لا تزالُ الكتابةُ إليكَ , مغامرةً مُدهشَة ,
تحمِلني فوقَ احتمالاتِ الموتْ و تطيرُ بي عبرَ لعناتِ الظّلام الشّاردِ ,ثم ترميني فوقَ بحرٍ من الرّمالِ المتحرّكة ,
لأدورَ وأدورَ وأنتهي فوقَ هَرمِ خيباتي , بدونِك / مَعَك .
لا تزالُ الكتابةُ إليكَ ربيعاً , ربيعاً ,
مطراً مطراً ,
وعنفوانَ سحابةٍ آثرتِ الرَّحيلَ حيثُ شتاءاتُ الدّمْع ذاتِ الدّم.
لا تزالُ تعاريجُ الورق الممدّدة على طاولةِ الذّاكرة , تَشكُو بياضَها المُمتلئَ بكَ , و تمارسُ الفقدَ أمامَ محابرِ الفرحِ المُستعار ..
لا تزالُ خيوط أولّ الفجر الرماديّة تتسلّل إلى حجرات قلبي المُظلمة , لتكشفَ وجه العشقِ المتنكّرِ بك ,
وتعيدَ للمطر نشوتَه الاولى باحتضانِ الأرض .
.
.
وأسألُ نفسي : لماذا لا أحبّك ؟
فتجيني شهقاتُك المعلّقَةُ كدمعةٍ على وجهِ الغياب ,
يُجيبني الحزنُ المعتنقُ تعاليمَ الدم ..
تُجيبني ألغامُ الدّهشة المتفجّرةُ في سكينتي و بُعدِك ..
تجيبُني تلكَ الطّفلةُ المصلوبةُ في داخلي , الـ مطعونَة الفرح , الـ مسلوبَة الذّاكرة , الـ مضرّجةَ بالخُذلان ..
أن لا غيمَ بلا مَطَرْ .
.
.
.
وأعودُ إلى أعماقِ الجُرح , هناكُ حيثُ اعتلى المُرجانُ , ايقاعَ نبْضي بك ..
لأُعلِّمَ قلبي الطّاعةَ العمياءَ للحُزن ..
وأَعلِّمَ أنفَاسي رَتابةَ الوقتِ و انْتظامَ الظّلام ..
لأعلّم نبضيَ الجامحَ , حرفةَ الانتماءِ للنّسيان بدلاً عن المَطر .
ثم أرقبُ العشبَ الأسودَ يسدّ مساماتي , فتتنفّس الأحجارُ من حولي .
.
.
.
مُستنزّفةُ السّعادةِ .. أنا بِك .
مُترعةٌ بالفقد , أتقمّصُ أكفانَ ذاكرتِنا معاً , و أنسحبُ فوق بحيرةِ حبّنا المتجمّدة , لأرقصَ معك / بك / بدونك
وتتكسّر تحتَ أقدامي , قطراتُ المطر , فتغرقُ أشلائي , هُناك حيثُ صنعتَ من زهرِ اللّيمونِ نعشاً أخيراً للحب .
حينَها لا أدْري أينَ ابتدأَ دَمي وأينَ انتَهى شِريانكْ .
ولا أدري هَل سبقَكَ برقُ لهفَتي إليكْ , أمْ أنّ صدى رعدِ غيابِك , أصمّ البصرَ فلم يعد يُدركُ سواك .
.
.
.
تعبتُ من تمثيلِ دور العاشقةِ التي لا تتعب ..
أرهقني دورُ التّضحيةِ و انتماءاتُ الوفاء ..
لا أريدُ لجنوني بكَ أن يبقى ممدّداً في مشرحة ,
ينتظر رحمتَك به , لتستخرجه من جثّة المسافاتِ المرصّعةِ بالوطن ..
ضحكاتنا القسريّةُ و بكاءاتنا الملّونة , و أفراحُنا المبتورة ,
وأرواحنا الضّالّةُ لم تعد تُنجبُ الدّهشَة ..
أصبحَت تتعالى في أهرامٍ خيباتنا , وتتوالى كاحتضاراتِ الفرح في غيابِنا الممزوجِ بطعمِ المكابرةِ المُصطنعة .
موتي لن يتكرّر , و السّحاباتُ الباكيةُ فوقَ صدرك , كَفَرت بالهجرة الموعودةِ إلى مواطن الدفِْ ..
ما عادَ يعنيني أن أكونَ انت , تكفيني كلُّ تلك الخرائب التي خلّفها الغيابُ في داخلي ..
.
.
.
دعني احتضنُ الوطنَ وأبكي ,
دعني ألملم دموعي المضرّجة بالفقد , لأخيطَ بها جُرحي المكابر ..
وأغمضَ عينيّ لأحلمَ بك ,
كصوتِ البحرِ في حقولِ الهذيان .