منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حكاية عقيق
الموضوع: حكاية عقيق
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2020, 06:21 PM   #18
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1634

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


خرج على قافلة العقيق بعض حراس المدينة عند افتتاح بابها في فجر ذاك اليوم وبعد التمحيص والتفتيش أدخلوهم الى البلدة، قايض الخال احجاراً كريمة يخبئها في حزامه بالطعام ، ذهبت عقيق والنسوة الى سوق البلدة ليطلعن على المكان ، ثم تلاقوا في ركن السوق وجلسوا ينتظرون الخال الذي اخذ الشيخ كما طلب منه الى دار الأمير الذي كانت تربطه به مودة ، أُذن للشيخ بالدخول وانتظر الخال في باب الديوان ،بعد قليل خرج له الشيخ مستبشراً ، شكره كثيراً ووضع في يده صرة مال رفضها الخال بتهذيب شديد متعللاً بأنهم قوم لا يأخذون اجراً على اغاثة الملهوف وذهب من حينه يحضر الابنة والحفيد ويصطحب بقية القافلة خاصته فدخلت ابنة الشيخ وولدها الى جهة السيدات ووقف باقي الصحبة بالباب يودعون الشيخ كي يكملوا مسيرهم

وبينما هم في حديث معتاد في الوداعات ، اقبل عليهم فارس يمتطي فرساً ادهم بري خاضع ليد لجامه ، ترجل الرجل عن فرسه وربطها في عمود مدخل القصر ، وهم بالدخول حين صهلت الفرس ، التفت الرجل كانما يعرف ماذا تريد ونظر الى يمينه ، التقت عينيه بعيني عقيق ولم يك يظهر من عقيق الا عينيها ، احس برعشةٍ غريبة في قلبه ، اتضحت في عينيه تلك الرجفة التي هزت جسده الممشوق ، اسبلت عقيق رموشها الطويلة الداكنة خفراً وهي تشعر للمرة الاولى بميل نحو قرين محتمل ، واخذت تتساءل

(كيف يكون لي ذلك وانا الشريدة بعد تمكن ، وهل يكون الوقت مؤاتياً ونحن في ارتحال ، نسكن في مقام الصبر ، حتى تصلنا اشارة الوصول الى دار النور والسلام )

اثناء تفكيرها انتبهت الى انها بقلبها عرفت اين سيصلون وعلام يبحثون رفم انهم لم يتداولون بينهم هدف ولم يخرجوا الا لنصرة عقيق وحمايتها من الزواج ممن لا تريده ، يحملون عبء ذنب ارضهم واهلهم هناك ولا يدرون ان هم دخلوا في اهوال حرب او تم العفو عنهم ، فلا خبر اتى ، ولا روح حضرت من هناك تطمئنهم فكيف لقلبها المهموم بكل هذا ان ينبض هكذا لغريب يترجل عن فرسه لا تعرف عنه شيئاً ولم ترى ملامحه بوضوح حتى

وبينما هي في صد ورد ، غارقة في شرودها ، اقبلت عليها جارية مليحة وقراتها السلام ثم قالت لها ان سيدة البلدة وزوجة اميرها تريد ان تتعرف على سيدات القافلة وان الامير قد أمر القافلة ان تمكث في ضيافته الليلة فأن ارادوا متابعة المسير في فجر اليوم الثاني فلهم ما ارادوا وإلا فللضيف ثلاثة ايام بلياليها لا يُسئل فيها عن شيء
عبثاً حاول الخال ان يعتذر ولم يكن من اللائق الرفض كما ان عقيق رأت في نفسها الرغبة في البقاء يعتريها الفضول نحو هذا الفارس الذي شعرت بالاطمئنان له وهكذا قبلوا المبيت والعشاء ، اكرموهم فوق الوصف ، وعاملوهم بما يتناسب وكرم الأمراءالأصيلون وبعد ان فرغوا جلست النسوة الى زوجة الأمير وجلس الخال ورجاله الى الأمير وبدأوا يتجاذبون اطراف الحديث

بعد ان انتهى بهم السمر وتجاوز الوقت منتصف الليل ، ارسلت زوجة الأمير الى زوجها ما يخبره بأن من وفدوا عليه هم عقيق وبعض تابعيها ، وكانت عقيق مشهورة في انحاء البلاد بثقافتها وحسن تعليمهاوحكمتها وحسن ٌ مُتخيل حيث انها لم تكشف حجابا ولا تخلت عن لثاماً كل سني عمرها ، الا ان بعض جواري الاميرة لمحوا وجهها عند التجدد لصلاة العشاء وهم يصبون لها الماء وأسروا للاميرة بما لمسوه من ملامح دقيقة ووجه قمري وبشرة طفل بضة مشربة بياضها ناصع خلاب وحمرة خديها تنافس الجوري وتنبض بالعافية والشباب ولها عبير مسك أبيض كلما تحركت حمله الهواء لما حوله ، عبيرٌ أليف لبدنٍ طاهر عفيف وعفيّ

لم تستطع الأميرة كبح جماح فضولها وسألت الفتاة مباشرة واجابتها العقيق

(لم نتخف لخزي نخفيه ، او مطمع نستلبه، ولا عمداً فعلنا،اخذنا الطريق الى الشمال حسب البشارة التي وُعدنا بها، ان تصل بنا الدروب الى مكان قريب من السماءمتصلٌ بها ، فيما بين بين ارضنا هذه وأرض لا خوف فيها ولا حزن ، لا جبر فيها ولا قسوة، اردنا النور والسلام واتبعنا قلوبنا وتدرجنا
بدأنا بالتخلي عن الزاائل وأقمنا في مقام الزهد في ما يطمح له الناس، وحملنا يأسنا الى مقام الفقر حتى وهبنا الله ما يسره من ماء وثمر ، تجاورنا ومخلوقاته التي لا تحمل هم زادها ، ومكثنا في التوكل مقامنا الدائم ، يكفلنا من لا يغفل عنا ، نسير في مقام الصبر حتى نصل اذا حملتنا مشيئة له وحده بين الكاف والنون)

ادهش الاميرة ما قالت عقيق ولم تعرف ما الذي قد يُقال الآن وبينما هي تتفكر في حيرتها ، وصلها رد الامير قائلاً

(كريم وفد على كريم ، احسني اليها ، وعامليها مثل ابنة او افضل واسأليها ان كانت تريد الإستقرار في حمانا ، فإن أخي الأصغر (راصد) يريدها زوجة له بلا شرط، واخبريها ان وافقت فلنا عند اعداء ابيها حظوة وقدر لا يردون لنا حكم ولا يمنعونا من حد ونحن بإذن النصير سننصرهم ونحقن دماء قبيلتها ونكون عزوتها وسند ظهرها هي ومن تبعها)

فتحت الأميرة باب الحديث عن الزواج وعن الإمير الصغير فردت عقيق

( من بعد امتناني لكم و شكري اياكم وتقديري لحسن ضيافتكم وكرمكم الجم ، لا بد لي ان اتحدث للخاطب واسئله بعض الاسئلة، ان اجاب كما اتمنى لقريني سأقبل لكن الشرط الأول ان يرتحل معي ويترك بيت امارته ، فإن كان على أهبة الاستعداد لتوديع عرشاً ورثه ليمضي معي في سفرٍ لا يعرف اين يصل به حتماً فسألاقيه واختبره وله ان يختبرني وان لم يرد الرحيل فلا يجب ان ندخل في اي اختبارات)

ارسلت الأميرة جواب عقيق ، قال الإمير سننام الليلة وللصباح عيون نرى فيها الأصلح

لاقى شرط عقيق هوى في قلب امير البلدة ، تنازل اخيه يعني خلافة ابنه بلا حرب ولا دم، وسيكون له ان يحاول امام شعبه اثناء الامير الصغير عن اللحاق بعقيق ، لكن ماذا لو لم يرد الأخ ذلك ، قال لنفسه دعنا لا نستبق الأمور ولعله يلحق بها ويتبع دروبها وعلى الارجح سيفعل ، فهو رغم فروسيته وشجاعته الفذه الا انه فتى غريب الطبع يأنس بالصحراء وعشرة الوحوش ويمكث في العزلة اكثر مما يقضيه بين الناس ، لم يجتهد لإكتساب ولاء المشايخ ولا ذوي الشأن والثروة في البلدة ، انقطع لكتبه العجيبة ، لا يهمه من القوافل القادمة الا تلك الأوراق الصفراء يتزود بها ويوصي التجار ان يأتوه بها من الهند والسند وبلاد النهرين، لم يترك لغة لم يتعلمهاحتى قالوا انه يتحدث والطير الجارح والحمام النائح ويعرف مفاتيح الكواسر وما زحف في الأرض وما اختبأ فيها ، وهذا الشأن كله لم يقلق أخيه ولم يهييء أخيه للإمارة فالناس تهاب الحديث اليه وهو الصامت دوماً وقد ينقضي اليوم كله وهو في السكوت لا ينبس ببنت شفه ، لا يرفع بصره ولا يجذبه احاديث الرجال المعتادة.

عند الضحى نادى الأمير على اخيه ، اتى الأخ بثيابه البسيطة ، يغنيه عن الزينة شبابه الغض ووسامة في وجه تسر الناظر اليه وطول ليس لاحدٍ من جيله وقوة في عضده وهيبة في طلته وبعد ان قبل تحية اخيه الاصغر واجلسه على يمينه في حضرة. وزير البلدة الاول وقاضي قضاتها وأعيانها ثم قال بصوت مسموع واضح

( تقدمنا بخطبة الفتاة التي رغبت ان تتزوجها ، وكان لها شرط لا اقبله) تنحنح الأمير وترك مساحة صمت للتساؤل والفضول ولما لم يرفع اخيه رأسه بل بدا عليه الإنصات بهدوء كأنما هو واثق ان الشر. لن يحول بينه وبين بغيته

أكمل الحديث (طلبت اليك طلبين ، اولهما ان ترحل بمعيتها متخليا عن حقك في خلافتي ، وثانيهما ان تراك وتختبرك بنفسها …… ما ردك ) ثم استدرك الأمير بعد ان علت همهمة القوم (لا يجب ان ترد الآن فضيوفنا سيكونون بين ظهرانينا حتى بعد غد …)

لكن الأمير الصغير رد بهدوء صافي كأنما يعرف الشرط ويوافق عليه ( لا بأس فلتختبرني متى شاءت ، ولتعين موعدا ومكاناً نلتقي فيه ، اما الإمارة فيشهد الله أني لست بساعٍ لها ولا اظنني استحقها ما هي الا مثل متاع ورثته ، لم يخترني فيه الناس ولم يكلفني به احدهم ، ولست مخولا ً لإقامة العدل فيهم او الحكم فيما بينهم ، هذا الأمر متروك لهم )

انزعج الأمير من اخيه وطريقة الرد لكنه حاول ان يتجاهل ما تبطن في كلامه وطلب حالا من وزيره الأول اعداد الوثائق اللازمة لتنازل اخيه

قال القاضي (لربما لم يجتز الإختبار فلنؤجل ذلك يا رعاك الله الى ما بعد التأكد من قبول الفتاة به)

رفع الامير يده حانقاً وقال ( لقد باع ملك ابيه لحظة ان قبل شرط الفتاة وفضلها علينا)

حدثت بعض البلبة في المكان والناس تتهامس بينها حتى قال (راصد) الامير الصغير
( انا موافق على ما أراد اخي حتى وان لم تقبل بي العقيق، وان لم ارحل معها كزوج سأرحل مع القافلة كرفيق سفر وابحث عن ما يبحثون عنه فلا تختلفوا فيما انا راضٍ به ومقبل عليه ومرتاح له )

وهكذا تنازل راصد عن ميراثه كله بهدوء واصطفى خيله الادهم وخاتم لأمه أهدته اياه قبل وفاتها وعباءة البسها اياه والده في يوم ميلاده السادس عشر

سمعت عقيق من الجواري بهذه الأخبار، شعرت بالسعادة لذلك رغم اندهاشها وتعجبها من نفسها ، لم يسبق لها ان انحازت دون تفكير وتفكر لاحد خاطبيها على كثرهم ، لاول مرة تنظر عقيق الى نفسها وتنتابها الحيرة ، واخذت تتساءل والنوم يجافيها ، اهذا ما يسمونه العشق؟!

يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس