الكنز المفقود "قصة قصيرة" - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
أَعـتَــرِف .! (الكاتـب : سُرَى - آخر مشاركة : نوف الناصر - مشاركات : 41 - )           »          ( ،،،، مَــتْــحَـــفُ صَــــبْـــــر ،،،، ) (الكاتـب : خالد العلي - مشاركات : 6 - )           »          زمن الارتباك العاطفي ! بقلم ندى يزوغ (الكاتـب : ندى يزوغ - مشاركات : 0 - )           »          رُفعت الجلسة.. قصيدة نثر.. آخر ما كتبت (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - مشاركات : 2 - )           »          قضبان القصر (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - آخر مشاركة : عُمق - مشاركات : 6 - )           »          إلتقاطة أبعاد اللون (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : رفيف - مشاركات : 411 - )           »          الأب الفيلسوف.. آخر ما كتبت (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - آخر مشاركة : رفيف - مشاركات : 1 - )           »          هـــذيــآن (الكاتـب : إبراهيم الجمعان - مشاركات : 75 - )           »          أحب أن يكون ، لدي ما أقوله .. (الكاتـب : رفيف - مشاركات : 2 - )           »          رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - مشاركات : 51 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم اليوم, 12:54 AM   #1
إبراهيم امين مؤمن
( كاتب )

افتراضي الكنز المفقود "قصة قصيرة"


الكنز المفقود "قصة قصيرة"
إبراهيم أمين مؤمن – مصر

منذ زمن بعيد...
ما إن غادرا الكهف حتى انتفض الجوادان من سباتهما، ورفعا ذيليهما، واتسعت منخراهما كأنهما يستنشقان الحياة من جديد. ابتسم كهف وكهيفة ضاحكين، إذ لاحظا أن الفرسين قد ازدادا سمنة وصحة.

قال كهف:
«تُرى، هل أسمنهما العشب الذي رعياه، أم طول المكوث في الوصيد؟»
فأجاباه بالصهيل وحده.
هز رأسه، ثم التفت إلى كهيفة وقال:
«حالما يجف حبر الريشة، نطوي الرسالة ونمتطي الفرسين، ونسارع إلى...»
قاطع الأدهم ـ حصانه ـ حديثه بصهيل عالٍ، فصهلت الكحيلة ـ فرس كهيفة ـ بدورها، ثم أسرعا نحو راية معلقة عند مدخل الكهف، كانت مرسومة عليها قاعة محكمة تحاكم الضمائر، وناولاها لسيديهما.
قال كهف:
«ما أوفاكما!»
ثم تابع حديثه مع كهيفة:
«سنحمل الراية والرسالة إلى الملك. علّه إذا صلح، صلحت الرعية.»
وأضاف:
«هيا، انزعي عنك هذا السواد، فقد تطهّرت قلوبنا، وحان وقت البياض.»
تناول الأدهم والكحيلة الثياب البيضاء المعلّقة إلى جانب الراية وقدّماها لهما. تبسمت كهيفة، وأشارت إلى الأدهم بأن يغض بصره ريثما ترتدي لباسها، فامتثل، وتوارى خلف صخرة.
قالت:
«أحسنت ترويضه يا زوجي، صار حسن الخلق، صافي الضمير.»
ضحك كهف وقال مشيرًا إلى الكحيلة:
«وكذلك أنتِ، أحسنتْ كهيفة تربيتكِ، فصفا ضميركِ أيضًا.»
بعد أن ارتديا ثياب الطهر، همّا بامتطاء فرسيهما، فصهل الأدهم والكحيلة مجددًا، وحركا ذيليهما كأنهما يحتفلان.
ناول الأدهم المزمار، وقدّمت الكحيلة الطبل. أمسك كهف المزمار، وأمسكت كهيفة الطبل، وبدأ الحفل. رقص الجميع رقصة المربع على وقع النغمات، والبسمات تأججت من القلوب قبل أن ترتسم على الشفاه.
لكن... لم يكتمل الفرح. تجهمت الوجوه، وارتجف الهواء، إذ انقض جيش الحاكم عليهما.
في السجن، كان كهف وكهيفة موثقين إلى عمودين، يتأوهان تحت السياط.
دخل الحاكم، ووقف أمامهما متجهّم الوجه:
«أخبِراني أين أخفيتما الكنز؟»
حاول كهف أن يتكلم، تعثّر لسانه، ثم قال بشق النفس:
«الكنز... في الكهف. والآن، طمئنّي على الأدهم والكحيلة.»
ضحك الحاكم بسخرية وقال:
«رآكم رجالي تهربان على ظهريهما، ولم يكن معكما شيء.»
قال الوزير:
«وجدنا معهما بقجتين صغيرتين. مستحيل أن تحتوي كنزًا بحجم خيمة كما ذكرت الأخبار.»
فكّر الحاكم بصوت عال:
«ربما خبآ الكنز حين علمَا بأمر القبض عليهما... لكن من أوشى لهما؟»
كهف بنبرة واهنة:
«لم نعلم بأمرك، لجأنا للكهف لنعيد ضميرينا إلى فطرتهما...»
وأشار إلى الرسالة:
«اقرأها، فيها غايتنا، والراية هي مفتاحها.»
سأل الحاكم بحدة:
«أي رسالة؟ وأي راية؟»
قال رئيس الشرطة بلا مبالاة:
«البردية التي كانت معهما... هراء، والراية... دُوست حتى تفتت.»
قال الحاكم ساخرًا:
«حتى خيلنا تحتقركما.»
ثم وجّه كلامه لكهيفة:
«أين الكنز؟»
سكتت. فأجاب كهف بدلًا عنها:
«إن أردت كنوزًا لا تنفد، فتكهّف.»
قالت كهيفة رغم الألم:
«وهبنا مالنا للفقراء قبل مغادرتنا...»
ضحك الحاكم:
«كذبتِ! إذن الكنز ليس في الكهف.»
قال كهف:
«بل هو فيه.»
قالت كهيفة بتعب:
«كهف لا يكذب... لكن، أين الأدهم والكحيلة؟»
نظر الحاكم نحو بطانته وقال لرئيس الشرطة:
«ما سر هذا السؤال المتكرر عن الحصانين؟ ربما أخفيا الكنز فيهما... أين هما؟»
قال رئيس الشرطة:
«شاكسانا بعد أن أغمي عليهما، فقتلناهما.»
شهق كهف وكهيفة، انبثق الألم من أعماق القلب. قال كهف باكيًا:
«كل جميل يُقتل في هذه القرية، حتى يصير كالذرّ تذروه الرياح.»
قال الوزير:
«بقرنا بطنيهما... لا كنز.»
رئيس الشرطة:
«كانا مرعبين، لا يقترب منهما أحد دون أن يولّي فرارًا. الشرر يقدح من أعينهما، والعشب حولهما حيات تسعى!»
الحاكم:
«لهذا أمرت بانتظار خروجهما... أما الآن، فالفرسان ماتوا، والساحر في قبضتنا، فلنُداهم الكهف!»
قال الوزير:
«إياك! ما زال السحر فيه... ربما تجد فيه ديناصورات، أو جنًّا يُصابنا بمسّ.»
ارتجف الحاكم، واقتنع.
وقبل أن يغادر، قرر أن يقرأ الرسالة على مسامعهما...

فتح الحاكم البردية، وراح يقرأ بصوتٍ أجش مرتجفٍ من الحيرة:
«يا من ملكت الرقاب بالسوط، وتخيلت أن العروش تدوم لمن قهر،اعلم أن الحكم أمانة، والضمير قاضٍ لا يُشترى ولا يُستبدل.
جئنا إليك نحمل راية الضمير، وسلاحنا الحب، وكنزنا هو الصفح،
فإن رأيت أن قلبك يطيق ذلك، فاتبعنا إلى الكهف،
حيث تصفو الأرواح، وتنبجس الحكمة من قلب الصخر، أما إن أصررت على الجور، فالكنز سيبقى مفقودًا إلى أن ترشدك روحك إليه.»
انتهى الحاكم من القراءة، وسكت دهشة، ثم انفجر ضاحكًا ضحكة مستهزئة وقال:
«هذا هو الكنز؟ هذا الهراء؟»
قال الوزير بتردد، وهو يشير إلى الرسالة:
«كأنها تحوي معنى أعمق يا مولاي... ربما يقصدون أن الكنز ليس مادّة، بل هو في ضمير الإنسان؟»
قال الحاكم باستهزاء:
«وهل أفتح الكهف لأجد ضميرًا؟»
ضحك قائد الشرطة بدوره، ثم قال:
«سيدي، يبدو أنهما جنّا من شدة الضرب.»
لكن نظرة الوزير بدت أكثر توجسًا، وأقرب إلى التأمل، فتقدّم خطوة نحو الحاكم وقال:
«سيدي، لقد حكمتَ القرية بالحديد والنار لسنوات، ومع ذلك لم تُطِعْك، ولم تهدأ، وربما... ربما لأن كنز الطاعة لا يُؤخذ بالقوة.»
لم يرد الحاكم، بل أدار وجهه مغتاظًا، ثم أشار بإصبعه نحو كهف وكهيفة وقال:
«سجّلوهما في سجل العصاة، وأبقوهما هنا حتى يصرحا أين الكنز، وإن ماتا، فادفنوهما عند باب الكهف، ليعرف كل من يمر أن من يعبث مع الحاكم مصيره الدفن مع أوهامه.»
انسحب الجميع، وبقي الزوجان وحدهما في ظلمة الزنزانة.
قالت كهيفة بصوتٍ متهدج:
«لقد أخبرناه الحقيقة... الكنز في الكهف فعلاً، لكنه لن يجده أبداً.»
رد كهف:
«لأن من يدخل الكهف بقلب ظالم، لا يرى إلا الحجارة.»
فساد الصمت.
ثم، بعد أيام، شاع في القرية أن الحاكم أرسل رجاله لفتح الكهف، لكنهم ما إن اقتربوا حتى خرجت دوامة من الرياح والصخور والدخان، ففرّ الجنود يصرخون: "الجن! الجن!"
ومنذ ذلك اليوم، ضُرب طوق حول الكهف، وسُمّي المكان: كهف الضمير.
أما الحاكم، فقد ظل يزور المكان ليلاً، وحده، متخفيًا، يجلس أمام الكهف الساعات، علّ الضمير يفتح له الباب يومًا.
أما كهف وكهيفة، فقد اختفيا في السجن بعد أشهر، دون أن يُعثر على جثتيهما...
وقيل إنهما ذابا كما تذوب النفس في الطهر، وإن الكهف فتح لهما سرًا، فدخلاه إلى الأبد.
وما زال الناس يمرّون بجوار الكهف إلى يومنا هذا، ويقولون:
"هنا خُبِّئ كنز... لكن لا يراه إلا من صَفَت روحه

 

إبراهيم امين مؤمن متصل الآن   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:28 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.