قرية لفتا المهجّرة
(من مُذكراتي)

لا يُمكنك أن تزور القدس دون أن تَلتفت إلى قرية لفتا المهجّرة. لعلّ من هُنا استنبط اسمها "لفتا". تلفت انتباهك ببيوتها الباكيّة
تكاد تسمع أصوات الحنين- فوحده الحنين يمنع الجدران من السقوط والأبواب من الصدأ. ما زالت قائمة كما كانت. بيوتها شامخة
شبابيكها مفتوحة تستقبل نسمات القدس برأفة أم ولدت لتوّ طفلها الأوّل. تنظر بعينيها إلى القدس وتسألها متى عودة أهلنا يا أمّنا!
في طفولتي قيل لي أن هذه قرية دير ياسين. القرية التي دخل اليهود أبوابها وذبحوا أهلها- أجل ذبحوهم كما تُذبح الضحايا في الأعياد.
ذبحوا النساء والأطفال والشيوخ والرجال وسكنوا بيوتهم وأكلوا وجبة غدائهم وناموا ليلا في أسرّتهم. كنت حين أمرّ من القرية أتخيّل فظاعة
هذا المنظر! ما زلت أتخيّل هذا السيناريو حتى بعد أن فهمت أنّها ليست دير ياسين وإنما لفتا! وقرية دير ياسين لا تبعد كثيرا عنها!!
دير ياسين / لفتا / العيسوية / شعفاط...تتبدّل الأسماء ويبقى ذات الوجع وذات الجُرم الذي افتعلته أيادي العدو في وطني!
قبل أعوام أحبطت محاولة بيع بيوت لفتا في المزاد العلني- هي حكمة السماء لتبقى البيوت منتظرة لأهلها. حتما سيعودون
منظر البيوت من الشارع المؤدّي إلى مدينة القدس
