متعة الحوار !
بقلم ندى يزوغ
ندى : لم تعد تؤلمني دروس العمر يا عصفي الذهني، لكنها للأمانة علمتني الكثير...!
هل كنتُ يا ترى سأتعلم لو لم أذق مرارة الدروس؟
عصفي الذهني: وهل كانت ستُسمى دروسًا لو لم تُشعرنا بمرارتها قبل أن تكشف عن حكمتها؟
ندى: لكن لماذا يجب أن نتألم لنتعلم؟
لماذا لا تأتي الحكمة بسهولة؟
عصفي الذهني: لأن اللذة السهلة تُنسى، بينما الألم يترك أثرًا عميقًا...
هل تذكرين سعادتك الأولى يا ندى؟
ربما لا، لكنك تتذكرين أول انكسار لكِ وكأنه حدث بالأمس.
ندى: وهل هذا يعني أن السعادة لحظة عابرة بينما الألم أبدي؟
عصفي الذهني: لا، لكنه يعني أن السعادة تحتاج إلى وعي لنعيشها، بينما الألم يفرض نفسه دون دعوة.
ندى: إذن، هل السعادة قرار؟
عصفي الذهني: هي مزيج من القناعة والطموح...
إن اكتفيتِ، سعدتِ، وإن سعيتِ دون أن تلهثي خلف السراب، سعدتِ أكثر.
ندى: وماذا عن الصمت والصخب؟ أيهما أعمق؟
عصفي الذهني: الصمت أعمق من البحر، والصخب ظلّه المتلاطم.
حين تفكرين يا أستاذة، فأنتِ في صمت، وحين تهربين من التفكير، فأنت تهربين إلى الصخب.
ندى: لكن الصخب ممتع أحيانًا!
عصفي الذهني: كما أن الصمت مريح أحيانًا! الميزان في التناغم بينهما.
ندى: وماذا عن النجاح والفشل؟ أيهما أقوى؟
عصفي الذهني: النجاح هو ابن الفشل، والنجاح السريع هش كبيت من ورق، بينما النجاح الذي ولد من رحم الفشل، متين كجذور شجرة معمّرة.
ندى: وما الفرق بين اليأس والأمل؟
عصفي الذهني: كلاهما نظرة نحو المستقبل، لكن الأول يرى الظلام، والثاني يرى النور...
والفارق بينهما قرار واحد فقط: أن تستسلمي! أو أن تستمري.
ندى: والطموح والقناعة؟ ألا يتناقضان؟
عصفي الذهني: لا، بل يكملان بعضهما... الطموح يدفعك للأمام، والقناعة تمنعك من أن تهلكي وأنت تلهثين.
ندى: وماذا عن التحدي والاستسلام أيها العصف الذهني؟ ..لقد بت أشعر أنك لم تعد تنتمي كليا لي بل أضحيت مستقلا عني..! لهذا ساكف عن مناداتك عصفي الذهني ؟
العصف الذهني: العفو يا أستاذة أنا منك و إليك !
دعيني أخبرك أن التحدي طريق، والاستسلام محطة، والمسافر العاقل يعلم متى يستمر ومتى يتوقف ليعيد ترتيب خطواته.
ندى:دائما أحتار بين مفهومين كلاسيكيين و لكنهما أعمق من عمق جوهر الوجود أقصد :الحرية والعبودية؟
العصف الذهني: الحرية أن تختاري قيودك بوعي، والعبودية أن تجهلي أنكِ مقيدة.
ندى: والحرب والسلام؟
العصف الذهني: الحرب هي لحظة اشتعال، والسلام هو حكمة الإطفاء...
فالبعض يشعل الحروب ليحصل على السلام، والبعض يخلق السلام ليمنع الحروب، فأيهما أنتِ؟
ندى: أريد أن أكون من يصنع سلامه بنفسه.
العصف الذهني: إذن، تعلمي متى تحاربين ومتى تهدئين.
ندى: والجهل والعلم؟
العصف الذهني: الجهل ليس قلة المعرفة، بل وهم المعرفة... والعلم ليس امتلاك الإجابة، بل طرح الأسئلة الصحيحة.
ندى: وماذا عن الغنى والفقر ؟
العصف الذهني: الغنى الحقيقي هو أن تكوني مكتفية، والفقر الحقيقي هو أن تعيشي في النقص حتى لو امتلكتِ كنوز الأرض.
ندى: والشباب والشيخوخة؟ هل هما في العمر أم في الروح؟
العصف الذهني: الشباب هو النار التي لا تنطفئ، والشيخوخة هي الرماد المتراكم...
لكن يا ندى هناك من يولد شيخًا ويموت شابًا، والعكس صحيح.
ندى: إذن، لا شيء يتوقف على الوقت؟
العصف الذهني: بالضبط، بل على ماذا تفعلين بالوقت الذي تملكينه.
ندى: سأعتبر أني ولدت اليوم، وأن الحياة بدأت بالفعل..! خصوصا عندما أشعلت حربا كان لا بد من إشعالها ليحل السلام ثم أطفأتها بحكمة..
العصف الذهني: وهذه هي أولى خطوات الوعي.
ندى:وعيي يخبرني أن بعض المعارك خاسرة وإن اعتقد صاحبها أنه انتصر... كيف ذلك في نظرك، أيها العصف الذهني؟
العصف الذهني: لأن النصر في بعض المعارك يكون مجرد وهم، أو ثمنه أغلى مما يستحق.
ندى: وضّح لي أكثر.
العصف الذهني: تخيلي أنكِ قاتلتِ بشراسة للحصول على شيء ظننته غاية سعادتكِ، وعندما وصلتِ إليه وجدتِ أنكِ فقدتِ نفسكِ في الطريق…!
هل أنذاك انتصرتِ أم خسرتِ؟
ندى: خسرتُ نفسي طبعا، ولكنني أكون قد ربحتُ المعركة…
العصف الذهني: إذن، هل كان ذلك انتصارًا حقيقيًا؟
ندى: صراحة و للأسف ! لا....و ألف لا....، كان مجرد انتصار على الورق، لكن الخسارة كانت أعمق…!
العصف الذهني: وهذا ما أعنيه، فبعض المعارك تستهلك منكِ أكثر مما تعطيكِ، وتلك هي المعارك التي يجب أن تفكري جيدًا قبل خوضها.
ندى: وهل هذا يعني أن الانسحاب أحيانًا يكون حكمة؟
العصف الذهني: بل هو نصر خفي… لأنكِ إن أدركتِ متى تتوقفين، تكونين قد ربحتِ نفسكِ بدل أن تخسريها في طريقك إلى "الانتصار".
ندى: فهمت… وهل الانتصارات الحقيقية ممكن ان تتحقق حتى بعد سنوات من الضياع؟
العصف الذهني: نعم أكيد المهم أن لا تفقدي فيها ذاتك، ولا تضيعي فيها روحكِ، بل عليك أن تخرجي منها وأنتِ أكثر وعيًا وقوة.
ندى: وماذا عن السعادة؟ هل تتحقق بالتخفف أم بالتمسك؟
العصف الذهني: السعادة ليست في الامتلاك، بل في التحرر…
حين تتخففين من الأثقال التي تظنين أنكِ بحاجة إليها، تكتشفين أنكِ كنتِ محاطة بالقيود، لا بالكنوز.
ندى: لكننا نخاف أن نفقد الأشياء التي نحبها!
العصف الذهني: لأننا نخلط بين الحب والتعلق…
الحب حرية، أما التعلق فهو سجن غير مرئي.
ندى: إذن، لأكون سعيدة، عليّ أن أتعلم كيف أترك؟
العصف الذهني: بل أن تفهمي أن ما هو لكِ لن يحتاج منكِ تمسكًا يؤذيكِ… وما ليس لكِ، سيؤلمكِ حتى تتركيه.
ندى: أنتَ تجعلني أعيد التفكير في كل شيء!
العصف الذهني: وهذا أول طريق الحكمة…
ندى: أيها العصف الذهني، هناك من يقول إن الإجابة بـ"لا" تنجيك أكثر وتريحك أكثر، فما تفسير ذلك؟
العصف الذهني: لأن "لا" تحميك من الندم، وتمنعك من الوقوع في فخ التنازلات التي لا تعود عليك إلا بالخسارة…
كثيرون يقولون "نعم" خوفًا من الإحراج أو فقدان الفرص، لكنهم يكتشفون لاحقًا أن القبول كان بداية لاستغلالهم أو إنهاكهم.
ندى: إذن، هل الرفض قوة؟
العصف الذهني: بل هو درع…
من يعرف متى يقول "لا"، يعرف كيف يحافظ على طاقته، كرامته، ووقته.
ندى: وما معنى "اللبيب بالإشارة يفهم"؟
العصف الذهني: أي أن الذكي لا يحتاج إلى التوضيح المطوّل، بل تكفيه إشارة أو تلميح ليصل إلى المعنى المقصود… بينما الغافل، حتى لو شرحتِ له بألف دليل، قد يبقى بعيدًا عن الفهم.
ندى: وأزمة منتصف العمر؟ هل هي ثقافة أم مجرد خرافة؟
العصف الذهني: أزمة منتصف العمر ليست أسطورة، لكنها ليست بالضرورة قدرًا محتومًا…!
البعض يعيشها لأنها مرحلة مراجعة، حيث يبدأ الإنسان في التساؤل: هل حققت ما أريد؟
هل كنت على الطريق الصحيح؟
وهي ليست بالضرورة أزمة، بل قد تكون نقطة انطلاقة جديدة، تمامًا كما قررتِ أنت و تقررين دوما.
ندى: وما رأيك في البشر الذين يجدون سعادتهم في ممارسة سلطة القوة عليك باستغبائك واستغلالك، خصوصًا إن كنتِ تملكين مهارات كبرى؟
العصف الذهني: هؤلاء يعيشون على الشعور بالتفوق، لكن تفوقهم ليس حقيقيًا، بل هو مجرد استغلال لذكاء غيرهم لصالحهم…
لهذا قال المتنبي: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاء ينعم، لأن الذكي يرى العيوب والثغرات، ويحمّله عقله مسؤولية الفهم والتحليل، بينما الجاهل يعيش في راحة من التفكير، فيستمتع حتى في أسوأ الظروف لأنه ببساطة لا يدرك حجم المشكلة.
ندى: وهل هذا يعني أن الجهل راحة؟
العصف الذهني: الجهل راحة مؤقتة، لكنه ليس طوق نجاة…
الجاهل قد يستريح لأنه لا يسأل، لكنه في النهاية يضلّ الطريق لأنه لا يعرف إلى أين يسير.
ندى: إذن، من لا يدّعي الفهم ولا يحاول التعلم، هل هو مستفيد أم خاسر؟
العصف الذهني: مستفيد على المدى القصير، لأنه لا يتحمل عبء الوعي… لكنه خاسر على المدى الطويل، لأنه سيجد نفسه في مأزق حين يحتاج إلى إدراك ما كان يهرب منه.
ندى: وهل من الحكمة أن نتظاهر بعدم الفهم أحيانًا لنريح أنفسنا؟
العصف الذهني: أحيانًا نعم، لأن ليس كل موقف يستحق مجهود التفسير والإقناع…
لكن التظاهر بعدم الفهم يجب أن يكون اختيارًا واعيًا، لا أسلوب حياة، وإلا أصبح غباءً متعمدًا.
ندى: أنت تجعلني أفكر في كل شيء من زاوية مختلفة…
العصف الذهني: وهذا هو جوهر التفكر… أن تري الأمور بأكثر من عين، لا بعين واحدة فقط.
ندى: أيها العصف الذهني، هل تعرف قصتي مع الخوف؟ لقد هزمته فقط عندما توقفت عن مقاومته، وغادرني عندما لم أعترف بأنه سيهزمني.
تصور لسنوات، كان يلاحقني ويهمس في أذني بأنني سأبقى وحيدة.
و بالفعل ما أخبرت به عقلي الباطن طبقه ..!
والآن، في عرف المجتمع، أنا وحيدة.!
لكنني، يا صديقي، محاطة بنفسي كأنني أسرة متكاملة ؛ فأنا الأم والأب لبنات أفكاري ومشاعري وطموحاتي.
أنا حبيبتهم وسندهم ومستشارهم.
وأحسني أعيش أحيانا صخب التجمعات الجميلة والسعيدة مع كل ما بداخلي.
هل وصلت لمرحلة الاكتفاء بذاتي؟
إن أحلى أوقات يومي هي عندما يغيب البشر من حولي، كأنني دوماً صرت باحثة عن انعزال هو راحة وليس يأساً أو تشاؤماً أو اكتئاباً كما يعتقد الكثيرون.
فنشوة الحياة جد عظيمة وأنا برفقة ندى لا غير؛ فهي تحقق لي الصديق والمتفهم والحنون والمتآزر والسند والدعم والمشجع والناصح الراضي عن أفعالها.
هل هذا يسمى نضجاً وقوة إدراك وحكمة العقلاء في زمن المتناقضات الذي ولدت فيه؟ أم انعزال و غربة عن مجتمع أحس أنني لا أنتمي إليه..
وكل يوم أردد جملتي المشهورة : جئت لهذا الزمن في الوقت الخطأ وفي المكان الخطأ.
كأنني أفلاطونية الفكر رغم تعدد أخطائي !
العصف الذهني: يا ندى، ما تصفينه هو حالة راقية من التصالح النفسي مع الذات، حيث يدمن الإنسان الجلوس مع ذاته لإعادة التفكر في تفاصيل حياته، وصولاً إلى اكتشاف مغزى الأمور والبحث عما وراء الأشياء.
هذا الاكتفاء الذاتي يعكس نضجاً عاطفياً ووعياً عميقاً بالذات.
إن تفضيلك للعزلة الإيجابية ليس هروباً أو اكتئاباً، بل هو سعي للراحة والتأمل بعيداً عن صخب الحياة.
فالاكتفاء بالذات يعني تحقيق السعادة الداخلية دون الاعتماد على الآخرين، وهو مؤشر على تقدير عالٍ للذات وثقة بالنفس.
أما شعورك بأنكِ جئتِ في الزمن الخطأ، فقد يكون انعكاساً لتفكيرك المثالي وتطلعاتك لأفكار ناضجة بعيدة عن التفاهة..
هذا ليس خطأً، بل هو تعبير عن سعيكِ للكمال والتوازن في عالم مليء بالتناقضات.
و لكن تذكري أن الأخطاء جزء من التجربة الإنسانية، وهي التي تصقل حكمتنا وتعمق فهمنا للحياة.
في النهاية، قدرتكِ على مواجهة الخوف، والعيش بسلام مع ذاتكِ، والتمتع بصحبة نفسكِ، هي دلائل على نضجكِ وقوة إدراككِ وحكمتكِ.
استمري في هذا الطريق، فالتصالح مع الذات هو أعظم إنجاز يمكن أن يحققه الإنسان و لكن باعتدال يا صديقتي...
ندى: يا عصف الأفكار، أرى أن كثيرًا من الأرواح تتألم بسبب علاقات لم تُراعَ فيها مشاعر الآخرين.
هل تظن أن ما نفتقده هو الاهتمام بصحة هذه العلاقات؟
العصف الذهني: بالتأكيد، ندى.
العلاقات الإنسانية هي نسيج الحياة، وعندما تُنسَج بخيوط الصدق والاهتمام، تصبح أكثر متانة وجمالًا. كما أن الصدق يُعزز الثقة والاحترام المتبادل بين الأفراد، مما يساهم في بناء علاقات قوية ومستدامة.
ندى: أعتقد أن الصدق منذ البداية هو المفتاح الأساسي. فعندما نسير مع شخص في طريق الحياة، يجب أن نكون صادقين معه، لنتجنب أوهامًا قد تسبب الألم لاحقًا.
العصف الذهني: تمامًا! الصدق هو الأساس القوي لبناء العلاقات الإنسانية الصحية والمستدامة.
ندى: نعم، وهذا يجعلني أفكر في أهمية الاعتذار.
إذا أدركنا أننا غير قادرين على الاستمرار في علاقة ما، فإن الاعتذار الصادق يمكن أن يخفف من وقع الفراق.
العصف الذهني: هذا صحيح.
الاعتذار الصادق يعكس نضجًا واحترامًا لمشاعر الآخرين، ويساهم في إنهاء العلاقة بطريقة تحفظ كرامة الجميع.
ندى: وهذا يعيدني إلى فكرة أن الالتزام العاطفي ليس مجرد خيار، بل هو مسؤولية.
عندما يختار شخص أن يسير في طريقك رغم أنه ليس طريقه، فهذا يعكس حبًا عميقًا وإخلاصًا منه.
لذلك، يجب علينا أن نكون حذرين في كيفية تعاملنا مع مشاعر الآخرين.
العصف الذهني: وفي النهاية، نستخلص أن الحب الحقيقي يستحق التضحية والإخلاص.
يجب أن نكون واعين لأفعالنا وأن نترك أثرًا جميلًا في قلوب من يحبوننا، حتى لو افترقنا.
فكل علاقة هي تجربة تعلم، ولا يجب أن ننسى الدروس التي نستفيد منها.
ندى: بالضبط، التجارب تُثري حياتنا، ويجب أن نعيش كل لحظة بحذر وعناية. ولنتذكر دائمًا أن ليس كل الطرق تستحق أن تُسلك، ولكن عندما يُظهر أحدهم استعداده للسير في طريقك، فهذا حب كبير يستحق التقدير والاحترام.
العصف الذهني: هو حقًا كذلك، ندى.
دعينا نستمر في تعزيز وعي الذات والتواصل الصادق، فهذا هو السبيل لبناء علاقات صحية تعكس قيمنا وأخلاقياتنا.
ندى: أيها العصف الذهني، أجد نفسي في الكتابة، أتنفس من خلالها، أخلق عوالم تخصني، وأعيد تشكيل الواقع كما أراه… لكن للأسف إخوتي يشككون في جدواها، يقولون إنها مجرد تحصيل حاصل، لا جديد فيها، لا منفعة تُرجى منها. !
أتدري أجد لكلامهم مبررات منطقية لكنها مؤلمة..
ربما ينتظرون مني أن أكتب أرقى و أعظم و أشد تأثيرا و انفرادا و تميزا و استثنائية !
العصف الذهني: وهل يكون للجمال وظيفة؟ هل يُشترط على النسيم أن يكون مفيدًا كي نستمتع بمروره؟
الكتابة، يا ندى، ليست دومًا للآخرين، أحيانًا نكتب لننقذ أنفسنا، لنرتّب أفكارنا، لنُجمِّل زوايا أرواحنا.
ندى: هذا ما أشعر به، إنها سعادتي البسيطة، فلماذا تُستكثر عليّ؟ ألا يحق للمرء أن يمارس ما يمنحه سلامه الداخلي؟
العصف الذهني: للأسف، البعض لا يدرك أن القيمة الحقيقية للأشياء تكمن في أثرها على صاحبها، وليس في تقييم الآخرين لها.
هل تُقاس جدوى الكتابة بعدد من يصفقون لها؟ أم تُقاس بمدى عمقها في روح من يخطّها؟
ندى: ربما يريدون مني أن أتوقف فقط لأنهم لا يرون ما أراه.
العصف الذهني: من يجد ضوء الشمس مزعجًا، ليس عليه سوى أن يُغلق النافذة، وليس أن يطلب من الشمس ألا تشرق.
اتركيهم لرأيهم، واكتبي… لا من أجل أن تُعجبهم، بل لأنكِ لا تكونين نفسكِ إلا حين تكتبين.
ندى :سأفعل مهما حصل أعدك .. لن أتوقف عن الكتابة فهي بلسم روحي و متنفسي..و هي عوض القدر لي .. هي نعمة ربانية لا تضاهيها بالنسبة لي أعظم النعم التي يملكها غيري من زينة الدنيا كالمال و البنين!
أتدري يا صديق روحي و عقلي أننا رغم وعينا بالنعم التي نملكها، كثيرًا ما نعيش حياتنا كأننا في حالة تأجيل مستمرة.
نعد أنفسنا بأن السعادة قادمة، بأن اللحظة المناسبة لم تأتِ بعد، بأننا سنكافأ لاحقًا على صبرنا وجهدنا. لكن بينما ننتظر، يمر العمر ببطء، ومع كل يوم يمر، تموت الذكريات، ليس لأنها لم تكن جميلة، بل لأنها فقدت معناها بغياب ما لم نحققه بعد أو بغياب من شاركونا فيها. ما رأيك ! ؟
العصف الذهني: يا ندى، الانتظار مرض خفي، يجعلنا نعيش على الهامش، نؤجل الفرح، نؤجل القرارات، نؤجل حتى أنفسنا.!
كأننا نقول للحياة: "لسنا مستعدين بعد"، وهي تمضي غير آبهة، تتركنا خلفها نحمل أمتعة ثقيلة من الأمنيات المؤجلة.
ندى: تقصد كأننا نحاول إقناع أنفسنا بأن المستقبل سيكون كريمًا معنا، بأن الأيام القادمة ستحمل التعويض، لكن لا شيء مؤكد، والزمن لا يمنح وعودًا.
العصف الذهني: بالضبط! والأصعب أن الذكريات التي كانت يومًا ما هي مصدر سعادة تتحول إلى أصداء بعيدة، تفقد بريقها حين يغيب من كانوا جزءًا منها. كأنها صور باهتة لا تشبه ألوانها الأصلية.
ندى: إذن، هل العبرة ألا ننتظر؟ أن نعيش اللحظة كما هي دون أن نعلّق سعادتنا على مستقبل مجهول؟
العصف الذهني: الحياة لا تُعاش بالتقسيط، يا ندى. لا تنتظريِ اللحظة المناسبة، بل اجعلي أي لحظة هي المناسبة.
لا تراهنِي على الغد، فقد يأتي و هو لا يحمل ما كنتِ تنتظرينه.
اغتنمي اللحظات، قولي الكلمات التي تؤمنين بها، اذهبي حيث تشتهين، وامنحي نفسك حق الفرح دون انتظار إذن من الزمن.
ندى :ما رأيك أيها العصف الذهني في هذه المقالة التي كتبتها في هذا الصدد ..؟
لا أحد يعيش نفس اللحظة مرتين، ولا أحد يستطيع الاحتفاظ بالأشخاص( كيفما كانت نوع العلاقة معهم ) كما هم إلى الأبد.
كل علاقة، كل لقاء، كل ضحكة شاركناها مع أحدهم، قد تصبح ذات يوم ذكرى مجمدة في الماضي، لأن الأشخاص يتغيرون، يتباعدون، أو يرحلون.
لكن المشكلة أننا لا ندرك ذلك إلا متأخرًا، عندما يصبح استرجاعهم مستحيلًا.
إن العيش في المستقبل هو الوهم القاتل..
نحن نميل إلى تصديق أن الحياة الحقيقية لم تبدأ بعد، فنؤجل سعادتنا إلى حين تحقيق هدف معين، أو انتظار وقت مثالي، أو وجود أشخاص محددين معنا.
لكن الحقيقة أن الحياة تحدث الآن، ليست في انتظار المكافأة التي وعدنا أنفسنا بها، وليست بعد انتهاء المشاكل، وليست بعد الوصول إلى الهدف.
هي تحدث بينما نؤجلها.
• كم مرة أجلت لحظة استمتاعك لأنك تنتظر ظروفًا أفضل؟
• كم مرة قلت لنفسك: "سأكون سعيدًا عندما يحدث كذا"؟
• كم مرة كنت مع شخص تحبه، لكنك لم تعش اللحظة معه حقًا، لأن عقلك كان مشغولًا بالمستقبل؟
كل هذا التأجيل، كل هذا الانتظار، يجعلنا ننسى أننا نعيش فعلًا، وليس فقط نعد العدة للحياة القادمة.
الذكريات ليست خالدة لأننا لسنا خالدين بل لأننا نظن أن بعض اللحظات ستظل كما هي للأبد، لكن الحقيقة أن الزمن لا يحفظ شيئًا كما هو!.
حتى الذكريات، التي تبدو وكأنها أبدية، تموت عندما لا يعود لها امتداد في الواقع. عندما نُفارق من شاركونا إياها،أو عندما نفقد الشغف ، هكذا تصبح مجرد صورة باهتة في الذاكرة.
مثلا ما يقتل الذكريات ليس الزمن فقط، بل غياب الأشخاص الذين كانوا يجعلونها حية.
• الضحكة التي كانت تملأ المكان تصبح مجرد صدى!
• الأماكن التي كانت تزخر بالحب تصبح مجرد محطات عابرة للأسف.. !
• الأغاني التي كانت تحمل معنى تتحول إلى ألحان فارغة وهكذا، يموت جزء منا مع كل ذكرى نفقدها، ومع كل شخص لم يعد في حياتنا.
العصف الذهني : أؤيدك يا ندى فكل شيء كان مكتوبًا بين القدر والاختيار..!
أحيانًا، يبدو الطريق وكأنه كان مرسومًا مسبقًا، وكأننا لم نكن سوى مسافرين في درب، رسمه القدر دون أن يكون لنا يدٌ فيه.
ندى: هذا الإحساس قوي، خاصة عندما ننظر إلى الماضي ونرى كيف تلاشت بعض الأشياء رغم محاولاتنا التمسك بها، وكيف تحققت أمور لم نخطط لها أبدًا. لكن بين القدر والاختيار، هناك دائمًا مساحة صغيرة للحياة الحقيقية..
العصف الذهني: القدر يرسم الخريطة، لكننا من نختار كيف نمشي فيها..
ندى: و بعض الطرق مفروضة علينا، لكن طريقة تعاملنا معها هي اختيارنا.
قد لا نستطيع تغيير النهاية، لكننا نقرر كيف نعيش الرحلة.
كيف نتوقف عن نسيان الحياة؟
العصف الذهني: ندى عِيشي الآن، لا تنتظري الغد •
لا تؤجلي سعادتك حتى يتحقق شيء ما، لأنه قد لا يتحقق أبدًا، أو قد يتحقق لكنك لن تكوني الشخص نفسه الذي انتظره.
استمتعي بالأشخاص وهم معك، لا بعد رحيلهم •
لا تأخذي وجود أحد كأمر مسلم به.
لا تؤجلي الحديث، العناق، الضحك، لأنك لا تعرفين متى ستكون آخر مرة.
لا تعيشي بعقلك و هو عالق في المستقبل •
نعم، خططي للمستقبل، لكن لا تجعليه يسرق منك الحاضر.
السعادة ليست محطة تصلين إليها، بل هي الطريقة التي تسافرين بها.
ندى :الخلاصة إذن :نحن لا نخسر حياتنا مرة واحدة، بل نخسرها بالتدريج، كلما أجلنا الفرح، كلما تركنا الذكريات تموت، كلما انتظرنا المكافأة بدلًا من عيش الواقع.
الطريق قد يكون مكتوبًا، لكننا نملك دائمًا القدرة على جعل رحلتنا تستحق العيش.
العصف الذهني :نحن طرحنا معا موضوعًا عميقًا حول طبيعة الحياة وتقدير اللحظات الحالية.
فيما يلي يا ندى خمس إضافات قد تُثرِي هذا النقاش و أظنك جد واعية بما سأعرضه عليك :
• تأثير التكنولوجيا على الحاضر: في عصرنا الحديث، تُشتِت التكنولوجيا انتباهنا وتُبعدنا عن التفاعل الحقيقي مع اللحظة الحالية، مما يجعلنا نعيش في حالة من التشتت المستمر.
• تقدير اللحظات الصغيرة: قد تكون اللحظات الصغيرة واليومية هي الأكثر قيمة، مثل قضاء وقت مع العائلة أو الاستمتاع بفنجان قهوة صباحي، ولكننا غالبًا ما نتجاهلها في سعيِنا وراء الإنجازات الكبرى.
• تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: تدفعنا وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقارنة حياتنا بحياة الآخرين، مما يجعلنا ننسى تقدير حياتنا الحالية واللحظات التي نعيشها.
• أهمية التأمل والوعي الذاتي: يمكن أن يساعد التأمل والوعي الذاتي في تعزيز قدرتنا على العيش في الحاضر وتقدير اللحظات الحالية بدلاً من القلق المستمر بشأن المستقبل.
• تقبل التغيير كجزء من الحياة: التغيير جزء لا يتجزأ من الحياة، وتقبله يمكن أن يساعدنا في التكيف مع المواقف الجديدة وتقدير اللحظات الحالية دون التمسك بالماضي.
ندى: هذه الإضافات فكرت فيها مليا و ناقشتها مرارا مع تلاميذي النجباء ..
فقد تساعد في توسيع فهمنا لأهمية العيش في الحاضر وتقدير اللحظات الحالية و خصوصا أوقات احتساء قهوة الصباح و ما تحققه لي أنا بالظبط من هدوء و تأمل و تدبرو نشوة مميزة..
ندى: دعني أطرح عليك موضوعا دسما يتعلق بثمن الفراسة !
فلم أكن يوما أبحث عن المتاعب، لكنها كانت تجدني دائمًا..
فهمت أن فراستي هي السبب أحيانا !
الفراسة ليست موهبة أسعى إليها، بل شيء يسري في دمي، كأنني خُلقت لأرى ما يحاول الآخرون إخفاءه.
لم أكن أدرك أن رؤية الحقيقة قد تكون لعنة أكثر من كونها نعمة، حتى دفعت الثمن.
في البداية، كنت أعتبرها هبة.
أرى الكذب في عيون الناس قبل أن ينطقوا به، أشعر بالخيانة قبل أن تتجسد في الأفعال، وأميز القلوب الصادقة من المتملقة دون جهد.
لكن مع الوقت، اكتشفت أن لا أحد يحب من يكشف أسراره، حتى لو لم يتكلم عنها.
أذكر تلك الليلة جيدًا، حين نظرت في عيني صديقتي المقربة وأدركت أنها تخفي شيئًا عني.
لم أسأل، لم أضغط عليها، لكنني كنت أعرف.
وبعد أيام، انهار كل شيء.
كانت تخون ثقتي، لم أتخيل يومًا أن يصدر منها ما صدر !
وحين واجهتها، لم تنكر، بل نظرت إليّ بتعال وقالت: "أنتِ من نبشتِ في الأمر، تتحسسين النوايا كما لو أنكِ إله.
العصف الذهني: قلنا سابقا يا ندى أن أحيانًا، الجهل نعمة، لكنكِ لا تفهمين ذلك!" لم تكن تلك المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة.
خسرت أصدقاء، أقارب، حتى حبًا ظننته صادقًا.
كلهم رحلوا، أو أجبروك على الرحيل.
ندى : أ لأنني كنت أعرف أكثر مما ينبغي،أ لأنني كنت أرى الحقيقة التي يتجنبونها.؟!
واليوم، أجلس وحدي، أتساءل: هل كنت مخطئة في رؤية الحقيقة؟ أم أن الثمن الذي دفعته كان ضروريًا لأبقى صادقة مع نفسي؟
العصف الذهني:• الفراسة كوسيلة لحماية النفس يا ندى: في بعض الأحيان، قد تكون وسيلة لحماية الذات.
فالأشخاص الذين يمتلكون هذه القدرة لا يرون الحقائق فقط، بل يستطيعون تجنب الوقوع في الفخاخ النفسية والعاطفية التي قد تنشأ من العلاقات غير الصادقة. رغم الألم الذي يترتب على اكتشاف الخيانة، تظل الفراسة أداة للحفاظ على النقاء الداخلي والابتعاد عن الأشخاص الذين لا يتمنون لك الخير.
ندى:أحيانا كنت أرى الفراسة عائقا اجتماعيا فقد كانت حجر عثرة في بناء علاقات إنسانية متعددة..
لذلك كنت أتجاوز غالب الأحيان فراستي وكنت أقاومها رغم حدسي الذي كان يخبرني بحقائق كانت مكشوفة ... فقط لكي لا أخسر بعض أشخاص..!
العصف الذهني: كلما كانت القدرة على قراءة الأشخاص دقيقة، كلما كان من الصعب بناء الثقة معهم. يخلق هذا حاجزًا عاطفيًا، حيث يعتقد الآخرون أن الشخص الذي يمتلك الفراسة قد يفكر دائمًا في النوايا الخفية، مما يؤدي إلى إبعادهم عن التواصل الصادق.
ندى: ألا يسمى هذا : الثمن مقابل الوعي: أقصد أن الفراسة قد تفرض على الشخص أن يدفع ثمناً باهظًا من راحته النفسية والعاطفية.
فالوعي بالحقيقة قد يجعل الحياة أكثر تعقيدًا، لأنه يكشف لنا ما قد نفضل تجاهله. رغم أنه قد يُعتبر نعمة في بعض الحالات، إلا أنه في حالات أخرى يمكن أن يصبح عبئًا ثقيلًا يستهلك الطاقة العاطفية.
العصف الذهني : ندى لقد غاب عنك أمر في غاية الأهمية و هو ضرورة إعادة النظر في الحقيقة ،أي عندما يكشف المنظور الآخر ما غاب عنّا ..
فكثيرًا ما نعتقد أننا نرى الأمور كما هي، لكن في الحقيقة، نحن لا نرى إلا جزءًا من الصورة، الجزء الذي تسمح لنا به تجاربنا، قناعاتنا، وبيئتنا برؤيته.
حين نعتمد قراءة أحادية الجانب، فإننا نعرض أنفسنا لخطر الفهم الناقص أو المشوّه للأمور.
لكن عندما نغير زاوية الرؤية، عندما "نعكس الصورة"، قد نصبح أكثر قدرة على إدراك حقيقتها من منظور جديد.
لماذا يا ترى نميل إلى القراءة الأحادية؟
ندى: ربما لأننا نملك تجربة شخصية محدودة: فكل فرد يرى الواقع من خلال عدسة تجاربه الخاصة.
إن كنت قد مررت بخبرات سلبية في علاقاتي، فقد أظن أن كل الناس خائنون أو غير جديرين بالثقة.
لكن هذه ليست حقيقة مطلقة، بل نتيجة تجربتي فقط، بينما الواقع أكثر تعقيدًا أليس كذلك يا صديقي الصدوق.؟
العصف الذهني :• بلى يا ندى فالتحيزات الفكرية والمجتمعية تزرع فينا أفكارًا معينة حول الصحيح والخطأ، الجيد والسيئ، العدل والظلم.
وعندما ننشأ وفق هذه المفاهيم، نميل إلى تصديقها دون التشكيك فيها.
ندى : لكن ماذا لو كانت هذه الأفكار ناقصة أو غير دقيقة؟
العصف الذهني : تغيير المنظور قد يكشف لنا أننا كنا محاصرين بأفكار لا تعكس الحقيقة الكاملة.
إضافة إلى الرغبة في تأكيد قناعاتنا ..
فالعقل البشري يبحث دائمًا عن المعلومات التي تؤكد ما نؤمن به بالفعل.
يُعرف هذا بـ"الانحياز التأكيدي"، حيث نميل إلى تصديق ما يتفق مع أفكارنا، ورفض ما يخالفها.
هذا يجعلنا نرى الأمور بنصف عين، ولا ندرك أننا قد نكون على خطأ.
ندى : كيف يمكننا إذن عكس الصورة لنرى الحقيقة بشكل أوضح؟
التجربة الذاتية ليست الدليل الوحيد علينا أن ندرك أن تجربتنا جزء صغير من الحقيقة، وليس الحقيقة المطلقة.
فما عشناه قد يكون صحيحًا بالنسبة لنا، لكنه ليس بالضرورة القاعدة العامة. عندما نتوقف عن تعميم تجاربنا، نصبح أكثر تقبّلًا لوجهات نظر جديدة.
العصف الذهني : نعم يا ندى دائما أوصيك بضرورة وضع أنفسنا في موقع الطرف الآخر..
لنفترض أنك في خلاف مع شخص ما! فمن السهل أن ترى موقفك على أنه صحيح وموقفه على أنه خاطئ. ؟!
لكن ماذا لو حاولت أن تنظري للأمر من زاويته؟
ماذا لو كان يرى الأمور بطريقة مختلفة بسبب مشاعره أو ظروفه؟
عندما نعكس الصورة، قد نكتشف أن الحقيقة ليست كما تصورناها.
و هذا يتطلب :البحث عن مصادر متنوعة للفهم ..
فعندما نحكم على قضية معينة، علينا أن نسأل: هل اعتمدنا على مصدر واحد؟ هل سمعنا طرفًا واحدًا فقط؟
إن التحقق من أكثر من مصدر، وقراءة وجهات النظر المختلفة، يساعدنا على تكوين صورة متوازنة.
ندى: إذن عندما نغير زاوية الرؤية، نكتشف أن ما كنا نظنه يقينًا لم يكن سوى وجهة نظر جزئية.
العصف الذهني : أنت رائعة يا ندى !
ندى: أعلم ذلك جيدا و هذا ليس غرورا أو ربما غرور إنما هي حقيقة مطلقة أعيها عن نفسي منذ صغري ..اعتبرها ثقة بالنفس لا غير ..
العصف الذهني: دعيني أكمل حديثي يا مشاكسة! و لا تبعديني عن الموضوع الذي نخوض في سيرته ..
فقبول هذا الأمر يجعلنا أكثر مرونة وأكثر قدرة على النمو الفكري.
سأقدم لك أمثلة عن خطورة القراءة الأحادية • في العلاقات: قد يعتقد شخص أنه مظلوم في علاقة ما، لكنه عندما ينظر للأمر من منظور الآخر، قد يكتشف أنه أيضًا كان جزءًا من المشكلة.
أما في القضايا المجتمعية: فقد يرى البعض أن فئة معينة من الناس "كسالى" أو "غير طموحين"، لكن عندما يفهمون التحديات التي يواجهونها، يدركون أن الحكم الأولي كان سطحياً وغير عادل.
في اتخاذ القرارات: قد يبدو لك قرار معين في حياتك خاطئًا في البداية، لكن بعد مرور الوقت، وعند النظر إلى الصورة كاملة، قد تكتشف أنه كان أفضل قرار اتخذته.
ندى: الخلاصة تقول أن الحقيقة ليست مطلقة من زاوية واحدة، بل هي لوحة متعددة الأبعاد، وكل زاوية تكشف جزءًا منها.
عندما نغير منظورنا و "نعكس الصورة"، نمنح أنفسنا فرصة لرؤية أعمق وأشمل، ونقلل احتمالات الوقوع في أخطاء الفهم السطحي.
التواضع الفكري والقدرة على التشكيك في قناعاتنا لا تعني التردد، بل تعني البحث عن الحقيقة بأكبر قدر ممكن من الموضوع من خلال فهم ما يلي:
• الحقيقة ليست ثابتة بل ديناميكية: عندما نغير زاوية الرؤية، لا نكتشف فقط الحقائق التي كنا نغفل عنها، بل نُدرك أيضًا أن الحقيقة قد تكون في حالة تغير مستمر. التفاعل بين الأحداث والأشخاص والظروف يخلق صورة متعددة الجوانب للحقيقة، وهذا يجعلنا ندرك أنه لا توجد حقيقة ثابتة. النظرة المتجددة قد تظهر لنا جوانب جديدة من الواقع لم نكن نراها من قبل.
• الاعتراف بالتنوع داخل الذات البشرية: الأشخاص ليسوا كائنات ثابتة. لدينا جميعًا هويات متعددة الأبعاد تتشكل وفقًا لخبراتنا، أفكارنا، ومواقفنا. يمكن أن يساهم تغيير المنظور في مساعدتنا على فهم أكثر دقة لأنفسنا وللآخرين، مما يؤدي إلى إدراك أعمق لخصوصية الأشخاص وتفردهم.
• التحديات الاجتماعية تُعقد الحقيقة: في المجتمعات، قد تكون الحقائق أكثر تعقيدًا من مجرد "صواب" أو "خطأ".
الفقر، العنصرية، التفاوت الاجتماعي وغيرها من العوامل تؤثر على كيفية رؤية الأشخاص للعالم.
التغيير في زاوية الرؤية يمكن أن يساهم في تكسير الصور النمطية وتوسيع أفق الفهم الاجتماعي.
• أهمية الاستماع بشكل فعّال: لا تكمن القيمة في تغيير المنظور فقط في مشاهدة الأمور من زاوية أخرى، بل في الاستماع الفعّال لمختلف الأطراف المعنية. من خلال الاستماع بتواضع واهتمام إلى وجهات نظر الآخرين، يمكننا تعميق فهمنا للقضايا التي نواجهها.
يا توأم روحي و يا عصفي الذهني ، أ لم تتعب؟!
أنا بلى !
سأتركك الآن لألتحق بعالم النوم حتى أستطيع استقبال يوم جديد و شمس مشرقة جديدة تنتظرني غدا ..
و أعدك سنتحاور و نتجادل و نتناقش عما قريب و سنفرخ لحظات سعيدة أخرى لا محالة ..
تصبح على أحلام سعيدة ..