ذوبانُ وجهي ! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 1 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 75161 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - آخر مشاركة : نوف الناصر - مشاركات : 14 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 62 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 430 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 510 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 786 - )           »          - من يسجن الشمس ؟! (الكاتـب : نويّر الحربي - مشاركات : 73 - )           »          البحيرة والنورس (الكاتـب : حمد الدوسري - مشاركات : 3512 - )           »          النهر الجاري مسودة خاصة .؟!! (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 45 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-16-2010, 09:01 PM   #1
زياد الروقي
( كاتب )

الصورة الرمزية زياد الروقي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

زياد الروقي غير متواجد حاليا

افتراضي ذوبانُ وجهي !


:



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


صوتٌ مربك , ينظرُ إليّ .. يجلسُ بالمقعدِ المقابل , يطلبُ من النادل , كوبُ قهوة , سكينٌ طويلة , ومنديل
يخرجُ هدوءه الرمادي , يضعهُ أمامهُ فوقّ الطاوله , يشيرُ به إلى وجهي .. يجمعُ الصخبْ المتمادي , ينظرُ إلي .. يخبرني : هذا صخبْ !
يمدّ يدهُ العميقه , يحملُ بها حنجرةً مغلّفة , ينفخ بها الخوف ريحاً , تصفرُ لها شبابيكُ أذناي الواسعة .. تأكلُ صخبه المخبوز بخوفي !
يدٌ ثالثه تمتدُ فوق الطاولة , تُنبتُ برأسي قولاً بأنه مسخٌ له ثلاثة أيدي .. ويجبُ علي قتله قبلَ أن يلتهم النادل , ويلتهمني
يجبُ علي تخليصُ عالمي الصغير من شرّ هذا المسخ , لابد وأن تشهد الدقائق القادمة ولادة البطلِ المكبّلِ بداخلي ..
تدورُ العقاربُ بساعة معصمي الراجف , تلدغُ صدري , تثيرني لأنتفضَ بياضاً يُهلكُ هذا السوادُ المتشكّلُ أمامي !
تمرُ الدقائقُ الملاحقة لمولد ذاكَ القول , تضحكُ علي كثيراً .. تقولُ لي : هذه يدُ النادل تضعُ القهوة والسكينُ الطويلة .. والمنديل !

بدأ الخوفُ يعتصرُ حواجبي , يلبسُ عيناي معطفَ اختفاء .. يخبئني داخلَ جلدي المبتلّ بمطرِ مساماتي الغزير
أتظاهرُ بأنَّ عيناي , بارده .. وهذا المكانُ حارٌ جداً , أغلقهما خشية ان يذوب بؤبؤي !
أصرخُ للنادل : يا أنتْ .. كوبُ قهوة آخر .. واجلبْ لي سكيناً طويلة جداً .. وعلبة مناديل !

يقفزُ الضحك المجمّد , يرفرفُ فوقَ راسي , اللعنه .. هذا الصوتُ يضحكُ بشكلٍ مخيف !
كأنه ينظرُ لضلوعي المتخلخله .. هل أحاطَ بي علماً , بأنني طلبتُ السكينَ , وعلبة المناديلَ خوفاً , هكذا دونما أي سبب !
تتساقطُ الإستفهاماتُ الحاره فوقَ الطاولة جارّةً معها وجهي الذائب .. هذا الصوتُ المُربك يضحكُ كثيراً , يلقمني للخوف !

بدأتْ أنوارُ المقهى تُعلن بإقتراب الثانية عشر صباحاً وإغلاقِ يومٍ متعبْ للكراسي .. الطاولات .. والسكاكين .
توجدُ إضاءة تفضحُ عورة خوفِ ملامحي , وتريني الوضوح يظلّ هذا الصوتُ , هذا المقعد , هذا الوقتُ الضيّق !
كانَ المقهى فقيراً للولوج , إتّساخُ أرضيته المربعة ك وجهي المتحوّل , تخبرني بأنني زائرٌ أتى بعدَ ليلٍ طويلٍ جافي !
الصوتُ شحيح .. ينمو صوتُ نفسي المتسارع بالمكان , يخبرُ الملاعقَ وعلبَ السكّر الفارغة : هذا الرجلُ يخافْ !
تقطعُ أقدامَ النادل الحبل الرقيق الممتد من عيني , ل ذاكَ المقعد .. يضعُ القهوة أولاً .. ثم السكينْ , ف عذره البارد :
عفواً ياسيدي , الصوتُ الجالسُ بذاكَ المقعد استنفذَ كلَ مانملك من علبٍ قديمة , لقد نفذت المناديل !
اشتدّت العضلاتُ المتحكّمة بشعر رأسي الصغير جداً بذاكَ الضيق , أصبحت كلّ شعرة رجلاً خائفاً , يشبهني و وجهي الذائب , يصرخ :
نفذتْ , وماذا أفعل .. إنه يملكُ شيئاً لا أملكه , من أينَ اجلبُ مايردُّ فارقاً بيني وبينه ؟
يرتّبُ الآسفَ المنمّق فوقَ الطاولة , ويذهبُ النادل وأنا أرى بكتفه قد تعلق أملٌ كنتُ أظنه سيجلسُ بجانبي , يشربُ معي القوّه !

مازالتْ عنياي تغنّي الفراقَ المفاجئ لأملي الراحل مع كتف النادل , لا أريدُ النظرَ تجاهَ ذاكَ المُربكْ .. انه شيطان , سيرى الخوفَ المائي المتساقط من عيني .
أمدّ سلاسلَ سميكة , أشدّها بالأرضية المربّعه , أجرّ بها ذوبانُ وجهي .. أتجنّبُ بها عهر عينِ المقعدِ المقابل !
أمدّ إرتجاف يدي , أتحسس سكيني الطويلة , أقيسُ طولها , هل سكينُ ذاكَ الأرعن أطولُ .. أم سكيني ؟
أقولُ لسكيني الأحاديثَ القصيرة , أواسي عزاءَ نفسي الشاهقة بإحتضارٍ مؤكّد .. أيا ربي , ماهو ذاكَ الشيء الملعونُ المقتصدني ؟

أملئ جسدي المنصهر بأكاذيبِ قوتي , أقترفُ نظرةً نحوه .. أين هو .. المقعدُ فارغ , السكينُ الطويلة , المنديل .. رحيله سبق إقترافي
لايدُ وأنني جرحته كثيراً بظنوني الحادة , لابد وأنه ليسَ بشيطان .. إبتسامة يقينٍ صفراء تستلقي فوقَ شفتاي اللاهثة من الركض الطويل ل نفَسي
أفكّ أزرارَ قميصي , أجرّ كل هواء المقهى أسكتُ به جوعُ رئتاي الشديد .. يالله إنه ضيّقٌ جداً هذا الشحّ الممتلئ به وقتي المنصرم ..
يا أنتْ .. اجلبْ قدميكَ وفاتورة جلوسي المرتبك .. قدميّ النادل تقرعُ طبولَ الفرحَ بصدري .. إن الأمانَ خبزٌ لذيذ !
النادل : جلوسكَ كان طويل ياسيدي , ثمنُ القهوة هديّةٌ من المقهى لأنكَ الزائر بعدَ ليلٍ طويل , س تحاسبُ على السكين الطويلة فقط
وجهي الذائب : ولكني لم أستخدمها , عموماً هذا الفرحُ المعشعشُ بعيناي يشفعُ لكْ , خذ سكينكَ وماتريدُ من نقودي البيضاء
النادل : حسابكَ ياسيدي ثقباً عميقاً بصدرٍ رطبة , و تنظيفُ غشاوة السطحيّة المقلقة لعينيكَ الشاهقتينِ بأشجارِ نظركَ المثمرة .
وجهي الذائب : عفواً , لقد دفعتُ حسابي .. النادل : الحديثُ لجانب مقعدك , ليسَ لكْ !

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


يلتف وجهي المجمّد باتجاه حديث النادل , حاملاً معه إبتساماتي الراقصة فوقَ خشبِ عيناي الفاتحَ اللون
تشّعُ ب وجهي شمسُ نهارٍ جلمودُ حراره , يذوب وجهي و ابتساماتي ..
و يخرجُ الهواء المقطّر برئتاي المُتخمه .. ألم ترحل , ماذا تُريد , من أنتْ ؟


أتصلّبُ قسماً بضلعي المقدس .. لا أملكُ شيئاً ثميناً , انا فقيرٌ ياشيطان !
خذ كلّ ماتريد .. هذه نقودي , هذه مفاتيحُ منزلي , إلا روحي أريدها

لكَ أن تفعلَ بي ماتشاء , أعجني لأكونَ خاتماً يلمعُ بحركات أصابعكْ
ضعَ كل ندبات الحقدُ والكره فوق خارطة جسدي , إلا روحي أريدها

قهوتي , أكانَ مايزعجك كوني طلبتها ك طلبك .. لم أعدُ أريدها
انا أكره القهوة , اكره كل شيء , إلا روحي أريدها .. من أنتْ ؟



الصوتُ المربكْ : أنا أستطيعُ أن أراك , أنتَ لاتراني ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المربكْ : أنا اتكئ بملامحكْ , أنا ملامحكْ ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المربك : روحكَ ألوّنها , روحكَ لاتشكّلني ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوت المربك : أنت وحيد , تنثرُ نفَسُكَ ل نفْسِكْ
وجهي الذائب : من انتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : أستطيعُ أن أسكنكْ , وطنكَ فارغْ ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : غيمةُ دُموعكَ تُمطركْ , أنا أعتصرها ..
وجهي الذائب : ياشيطان من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : ضلعُكَ محروقْ , انا أوقدُ النّار ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : صدرُكَ موحشْ , أنا أنفضُ الغبار عليه ..
وجهي الذائب : من انتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : صوتكَ شجنْ , أنا صوتكْ ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : عينكَ لاتغنّي , أنا أخرستُها ..
وجهي الذائب : من أنت ؟ ..
الصوتُ المُربك : أنتَ تحفرُ بأعماقك , أنتَ تكتبُني ..
وجهي الذائب : من أنتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : أنتَ تكتُبني ..
وجهي الذائب : من أنت , من انتْ , من انتْ ؟ ..
الصوتُ المُربك : أنا عُمقكَ يامسكينْ ! ..
وجهي الذائب : عـُ ــم ـــ ...

يُشهرُ الصوتُ سكّينه الطويله .. يشقُّ ثقباً طويلاً بصدري
يمسحُ بمنديله غشاوة السطحيّة المقلقة لعينيه الشاهقتينِ بأشجارِ نظره المثمرة .. ينامُ بصدري .



النادلُ يجمعُ أكوابَ القهوة والسكاكين , ينظفُ الطاولة من الغبار الهابطِ من داخلِ صدري
يجمعُ المناديل , يلقيها بسلة النسيان الأسودْ ..
يحملُ جسدي المتصدّع , يلقيني فوقَ الرصيفِ الأخير من الشارع
يضيء فوقي قنديلٌ شديد البياض , تلتحفني أوراقُ الشارع الصفراء


يطفئ النور , يرتّبُ الكراسي , يضعُ الملاعقَ المعدنية بالترتيب , الضيّقه ف الأوسعُ حملاً ..
يقرأ تعويذة أمانٍ حتى الصباح , يغلقُ النادلُ المقهى .


وجهي الذائب : سطحيّتي , الصوتُ المُربك : عمقي .
النادل , المقهى , أكوابُ القهوه , السكاكين الطويلة , المناديل : طقوس الإنغماس !

زِيَادْ . 27 تمّوز 2010

 

زياد الروقي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-02-2010, 12:48 PM   #2
سهى العلي
( كاتبة )

الصورة الرمزية سهى العلي

 






 

 مواضيع العضو
 
0 غــــفوة .. ق ق..

معدل تقييم المستوى: 0

سهى العلي غير متواجد حاليا

افتراضي


الكاتب القدير \ الأستاذ زياد الروقي



تخيلتُ المكان وكأنهُ صحراء
أما الحديث فتخيلتهُ وكأنكَ مُحاطُ بمرايا صميمك
انعكاسات عميقة من العقل البشري
الخوف , القلق, متاعب الحياة, فضول, والقليل من السخرية ..
هذا حوار يدور أحياناً عندما تغمرنا غيمة الفراغ..
يستحضرُ العقل الباطن تفاصل ما سبق..
فتصبح الخلطة أعجوبة..
ويخرج الإبداع..


أحببتُ أسلوبك في السرد..

والكلمات إبداع شاعر


دمتَ بكُل خير

 

سهى العلي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:27 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.