ان كنت روائيا / أو تخطط للكتابة القصصية ، فأنت إذا في أزمة مع واقعك .
كـ الكريما البيضاء الغضة أو العاجية بالفانيللا ، أو تلك البندقية قاسية الحلاوة يتملكني الخيال ، و يسوقني أمامه كعمياء باسمة ، مذاق كثيف / غليظ / سكري / خطير ، تغيب معه الحواس جميعها ، وأتحول إلى عبق الصنوبر وعطش اللوز وعتمة الكاكاو ، ملمس الرغوة الساخنة الهشة في حلقي يراودني عن اتزاني ، وابدأ في تصور الدفء برعونة تسحبني إلى أي مكان يرغبني ، وإن لم أشتهِ زيارته قبلا .
يدق اللحن خافتا في تلك المرحلة ، فأنفض عني ثوب الواقع ، وأكشف للجنون عن ساق وآخر داخلي من الساتان الجيد . تغمغمني الكلمات ، و تترنم أصابعي بلمسات تبحث عن النشوة في عالم الفراغ ، ثم حالة من هلوسة شديدة ، يرتعد لها جسدي ، وتتسارع مع موجاتها أنفاسي ، فإذا ما انتهى الكوب من لذتي ، وأعلن نفاد آخر كتلة من مخفوقه الجهنمي ، فتحتُ عيني نصف واعية ، فنشرتُ نثري ، ومسحت العرق عن أكتافي وعنقي ، وما بين أصابعي .
أسلِمُ القَدَحَ لماء الواقع وفرشاته الخشنة ، لينظفانه ، ولا أنسى أن أبتسم له بخبث فيفهمني ، بعد قليل أملؤه بخلطتي السرية ، ونكهة / رحلة جديدة لأرض جديدة .
- أين الأزمة؟
- أخبرني ، عمَّن نكتب؟ عن ذواتنا أم خيالاتنا؟
إن فرضتَ أنني أكتب عن واقعي ، فبهذا تكون قد رسمتَ لي ألف حياة وحياة كلهم مني ، و كلهم ليسوا لي . وإن فرضتَ أنني أكتب آليا ، أحترف الحس ، وأمتهن صهوات القصص ، تكون قد بخستَ المخفوق سحره وتجاهلت إحساسي به حين الكتابة
أو
أقنعتَ نفسكَ بأنني كاذبة مشعوذة كلما حدثتكَ عن مشكلة حقيقية تؤرق واقعي