شغاف الياسمين
ـ أيها القتلة في ما وراء الشواطئ
أيّها الباقون في نقطة الصفر
تحبسون النبض في متحف الشمع
وتلوون على نشيج الموت ـ
يا قتلة المحيط
هذي النوارس تنتحرْ
فارسل شياطينك أيّها الكبير
تعلو كجثث متفحّمة
تغزو السماءْ
تزرع شواطئ القهر في اللانهاية الحتمية
وتخطف اليتامى
من جوف الأرحام
هناك بردٌ
عويلٌ
أشلاءٌ متلاطمة
كهياكل بشرية متعفّنةْ
تمد أذرعها لتعصر ما في القلب من بقايا
وتضرب بمناجلها ياقوتة
صمّاءْ
لا وجود في الكون
أين تموتين الآن
في أيّ ردهة أبديةٍ
تختزل صراعات الأوّلين
وتأخذ ثأراً
رُسم على شواهد قبور
بُنيت قبل الولادةْ
أين الولادة
أين الولادة ساعة تحتضرين
أيّ صرخة تلك التي يسبقها
عويل الروح إلى الحياة
أيّ كوكبة من الحزن
لفّت شظايا الليل
ساعة ولدتِ
الشياطين تزأر في السماء
وأنياب الحقد الأبدي
تُصارع شغاف الياسمين
أيّ عاصفة تلك التي لا تعرف الله
تنبش أذرعها جثث المحرومين
فتصفع خدوداً نائمة
تحلم بجنةٍ
أو واحة من عبق الأقحوانْ
شخوصٌ لم تكن بالوصف كالشخوص
نامت على وجعٍ
أرّق تلافيف القلب
وصنع سجناً كبيراً
مغلق الكلماتْ
تلوذ بوسادة صمّاء
تحتسب الهدوء أمنيةً
تلتحف أكواماً من الهمّ
أرّق في ما مضى
فراشات احترقت
أيّ تراب ذاك الذي
يتسلل الموت فيه من الذرات
أيّ صمت يطبق على المكان
إني ههنا
فهل من مناجْ
إني ههنا
فارفق أيها العويل
هدوءكَ صراخٌ
وصراخك يقطع النسل
من رحم الولادة
هم الباقون وليس أنا
هم الناجون وليس أنا
هم من رسم الله طريقاً لذكراهم
هم وليس أنا
فأيّ يد تمدها نحوي
هل أقتل نفسي
كي تستريح
هل آكل بقايا جسد عفن
كي تكبر ابتسامة خبثك
هل آكل قدمي الآن
هل أرسم بأسناني وجعاً
مخملياً يرقص على أشلاء رحمتك
فتعدو بقطيعك
تقتحم العواصم
وترسم بحقد دفين
انتصارات قد كانت
سلاماً يا سيدي
ما من وجع بعد اليوم
يضاهي شغاف الياسمين
.................................................