.
.
هو بعدٌ جديدٌ بالفعل لم أتوقع أن هروبي من كتابة هذا الموضوع لن يصمد كثيرا حتى أن هذا المطر المنهمر من سماء مدينتي اللحظة لم يفلح في أن يلهيني عن الغوص في الملهاة الجديدة للأمة العربية "ملهاة القمّتين".
وكما قالت الصديقة الغالية بعد الليل في موضوعها أشياء قبيحة قبل لحظات"كنا ننتظر قمة فأكرمونا باثنتين"،بالفعل نحن كنا ننتظر قمة واحدة حقيقية كاملة العدد وفاعلة وتختلف كثيرا عن القمم العربية التي لاتخرج إلا بخلاف،لكن واقع الحال يقول :أن ذلك لن يحدث؟
فالذي يجري حتى اللحظة أن شقة الخلاف تزداد اتساعا،والخرقة بالية لا قدرة لها على الصمود،فقد طحنها الدهر ولن يجدي فيها الترقيع،ووضع الأمة هذا لم ولن يتغير مادام التعنت سمة اللقاءات، والاختلاف ديدن أربابها.
الغريب في أمر هذه القمة أن سبب الاختلاف فيها هي القيادة والفصائل الفلسطينية ذاتها التي تجتمع من أجلها القمة ،أو التي تسعى بعض الأطراف العربية من أجلها إلى عقد قمة خاصة بالوضع الفلسطيني بعيدا عن القمة العربية الاقتصادية التي تستضيفها الكويت خلال اليومين القادمين.
فحماس تريد فرض أمر واقع من خلال مشاركتها في أعمال القمة "بأية صفة لا أعلم" ،وفتح من الطبيعي أن تكون متواجدة نسبة لوجود الرئيس الفلسطيني المغضوب عليه محمود عباس،وقطر تريد إرضاء الطرفين،بينما مصر والسعودية القطبين الكبيرين تريدان الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني الأمر الذي لاتريده إيران،و" قد يتساءل بعضكم وما دخل إيران هنا،فأقول: إيران لها شأن كبير في حدوث الكثير من الأمور التي يعجز عن فهمها الإنسان البسيط والعادي" والذي لايملك خلا البكاء وندب الحظ ولعن الحالة الراهنة كلما شاهد الإنسانية تُدهس وتُهرس في شوارع غزة.
قلت في موضوع لي سابق أننا قرأنا فلسطين خريطة واحدة،ودرسناها قلبا واحدا،وحفظناها روحا واحدة،ورسمناها أرضا واحدة،بينما اليوم يريد بعض الفلسطينيين لفلسطين أن تكون إمارات ودول في داخل أرض واحدة،والمصيبة كلها محتلة.
هذا الخلاف العربي/ العربي والفلسطيني/الفلسطيني أعاد إلى ذاكرتي قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي نعى فيها حال الأمة،وأذكر أنني حفظتها لواقعيتها،وسهولة حرفها،وصلاحية تطبيقها على العرب في كل وقت وزمان حيث الحالة ثابتة لاتتحول،إذ يقول شوقي مع الفارق في سبب نظم القصيدة :
إلامَ الخلف بينكمو إلاما، وهذي الضجة الكبرى علاما، وفيما يكيد بعضكمو لبعض، وتبدون العداوة والخصاما، وأين الفوز لا مصر استقرت على حال ولا السودان داما،..».
نعم هو ذا حال الأمة اليوم،انقسامها يفتت أرواحنا،واختلاف أبنائها يضعنا على مفارق طرق بين رئيس مغادر وآخر قادم لم يستطع أحد أن يقرأ مستقبل ما يحمله إلينا حتى الآن.
ويلوح سؤال في الأفق وفي ظل الأوضاع العربية الراهنة،وبما أن المحرك الرئيس لكل هذه القضايا الشائكة والساعي إلى حل الأزمة ولم الشمل رجل سياسي بارع،وبما أن شيئا من أحلام هذا الرجل لم يتحقق ترى هل يستقيل عمرو موسى من منصبه كأمين عام للجامعة العربية ليحفظ ماء وجه الجامعة،وينجو بنفسه من براثن الأذى النفسي العميق الذي يمكن أن يتعرض له إنسان يطمح إلى شئ من العدل والإنصاف،الأمر الذي لا تلتفت إليه الدول العربية التي تزداد رقعة اختلافها يوما بعد يوم؟إنه السؤال الواقعي جدا في الحدث اللاواقعي جدا !!