التسليم بالهزيمة ،، من ناحية أخرى قدرت أمي أن الهدنة انقضت وأنه آن لها أن تتكلم ،،



فقالت لي ونحن نشرب الشاي : علمت أن ذلك الضابط مستعد أن يتقدم من جديد ،،


إنه يمت بصلة قرابة لأبي من بعيد تقدم منذ عامين ورفض ،، والظاهر أنها لاحظت استيائي فقالت : نحن على اتفاق أنه طالما لا يوجد ارتباط فالأمر يفصل فيه العقل وحده ،،


فقلت معترضة : ولكنه متزوج ،،


فقالت برجاء : ولكنه سيجعلك أميرة في قصرها ،،


فقلت بحدة : لست سلعة للبيع ولست متعجلة ،،


فقالت بإشفاق : الزمن يجري بسرعة ،،


فقلت بتحد : لن أكون أول عانس في التاريخ ،،


لزم أبي الصمت طوال الوقت ،، ولم أكن صادقة تماما ً في التعبير عن حالي ،، فالحق أنني راغبة في إثبات وجودي ولكن ليس على حساب كرامتي ،، الكفاءة يجب أن تشمل الاحترام ،، المدير على الأقل لم يتزوج قط ،، والفجوة بين عمرينا معقولة لدرجة ما ،، أما الحب فمن الحماقة أن أفكر فيه الآن ،، وجعل أبي يرمقني بنظراته الفاحصة ،، أنظر يا عزيزي ما الذي فعلته بي ،،



هو وهي وهم : الحمد لله ،، كل شئ طيب لولا حزنه هو ،، الجو في هذا الوقت لطيف فمتى تسلو هي وتنسى ،،


الحمد لله ،، فالأيام تمضي بين الأعمال والطعام والأحاديث ،، الشباب يستأثر بهم المستقبل ،، والشيوخ يتوقعون ضيف لا ريب فيه ،، اللهم جنبنا الشرور والفتن ،، السماء والبحر والشجر والجبال وأسراب البشر تسبح بحمدك ،، سقيا لعهد الطفولة الساذج كما تذكره الذاكرة ،، وعهد المراهقة ومنازعاتها وما أثارته بفتنة اليقظة ،، وعهد الشباب وتحدياته وغناها بالشجاعة والاقتحام ،، وعهد العقل وحواره الدائم ،، وأخيرا ً عهد الإيمان الخالص والأمل بالرحمة ،، أصبح الموت آخر المغامرات الواعدة ،، مناجاته تهون حمل الأعباء على حاملها ،، سيجئ في ساعة سافرا ً عن وجهه وسوف يقال له بكل مودة اقطف الثمرة وهي في تمام نضجها


* * *

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-31-2007, 02:39 AM   #14
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو
 
0 مرايا
0 قطع الشطرنج
0 الحقيقة الخالدة
0 جده غير

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 7 )


* المجنون الصغير *



انفرجت بوابة موقف السيارة في البيت المقابل لبيتنا وأنا أسير على مقربة منها ،، فرأيت في الفناء وجه يتألق بنور الشباب لفتاة كانت تسقي حوضا للزهور ،، وبمجرد أن وقعت عيناي عليها عانقت سرا ً من أسرار الحياة المتفجرة ،، تفتحت بها أبواب السماء فأغدقت عليّ فيضا ً من بركات الحب ،،



كان ذلك البيت يملكه صديق قديم لأبي وهو رجل مهيب يحترمه جميع سكان الحي لقوة شخصيته ،، يعيش مع زوجته وابنة وحيدة بعد زواج إخوتها ،،


كانت تلك المرة هي الأولى التي ألمح فيها ابنة الجيران وقد كانت حينها في الرابعة أو الخامسة والعشرين من عمرها ،، أما أنا فقد كنت في الرابعة عشرة !! ،،



ومن عجب أن صورتها رغم العاطفة التي ابتعثتها اختفت تماما ً وراء سحب الماضي ،، بل تعذرت على الوضوح حتى وأنا فريسة سحرها ،،


لا أعرف لون وتسريحة شعرها ولا لون عينيها ولا طول قامتها أو درجة امتلائها ،، ذاب كل ذلك في سائل سحري ،،


وكنت إذا تذكرته أو خيّل إليّ ذلك فعن طريق غير مباشر وبإيحاء عفوي كشذا العطر الذي يباغتك من " قزّاز " وأنت ماض غارقا ً في أفكارك ،، وكأن قلبي لم يكن يحركه شئ إلا إذا انتهى إليها بسبب خفي ،،


ولذلك همت في أزمنة متأخرة نسبيا ً بقسمات وملامح وسمات ولفتات لنجوم توهمت أنها تذكرني بما غاب عني منها ،، بل ما أحببت صفة في وجه إلا وكانت هي وراءه حقيقة أم وهما ً !! ،،



وبسبب ذلك الحب الخاطف عانت حياتي العاطفية من أزمات متواصلة معقدة كأنها السحر الأسود ،،


والعجيب أنه كان حبا ً بلا موقع ولا مواقف ولا تاريخ يذكر ،، رأيتها من خلال البوابة ثوان ليس إلا ففقدت إرادتي وألقي بي في طور جديد من أطوار الخلق ،،


آمنت بأني عاشق ،، وعرفت كيف يغيب الإنسان وهو حاضر ويصحو وهو نائم ،، كيف يفنى في الوحدة وسط الزحام ويصادق الألم ،، وينفذ إلى جذور النباتات وموجات الضوء ويستلقي فوق الأفق !! ،،



وجعلت أحوم حول بيت الجيران كل يوم علني ألمحها مرة أخرى ،، وسمعت مرة صوتا ً ناعما ً ينادي السائق فاهتز قلبي وافترضت في الحال أنه صوتها ثم آمنت بذلك ،،


ورأيتها للمرة الثانية في مناسبة حزينة ،، عندما صدمت سيارة شقيق صديق لي أمام البيت ،، كنت عائدا ً من المدرسة فوقفت مع الحشود المجتمعة مشدوها ً لمنظر الصغير وهو غارق في دمائه وصوت الإسعاف يطن برأسي ،، ولم أنتبه إليها إلا أثناء إغلاقها للنافذة ،،


رأيتها لحظات فخفق قلبي خفقة مباغتة ولكني لم أنعم بالرؤية بسبب الحادث ،، وفقدت النشوة في قلب كسير محزون ،،


واجتاحتني عواطف متناقضة كما اجتاحني تيار الخلق المتلاطم ،،


ولم أرها بعد ذلك إلا في إحدى الزيارات لوالديها برفقة زوجها وذلك قبيل انتقال جارنا من الحي ،،،


وكانت مدة ذلك التاريخ الذي مر بلا أحداث أقل من عام واحد ،، ولكنه كان أعجب عام في حياتي ،،



لم أجد ما يحذرني من التمادي في عاطفة لا جدوى منها ألبته ،، كنت صغيرا ً وكانت أفكاري عن الحب ساذجة مستعارة من الروايات وما عرفته من تاريخ الأدب العربي ،، فأيقنت بأني " مجنون ليلى " ،، وأقنعت نفسي أن حبي هذا يقطع بأني أحببتها في تاريخ سحيق مضى ،، ربما في العصر الجاهلي كما يزعم ريدر هيجارد !! ،،



وتمثل ذلك الحب في صورة قوة طاغية متسلطة لا تقنع بأقل من التهام الروح والجسد ،، قذف بي في جحيم الألم ،، صهرني ،، وخلق مني معدنا ً جديدا ً تواقا ً إلى الوجود ،، ينجذب إلى كل شئ جميل وحقيقي فيه ،، وبقي الحب بعد اختفاء خالقه ما لا يقل عن خمس سنوات مشتعلا ً كجنون لا علاج له ،، ثم استكن على مدى العمر في أعماقي كقوة خامدة ربما حركتها نغمة أو منظر أو ذوبان قبلة أو ذكرى فتدب فيها حياة هادئة مؤقتة تقطع بأنه لم يدركه الفناء بعد !! ،،



وكلما تذكرت تلك الأيام غرقت في الضحك أو أذهلني العجب ،،


وتساءلت بدهشة عن سر الحياة التي عشتها ،، وهل كان أصابني مس من الجنون ،، وأسفت غاية الأسف أنه لم يقدر لذلك الحب أن يخوض تجربته الواقعية ،، وأن تتلاقى في دوامته العنيفة السماء والأرض ،، وأن أمتحن قدراتي الحقيقية في معاناته ومواجهة أسراره على ضوء الواقع بكل خشونته وقسوته ،،



وحينما بلغت درجة من نضج الشباب والتجربة اقتنعت بأن ابنة الجيران ألقيت في حياتي كمثير ،، لم تكن إلا شفرة تشير إلى شئ ،، تعيّن عليّ أن أحل رموزها للوصول إليه ،،


ولقد تحللت حياتي إلى مآسي وانتصارات وسخافات ولكني أكره أن أذكر تلك الأيام كغيرها من خالد الذكريات باستخفاف ،، فكيف يستخف إنسان بأروع سني العمر ؟! ،،



مررت منذ أيام بحينا القديم فوجدت بيت الجيران قد هدم مخلفا ً أرضا ً جرداء تمهيدا ً لإقامة مركز تجاري ،،


ابتسمت وأنا أنظر إلى الأرض الفضاء ،، وعبرني إحساس بالأسى ،،


فتذكرت الفتاة ،، التي لم أرها منذ تلك الزيارة الأخيرة لأهلها ،، ولم أدر عنها شيئا ً بعد ذلك ،، حية أم ميتة ،، سعيدة أم شقية ،، وكيف هي حياتها في هذا العمر ،، وحين تبلغ شيخوختها؟! ،،


وأيا ً كان خبرها ،، ورأي العقل فيها ،، ألم يكن من حقها أن تعرف أنها لعصور عدة توجت على عرش من النجوم وأنها تسامت في محراب الوجود كالأثير المقدس ،،


وأنها فجرت في قلب صغير حياة ما زالت تنبض بين الحين والحين بذكراها


* * *

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-03-2007, 04:46 AM   #15
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 8 )



* المقهى *


كل شئ باق كما عهده ،، فتكاد ترف على شفتيه ابتسامة حنان يريد ثغر المراهقة أن يفتر عنها لولا مرارة الماضي وسقم الحاضر ،،


وتراءى لعينيه المكان من بعيد فخفق قلبه بقوة حتى كاد يصم أذنيه ،،


الماضي ملطخ بالعار ،،


مدفون الرأس في الطين من الخجل ،،


دائم الجأر بالشكوى من الخزي والألم ،،


ولكنه كله في كفه وهذا المكان في كفة وحده ،، بل إنه يرجح به ،،


إذ أنه رمزه الحي الباقي على الزمن ،، جمع في تفاصيله وموقعه وذكرياته الخزي متبجحا ً والألم ناطقا ً بالهزيمة مولولة ،،


وإذا كان الماضي أحداثا ً وذكريات هي بطبعها عرضة للتخلخل أو النسيان ،، فهذا المكان يقوم شاهدا ً مجسما ً يكشف مخلخله ويفضح منسيه ،،



وكان كلما تقدم منه خطوة تقهقر عن الحاضر خطوات ،، طاويا ً الزمن على رغم إرادته ،، فطفقت الصور الملتهبة تطارده وهو يجدّ في الفرار منها ،، ولكنه ما إن يتملص من قبضة إحداها حتى يقع في قبضة أخرى ،، مطاردة عنيفة وحشية أثارت في أعماقه بركان الحنق والحقد فواصل السير إلى غايته وهو على أسوأ حال ،،



أخذ يتبع صديقه ويفكر ،، أترى كل شئ كما كان ؟! ،،


لن ألتفت ،،


أي قوة ماكرة تغريني بالنظر ،،


أتعرفني المقاعد إذا التقت عينانا ؟! ،،


إذا بدا منها أنها عرفتني حطمتها ،،


ولكن كيف لها أن تعرفني ؟! ،،


لا المقاعد ولا الطاولات ولا أحد من الجالسين سيعرفني ،،


تركتهم يافعا ً وأعود إليهم جملا ً ذا قرنين ،،


قد نشقى أبد الدهر ثم لا تواتينا القوة على إبادة الحشرات السامة التي لا تنفك تلدغنا !! ،،



دخل مسرعا ً بعض الشئ ،،


متخيلا ً الأشياء وهي تطالعه متسائلة " أين ومتى رأينا هذا الوجه ؟! " ،،


نظر أمامه ،، جامعا ً عزمه على نفض الغبار الخانق عن وجهه ورأسه ولو إلى حين ،، وتشجيعا ً لعزمه فرّ بنفسه بعيدا ً وراح يتأمل ما حوله باستهانة ،، وحدث نفسه قائلا ً " لا تضق بالمكان ،، فلا تزال تعشق نكهته " ،،



نظر إلى الابتسامة الملتصقة بوجه الموظف التي يستقبل بها الزبائن ،، ولكنه مشى إليه في خطوات ثقيلة بطيئة يحاول بها التناغم مع خطوات صديقه ،،


وبالرغم من قلقه وجد أنه يتفحص ذاك الركن باهتمام مطابقا ً بينه وبين صورته المحفوظة في خياله ،،


فألفاه أضيق قليلا ً مما في ذاكرته وقد تغيرت الرسومات على جوانبه ،،


وسرعان ما حجبت الذكريات الحاضر كله ،،



تابع السير حتى وقف لحظات ينصت للصمت وصدره يعلو وينخفض ،،


قال صديقه : ألم أقل لك بأن المقهى سيعجبك ،،



وركبه توتر وضيق ،، فأدرك أنه لم يدخل المكان القديم فحسب ،، ولكنه نكأ جرحا ً متورما ً وغص في قيحه ،،


لم يكن في تلك اللحظة قد أتى حركة أو نطق بكلمة ،،


ومع أنه شعر شعورا ً عميقا ً أليما ً بأن الموقف أشد من أن يحتمل ،، إلا أنه لم يبدر منه ما ينم عن حياة ،،


أي حياة يا مراهق !! ،،


توقف صديقه ليتحدث بهاتفه ،،



أما هو فقد لازم جموده وخرسه ،،


بيد أنه كان متأثرا ً غاية التأثر ،،


وإن لم يتضح نوع التأثر بادئ الأمر بحال يطمئن إليها ،،


ولكنه ،، على دعوة صديقه الطيبة ،، لم يجد رغبة في الحديث معه ،،



أجل ،، أقبل دعوتك شاكرا وأقبّل يداك رحمة وأعدك بأن أستمع لحديثك ،،


فلا تسلني عن الأحزان ،،


يا عزيزي ،، اعتصرني ،، حللني ،،


اشفق ،، اسخر ،،


ولكن دع أسرار القلب ،،


فالأسرار ستظل أسرار ،،



لعله لم يستطع أن ينزع الذكريات المحزنة الناشبة في نفسه كمرض مزمن ،،


ومع أنه وجه إرادته بعزم وتصميم إلى إخلاء المسرح من الماضي في اللحظة الراهنة ليملك فكرة وحكمة القدر ،، إلا أن الماضي المطرود انعكس على صفحة قلبه ظلالا ً قاتمة كثعبان ترك جسد ما بعد أن خلّف وراءه سم يسري ،،


فأدرك لتوه أن في عبارة صديقه البريئة عند دخولهما المقهى أكثر مما أدرك في ماضيه كله !! ،،


الحقيقة المحزنة التي طالما أدمت فؤاده ،،


وهي أن ذلك الحب قد اقتلع من صدره !! ،، وطنت برأسه أنغام أغنية لا يعرف مصدرها " إني رأيتكما معا " ،،



أجل هو لا يتحسر على الحب بقدر ما يتحسر على تلاشيه ،،


ومضى يسائل نفسه ،، متى تنحسر هذه الموجة الطاغية حتى أتبين الطريق إلى هدفي ؟! ،،



قال صديقه : في صباح اليوم عملت بنصيحتك بشأن الأسهم فربحت مبلغا لا بأس به ،،


سكت قليلا ثم أردف : ألا تذكر بأنك قد أخبرتني عن تلك الشركة ؟! ،، المقهى خالي على غير عادته ،،



وقف انتباهه عند الجملة الأخيرة فوجدها غريبة تدعو إلى السخرية والرثاء معا ً ،،


يوجد شئ ،،


وأشياء تذكره صباح مساء بالنظرة المتسلطة والبسمة الساخرة وأحبك يا حياتي ،،


ولكن أي شئ وأي أشياء ؟! ،،



هز كتفيه باستهانة وأمسك بيد صديقه وقال : اللعنة على كل شئ ،،


ثم بصوت مجلجل قال للموظف : أريد كوبا من الموكا البيضاء


* * *

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-09-2007, 03:18 AM   #16
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي



( 9 )

* الحديقة المسكونة *

مرارا ً وتكرارا ً يشيرون إلى الحديقة ويقولون لنا محذرين : لا تقتربوا منها فهي مسكونة بالعفاريت !! ،،
الحديقة كانت تقوم في طرف حارتنا القديمة ،، تبدو من بعيد جبلا ً من الخضرة الداكنة متعددة الرؤوس ،،
يقف بجانبها غالبا ً خمس سيارات تمثل طولها ،، وعرضها قريب من ذلك ،،
وقد يعبر سماءها دخان تحمله الرياح من سلسلة المطاعم التي تقع في الشارع الخلفي ،،

ما نوع أشجارها الباسقة ،، وما معنى وجودها في ذلك المكان ،، من الذي زرعها ولأي غرض زرعها ؟! ،،
لا علم لنا ،، ولم يهتم الكبار إلا للأشجار التي تظلل نصف الشارع وسيارتهم ،،

لها سور عتيق يحيط بها وبوابة وحيدة أغلقت بقفل علاه الصدأ ومفتاحه في علم الغيب ،،
وبجانبها شارع ضيق الاتساع اتخذناه ملعبا ً لنا في أوقات النهار ،،
أما إذا رمينا الكرة خلف السور فإننا نتركها خوفا ً من الحديقة المسكونة ،،

وجاوزت الصبا وولجت المراهقة ،، وولعت بهوايات جديدة منها القراءة ،،
وأشرقت على روحي استنارة تحفل بكل جديد وطريف ،، وتطايرت من رأسي ووجداني خرافات كثيرة ،،
ولم أعد آبه بعفاريت الحديقة ولكني لم أستطع التحرر تماما ً من رواسب الخوف الكامنة في أعماقي ،،
وكنت أسير مسافة طويلة فأخلو إلى نفسي في البحر أقرأ وأتأمل أو أدخن سجائر بعيدا ً عن أعين الرقباء ،،
وأومي ببصري من بعيد إلى الحديقة فأبتسم ساخرا ً من ذكرياتي ،، ولكني لم أفكر باجتياز بوابتها ،،

وأضيق بموقفي يوما ً وأتحداه وأطرح على نفسي سؤالا : ألم يأن لك أن تكتشف الحديقة ؟! ،،

بعد حوار غير قصير صممت على الإقدام والتنفيذ ،،
ليكن في العصر والشمس طالعة ،، فالليل على أي حال غير مأمون ،،
تسلقت السور وقفزت داخل الحديقة ،، وقفت عند حافتها مستطلعا ً فرأيت الأشجار الشامخة صفوفا ً منسقة كالطوابير ،، والعشب يغطي أرضها ويكسوها مع العديد من الأكياس والمعلبات الفارغة ،،
وتجاوب في الجو بزقزقة العصافير فبثت في الهواء عزفا ً وطربا ،،
واستأنست بكل شئ فتقدمت غير هياب ،،
لم أصادف إنسانا ً ولكني ثملت بالوحدة والسلام ،،
قلت لنفسي : يا للخسارة ،، ضاع عمر هدرا ،،
سامح الله الذين تصوروا أن تكون الجنة مأوى للعفاريت ،،

ومن ناحية أحد الأركان ترامت إلي ضحكة ،،،
الحق أن قلبي ارتجف ،، ولكن تلاشى خوفي في ثانية ،، لا ريب أنها ضحكة ابن آدم ،،
تفحصت المكان فلمحت حلقة الشبان ،،
وسرعان ما تبين لي أنهم ليسوا بالغرباء ،، جيران أو زملاء بالمدرسة ،،
اتجهت نحوهم ومنذ تلك اللحظة بدأت حياة جديدة يمكن أن أطلق عليها حياة الحديقة ،،

في الإجازة لأسبوعية نمضي الساعات في الحلقة ،، نتكلم ونقرأ وندخن ونتحاور ،،
ومع زقزقة العصافير هبطت أفكار ورؤى ،،
انتقلت الدنيا من حال إلى حال ،، ليس الأمر لهوا ً ولعبا ،، ولا رياضة عقلية تمضي إلى حالها ،،
إنها تشير إلى مسيرة ومغامرة وتجربة محفوفة بكافة الاحتمالات ،،

وكان من عادتي أن أجالس عمي بعد العشاء ،،
منذ تقاعده استقر في أعماق طمأنينة أبدية ونعم بسلام دائم ،،
ولا يخرج عن إطاره إلا إذا أغريناه بشؤوننا المتعددة ،،
ويطيب له أحيانا ً أن يناقشني في دروسي ومتابعة الأحداث التي أرويها والتعليق عليها ،،

ويوما ً ختم حديثه بقوله : ما أكثر العجائب هذه الأيام ،،
فاندفعت أقول له : العجائب لا نهاية لها ،،

فحدجني بنظرة متسائلة ،،
فقلت : إليك بعض الآراء ،،

وتكلمت بإيجاز وتركيز فأنصت إلي ذاهلا ً ثم هتف : أعوذ بالله ،، ليس أصحاب هذه الآراء بآدميين ولكنهم عفاريت

* * *

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سدف الظلام .. إبراهيم الشتوي أبعاد النثر الأدبي 10 01-30-2009 03:03 PM
قد يحدث آفاق أبعاد النثر الأدبي 16 12-31-2007 12:18 AM
> حديث الغمام < عبدالله الدوسري أبعاد النثر الأدبي 12 12-12-2007 02:04 PM
أبو العلاء المعري سلطان ربيع أبعاد المكشف 6 06-18-2007 04:44 AM
صفصاف الظلام محمد المغضي أبعاد الشعر الشعبي 21 10-17-2006 06:04 AM


الساعة الآن 11:22 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.