هناك لفت نظرها لافته مكتوب عليها بأنهم يحتاجون إلى موظفات للعمل في المطعم ..
سألت المرأة التي خدمتها "جولي" وأخبرتها بشأن العمل فوافقت على تشغيلها ..
أحست بأن هذا المكان الذي سترتاح فيه ..
أخبرت الجميع بأنها أرملة وزوجها توفي في الحرب في كوريا ..
ارتاحت في المكان واستأجرت شقة والتي دلتها "جولي" عليها ..
أحبها الجميع أيضا ..
لاحظت بأن هناك شاب يأتي دائما وقت العشاء ..
تحدثت إليه ، تعرفا على بعض .. إلى أن أصبحا صديقان .. "تومي" و"ماريبيث"
أخبرتها "جولي" بأن له ملامح حزينة ، فإنها تجهل سبب حزنه ..
صارا يخرجان مع بعض .. في كل مكان وحتى البحيرة التي دائما يذهب للصيد إليها ، لم تخبره بحملها وقصتها ..
وفي البحيرة أخبرها عن "آني" وأنه يتحدث إليها أحيانا .. وكان لأول مرة يتحدث عنها أمام أحد ..
لا يدري لماذا هي بالذات شكا إليها ..
أخبرته بأن هناك أشخاص يمرون في حياتنا ليسعدونا ثم يذهبون .. هذه هي الحياة ..
أخبرها بأنها منذ وفاتها والبيت لا يجلس فيه كثيرا ..
والداه دائمي الشجار ولم يعدا يهتما به وهذا ما يجعله لا يجلس في البيت كثيرا ..
مرت الأيام سريعا وكبر بطنها وكانت تخفيه بقميص والدها القديم ذو الحجم الكبير
وذات يوم ذهبا إلى البحيرة ودعاها للسباحة معه ورفضت ، استغرب لرفضها مع أن الجو حار جدا !
وكانت هذه المرة الثانية التي ترفض السباحة ومع أنها أخبرته بأنها تعرف السباحة ..
اتفقت على أن تنزل في الماء ولا تسبح ، فكيف لها أن تسبح وبطنها الكبير سيبدو واضحا جدا ..
نزلت الماء ومشت قليلا سحبها وسقطت فيه ، لم تقم ..
خرج قبلها وطلبت منه إحضار منشفته لها ..
أحضرها فلم تعرف كيف ستقوم فبالتأكيد سيلاحظ بطنها ..
نزل إليها سحبها لتقف وأجبرت على الوقوف ولاحظه ، لم تعرف ماذا تقول وإنما انهمرت الدموع من عينيها !
وبعد ذلك أخبرته بكل شيء ، وأنها تمنت لو أن الطفل لم يكن ابن "بول" الذي لم تحبه يوما !
وهناك همس لها بحبه .. وتمنى لو أن الطفل منه وليس من "بول" ..
أخبرها بأن يتوجب عليها أن تزور الطبيب .. وعندما صار في المنزل أخذ لها موعدا من طبيب أمه ..
أخبرته بأنها خائفة من أن يظن الطبيب أن الطفل منه ، فقال بأنه لا يعرفه ولم يره إلا عند ولادة "آني" ..
ذهبا في الموعد المحدد وطمأنها الطبيب ..
في يوم من الأيام سألت "ليز" "تومي" ماذا كان يفعل عند الطبيب "أفيري ماكلين" ؟!
فقد أخبرتها صديقه لها أنها شاهدته هناك ..
أرعبته فكرة أن الطبيب أعلمها .. ! فشرح الأمر كله وأخبرهم بقصة "ماريبيث"
أرعبتهم فكرة أن تكون حاملا من ابنهم ، لكنه أكد لهم العكس ..
في تلك اللحظات استوعبت "ليز" أنهم لم يعدوا يهتموا بـ "تومي" منذ زمن !
استوعبت كيف أنهم ابتعدوا عن بعضهم كثيرا !!
أصبحت "ماريبيث" تتابع الدروس مع "تومي" وتحل جميع الوظائف ، وقد لاحظ مدى تفوقها في ذلك ..
بعد عدة أيام اقترح عليهم أن يُعرّف "ماريبيث" إلى والديه ، فوافقا على ذلك ..
وعند العشاء المقترح تعرفوا إليها ولاحظت "ليز" كم هي مهذبة وطموحة ..
اقترحت أيضا أن تدرسها إذا أرادت في وقت بعد الظهر ..
وحين تدريسها لاحظت كم هي متفوقة وكم أن أهلها قد ظلموها عندما لا يريدونها أن تكمل دراستها ..
عرضت عليها الأبحاث التي أنجزتها خلال دراستها مع "تومي" ..
فأخبرتها بأن ما أنجزته يُعتبر شيء كبير لأن حتى طلاب الصف الثالث الثانوي لم ينجزون شيئا مثله !
وسيرفعها للصف الثالث الثانوي !
لاحظت "ليز" كم أن حياتهم تغيرت بمجيء "ماريبيث" ..
أصبحت قريبة قليلا من "جون" .. وانعدمت مشاحناتهم ..
أصبحت تطبخ العشاء ويتجمع الجميع مع "ماريبيث" ..
في يوم من الأيام خرجت "ماريبيث" مع "تومي" للتزلج ..
سحبها لتتزلج معه فسقطت !
وبخهما الطبيب ووالداه على فعلتهما وأنهما كادا يوديان بحياة الجنين وربما حياة "ماريبيث" !
ووعدا بعدم تكرار ذلك .. أصبحت طريحة الفراش عدة أيام ..
أحضرها "تومي" لتعيش عندهم ريثما تقوم .. رفضت باديء الأمر بحجة أنها ستتطفل على حياتهم ..
لكن مع ترحيب أهله وإصراره وافقت ..
بطنها كبر شيئا فشيئا .. وظهرت آلام في ظهرها وأصبحت لا ترى قدميها .. !
أصبحت جزء من عائلة "ويتاكر" ، وأعادت لهم الحياة فعلا ..
أصبح "جون" و"ليز" قريبين كثيرا من بعض ..
حين اقترب موعد ولادتها أحضر لها الجميع الهدايا بمن فيهم زملائها في المطعم ..
وتألمت كثيرا لأنها ستترك الطفل للتبني ، وقد أخبرت "آل ويتاكر" بذلك مسبقا ..
لأنها لا تستطيع تحمل مسؤولية طفل وهي تريد له الحياة الكريمة ..
أخبرتها "ليز" بأنها قدمت أبحاثها وما قامت به من وظائف إلى المدرسة ..
فقالوا لها بأنها عندما تعود ستصبح في الصف الثالث الثانوي ..
وبإمكانها الدخول إلى أي جامعة هنا أو في أي مكان أرادت ..
أحبها "تومي" كثيرا وطلبها للزواج لكنها قالت له بأنها ليست جاهزة الآن ..
وطمأنت أهله بأنها لا تريد الزواج به فهم لا يزالون صغار على الأمر والمستقبل أمامهم ..
ثمة علاقة حب عفيفة بينهم منذ أن التقوا في المطعم !
وهي أحبته كذلك لكنها لم ترد الارتباط إلا بعد أن تصبح كبيرة كفاية لذلك ..
أخبرها بأنها تشبة أمه في كثير من الصفات .. فوالدها قد انتظرها إلى أن انتهت دراسة وإلى أن التحقت بمهنة التدريس أيضا ..
كانت تتصل بين الفينة والأخرى على أهلها لتطمئنهم على حالها ، لكن والدها كان يرد عليها بأسلوب سيء ..
وتسمع صوت والدتها تبكي تريد مكالمتها لكنه يرفض ، وقال لها بأن لا تتصل إلى حين تصحح خطأها !
وذات يوم أخبرت "ليز" بأنها تريد أن تكلمها في موضوع .. فقالت لها بأنها تريدهم أن يتبنوا الطفل ..
لم تصدق "ليز" ما سمعت .. وفي النهاية وافقت على التبني كما وافق زوجها ..
إنها الهدية التي لا طالما حلما بها طيلة حياتهما ، طفل يملأ البيت بلعبه ، بصراخه !
وحانت ساعة ولادتها ، كانت تقف على الدرجات أمام المنزل ، وكانت قد سارت عدة أميال مع "تومي"
الذي لاحظ توترها ، أمسكت يده بقوه وانحنت للأمام ، وقد لاحظ ألمها ..
نادى والدته ، فأسرعت وأدخلوها داخل المنزل .. فأخبرتها بأنها أحست بألام في ظهرها ليلة البارحة ..
وتشنجات هذا الصباح ، فقالت لها بأن هذه التشنجات أولى علامات المخاض ..
ومشيها قد عجل المخاض أيضا ..
ذهب "جون" لإحضار الطبيب ، و"ليز" باشرت توقيت آلامها ..
ذهبوا جميعا إلى المستشفى وهناك وُلدت الطفلة "كايت" ..
كانت "ليز" قد دخلت غرفة الولادة معها لأن "ماريبيث" رغبت في ذلك ..
بعد السماح لها بالخروج .. كلّمت أهلها وأخبرتهم بولادتها وأنها ستحضر ما إن تتعافى قليلا ..
تفاجائت عندما أخبرها والدها بأنهم سيحضرون جميعا لإحضارها ..
عندما جاءوا كان أمرا صعبا توديع آل "ويتاكر" وخاصة "تومي" ..
ذهبت لرؤية "كايت" للمرة الأخيرة ، دخل "تومي" وكان يبكي ، وأخبرها بأنه على وعده بأن يتزوجها ..
طمئنت نفسها بأن طفلتها ستعيش حياة كريمة ..
احتضنت والدتها والدموع في عيونهم جميعا .. احتضنت "نويل" أيضا التي اشتاقت لها كثيرا ..
وشاهدت والدتها طفلة وبكت حين رأتها ..
أمسك بها والدتها وتفاجأت بذلك الرجل الصلب يبكي ويقول اشتقنا إليك هيا لنعود ..
[ "أحبكم كثيرا جميعا" ، قالت ماريبيث وهي تعانقهم مجددا ، عاجزة عن
تركهم ، ثم شعرت بيد لطيفة على نحو غير متوقع فوق ذراعها. إنه والدها.
"هيا ، ماريبيث ، فلنعد إلى المنزل" ، قال والدموع في عينيه. "اشتقنا
إليك". ثم ساعدها على الصعود إلى السيارة. لم يكن ربما الوحش الذي
تذكره ، وإنما مجرد رجل له نقاط ضعفه. بطريقة ما ، ربما قد كبروا
جميعا. ربما قد حان الوقت ليفعلوا كلهم ذلك.
وقف تومي ووالداه يراقبونها فيما ابتعدت في السيارة ، على أمل أن
تعود إليهم ، وهم يعرفون أنه إذا كانت الحياة عادلة ، ستعود أو تزورهم أو
تبقى إلى الأبد. يشعرون بالامتنان لأنهم عرفوها ، ولأنهم أعطتهم هدايا
ثمينة جدا ، من الحب والحياة والتعلم. لقد أعادتهم إلى الحياة مجددا ، فيما
أعطوها هم مستقبلا.
"أحبكم" ، همست ماريبيث فيما ابتعدوا في السيارة ، وحدقت إليهم عبر
النافذة الخلفية لسيارة والدها. راقبتهم وهم يلوحون لها لأطول وقت ممكن ،
ووقفوا هناك ، يفكرون فيها ، يتذكرونها ، إلى أن عادوا أخيرا إلى الداخل
إلى الهدية التي تركتها لهم. ]