ليلة نثر ( 2 )

[صالح الحريري]

أرادوا لنا ليلة نثر ...!
لنرسم بريشة الحرف أبجدية لا تتكرر ...!
وقد كان القدرُ كريماً معي حين وهبني نعمة اللقاء بحرفكِ ...!!

فتعالي يــ نورة ...!
نوقد بشموع ترقبهم ضوء اللغة ...
ننثر عبير المفردة بفضاء القراءة الممزوج بأنفاس الكلمة ...!!

ولتحدثيني ...
كيف لنا لملمة تلك الشظايا للروح المحطمة...؟
والمساء داكنٌ كشيخٍ ضرير يجرجر وراء هامته رداء انكساراته الباكية ...!
قد رسم الزمن عليه انتصاراته بتلك التجاعيد المستوطنة جبين الانتظار لأجسادٍ مضطربة ....!!

" نورة عبد الله "

أهلاً بك هذا المساء وكل مساء ...!

همسة المساء مطرالآن ..
قد ينقطع التيار الكهربائي بأي وقت ...!

تحياتي

 

[نورة عبدالله عبدالعزيز]

{::::


أتَعْلَمُ يَا صَالِحاً ،،
وَشْوَشَتْ لِي الأقْمَارُ هَامِسَة ،،
أنّ فِي عُرُوق الشّبَكَةِ النّتِيّة ،،
ثَمّةُ كَواكِبُ ضَوئِيّة ،،
أحُدْهُا يَسْكُنُهُ أقْوامٌ رَبِيعِي الأرْواح ،،
فَهَلُمّي إلَيْهِم ،،
وَ اعْتَنِقِي مَعْهُم عَقِيدَة النّقَاءِ ،،

فَ لِلأبْعَادِ مِنْ نَبْضِ الـ نُورَة طَاغِي الوَلاء ،،

:
/
:

مَشّطْتُهَا ضَواحِي الّلَيلِ بِمَعِيّةِ ذَاتِ الأسْئِلَة ،،
أرْقُبُ فِيهِ أطْوَارَ الحَيَاةِ بَحْثَاً عَنْ وَشَائِجَ الخَلاصِ ،،
تُمَوسِقنِي بأغْصَانٍ مِنْ نُور ،،
تَنْبَجِسَ مِنْ بَرَاعِمِها أضْواء تَقْتَاتُ عَلَيْهَا
خَفَقاتُ قَلْبٍ مَا فَارَقْهُ الاضْطِرَابُ يَومَاً ،،!
أيّ أبْجَدِيّتِي يُجِيبُكَ وَ التّلَظّي بِشَواظِ
الانْتِظَارِ دَيْدَنِي كُلّ يَقظَة ،،!



تِكْ .. تِكْ .. تِكْ ،،
وَ تَمْضِي عَقَارِبُ الوَقْتِ هَرْوَلَة نَحْوَ المُسْتَقْبَلِ
غَيْرَ آبِهَةٍ بِنَظْرَةِ امْتِعَاضٍ تُرْمَقُ بِهَا طَلَبَاً لِ هُدْنَةٍ
كَي تُعْجَنُ فِيهَا الأسْئِلَة بِ مَاءِ الأجْوِبَة ،،

فَ امْنَحْنِي يَا صَالِحَ وَمَضَاتَ هُدَىً مِنْ لَدُنْكَ تَسْبِرُ
غَورَ هَذا الكَونِ المُرْتَقِب لِمَلامِحَ دَهْشَتِي اليَابِسَة ،،

كَمْ مَضى مِنَ الوَقْتِ وَ أنَا أقْتَاتُ اللاحَقِيقَة مِنْ أفْواهِ البَشَر ،،
حُيْثُ لا صَوتَ يُسْمَع سِوى أصْدَاءُ خُطُواتِي المُتَلَعْثِمَه ،،
الـ سَادِرَةِ نَحْوَ مَضَارِب اليَقِينِ تَبْتَغِي ضَوءً
يَفُضُّ حِنْدس الحِيْرَة كَيْ يَهَبْهَا خَرَائِطَاً
لِـ مَسَالِكَ النّورِ ،،
سَائَلْتُ النّجُومَ يَومَاً وَاهِمَةً بِتَمَقْعُدِهَا فِي صَدْرِ السّمَاء
فَانْكَدَرَتْ عَلى نَبْضِي وَ ظَلّ الظّلامُ وَ سُؤالِي مُعَلّقَانِ
عَلى جَبِينِ أيّامِي :
" كَيْفَ تَنْهَرِقُ مَيَاهَ اللّقَاءِ مِنْ سَمَاءِ الرّجَاءِ وَ لا كَفّ قَدْرٍ تَحْتَوِيْهَا ؟ ،،"

مَسَاؤُكَ وَ الأبْعَاد يَشْتَهِي الفَرَح ،،
وَ اغْفِر تَأخِيرَاً لِي سَبَبهُ عَثْرَةُ اتّصَالِي الخَائِنَة ،،


::::}

 

[صالح الحريري]

وبدأ موسم الجدب ...!
يجتاح ضواحي الأجوبة بهمهمة النهايات ...!
تمشطي ليلكِ بمشط الحيرة ورأس التساؤل يتساقط شعره للشتات ...!!
نعم يــ " نورة " نحن من يصنع اللغة فتولد صغار الحكايات بيضاء كلون الفراشات ...!

أسمعُ صوت نبضك..
نبضة .. نبضة .. نبضة ..
تهرولي نحو شاطئ المستقبل بنظرة هاربة ...!

وقد أخبرتك يوماً حين ثبات ...
أن الضوء يسكننا كصُبح السعادة القابع وراء الأضلع ...!
لا تشقيه متاهات الظلال وأن بدأ الخريف يعلن شحوب الوقت فينا ....!

أنزعي من حنجرة الوقت جواب ...!
ألثمي به تلك الأفواه..!

ثم ابتسمي من وراء خمار ..!
بأنه آن لكِ مغادرة الماضي بطوق نجاة ...!!

كوني غيمة مطر ...
تبعث القطر غسلٌ للأوجاع ...!
تزيل قشور الانكسار بماءٍ يتدفق رحمة بآنية القَدر ...!



ولكن ...!
ألا تذكرين حين ابتكرنا اللغة ولهونا بها ...!؟
فهذه الليلة تذكرني بتلك الراحلة عبر بوابة ألا عودة ...!

تساقطي نثراً الآن ...
وحدثيني ...!

تحياتي

 

[نورة عبدالله عبدالعزيز]

{::::


ارْتَكَبْتهُ أمَلاً فَادِحَاً ذَاتَ ألَم ،،
ادّعَيتُ فِيهِ أنّ اللغَة بَوّابَةُ النّجَاة ،،
تَغْتَسِلُ فِيهَا الأرْواحُ مِنْ غُبَارَ الوَاقِع المُكْفَهِر ،،
وَ مَابَيْنَ إغْفَاءةٍ وَ إفَاقَة ،،
أيْقَنْتُ مَرَارَةُ الحَقِيقَة بِعْدَ انْغِمَاسٍ
فِي الإدْمَانِ الأبْجَدِي ،،
بِأنّ الكِتَابَة وَشْمٌ نَنْحَتُ بِهِ خَيْبَاتُنَا
فِي دَهَالِيزِ الذّاكِرَة ،،

أتُؤمِنُ بِالّلغَةِ نَجَاةً .. وَ الحَرْفُ سِكِيْنَاً
تَفْتَحُ جُرُوحَنَا لِنَرَاهَا عَنْ كَثِبٍ فَنُجِيدُ
التّعْبِيرَ عَنْهَا ؟



::::}

 

[صالح الحريري]

الأمل غناء الأحلامــ...!
والرقص للآمال شريعة القلوب الطاهرة ....!
وما اللغة إلا أنثى تحمل في أحشاءها مفردات ناطقة ....!
ولّي قلبكِ شطر الحياة ودعينا نستبق نحو بوابة النجاة ولن يُقدّ قميص المفردة ....!

لا تنظري لإدماننا اللغوي ....
بنظرة ساخرة تلقي به في مصحات العلاج ....!
فبعض الإدمان نبض لشرايين معرضة للموت حين صمت ....!

لذلك كان ..
الحرف لسانٌ فصيح ...
يصرخ بفرح وقد ينزف جرحا ...!
غير أن الفضفضة بما يجول في أعماق النفس بداية الشفاء ....!

ما رأيك ...!؟

تحياتي

 

[نورة عبدالله عبدالعزيز]

{::::


قَدْ كَانَ النّسْيَانُ لِي حَلِيفَاً
ذَاتَ مَاضٍ بَعِيدِ ،،
امْتَشَقْتُ فِيهِ رَاحَةُ البَالِ
رُغْمَ أوق الكِتْمَانِ ،،
وَ الآن ،/
أبْخِرَةُ المِحْبَرَةِ تَخْتَنِقُ بِهَا أضْلاعِي ،،
وَ فُوهَةُ الذّكْرَى مُوجّهَةٌ شَطْرَ نَبْضِي ،،
وَ وَحْدَهُم " الجَمِيع " طَرِبُوا لِلْحُرُوفِ ،،
إلّاي .. أيْقَنْتُهَا كَفّارَة
يَدْفَعُهَا الصّادِقينَ وَحْدَهُم ،،

:
:

أغْدِقْنِي بِرؤيَةٍ مِنْ لَدُنْكَ يَا نَقِي ،،

الفَرْقُ بَيْنَ كُلّ سَقْطَةٍ وَ أخْرَى يَكْمُنُ
فِي المَسَافَةِ المُسْتَطِيلَةِ بَيْنَ الحَقِيقَة وَ بَيْنَنَا ،،

الارْتِطَامُ وَاحِد ،،
لَكِنْ .. أيّ الأجْسَادِ أكْثَرُ مَرُونَة ؟
أيّ رِيَاضِ الخُذْلانِ أكْثَرُ قَسَاوَة ؟

وَ كَيْفَ السّبِيلُ إلى " الطّرَاوَةِ " وَ أنَا التِي
جَفّ مَاؤهَا وَ تَخَشّبَ هَيْكَلُهَا تَحْتَ شَمْس
التّسَلُّقِ نَحْوَ الحَقَائِقِ أزْمِنَةً طَويِلَة ؟



::::}

 

[صالح الحريري]

بثقوب الذاكرة ...!
تتساقط أوراق قديمة شوهها الخذلان ...!
أمد بعضي لألتقط البعض منها فتتراكم فوقي ....!
ذات نظرة قررت إحراق رسائلي القديمة فلا طاقة لي ببوصلة النكران ....!
سأصنع لروحي قارب نجاة ينقذني من يمّ جحودهم وأن احتشدوا على قارعة ذبحي ...!!

تبحثي بين ركامي عن جواب ...!
سأرشدكٍ شريطة أن تفعلي ما أخبرك به ....!
أجمعي فتات نزفكِ بقنينة احكمي إغلاقها ثم ألقي بها بجب النسيان ...!
قد يعيدها موج الذكرى ذات وجع ...!
مُدّي إليها قرار خلاصك ...
وإيّاك أن تمارسي الانزواء بداخلكِ ..
لا يشقيك صدى الارتطام أعيديها للمرة الألف ولا تحزني ....!


يــ نورة ...!
لا يذبل الزهر بحضن الربيع ...!
تدفقي حياة بجداول عمركِ قبل أن تتلاشى الأزمنة ...!

أجدكِ بمقابر السماء ...!
أي مقابر تلك التي لا تحتضن إلا الأنبياء وأهل الصلاح ...!؟
أيعقل أن البشر عفر السواد أنوفهم حتى أناخ جباههم بمقابر الرماد ....!

تحياتي

 

[نورة عبدالله عبدالعزيز]

{::::


بِمَعِيّةِ حُرُوفُكَ سَأتَهَجّأُ خُطُواتِي
نَحْوَ ضِفّةِ الرّبِيعِ ،،
سَأمُدّهَا يَدِي لأضُمّنِي وَ أوَاِسِنِي
بِهَدْهَدَةِ نِسْيَانٍ يُنْجِبُهُ رَحمُ الأمَل ،،
فَ يَنْعَتِقُ بَعْدُهُ ألْفَ حُلُم و ... حُلُم ،،



قَدْ نَفِيتُنِي يَومَاً إلَى " اللاوجُود " ،،
ثُمّ عَرَجْتُهَا سَمَاوَات عَدِيدَة ،،
احْتَوتْنِي فِيهَا أضْرِحَتُهَا كَمَا لَمْ
تَفْعَل سَواعِدُ البَشَر ،،
فَطَابَ لِي المَوتُ هُنَاكَ مَثْوى ،،
وَ .... بَعْضُ المَوتِ حَيَاة

:
:

ذَاتَ وُضُوء ،، أدْرَكْتُهَا دَورَةُ الحَيَاةِ
الـ فَسّرْهَا لِي المَاء ذَاتَ نَقَاء ،،
أيْقَنْتُ مَعَهُ أنّهُ دُومَاً لِلْتُرَابِ احْتِواء
مُنْذُ أنْ كَانَ يَقْبَعُ فَوقَهُ بَحْرَاً ،،
وَ حَتّى تَصَاعُدْ أبْخِرَةُِ غِوَايَتُهُ
لِتُقَبّلَ فَاهَ السّمَاءِ فَيُجْهِشُ بِمَطَرِهِ تَلْبِيَة ،،


فَأيّهَا مِيَاهٌ تَحْتَوِي طِينُكَ فَ تُحِييك ؟



::::}