تشايكوفســكي

[سعود القويعي]

أعلام

بيتر اليتش تشايكوفسكي

Peter Tchaikovsky
(1840 – 1893)

موسيقي روسي تدنو موسيقاه للشرق رغم اهتمامه الواضح في سنفونياته من اللون الغربي .ورغم ان مواطنه الموسيقار ريمسكي كورساكوف قدم للشرق من التراث العربي سنفونيات ( شهرزاد ) و ( الف ليله وليله ) وكانت بحق يفوح منها سحر الشرق وعظمته , الا ان تشايكوفسكي كان له الفضل في تطعيم موسيقاه باللون الشرقي الواضح من ميل الأذن العربيه الى جمله الموسيقيه الرشيقه .
عشق آلة البيانو حيث قال عنها في رسالة كتبها لمربيته الفرنسيه ( فاني ) التي كان لها التأثير البالغ على شخصيته خلال اقامتها مع اسرته اربع سنوات قبل ان تعوداسرته الى موسكو :
"أنا لا أفارق البيانو وهو يدخل البهجة إلى نفسي كلما كنت حزيناً".
كان تشايكوفسكي شديد الانطوائية والحساسية لأي نقد، يمس والدته. فكانت وفاتها وهو في الرابعة عشرة من عمره مأساة تركت في نفسه أثراً عميقا، وحنينا مستمرا لأيام طفولته السعيدة. ويقول مؤرخو الموسيقى إن تشايكوفسكي عبر عن حنينه ذاك بصورة مؤثرة في الحركة الثانية من سيمفونيته الرابعة.

بدأ تشايكوفسكي تعلم العزف على البيانو في الخامسة من عمره مع المدرّسة ماريا بالتشيكوفا وحقق تقدماً سريعاً في دراسته. ولكن الموسيقى لم تحتل المكانة الأولى في بدايات حياته .
دخل إلى مدرسة الحقوق عام 1852م وفيها كان لدروس الغناء والعزف على الآلات أهمية ثانوية. ولكنه كان يدأب للذهاب مع زملائه لحضور الحفلات الموسيقية وعروض الأوبرا والمسرح. وقد تابع تدريباته في جوقة المدرسة كمغني سوبرانو تحت إشراف غافريل لوماكين.

بعد تخرجه من مدرسة الحقوق عمل تشايكوفسكي موظفاً في وزارة العدل. وبعد ثلاث سنوات من تخرجه التحق بكونسرفتوار موسكو الذي كان قد أنشيء حديثا. وبعد أن تأكد من ارتباطه العميق بالموسيقى، قرر الاستقالة من عمله في الوزارة وكان عمره آنذاك ثلاثة وعشرين عاماً.

درس تشايكوفسكي علوم الموسيقى تحت إشراف المدرّس نيكولاي زاريمبا ومدير ومؤسس المعهد أنتون ريوبينشتاين بين .
وتعمق في العزف على آلات البيانو والفلوت والأورغ، وما لبث أن عين بعد تخرجه من معهد موسكو للموسيقى أستاذاً لمادة الهارموني في المعهد نفسه.

يذكر المؤرخون أنه ترك التدريس في المعهد بعد أن استمتعت لموسيقاه ألارملة الثرية ناديجدا فون مك.
وقررت أن تتبنى أعماله، وخصصت له مرتباً سنوياً مما ساعده على التفرغ الكامل للتأليف الموسيقي .
وكفته مؤنة الوظيفه .
عندما كان تشايكوفسكي منكباً على تأليف سيمفمونيته الرابعة في عام 1877م سيطرت عليه فكرة تأثير القدر على الحياة. وكان متأثراً بإحدى قصائد الشاعر الروسي بوشكين عن الحب والموت وكان يفكر فيها كموضوع مناسب لأوبرا يؤلف موسيقاها.

عاش تشايكوفسكي تجربة زواج فاشل من فتاة تدعى انتونينا ميليوكوفا كانت تحبه بجنون، دام من يوليو حتى آواخر اكتوبر من عام 1877م . فتدهورت حالته النفسية وغادر روسيا عقب انفصاله النهائي عن زوجته في رحلة زار خلالها سويسرا وإيطاليا والنمسا. وقد شهدت تلك السنوات القليلة أغزر إنتاجه الموسيقي، حيث ألف خلالها عدداً من الأعمال البارزة.

كانت موسيقاه تحظى بإعجاب مستمعها رغم مسحة الحزن التي اتسمت بها بعض أعماله. إلا أنه ألف العديد من الألحان المرحة مثل كونشرتو الكمان والموسيقى التي ألفها لرقصات الباليه مثل " بحيرة البجع " الشهيرة التي ضمت مجموعة من الرقصات المرحة.

كذلك كتب تشايكوفسكي باليهات ’الجميلة النائمة " و " كسارة البندق"، كما كتب أحد عشر مؤلفاً للأوبرا. وامتازت موسيقى تشايكوفسكي بالطابع الغربي، حيث يميل بعض النقاد إلى الاعتقاد بأن نغمة الحزن في موسيقاه هي الأثر الوحيد الدال على أصلها الروسي.

شهدت السنوات الأخيرة من حياة تشايكوفسكي سفراً وجولات فنية عديدة. ففي العام الذي سبق وفاته كان قد حقق نجاحا لم ينله غير قلة من الموسيقيين في حياتهم، إذ تخطت شهرته حدود روسيا لتصل إلى العالميه. حيث عزفت موسيقاه فرق موسيقية سيمفونية في أغلب دول العالم. وبدأ يتلقى آيات التكريم من دول أخرى. فانتخب عضواً مراسلاً في الأكاديمية الفرنسية، كما منحته جامعة كمبردج درجة الدكتوراه الفخرية في الموسيقى خلال زيارته بريطانيا.

قبل أشهر من وفاته ألف تشايكوفسكي سيمفونيته السادسة والأخيرة التي قال عنها "أعتقد أنها أفضل مؤلفاتي". وقد عزفت هذه السيمفونية للمرة الأولى بقيادته في سان بطرسبورغ في 28 اكتوبر 1893م ، أي قبل ثمانية أيام فقط من وفاته في السادس من نوفمبر العام نفسه
.وفي الثامن عشر من الشهر نفسه عزفت هذه السيمفونية في حفل أقيم تكريماً لذكراه، فتأثر الجمهور تأثراً عميقاً لدى سماعها وخاصة الحركة الأخيرة التي قال عنها تشايكوفسكي إنها تعبير عن الموت.
احتل تشايكوفسكي مكانة خاصة في تاريخ الفن الروسي، مما دفع بلاده لإطلاق اسمه على معهد الموسيقى العالي، ومسرح للأوبرا، وعلى مدينة في منطقة الأورال ، وشوارع في الكثير من مدن روسيا.