قراءتي لقصيدة (نبرة العزة ) للشاعر عواد سحل

عبدالعزيز سحل · 10-04-2009, 04:37 PM

[poem="font="simplified arabic,5,blue,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]تضيق الدنيا في عين الفقير ويلتحف مبداه=وتصبح أكبر أشيائه تساوي أصغر أشيائه

حكيم ٍ ما مشى دربٍ يغير بالزمان خطاه=وجعل عقله هو الفيصل يعدل باقي اخطائه

حليمٍ ينتزع صبره بقايا الحزن لو ابكاه=صبورٍ شاكر ربه بسرائه وضرائه

وفيٍ يحمل بقلبه جنون الحب لو اعياه=صدوقٍ ما مزج خبث النوايا في وسط مائه

فقيرٍ لامس كفوف الحنايا واستمد غطاه=من ضلوعٍ كواها المر وعاشت داخل ارجائه

فقيرٍ لو شكى ليله على نور الصباح اعماه=مادام ان الحزن قطع خفوقه وانهك اعضائه

فقيرٍ صارت سهوم المنايا تستبيح حماه=ولكن نبرة العزة بقت في اخر اشلائه

فقيرٍ لو كتب همه على صدر الكتاب اشقاه=وبدى لون الحزن ينسج خيوطه يم قرائه [/poem]

مقدمه

قال الحكماء :الفقر رأس كل بلاء ..وقد قال لقمان لابنه ( يا بني اكلت الحنظل وذقت الصبر فلما ارا شيئا امر من الفقر فأذا افتقرت فلا تحدث بهي الناس كي لا ينتقصونك , ولكن اسأل الله تعالي من فضله , فمن ذا الذي سأل الله ولم يعطه من فضله او دعاء فلم يجب ))

لذا اتت رسالة الشاعر هنا ساميه ونبيله تنقل لنا احداث اليمه تمر على شريحه واسعه من المجتمعات الاسلاميه وهم الفقراء لذا وجب على جميع المجتمعات الاسلاميه تحمل هذه المشكله الاجتماعيه الخطيره والتي تسبب الى حدٍ كبير في العنف الاجتماعي ضاربةً بالقوانين عرض الحائط تاركةً المجتمع على حفة الهاويه ...
والنداء الى مكافحه الفقر قضيه ملحه لما تحمله من بعد اخلاقي وانساني والانطلاق الى حياة اكثر رخاء وامناً وخلق مجتمع اكثر تقدماً .

تضيق الدنيا في عين الفقير ويلتحف مبداه
........................وتصبح أكبر أشيائه تساوي أصغر أشيائه

هنا وصف لتلك الحاله الراهنه التي عاشها ذلك الفقير فضاقت الارض بما رحبت امام عينيه فلم يجد متنفس ولا ملجأ ولا مهربا من هذه الآفه التي يعيشها سوى الهروب الى المبدء وهو الطريق والنهج الذي ينتهجه ذلك الفقير في محطات الحياه وطرقها المختلفه واساليبها الملتويه فتكون كالخطوط الحمراء التي لا يتجاوزها وتقف عندها جميع التنازلات .. فتتساوى جميع الاصابع لديه فلا يرى الصغير من الكبير او الكبير من الصغير فتساوت جميع الامور لديه ايماناً بمبدءه ويقيناً بمعتقده .

حكيم ٍ ما مشى دربٍ يغير بالزمان خطاه
.....................وجعل عقله هو الفيصل يعدل باقي اخطائه

الحكمه ضالة المؤمن لذا نبعت حكمة هذا الفقير من خلال خبرته بتصاريف الحياه ولجوءه الى العقل بعيداً عن العاطفه فمحرك البحث لديه نابع من العقل وهو حبل النجاه لذا جعله هنا هو الفيصل لتعديل الأخطاء الماضيه للأحداث الغابره .

حليمٍ ينتزع صبره بقايا الحزن لو ابكاه
..................صبورٍ شاكر ربه بسرائه وضرائه

وهنا التجأ شاعرنا الى الحلم بعد الحكمه والحلم اكبر الخلق وهو عدم التعجل بالعقوبه والعقوبه هنا هي جلد الذات لان الحزن تعذيب للنفس فبحلمه صمد صبره واستطاع انتزاع ذلك الحزن الاليم من النفس المكلومه والقلب الجريح حامداً ربه في السراء والضراء الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه .

وفيٍ يحمل بقلبه جنون الحب لو اعياه
................صدوقٍ ما مزج خبث النوايا في وسط مائه

وهنا يكمن الوفاء للغير فهذا القلب ما زال يحمل الحب سليم من الغل والحسد والعدائيه التي يحملها بعض الفقراء لما عانوه من الم وحسره دون ان ينظر اليهم الاغنياء بعين الشفقه والرحمه

فقيرٍ لامس كفوف الحنايا واستمد غطاه
.............من ضلوعٍ كواها المر وعاشت داخل ارجائه

هنا روعة الصوره تختلف فقد صور الضلوع بأنحنائها الى الكفوف لانها تمنح ما بداخلها وهو القلب فجعل الاعطيات غطاء للحب والتضحيه رغم ان تلك الضلوع عانت الأمرين داخل ارجاء ذلك الفقير تحتمل سياط الجوع حتى بانت معالمها على جلده .

فقيرٍ لو شكى ليله على نور الصباح اعماه
................مادام ان الحزن قطع خفوقه وانهك اعضائه

هنا نظره تشائميه لكنه واقعيه في عين الفقير فذلك الليل الحالك وذلك الديجور السرمدي الذي احاط به هو واقعه ولو انه اشتكي ذلك الواقع الاليم الى نور الصباح وهو الامل لانطفأ ذلك النور وعميت عيناه فقد قطع الحزن قلبه وانهك اعظاءه

فقيرٍ صارت سهوم المنايا تستبيح حماه
...........................ولكن نبرة العزة بقت في اخر اشلائه

رغم الحكمه التي تحلى بها والحلم الذي خفف الآمه الا ان النهايه وشيكه فسهومها اصبحت تستبيح حمى الفقير فـ الحاجه قاتله والعوز قاسي والجوع كافر ولم يبقى لديه سوى مبدءه وعزته التي يسد بها رمقه لتجري مجري الدم و لترتوي جميع اشلائه منها فتبقى ما بقية تلك الاشلاء .

فقيرٍ لو كتب همه على صدر الكتاب اشقاه
....................وبدى لون الحزن ينسج خيوطه يم قرائه

وهنا النهايه الاليمه والصفحه الأخيره في كتاب ذلك الفقير فقد وضع بصمته رغم ما قاساه من الم ووجع الا انه استطاع ان يكتب همومه ..القلم عزته والحبر دماءه والطرس هو تلك القلوب التي قرءت نزفه ونحتت رسمه وتشربت وجعه حتى بدت تقاسيم الحزن في وجوه اصحابها وهذه هي الرساله النبيله التي استطاع بطلها تجسيد واقعها في قلوبنا . فهو لم يعاني الفقر وانما تجسد في شخصية فقير معدم ولبس هندامه ليروي لنا تفاصيل ما يعانيه هذا الفقير دون زيف او تحريف لنكون بالصوره الصحيحه .