الليلة الأخيرة في القرية (قصة قصيرة من الخيال ) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
وللحديث بقيه (الكاتـب : ساره عبدالمنعم - مشاركات : 102 - )           »          عرّافةُ المُخَيَّم. (الكاتـب : آية الرفاعي - مشاركات : 0 - )           »          مأوى الأحلام. (الكاتـب : آية الرفاعي - مشاركات : 129 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 635 - )           »          على الرف ... ؟؟ (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : نايف الروقي - مشاركات : 1662 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : نايف الروقي - مشاركات : 829 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : نايف الروقي - مشاركات : 75441 - )           »          أمطار متفرّقة. (الكاتـب : سرحان الزهراني - مشاركات : 3 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3927 - )           »          "أبو تركـي" (الكاتـب : حسام المجلاد - آخر مشاركة : عبدالله العتيبي - مشاركات : 1 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم يوم أمس, 07:54 AM   #1
ساره عبدالمنعم
( كاتبة )

افتراضي الليلة الأخيرة في القرية (قصة قصيرة من الخيال )


كانت الشمس تغرب ببطء خلف الجبال، ترسم ظلالاً طويلة فوق بيوت الطين والحجر. أصوات الجيران تتعالى وهم يحزمون آخر ما تبقى من حياتهم في صناديق خشبية، والريح تمرّ على أشجار السدر كأنها تودّعها بلطف.

وقف راشد عند سور بيتهم، يناظر قريته للمرة الأخيرة. كانت هادئة أكثر من المعتاد… وكأنها تحبس أنفاسها.

من خلفه، صوت جدته ناعم ومبحوح:
“ما بقى إلا الليلة، يا وليدي… بكرا الصبح نروح، ونتركها للمويا.”

ما رد، بس عيونه كانت معلقة في جهة الغابة.

الغابة اللي ما تدخلها الشمس.

قالت له جدته زمان:
“في شي هناك، ما يعرفه إلا اللي دخل وما رجع… بس اللي يعرف يسمع، يسمع الهمسات.”

وفي تلك الليلة… سمع همسة فعلاً.
مو من الريح، ولا من جدته.
من داخل الغابة.

“رااااشد…”

راح لجناح غرفته، سحب كشافه، دفتره، وسكين قديم ورثه من جده. وخرج.

كل شي كان ساكن.

كل شي كان ينتظر.



دخل الغابة وكأنها بلعت صوته، خطواته، وحتى أنفاسه. ما كان يمشي وسط شجر… كان يمشي وسط نفسه.

هناك، بين الأشجار، شاف باب خشبي واقف لحاله. ورا الباب، نور خافت… لما فتحه، النور اختفى.

وحين رفع رأسه… كان في قرية ثانية. تشبه قريته تمامًا. لكن مليانة ناس بلا ملامح، يتحركون كأنهم يعرفونه.

“ليش جيت قبل الوقت؟”

“تتذكر، وإلا نرجّعك؟”

اختفى كل شي.

ووجد نفسه في فضاء رمادي. لا أرض، لا سما. بس هو، وصوته، وذكرياته.

كان داخل عقله.

واجه ماضيه، حزنه، وحدته، ضياعه… وواجه نفسه. شاف صور عمره ما قدر يواجهها، وسمع صوته الداخلي يقول:

“الغابة تمثّل النسيان… وجودك هنا يعني إنك كنت تحاول تهرب، بس الحقيقه؟ ما تهرب، أنت تواجه.”

وحين فتح الباب الأخير…
وجد النور، وجد الشجرة، وجد دفتره.

وكتب:
“أنا راشد. رجعت.”



صحى عند طرف الغابة. الشمس تشرق من جديد. في يده دفتر، مفتوح على نفس الجملة:

“أنا راشد. رجعت.”

ومع أول خطوة مشاها نحو قريته، حس إن كل شي نفسه…
لكن كل شي تغيّر.

ولما التفت خلفه… لمح ظل صغير يشبهه، واقف بين الأشجار.

كان يبتسم له.

ثم اختفى.

راشد شدّ شنطته ومشى.



وما أحد عرف أبدًا…
وش صار فعلاً في الليلة الأخيرة في القرية.

 

التوقيع

شمس الغلا

ساره عبدالمنعم متصل الآن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:57 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.