•
كنت أعد الخطوات عند عتبة الليل حتى آخر حدود الصباح..
أملأ الطريق بالأحاديث المتراكمة على أرفف صدري..
أتبادل النكات مع حجارة الطريق
وأركلها أحياناً..
أقطف وردة حمراء كلون الشفق وأضعها في شعري..
أتوقف عند مقهى السهر .. أحتسي فنجاناً من شِعر .. وأنتشي
أشعر بأنني على مايرام فـ أبدأ بالكتابة..
ألتقط الأحرف المتناثرة كخرزات في ذهني في محاولة لصنع قلادة أزين بها عنق قصيدتي حتى تغدو أنثى تغوي الذائقة..
ألمح وجهاً يحدق بي في الطاولة المجاورة
أرتبك قليلاً وأتجاهله
وأعود لفنجان الشعر
: ( هل مازال يحدق بي؟! )
سريعاً أحرك حدقتيْ عينيْ باتجاهه ..
مازالت بوصلة عينيه تشير نحوي !!
وكأنني جهة خامسة !
وكأنما يحاول أن يمرّر لي الدعوة لاحتساء الشعر معاً على ذات الطاولة ..
زاد ارتباكي ..!
نبضات قلبي تكاد تشق صدري لفرط ضجيجها.!
تتسارع وتيرة أنفاسي وأخشى أن ينفد الأكسجين .. فأختنق.!
ألتفتُ نحوه بملامح جامدة يشوبها بعض الارتباك..
كان مبتسماً بوجهٍ حزين..
عيناه نافذتان لعالم بائس يسكنه وحده
أخشى أن أقبل دعوته .. وأن أفتحهما
ولا أجد شمساً خلفهما.!
أخشى أن أحتسي فنجان شعرٍ معه فيندلق على قلبي وليس لدي قلب آخر في خزانتي.!
أخشى أن أجلس على طاولته ويتشبث بي الكرسي ولا يفلتني.!
أخشى أن يمسك بيدي ويضعها على صدره ليُسمعني قصيدة حروفها نبضه
وأن لا تروق لي.!
أخشى أن يتعلق بعنق قصيدتي كطفل وأعجز عن التربيت على ظهره لأن يدي تمسك بفنجان الشعر.!
أخشى أن نحاول كتابة قصيدة فنكسرها .. وأكسره .. فينكسر قلبي .. !
لذا سأبقى جالسة أكمل فنجاني وأكتب
ومن ثم أمضي نحو عتبة النهار دون أن ألتفت للخلف ..
•