"لم تعد ابنتي لزيارتي أبدا . وأنا لاألومها , فلماذا تعود ؟
لإنقاذي ؟ لقد أنقذتني أصلاً , ونطقت بالكلمات الشافية . كنت أستعيد صوابي وأتسلق ببطء حدران هاويتي الداخلية , وأصارع! أصارع لتبديد الغشاوة واستعادة بصيرتي , وترميم ذاكرتي , وإحياء رغباتي وإن تعذبت لعدم قدرتي على إشباعها ..كانت معركة أخوضها بمفردي .
وقد خضتها بحكمة مضاعفة, فثابرت على مراقبة رفاقي في المحنة لمحاكاة تصرفاتهم وعادتهم , إذ صرت أدرك يوما بعد يوم أن لاشيء حقا كان مماثلا بين حالة التخدير وحالة اليقظة. وهكذا لم يكن إيقاع الكلام أو النبرة أو " التأوهات " التي تختفي ـ هذه الأصوات التي تطيل الجمل والمفردات والحروف ـ بل كانت مفرداتي هي التي تتحول , فثمة كلمات ينساها المرء عندما تتخدر الرغبات التي تدل عليها .."
موانئ المشرق (مقتطفات من الرواية)
أمين معلوف