من الفصحى ( نصوص خالده ) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
؛ على عَتباتِ اللّيل ؛ (الكاتـب : رشا عرابي - آخر مشاركة : سليمان عباس - مشاركات : 2080 - )           »          (( وَشْوَشَة .. وَسْوَسَة ..)) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 70 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : جليله ماجد - مشاركات : 75495 - )           »          (توفّت ما لقت فرحة... (الكاتـب : فهد ضيف الله البيضاني - مشاركات : 4 - )           »          نخيل الضاد (الكاتـب : حسام المجلاد - مشاركات : 0 - )           »          درب المخاطر والسلامة (الكاتـب : عبدالإله المالك - مشاركات : 0 - )           »          ظهر الغيوم (الكاتـب : غادة الحرف - مشاركات : 2 - )           »          حديث أم معبد (الكاتـب : حسام المجلاد - مشاركات : 10 - )           »          ارتباك (الكاتـب : أحمد الحربي - مشاركات : 12 - )           »          عرّافةُ المُخَيَّم. (الكاتـب : آية الرفاعي - مشاركات : 2 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات العامة > أبعاد العام

أبعاد العام لِلْمَوَاضِيْعِ غَيْرِ الْمُصَنّفَةِ وَ الْمَنْقُوْلَةِ .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-2010, 01:54 PM   #39
هيفاء الزامل
[ رِيّاض نأُسٍِّكة ]

افتراضي







عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ ،

أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ .

عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ

وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُ ...كَالأَقْمَارِ في نَهَرْ

يَرُجُّهُ المِجْدَافُ وَهْنَاً سَاعَةَ السَّحَرْ

كَأَنَّمَا تَنْبُضُ في غَوْرَيْهِمَا ، النُّجُومْ ...



وَتَغْرَقَانِ في ضَبَابٍ مِنْ أَسَىً شَفِيفْ

كَالبَحْرِ سَرَّحَ اليَدَيْنِ فَوْقَـهُ المَسَاء ،

دِفءُ الشِّتَاءِ فِيـهِ وَارْتِعَاشَةُ الخَرِيف ،

وَالمَوْتُ ، وَالميلادُ ، والظلامُ ، وَالضِّيَاء ؛

فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي ، رَعْشَةُ البُكَاء

كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر !

كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ

وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر ...

وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم ،

وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر

أُنْشُودَةُ المَطَر ...

مَطَر ...

مَطَر...

مَطَر...

تَثَاءَبَ الْمَسَاءُ ، وَالغُيُومُ مَا تَزَال

تَسِحُّ مَا تَسِحّ من دُمُوعِهَا الثِّقَالْ .

كَأَنَّ طِفَلاً بَاتَ يَهْذِي قَبْلَ أنْ يَنَام :

بِأنَّ أمَّـهُ - التي أَفَاقَ مُنْذُ عَامْ

فَلَمْ يَجِدْهَا ، ثُمَّ حِينَ لَجَّ في السُّؤَال

قَالوا لَهُ : " بَعْدَ غَدٍ تَعُودْ .. " -

لا بدَّ أنْ تَعُودْ

وَإنْ تَهَامَسَ الرِّفَاقُ أنَّـها هُنَاكْ

في جَانِبِ التَّلِّ تَنَامُ نَوْمَةَ اللُّحُودْ

تَسفُّ مِنْ تُرَابِـهَا وَتَشْرَبُ المَطَر ؛

كَأنَّ صَيَّادَاً حَزِينَاً يَجْمَعُ الشِّبَاك

وَيَنْثُرُ الغِنَاءَ حَيْثُ يَأْفلُ القَمَرْ .

مَطَر ...

مَطَر ...

أتعلمينَ أيَّ حُزْنٍ يبعثُ المَطَر ؟

وَكَيْفَ تَنْشج المزاريبُ إذا انْهَمَر ؟

وكيفَ يَشْعُرُ الوَحِيدُ فِيهِ بِالضّيَاعِ ؟

بِلا انْتِهَاءٍ - كَالدَّمِ الْمُرَاقِ ، كَالْجِياع ،

كَالْحُبِّ ، كَالأطْفَالِ ، كَالْمَوْتَى - هُوَ الْمَطَر !

وَمُقْلَتَاكِ بِي تُطِيفَانِ مَعِ الْمَطَر

وَعَبْرَ أَمْوَاجِ الخَلِيج تَمْسَحُ البُرُوقْ

سَوَاحِلَ العِرَاقِ بِالنُّجُومِ وَالْمَحَار ،

كَأَنَّهَا تَهمُّ بِالشُّرُوق

فَيَسْحَب الليلُ عليها مِنْ دَمٍ دِثَارْ .

أصيح بالخليج : " يا خليجْ

يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "

فيرجعُ الصَّدَى

كأنَّـه النشيجْ :

" يَا خَلِيجْ

يَا وَاهِبَ المَحَارِ وَالرَّدَى ... "



أَكَادُ أَسْمَعُ العِرَاقَ يذْخرُ الرعودْ

ويخزن البروق في السهولِ والجبالْ ،

حتى إذا ما فَضَّ عنها ختمَها الرِّجالْ

لم تترك الرياحُ من ثمودْ

في الوادِ من أثرْ .

أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر

وأسمع القرى تَئِنُّ ، والمهاجرين

يُصَارِعُون بِالمجاذيف وبالقُلُوع ،

عَوَاصِفَ الخليج ، والرُّعُودَ ، منشدين :

" مَطَر ...

مَطَر ...

مَطَر ...

وفي العِرَاقِ جُوعْ

وينثر الغلالَ فيه مَوْسِمُ الحصادْ

لتشبعَ الغِرْبَان والجراد

وتطحن الشّوان والحَجَر

رِحَىً تَدُورُ في الحقول … حولها بَشَرْ

مَطَر ...

مَطَر ...

مَطَر ...

وَكَمْ ذَرَفْنَا لَيْلَةَ الرَّحِيلِ ، مِنْ دُمُوعْ

ثُمَّ اعْتَلَلْنَا - خَوْفَ أَنْ نُلامَ – بِالمَطَر ...

مَطَر ...

مَطَر ...

وَمُنْذُ أَنْ كُنَّا صِغَارَاً ، كَانَتِ السَّمَاء

تَغِيمُ في الشِّتَاء

وَيَهْطُل المَطَر ،

وَكُلَّ عَامٍ - حِينَ يُعْشُب الثَّرَى- نَجُوعْ

مَا مَرَّ عَامٌ وَالعِرَاقُ لَيْسَ فِيهِ جُوعْ .

مَطَر ...

مَطَر ...

مَطَر ...

في كُلِّ قَطْرَةٍ مِنَ المَطَر

حَمْرَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ مِنْ أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .

وَكُلّ دَمْعَةٍ مِنَ الجيَاعِ وَالعُرَاة

وَكُلّ قَطْرَةٍ تُرَاقُ مِنْ دَمِ العَبِيدْ

فَهيَ ابْتِسَامٌ في انْتِظَارِ مَبْسَمٍ جَدِيد

أوْ حُلْمَةٌ تَوَرَّدَتْ عَلَى فَمِ الوَلِيــدْ

في عَالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، وَاهِب الحَيَاة !

مَطَر ...

مَطَر ...

مَطَر ...

سيُعْشِبُ العِرَاقُ بِالمَطَر ... "



أصِيحُ بالخليج : " يا خَلِيجْ ...

يا واهبَ اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "

فيرجعُ الصَّدَى

كأنَّـهُ النشيجْ :

" يا خليجْ

يا واهبَ المحارِ والردى . "

وينثر الخليجُ من هِبَاتِـهِ الكِثَارْ ،

عَلَى الرِّمَالِ ، : رغوه الأُجَاجَ ، والمحار

وما تبقَّى من عظام بائسٍ غريق

من المهاجرين ظلّ يشرب الردى

من لُجَّـة الخليج والقرار ،

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرحيقْ

من زهرة يربُّها الرفاتُ بالندى .

وأسمعُ الصَّدَى

يرنُّ في الخليج

" مطر .

مطر ..

مطر ...

في كلِّ قطرةٍ من المطرْ

حمراءُ أو صفراءُ من أَجِنَّـةِ الزَّهَـرْ .

وكلّ دمعة من الجياع والعراة

وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد

أو حُلْمَةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ

في عالَمِ الغَدِ الفَتِيِّ ، واهب الحياة . "



وَيَهْطُلُ المَطَرْ ..



* بدر شاكر السيّاب *



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




.

 

التوقيع



علمتنا الشمس نرضى بـ [ الرحيل ]

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




.

هيفاء الزامل غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.