المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث عقلين في رأس واحد


رُوح
05-16-2021, 11:57 PM
في بلادنا لا يوجد استماع بالمجّان.
حين تغمر المشاعر المختلطة قلبك، وحين يمتلىء صدرك بالثقل و المُلِمات، تعتريك حاجة ماسة للبوح، تبحث عمّن تفضفض له وتشكو إليه. لكنّ ذلك لا يحدث عندنا بالمجّان!
في أحسن السيناريوهات المطروحة، أنّك ستجد من تجلس روحك إلى روحه وترتاح إليها. لكنّ هذا ليس ما يحدث بالفعل!
مسألة ارتياح الروح رفاهية غير متاحة لأمثالنا.

دعنا نقول أنّنا سنقبل بثاني أفضل سيناريو مطروح أمامك.
أن تجد شخصا ما عاديا، قد تتقاطع أفكاركما معا في نقاط متباعدة، وقد تكون أفكاركما في خطين متوازيين متعاكسي الاتجاه، لا يهم، أنت تبحث عن مستمع وليس عن صديق عمر أو زوج!
تبدأ بالحديث عن أشياء لا تعنيك، وقليلا قليلا تبدأ تبوح و تخفف عن نفسك.
فماذا يحدث؟ وما الثمن الذي تدفعه للفضفضة؟
في أفضل الخيارات الممكنة، سيغمر الفضول رأس مستمعك، ويبدأ بمحاولات الدخول إلى حياتك واقتحام رأسك، هنيئا لك، لقد صنعت لنفسك متعقبا.

في خيارٍ عادي وبديهي، مستمعك سيتعالى عليك، لن تهمه ظروفك التي كنت فيها، ولن يأخذ خياراتك المحدودة بعين الاعتبار حين يضع نفسه مكانك ويقرر أن يتصرف بطريقة مختلفة، وعبثا تحاول جعله يفهم أنّ الوجود داخل الأزمة لا يشبه التفرّج عليها من الأعلى.
وهنا، هنيئا لك أيضا، لقد بنيت طواعية برجا عاجيا لمغرور عنجهيّ يزدريك من رأس برجه!

الخيار الأكثر شيوعا، أن يمنحك مستمعك نصيحة أو اثنتين، ويذيّل اعترافاتك بتعليقاته الحكيمة، وخلاصة خبراته في الحياة.
قد تكون حكيما أكثر منه، وحياتك زاخرة بخبرات توازي ثلاث حيوات من حياته، لكنه رغم ذلك سيُصرّ أن يُنير دربك بحكمته.

في الخيارات الأكثر تطرّفا، مستمعك سيصدر عليك الأحكام، ويصنّفك في خانة جديدة، مع أفكاره وأحكامه الجديدة عليك!
قد يسوء الموقف أكثر، ويبدأ في تعميم أحكامه عليك للناس، وقبل أن تدري، تصبح بمثابة دراسة حالة عند الجميع، وفي الأيام المقبلة، ستكون حكاياتك مرجعا للآخرين التائهين مثلك.
هنيئا لك، لقد نقشت اعترافاتك في ذاكرة الناس، و أسست لك إشارة تاريخية لن تمحى.
لقد حققت الخلود.

أنت ترى الآن، لا يوجد من يستمع لك وفقط! لا وجود للغرباء، الغريب بعد البوح يعتبر نفسه قريبا!
لا يوجد مستمع غفور، ولا يوجد مستمع ناسك، كلّنا توّاقون للتنظير على غيرنا، وكلنا نعتنق مبدأ (( لو كنتُ في محلّك، لفعلتُها هكذا ....))
وكلّنا أسرى لخطيئة الثرثرة، حتى لو لم تُفضفض بأسرارك، سنمنحها نحن هيبة السرّ، ثم ننتهكها نشرا بعد ذلك!


أن تبحث عن مستمع لا يُحاكم ولا يتعالى ولا ينصح ولا يخون.
أنت حرفيا تبحث عن العنقاء!
فماذا تفعل؟
تلملم عليك نفسك، وتشُد عليك قلبك، وتؤجل انهياراتك الصغيرة إلى يوم آخر. يومٌ آخر في كلّ مرّة، وسيكون الأمر على ما يرام.

رُوح
05-17-2021, 12:02 AM
آه يا عقلي
كيف لي أن أستوعب المعايير المزدوجة وأنا الواضحة الشفافة؟
كيف لي أن أتفهم التفسيرات العشوائية الهوائية وأنا المنظمة المنطقية؟
وكيف بحق الله، كيف يمكن اعتبار الحقائق المشوهة هي الثابت الأصيل وأنا المرجعيّة الدقيقة؟!
أقول لك يا عقلي، أنت لست لهذا الجسد، ولا لهذه الحياة، ولا لهذا النمط.
سنبقى مدهوشين معا من تضارب ما يسكنك من أفكار، وما يحدث حولنا .
سيبقى الامتعاض شعورنا لفترة طويلة من الزمن. وسنظل نتنهد كلّما اختار الناس أن لا يفهموا، أن لا يسمعوا، أن لا تُقال لهم الحقيقة.
سيفضلون دوما نسختهم الخاصة من الحقيقة، وسيرجّحون أراءهم هم حول ما يحدث فعلا. و سيُغمضون عيونهم عن حقائقك الجليّة.
فتعال بنا ننسى، بالطريقة التي اعتدنا النسيان بها.
نفاق آخر لن يقتلنا، لكنه حتما سيقتلهم في عيوننا.

رُوح
05-17-2021, 07:33 AM
ويحدث أن تصحو صباحًا بمزاج الفاضلة ماجدة الرّومي حين غنّت : « لا تصبّحني ولا تمسّيني »

رُوح
05-17-2021, 01:21 PM
أنا في منتصف مشكلةٍ ليست عويصة، إنّما منغِّصة عليّ سعادتي وانطلاقي، تجعلني منقبضة وتضعني في موضعٍ غير مريح، لستُ أدري إن كانت نداء صحوة لي كي تستقيم حياتي، أم أنّي لفرط توتّري صرت أغرق من اشتباكاتٍ لم تكن موجودة من قبل في حياتي، يداي ترتجفان وجسدي يرتعش، وقلبي؟ قلبي منقبض ضعيف، وأنا؟ أنا أريد أن أبكي حتّى يغلبني نومٌ لا يجيء، وحين أصحو يكون كلّ شيءٍ قد اختفى كأنْ لم يكن.
أنا لا أحبّ أن يُساء فهمي، ولم يسبق لي أن جُررت إلى صراعٍ متعدّد الأطراف وأكون فيه المُلامة!
معدتي تؤلمني، تماما كما آلمتني حين اشتبكتُ مع صديقتي المقرّبة في خلافٍ ليس لأيّ منّا يدٌ فيه حين كنّا بعمر السّابعة. الفرق فقط أنّي لن أختبئ في حضن أبي اليوم كما فعلت حينذاك، لن يمسح بيده الكريمةِ على رأسي فأدخل في نوبة بكاءٍ ليضغط عليّ بساعديه ويسند رأسي إلى صدره فأشهق طويلا، طويلا بما يكفي لأصحو من نومي وأجد نفسي في سريري وهو جالسٌ إلى جانبي، رأسه مختفٍ في كتابه لكنّي أرى ابتسامته الدّافئة ليخبرني بها أن لا شيء تغيّر، وأنّي أنا، وأنّ صديقتي بالباب تريد أن تلعب معي.
كلّا، لن يحصل أيّ من ذلك، أنا أجلس وحيدة، كرسيّ أبي مهجور، ودموعي تمسحها يداي المرتجفتان، ولا أحد بالباب ليلعب معي..
أنا حائرة، ووحيدة، وبي شيءٌ من خوف.

رُوح
05-17-2021, 01:23 PM
هل دخلت معرضا فنيا للرسم الكلاسيكي القديم من قبل؟
هل رأيت لوحةً خطفت أنفاسك لحظة دخولك المعرض، وظلّت تقود خطواتك لها اقترابًا؟
حتى إذا ما دنوت منها وارتدّت أنفاسك عن زجاجها، سرت في جسدك كهرباء صاحَبها انقباض أمعائك وغمرك الاشمئزاز والنّفور، لأنّ الخطوط الصغيرة تبدو الآن كالتجاعيد، وضربات الفرشاة الغائرة، تصبح الآن ندوبًا مرئيّة.
فتقتل هذه التفاصيل القريبة جمالية عموم اللوحة من بعيد.
هل قتلت لوحةٌ كلاسيكية ذائقتك الفنية بتفاصيلها ؟

حسنا، قد حدث لي هذا مرارا، وممّا يحدث لي أكثر، أنّه كلّما رقّ قلبي لذكرى كبيرةٍ لنا. يُهشّمني الحنين بكُلّيتها، بضع ثوانٍ فقط. فإذا ما تداركتُ ثنايا تلك الذكرى، استجرّ عقلي خذلانك لي، فينقبض قلبي ويتسامى الحنق إلى عقلي صعودًا .
فتشتعل نار الغيظ و يعلق طعم المرار في حلقي.
يتغيّر قلبي عندها ويعود لي، يُعلن براءته منك - ولو مؤقّتًا-.
أمّا عقلي فيبدأ بسحب كلّ متعلّقاتك، لا أقول أنّ سحب كلّ ذكرى لك عندي هو هيّن، أو أنّه قد تمّ وانتهى.
هي عملية مستدامة، أنت تدري؛ ذكرى جميلة تحتال عليّ، تفاصيل عامة جميلة تجرجر معها تفاصيل أصغر قبيحة، انقباضٌ ثمّ غيظٌ ومرار، أختمها بمحاولات استخراج للذاكرة.

ففي النّهاية؛ أنا المتفرّج المفتون غُبْنًا؛ وذكرانا لوحةٌ كلاسيكية مهشّمة.

رُوح
05-19-2021, 01:28 AM
في نهارٍ واحدٍ في السّنة، يحدث أن أصحو من نومي سعيدة، بلا نيّة مسبقة ولا ترتيبات. أكون إيجابية جدا، أحادث جميع من لديّ أرقامهم، أُرسل الرّسائل لجميع من أشعر - فجأة - بافتقادهم. أسأل عن أخبار كُثر، ويكون مشيي في الشارع أشبه بالتقافز ، وأُدندن « يا صحابي يا أهلي يا جيراني ،، أنا نفسي آخدكوا بأحضاني »
في نهارٍ واحدٍ في السنة يحدث كلّ هذا. ومنذ أربعة أعوامٍ لم يأتِ عليّ ذاك النّهار.

رُوح
06-26-2021, 11:06 PM
أحتاج ثلاث ثوانٍ إلى سبع لا أكثر، لأُقرّر إنْ كنتَ تستحقّ وقتي فأَتعرّف إليك، أو أن أُدير لك ظهري وأمضي . ضاربة بأصول اللياقة الاجتماعية والادّعاءات الكاذبة وتابوهات المجتمع المريض عرض الحائط اللعين.
فهل برأيك إنْ كنتُ لا أرغب بمعرفتك، أنّي سأَهتم لآراءك - التي تشاركها النّاس- حولي؟!

رُوح
01-31-2022, 11:32 PM
لا يستطيع المرء منّا أنْ يختليَ بألمهِ وأوجاعه!
لا، فهناك دوما من يحشر أنفه بين المرء وحزنه متذرّعا بالاطمئنان.

رُوح
02-03-2022, 10:39 PM
أنا، واستحالاتي، وقضايا اشتياقي،
دون نية مسبقة أو تراضٍ،
نحن جميعا معا ،نشكّل شيئا ما .. يبدو وكأنّه نوعٌ من عائلة!

رُوح
02-03-2022, 10:50 PM
يا بائس القلب؛ كُتب لك أن تمضي وأن تقول: لا إحساس !

رُوح
02-04-2022, 11:57 PM
أعرف ما أفوّته؛ أعرف ما أنا باقية عليه.
حالي الحاليّة؛ بخير.
وكلّ مبررات التغيير التي تبيعها لي، هي احتياجاتك أنت. وما حاجتي أنا لحاجاتٍ ليست لي ؟

رُوح
02-06-2022, 10:59 PM
تأتي إليّ لاستشارةٍ أو نصيحة.
تدري أنّي أعرفك وأفهمك، وأنّي أعاصر حياتك اليومية وعلى إحاطة بكلّ ما تختبره وتتجرّعه.
أُقلّب الأمر في رأسي، دقيقة أو اثنتين، ليس لأنّي أبحث عن نصيحةٍ أُسديك إيّاها، لا؛ فتلك عرفتها مذ فتحت فاكَ بالكلام.
عقلي يُدير احتمالات تصريحي بها، فأنا على يقين بأنّها النّصيحة التي تحتاجها، وهي ذاتها التي لا تريد سماعها!
فمن تصوّري الشّخصي؛إنْ كتمتُها خُنتُ أمانتي، وإنْ صرّحتُ بها أُغضِبك.
ومن حيث ترى الأمور أنت، إن كتمتُها، تنسى ازدواجيّتك وغوغائيتك في تجنّب الحقائق، وتلومني على غِشّي.
وإنْ صرّحتُ لك بها، فأنا القاسية جافّة القلب.

فأين يمضي بنا واقع أنّك تعرف وأنّي أعرف، ويعرف كلانا أنّ الآخر يعرف؛ ونكتم؟!
وأنّك تقول وأنّي أقول، وكلّ أحاديثنا بلا غاية، وكلّ أقوالنا بما ليس نقصد؟
تنتهي دقيقة التفكير، وأتّخِذُ قراري.
هذي نصيحتك خذها، بلا شتيمة أو سباب،
واغرب عن عقلي أنت وألعابك النفسية اللعينة، فكلّ مواضيعك أزمات، وكلّ خياراتك محاصرة.

رُوح
02-16-2022, 02:14 PM
تعاصرك ظروفٌ وتعصرك.
تهشّمك، تشرب روحك، تستنزف عقلك.
ثم تنقضي.
تُحسّ أنّك أسيرٌ لها، لانطباعات النّاس عنك من خلالها، تعوف نفسك، وترغب لو أنّك تُبدّل جلدك بآخر جديد، الجلد فقط، فالرّوح المحطّمة لا يُصلحها شيء ولا تُستبدل بشيء.
تُغيّر وظيفتك، مكان سكنك، بعضٌ من عاداتك الخفيفة، وتختار أنْ تبقي حياتك سهلة بسيطة، لا تُعرّف بماضيك، ولا تخترع واحدا من عقلك، أنت فقط تتحفّظ عليه، تُغلق عليه الباب بألف قفلٍ وتتخلص من مفاتيحها.
تنظر بمرآتك كلّ صباح، تعرِف نفسك، تعرف عينيك، لا بأس، هذه معرفة أصيلة، ولا خوف منها. تسطنع تعابير جديدة، تتقلّص شفاهك وأنت تُرغمها أن تبتسم، تفشل كثيرا قبل أن تجد ابتسامة لائقة، أو ما يشبهها على الأقل.
تعتاد ابتساماتك، وتتعلم أنْ لا تواجه عيناك روحك.
تظنّ أنّك بخير، أو ما شابه.
تكاد تُصدّق نفسك الجديدة؛ حتّى تسمع خشخشة مفاتيحٍ صدئة، يحملها وجه كدتَ تنساه، ينبش بها كلّ الأسئلة، وينهش من لحمك الإجابات.

رُوح
02-17-2022, 09:12 PM
أكثر ما أعشقه في يومي؛ تلك الفسحة الصغيرة من النّهار، أجلس فيها على كرسيّ ظهره للشمس، ترقص أصابعي بنقرات مدوزنة على شاشة هاتفي، وتصدح في رأسي عبر سمّاعات الأذن، موسيقى مما اتفق مزاجي وشعوري عليها ، أُرجع رأسي للوراء، وأُغمض عينيّ، تمرّ لحظات سريعة، ثمّ أنفصل عن هذا العالم المحيط بي.
أحلّق دون ثني أجنحتي، تحملني الرّياح وأُراقصها، أفكاري البائسة لا تقوى على مواجهة كلّ هذا الضّوء فوق رأسي، خيالاتٌ حمراء تأتي وتذهب، أشعر بنعاسٍ لذيذ، وغالبا ما أغفو لثانيتين، ثمّ أصحو، وأرى العالم بألوانه كلها، وأسمع ضجيجه.
أُلملم متعلّقاتي، وأُهندم نفسي، وأشعر أنّ الجاذبية كلّها تتربع بيني وبين ذلك الكرسي في نزاعي معه لمغادرته.
أمشي بضع خطواتٍ خجولة، حتى يصحو رأسي وتهجم أفكاري المتوحشة، تستعيد هيمنتها عليّ ونمضي ما تبقى من يومنا كيفما اتفق.
أفكاري شرسة ومتعطّشة، و روحي تخونها باشتياقها للسلام على ذلك الكرسيّ.

رُوح
02-21-2022, 03:51 PM
أنا لا أُحبّ الأماكن المكتظة، ولا أُحِبّ كثرة الاختلاط بالنّاس - كلّ النّاس - .
ويمكنني بسعادةٍ غامرة، أنْ أتصومع في شقّتي نصف عامٍ، ولا أخرج فيها إلّا لشراء البقالة.

رُوح
02-22-2022, 02:18 PM
حقيقة :
الجميع يرى أخطاءك، البعض يذكرها، لكنّك وحدك من تجلد ذاتك عليها!. !

رُوح
02-24-2022, 09:47 PM
لا يُمكن أن يُقال أنّك أوصدت الباب؛ في وجه أحدٍ لم يطرقه!

رُوح
03-12-2022, 06:51 PM
حين استيقظت قبل منبّهي بنصف ساعة، صار عندي فُسحةٌ من الوقت للتجوّل في الفضاء الرّقمي. صادفتني خاطرة بلغة أجنبية، ترجَمَتُها تعني " بعض الأشخاص ليس مقدرا لهم أن يرافقوا كلّ مراحل حياتنا، بعضهم يتقاطعون معنا مؤقّتا ثمّ يرحلون ليمشوا في طُرُقهم الخاصة."

لم أستغرق أكثر من خمس ثوانٍ لأضحك بهستيرية، تخيّلتُ سيرة حياتي، لا، لحظة، لم أتخيّلها لأنّ التخيّل يعني الأمر الذي لم يحدث بعد، الكلمات الأجدر بي أن أستخدمها هي أنّني تذكّرت و استعرضتُ سيناريو حياتي، كنتُ أنا المشّاءة دوما، ولا زلت أنا التي لا تنفكّ تتقاطع بطُرق النّاس ثمّ تفارقهم.
طريقي الخاص مشوّه ومبتور، و انعطافاته حادّة. وفي مواطن معيّنة، وبعد أن أظنّ أنّي تجاوزتُ أسوأ ما في طريقي، تُعيدني الطّريق المسعورة لأتعارك مع كوابيسي الشّرسة كأنّ انتصارا لي لم يكن!
لم أستوطن أيّ مكان، لم أترك لي أثرا في أيّ مكان، وجميع الطّرق رفضت اقتيادي طواعية!
كنتُ أًجَرُّ أحيانا، وأَجرّ أحيانا أخرى. لكن لأستذكر أيّ الأحيان كانت أكثر فيما لو خالط ذهني نسيانٌ قصديّ، يكفي أن ألقي نظرةً على جسدي المُجرجَر المهشّم، لأبتلع غصّتي.

يا لها من أفكار رائعة عن حياتي لأبدأ بها نهاري !
حقّا رائعة!

رُوح
03-13-2022, 09:12 PM
كلّما هممتُ بالكتابة، استبقت " لا " كلّ استهلالاتي..
فمن أين آتي بالأمل إذن؟ وكلّ ما يراودني انتفاء؟

رُوح
03-15-2022, 08:28 AM
يمكنك أن تكون لطيفا و ودودا وكريما ومعطاءً، صدّقني يمكنك ذلك حتى لو كانت الوحشيّة عقيدتك الإنسانية، والخشونة مبدأك في المعاملة .
يمكن لكينونتك أن تتحول وتتبدّل؛ فقط إذا تغيّبت عن العمل، واستوطنت فِراشك.

رُوح
03-31-2022, 06:04 PM
أتذكر حين كنا معا، و قلت لي طارىء استجد، تحلّه وتعود؟
انتظريني، قلت لي.
فانتظرتْ.
لكنّك حين عدت.. أوتدري؟ أنا لا أظنّ أنّك قد عدتَ أبدا من وقتها !

رُوح
07-20-2022, 11:41 PM
هناك فرق بين أن لا تستطيع، وبين أن لا تريد. اختر إجابتك بعناية؛ ففي مواربتك، تصطف تبعاتٍ لن تريدها، ولن تستطيع التعامل معها.

رُوح
07-21-2022, 11:10 PM
أنظر لحياتي، أو ما مضى منها على وجه التحديد، لا حنين يغمرني، لا غضب، لا حنق، ولا ذكريات تحوم حولي تجرجرني إلى طرقٍ هدمتها وردمتها سابقا!
لا أشعر بالسلام، ولا بالرّضى، لا التقبّل يصف شعوري، ولا اللامبالاة.
أنظرُ لأعوامي الماضيات، ولا شيء يشاورني إلّا الشّك!
هل كانت حياتي فعلا؟ أم هل تخالط ذكرياتي أوهام وتهيّؤات؟

رُوح
07-22-2022, 01:38 AM
لا يتناسق الإقرار بالذنب مع التعديل الخامس من الدستور في جملة واحدة!

رُوح
07-22-2022, 03:01 PM
مرّ وقتٌ طويل مذ تحدّثت عنّا، أتَظنّ أنّي نسيت؟
لا، لم أفعل، ربّما كنت مشغولة قليلا عن التفكير المعتاد بنا، لكنّ النّسيان بيننا غير مطروح للنّقاش، واحتمالاته تبدو مستحيلة الآن وقد قطعنا معاً كلّ الذي قطعناه، حسنا، لنكن صادقَيْن، لم نقطع معا أي شيء، لقد تقطّعنا معا على كلّ شيء، كل شيء تقريبا!
أنا وأنت نبدو لمن ينظر لنا من الأعلى، كشخصيتيّ قصيدة ملحمية، لا يلتقيان، لا ينفصلان، معلّقان هكذا بلا أمل ولا عتب!
رضينا بما لدينا، وقبلنا واقعنا غير المقبول !
خَلّدتنا الاستحالات، و نُقِشت تعقيداتنا في ذاكرة القلب. لا نحن ننسى، لا نحن نشفى، ولا نحن نبدأ من جديد. سنظلّ مرتبطين معا دون أن نكون معا.
وهذا الذي بيننا، يا إلهي! كم شوّهنا الذي بيننا حتى فقد ملامحه و أخذ هيئة الظلال الدّاكنة التي تمتصّ أرواحنا.
لم نتركه يولد، بل استجرَرناه غصبا، ثم لم نتركه ينمو، بل شذّبناه مرارا، شذّبناه للدّرجة التي غيّرنا فيها هيئته، ومسمّاه، و شوّهنا بها انعكاساته علينا، فغدونا فارغَيْن من الحياة، وما قلوبنا إلّا مضخّات صدئة مهترئة. تنبض ولا تشعر، تخفق ولا تأمل.
وهل نحن قتلناه؟
لا، نحن كلّما خمدت ناره، نفثنا فيها رياحا مسمومة تبعثه من جديد، بكامل تشوّهاته واستحالاته!
كان الأجدر بنا، أن نخوض المغامرة حتى آخرها، أو ندير ظهورنا ونمضي، لكن لا، كنّا أكثر كبرياء من الاعتراف بالضعف فنغلق الباب، وأكثر جبُنا من أن نفتحه على مصراعيه، فماذا فعلنا؟
تركناه مواربا، وصارت حياتنا من وقتها بين بين !
هل تشمّ كآبتي إذن؟
ليست كآبة صدقني، إنّها أنا فقط حين أفتح عينيّ من حلم جميل، ثم تمرّ لحظتين فقط، لأشعر بطعم مرارة الواقع الحقيقيّ في حلقي.
فهل تذوقها أنت؟

رُوح
07-23-2022, 12:06 AM
هل يخطر ببال الإنسان، حين يخوض أمرا ما، ما التّبعات المترتبة على قراره؟
هل يخوض ذلك الشيء عن وعي و قرار، أم أنّها الظروف تدفع به بلا وعي ولا قصد ؟
وهل يحتسب خطواته بكلّيتها؟ أم أنّه يحتسب قليلا من خطواته ثم يتأقلم بعد كل نتيجة مستجدة؟ أم تراه يغوص بالأمر تائه الخطى ؟
وهل هناك نتيجة معينة يأمل بها بعد انتهاء مغامرته؟ أم أنّه منفتح على خياراتٍ متعددة؟ أو ربّما كان قانعا بأيّ نتيجة يخرج بها!

حسنا، أستطيع تقبل جميع الحالات والاحتمالات السابقة. لا بأس، الجميع يستحق فرصة، وللجميع طرقهم الخاصة في خوض معترك حياتهم.
لكن ممّا يثير حيرتي، و يجعلني أستعجب؛ حين أرى من سبق له أن خاض أمرا، ومشى فيه، و تعامل مع نتيجته، أراه يخوض الأمر مجددا، بنفس الدّرب الذي سلكه سابقا، إنّما متوقعا نتيجة مختلفة هذه المرّة!

رُوح
07-24-2022, 06:06 PM
الخذلان؟ لم يكن غايتك، لكنّك امتهنتَ تجريعي إيّاه حتى أنّي استعذبته!.
والفشل؟ لم يكن خيارا مطروحا بيننا، لكنّك - ولأسباب تستعصي على غفراني - ؛ اخترتَه! ثمّ إنّي غفرت لك.

لكن فيما يتعلّق بالإهمال؟ أوه يا إلهي، إنّه حرفتك البديعة.
أهملت تفاصيلا لا يستقيم لها أن تُهمل، وحين فعلتَ ذلك، مَن تظن أنّهُ تأذّى؟ ورغم كلّ ذاك احتملت.
لقد قبلتُ، وغفرتُ، واحتملتُ، لكنّي ومع كلّ جرعة خذلان، وكلّ خيبة فشل، وكلّ جرحٍ وأذى، طوّرت فهما معقولا لسلسلة التكرار فيما بيننا، واخترتُ ما اخترت، ولستُ أندم.

رُوح
07-24-2022, 07:35 PM
لو قُلنا أنّ ما قد دار بيننا كان حربا، فإنّني أؤكّد لك، أنّه قد انهالت عليّ الانتصارات!
ابتسم، أنت أدرى النّاس بحسّي الفكاهيّ الكئيب :)

رُوح
07-25-2022, 07:01 AM
أنتَ لا تحتاج أن تكون ساحرا لتنفيذ خدعة الاختفاء، كلّ ما يتطلبه الأمر؛ أن تقول الحقيقة.
والمعنّي بها سيطأطئ وجهه ويختفي.

رُوح
07-25-2022, 06:12 PM
أرأيت وأنت تدور في شوارع حيّنا، امرأة ترتدي تنوّرة بلون مدينتها؟
لا أعلم لم تلاحِقُ أعيُن المارّة تلك المرأة كلّما خطّت بأرجلها أخاديد غائرة في أرْصِفة المدينة. هل يحملقون في عينيها؟ حزنهما أم الكحل الأسود فيهما ما يجذب؟ هل يتسائلون عن انحناء ظهرها؟ تشوّه فيهِ أم همومٌ نزلت بكاهلها فأثقلته؟ وهل يبحثون في صوتها عن بقايا ضحكاتٍ ميّتة؟ أم يطمحون في أن تتقوّس شفاهها المكتنزة إلى أعلى ولو خطأً؟
أنا أراها كلّ يوم، في مرآتي الطّويلة القلّابة، ولا تمنحني تلك التّعسة أيّة إجابات مهما حملقت بها!.

رُوح
07-26-2022, 12:13 AM
أتدري لم نواصل الحديث عن ماضينا؟
لأنّه كان زاخرا بالكثير، كان غنيّا و دسما ولا يبدو أنّ اثنين فقط قد عاشوه! بل من يسمع عنه يوزّعه على أربعة أشخاص أو يزيد!
كان ماضينا - بكلّ عيوبه - جميلا، وعذبا، وأخرج فينا ما لم نظنّ أنّه فينا.
وانظر لحالنا الآن؛ لا حاضر لنا، ما يجمعنا اليوم مشوّه، مبتور، و ثقيل على كلينا. لا راحة فيه ولا سعادة، لا قناعة، ولا هدوء، لكن مما يزيد التعقيد فيه؛ أن لا تغيير سيطرأ عليه!
إذن؛ ماذا سنفعل؟
نترك ماضينا كما كان، لا نستجرّه ولا نبكيه، ولا نفسّره. لا نقتله ، ولا نسقيه ولا نغلّه. ندعه نسمة باردة ترطّب علينا تعب الحاضر.
أمّا فيما يتعلق بالحاضر، تقول لي: ماذا سنفعل؟
أقول لك؛ نتأقلم.

رُوح
07-28-2022, 12:48 AM
لا، لا واللهِ لا يكفي
حتى لو مشيت نحوي وتعرّى لحم أقدامك عن عظمها
يرق قلبي لك، لكنّه لن يغفر.
ليس الآن على الأقل.

رُوح
07-28-2022, 10:26 PM
هل خطر ببالك يوما، لو أنّ حياتنا كانت أسهل؟
لو أنّ ما بيننا قد تمّ واكتمل؟
هل فكّرت بحجم سعادة قلبك وقتها؟
هل فكّرت بالمعجزات التي سيمكنك تحقيقها؟
وهل رسمت سنواتنا معا بالزّهر والزيزفون؟

أنا فعلت، تخيّلت أننا كنّا معًا، وهنا تماما توقّف خيالي، وامتلكني الجزع! ماذا لو كنتُ عادية بخلاف توقعاته؟
وماذا لو كان رجلا؛ وفقط؟!

سؤال : ماذا لو كنّا متواضعَيْن وبسيطيْن كأيّ غيرنا؟
ماذا لو أنّ اختلافنا كان محض تهيؤاتٍ ولّدها وهمنا؟ هذا السؤال مضغ أحلامي كلّها ولفظها جعدة مستهلكة.
لكن وفي اليد الأخرى؛ لا شيء مثل هذا التوجه في التفكير، يخدّر غضبي كلّما اشتعلت!.

رُوح
08-08-2022, 01:31 AM
لا ينفك الجميع بتمنّياتهم لي أن أجد ما أبحث عنه، ولا أنفك أنا أقول لهم تمنّوا لي ديمومته؛ فقد وجدته مسبقا.

وما بين إصرارهم أنّ ما وجدته ليس ما أبحث عنه، وبين قناعتي أنّي قد وصلت منتهى مبغاي، تُصاب الأمنيات الدّائرة بيننا بالفصام، فلا هم يرون رِضاي، ولا أنا أصاب بجشعهم للمزيد!

رُوح
09-11-2022, 05:32 PM
أنظُر للوراء، وأرى ما يخبرونني أنّي نجوت منه.
أراه بعيدا بأعينهم، لكن لو أنّي قد نجوت منه؛ فلماذا أحمله معي إذن؟
لا يموت، لا يُنسى، لا يهدأ، ولا يذبل.
أحمله معي حيّا كما كان وقتها، كما سيظلّ دوما.
أحمله معي ولا أنوي الخلاص منه، ولا أتحرّى النسيان. أحتضنه وأحيطه بي، نغدو كيانا واحدا، لا يرى وحشيّتنا أحد.

أتقبّل ماضينا، أتقبّل منعطفاته، لا أسأل لماذا؟ أو لماذا أنا؟ لم أعد أهتمّ، لم يعد قلبي يحتمل، ولو أنا تذكّرت؛ يؤلمني ما أذكره، يوجع قلبي، وأنا لا رغبة لي بالألم.
أنا تألّمت كفاية، وتعذّبت كفاية، والآن؛ أنا لا أريد إلّا السّلام.
أقبل به، بأكبر الخسائر وأكثرها إجحافا، أقبل به ولا أريد إنصافا، أريد فقط أن أكُفّ، وأن أهدأ.

رُوح
09-22-2022, 11:00 PM
كانت الطّرق التي جمعتنا مرّة، أوعر من أن أسلكها الآن حتى لو تزيّنت حوافها.
وكانت الخيبة التي تجرّعتها، أكثر مرارة من أن أرتشفها الآن، حتى لو كان الكأس جذابا.
والحقيقة؟ أووه، ماذا أخبرك عنها؟
أيكفي أن أقول لك أنّها كانت أصعب من أن أتذكرها!

رُوح
10-09-2022, 09:01 PM
مُثقلة، ومليئة بوشوشات حبيسة
لكن لا، لو أنّك وضعت القمر في يدي؛ ما بُحتُ لك، ولا رجعتُ إليك.

رُوح
10-30-2022, 10:53 PM
أستطيع أشياء كثيرة، لكنّي عادة لا أريد أن أستطيع.
لكن اليوم؟ اليوم أنا لا أريد، ولا أستطيع
أنا لست بخير. إن كنت تتساءل مثلا؟!
غمامة كئيبة تظلل بسوادها على روحي، فأختنق. لا؛ لم أختنق بعد، لكني في أولى درجات الكآبة، أو ربما خامستها!
ربّما بكيت بضع دمعات اليوم، ربّما أكثر من بعض بقليل. وربّما غالبت دموعي فاختلج صدري وارتجّ صوتي.
لا أعلم ما الذي حدث، ولا أريد أن أعلم.
أريد أن أنام.

رُوح
11-01-2022, 02:23 PM
نعم، أنا أستطيع أن أعمل في المكتب المجاور لك، وأستطيع أن أمشي إلى جانبك في سرداب المكان، بل وأستطيع أن أعد كوب شايي في نفس المكان الذي تعد فيه قهوتك.
أستطيع أن أبادلك السلام، وتحية المساء، ولا شيء يطرأ على تنفّسي لو جمعتنا أربعة جدران.
أستطيع العيش بعقل صديق لك، وقلبٍ محايد.
نعم أنا أستطيع، لو أنّ لا شيء مما كان بيننا قد كان بيننا!

حسنا؛ لكن واقعيّيْن أنا لستُ ممن يدّعون الرّقي الإنساني، أنا لستُ حيادية تجاه وجودك - كلّ وجودك - في هذه الحياة!

رُوح
12-07-2022, 07:38 PM
حلمتُ بك، أأخبرتك؟
لا، لا أظنّ أنّي فعلت!
حين استيقظت، ملأ صدري شعورٌ بالغِبطة
لا، ليس بسببك، بل بسبب كيف تعاملتُ مع مشاعري حين استيقظتُ من حلم تعلق بك!
هذا القلب مليء بالمفاجآت، كلّما قلتُ قلبي انطفأ، قلبي اعتاد، قلبي تقبّل، يفاجئني الشقي بولادة جديدة لذيذة !.

رُوح
12-13-2022, 01:34 PM
كنت دائما أرى صورتي الجانبية، لامرأة غيري!
لم أظن أنّ وجهي الجانبيّ يمثّلني، كنت أرغب دوما أن يكون العالم كله في بُعدٍ واحد أماميّ، كي يروني أنا كما أرى نفسي.
اليوم التقطت لي صديقتي هذه الصورة، لم أعرفني، لم أتقبّلني، لم أقتنع أنّها صورتي أنا.
سخرتُ وقلتُ: فلاتر. حلفت لي يمينا مغلّظا أنْ هكذا يراكِ النّاس من الجانب المائل! الآن، أريد للعالم كلّه أن يميل!

هل يبدو هذا أنانيا وطفوليّا؟ لم لا! الكبار ليسوا إلّا أطفالا نضجوا قسرا في المحصّلة! .

رُوح
12-20-2022, 01:56 PM
ينام المرء على خيبة، ويصحو على خذلان. يُكمل يومه بنصف قلب، و يمشي شبه حيّ.
كآبته لا تثير اهتمام أحد، ولا هو يتحرى الانتباه.
يُريد فقط أن يُمضي ما تبقى من يومه كيفما اصطلح، لا يزعجه أحد، ولا يرافقه أحد.
جلُّ أمنياته أنْ لا خيبات جديدة ترافقه، يطمح أنْ يأوي إلى فراشه ليحتضن خذلانه القديم، فلا مكان لخدلانٍ جديد يُقرّب بين المرء وانكساره؛ لقد التحما معا في كينونة مشوّهة، لا يحتمل فكرتها أحد.

رُوح
12-20-2022, 05:09 PM
في المرّة القادمة التّي ترى فيها إنسانا سعيدا في حياته، يعيش برضًا، ملامحه ناعمة، ويغمر روحه سلام هادىء، وتشعّ من عينيه طمأنينةٌ محببّة، وتعلو وجهه ابتسامة دافئة.
فأنا أرجوك، أرجوك بكلّ ما تلتمسه الإنسانية من رجاء في هذه الدّنيا؛ أن تلازم مكانك ولا تقترب.
لا تقترب من إنسانٍ بمثل تلك الرّقة، تخلى لمرّة لعينة واحدة عن أنانيّتك وحبّك لنفسك، اكبح طمعك في مصادرة ضوءِ حياته، اجمع كلّ نيّاتك الحسنة، ورغباتك الصّديقة، ومشاعرك اللطيفة، وابتلعها
لا تسمح لأيّ منها بتبرير الاقتراب لك، لا تستمع لأفكارك البغيضة المتنكّرة باللطف، لا، أنتَ لستَ طيّبا، ولستَ لطيفا، ولن تكون أبدا الشّخص الذي تُريد أن تكونه. ليس ذلك في إمكانيّاتك، ليس ذلك مقدّرا لك، تقبّل وحشيّتك، احتضن غرابتك. فهما لن يلبثا طويلا -إنْ أنت اقتربت- من أن يُهشّما صديقك الجديد
خذ وحشيتك وخذلانك وانسحاباتك، وجرجرها مبتعدا عنه، عالمك الكئيب الدّاكن ملكك أنت وحدك، لا ذنب للآخرين أن يسحبهم سوادك، سوادك هذا يبتلع كلّ ضوءهم. فأبْق ماردك الحزين داخل رأسك إذن؛ ولا تُخرجه ليحصد مزيدا من الرّؤوس.
لا تكن أنانيّا، لا تكن بغيضا، لمرّة واحد فقط؛ اختر اللطف حقا، ولا تقترب!.

رُوح
12-22-2022, 09:32 PM
كنتُ - على طمعي وجشعي - قانعة بمجرد وجودك كفكرة في حياتي..
كنت راضية بكل التعقيدات المتربعة فيما بيننا.. لا أعترض، لا أناكف، لا أتململ، قبلتها كلّها - وأنا النّيّقة البغيضة- قبلتها برضًا، وقلبٍ سليم!
كنت أقبل - وأنا الكثيرة التي لا تفاوض- أنْ أكون إضافة جانبية في أيّامك، كنت لأرضى - وأنا المغرورة المتطلّبة- بدورٍ ثانويّ أقف فيه حولك ولو في الظّلال، ولم أكن لأعترض - وأنا التي أقتات الانتباه - لو وضعتني على الهامش ولم تلتفت إليّ!
كنت - بعكس ما يمكن أن أكونه - ؛ مستسلمة، ليّنة، وطائعة، فماذا فعلت أنت؟
سلبتني كلّ احتمالات وجودي حولك..
وسلبت نفسك إيّاي!
فأيُّنا الخاسر؟ وأيّنا المسلوب حقا؟

رُوح
08-27-2023, 02:44 PM
مرّ بي من ظننته لوهلةٍ أنت.
صوته لك، وجهه لك، حتى عيناه؛ فيهما الكثير من عينيك..
كانت الاصطدام بهذا الشبه، صفعة قوية
خلخلت ذاكرتي ، واهتز شيء ما في روحي.
قلبي الذي تنتظر أن أخبرك بما حل به؟
لا أظنّ أنّ لي قلبا منذ انتهيتَ منه. لقد أتى بعض ما فيك من قسوة؛ على كلّه فتلاشى.

رُوح
08-27-2023, 10:14 PM
أُقسم أنّني من الضعف بمكانٍ؛ لو أنّك أتيتني بأعذارك الهشة؛ لتحطمت قبولا..
لكن ومن إحدى مزاياي الكثيرة، أنّ لي عقلا يتولى زمام قلبي حين يميل، يصفعه بذكريات ومواقف فيستقيم نبضه ويهدأ..

رُوح
08-28-2023, 07:22 PM
ليس الأمر أنّ الحنين يغمرني
وليس الأمر أنّ حزنا يخيّم عليّ وأزعم أنّي لا أدرك أسبابه
أنا بحاجة للثرثرة، للاستسلام قليلا، للشكوى، للتذمّر ، للعويل، وربّما حتى الصّراخ!
أحتاج أن أمارس إنسانيّتي البائسة، وأنبش حزني المدفون لأصلبه دموعا وتعثّرا، وأحتاج ذلك علانية؛ على مرأى ومسمع من أحد النّاس..
وأحتاج ذلك الأحد، أن يفقد ذاكرته بعدها.. كي لا اضطر لقتله أو ربّما الأسوأ: أن أسمح له بالاقتراب..
حرائقي عطشى، ودمائي تفور، وليس بيدي سوى أن أهدأ..
فأيّ ظلم هذا !

رُوح
08-30-2023, 05:11 PM
لم يكن إغلاق الباب بوجه هذا العالم أمرا سهلا
لم يكن الانقطاع هيّنا
ولا الغياب مفهوما
لكنّي اجتزته، أغلقت بابي وحصّنته
ومن حيث أجلس في قلب قوقعتي
تبدو محاولات الاقتراب من جديد، كخرمشات أظفار ضعيفة
للدرجة التي أسأل نفسي بها: هل هناك شيء يخشخش وراء الباب أم أنّي أهلوس!

كلّ هذه الوحدة، وكلّ هذا التصومع، وكل تحصينات أبوابي؛ ذكرى واحدة لك كفيلة بالإطاحة بها حتى آخرها..
أمّا الشعور الناتج عن هذه الذكرى؟
فهو محرّكي لإعادة تدبيس الباب!