مدخل :
غرابة مايحدث حولي يَخنق مساحات البياض بعالميْ ويجعل الحياة في عيني
خواء لاشيء يملأ سمائها سوى هواءً مٌؤكسداً بالفقر والعجزّ وقلة الحيلة !
[ 1 ]
أُمررُّ صرير المواسم وأُنين الليالي ولحن خريّف الغياب على شفتيْ وأُبلل ذاكرة جسدي بالمطر وأُسرح بتشكيل ملامحك ,
ملامح اشتياقك تارة وملامح غضبك تارة , أُسرح بالنبش عن تفاصيلك التي
خمرتها ذات اشراقة بُعمق كان ولا يزال يُحدث الفجر عنك وعن تفاصيَلك المتعوشبة في أحشاء ذاكرتي
التي تفوحُ برائحة الاحتياج إليك في كل حيّن , أُسرح فيك وبتخيل العيد دُونك ,
دُون وهج إطلالتك وضئ ابتسامتك !
.
.
.
[ 2 ]
يصافح السقم فجر توهجيْ , ويكوي الهجران جبين يومي , ويزرع الخذلان شتلات احتضاري بغياهب أُحلاميْ !
أُحاول أن أُلملم شتات ذكرياتي معكَ , بقايا أمنياتي المتعثرة في فكّي الهوى , كومة أُحلامي المسحوقة تحت قدّمي الضياع !
أُحاول أن أجد ضالتي بمعجزة مآ ترحم ضعفي وملامح شيخوختي المبكرة , معجزّة تهديني ذاكرة خواء !
لا ذكرى لا ملامح لا أُغنيات ولا حُنين !
.
.
.
[ 3 ]
تحتّ وطأة الفقد وَوحشة الأرصفة وَاعوجاج خُطى المتسولين أنكمش على نفسي كعصفورة جائعة ترتعش برداً تحت جناحي الظلام ,
ألوك وجع فقدك بفمّيْ و أٌقضم فاكهة خذلانك لي كُلما مُزقّ الجُوعَ وتيرة سُكون عاطفتيْ, وكُلما أتسع أُفقَ طُيور التيه
المُحلقة فوق أِشلاء خيبتي !
أتصالح مع جفني حينها وأغمض عيناي قليلاً وأتخيلك قابعاً بإحدى الغيوم
تنظرني وتسمعني وأنا أُدندن بصوتي الأجشّ البكّاء :
( كُل الأماكن موحشة دُونك وكل الفصول تُحيك ثوب احتياجي إليك أفلا أهديتني
سنبلةُ فرحٍ تُزيّح عنّي بعض همّيْ )
ليشق صوتيْ صدريْ مشاطراً حُزنيْ في كل تجوال لأجهش بالبُكاء والفقد والاحتياج لمعانقة أنفاسكَ , فوضى حواسك ,
ملامحَ اشتياقك وَالتي تتقافز أمام ملامحي التائهة برتابة في كل خريفٍ لا يُبلل حانات جُوعي بالمطر !
.
.
.
[ 4 ]
كتلة من الحنين تتربع في عمقيْ , وفي صَدر ذاكرتيْ تجردني من جلباب الاحتياج لنسيان يهطل علي من السماء ,
ليغسلني منك ومن حُبّك ومن كومة أُجزاءك العالقة بذاكرة أياميْ !
تلك الكتلة تُجيد طرق مزامير قلبي في كل عيد وكأنها تتحسس مكانك بصدري !
تلك الكتلة تُتقنَ اعتقال كينونتي في أُسوار انتظارك دائماً فلا أنا بقادرة على الهروب من قيودك , ولا بقادرة على نبشّ الأحلام بعيداً عن حدودك !
.
.
.
[ 5 ]
وفي ظل تلك المحاولات العابثة لنسيانك وللفظ كومة أشياءك من رحم أُيامي تتدلى من فُوهةَ ضجريْ وغضبي من نفسيْ
قناعة مفادها : أن البكاء والنحيب وفراغ الأشياء دُونكَ لا يُهديني نسياناً يُجردنيْ منك ومن تفاصيلك
ومن سَطوة الحنين الذي يسافر بكومة مشاعريْ إليكَ في كُل شتاء !
إنما يُعمقَ حُبكَ بصدري أُكثر , ويوثق تفاصيّلكَ بذاكرتي أُكثر , ويسطر المشاعر
في عمق بعثرة لا أُجيد منحها لَسواك رجلاً , لذا أنا لا أكف عن البُكاء والنحيّبْ أبداً !
.
.
.
مخرج :
سأغني للفقد , للضياع , للحنين
ولرجل غاب ولم يتداركني بعد من الغرق في وحل انتظاره !
فربما عبرتك بأوتار نحيبي يوماً فأدركتني بصوتيْ
وهمست أن غني للفرح , للعشق , للبقاء يا سارة !
لا أُحلل النقل
سَارة القحطاني
18 _ ايلول ( سبتمبر ) _ 2010