حديث الغمام - الصفحة 3 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 786 - )           »          - من يسجن الشمس ؟! (الكاتـب : نويّر الحربي - مشاركات : 73 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 75159 - )           »          البحيرة والنورس (الكاتـب : حمد الدوسري - مشاركات : 3512 - )           »          النهر الجاري مسودة خاصة .؟!! (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 45 - )           »          خذتي من وصوف القمر (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 0 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 12 - )           »          أُغنيات على ضفاف الليل (الكاتـب : علي الامين - مشاركات : 1209 - )           »          ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-05-2007, 12:00 AM   #17
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي



( 10 )

* الخوف *

ثم كان الخوف ،، حلق الشارب واللحية ،، استبدل بالثوب بنطلونا وقميصا ،،
اتخذ طابع الأجنبي كما تؤكد هويته المزورة ،، وتجنب الاختلاط بالناس ما وسعه التجنب ،،
عاوده الخوف من الزوايا والأركان ،، من الظلمة والضوء ،،
من الهواء المشحون بأنفاس الخلق ،،
يحذر نفسه من القضاء والمصادفة وسوء الحظ ،،
فعند ذاك يستقر سهم الموت في قلبه ،، وتتلاشى الحياة في غيبوبة المجهول

قوة القانون صلدة ،، فلم تبق إلا الضربة القاضية ،،
في سبيل الفكر اقتلع شخصه من جذوره ،، من الماء والحيوان والشجر ،،
وتعز عليه الطمأنينة إلا في غيبوبة الأحلام والكوابيس ،،
ومنذ فشل المهمة ونجاحه بالهروب لم يرده اتصال يسكن خوفه ،،
هكذا تتواصل المطاردة دهر بعد دهر ،، تدفعها قوة عمياء حتى قدسيتها تلاشت من قلبه

اذهب والله معك ،، والغربة في بلاد الغربة ،،
حتى في الوطن غربة ،،
قيل له في كل مكان ثمة جهاد وثمة حياة تتدفق وهي مقدسة مثل الموت !! ،،

ثم كان الخوف ،، ولكن لا دوام لحال ،،
الشروق والغروب ،، تلاحم الاعتقادات وتبادل التحيات ،، والتنفس والخفقان ،،
أحلام اليقظة وأحلام المنام ،، كل أولئك من شأنه أن يلطف التوتر ،،
ويستأنس الشوارد ،، ويحل عادة في محل عادة ،،
توهم بأن الأمور ستمضي غدا كما مضيت أمس ،، ثم أليس لكل أجل كتاب ؟! ،،
وأن تستسلم للمقادير أخف من أن تشقى دوما بعذاب الخوف ،،
وأن تعيش يومك خير من أن تعاني هولا لم يجئ بعد ،،

لذلك تمنى أن يكثر من الخروج ويجالس الجيران ويلاطف السكان ،،
من يخطر له أن ينعطف إلى هذه الحارة المنزوية ؟! ،،
من ينقب في صحراء عن حبة رمل مضرجة بالدماء ؟! ،،

إنه سجن بلا قضبان ،، وربما بلا ذنب أيضا سوى أوهام مجهولة وخرافات تصويرية ،،
عليه من الآن فصاعدا أن يحمل جسمه بعد أن حمله عشرين سنة ،،
حيثيات التحقيق والحكم تبلورت في مرثية ساحة خالية إذ تقول لا مفر ،،
سيطول بك الرقاد في الدهاليز،، رؤية الأشياء المألوفة فعالة ولكنها لا تخلق المعجزات ،،
المسكنات والمهدئات والوعود فعالة أيضا في مقاومة النوبات ،،
كيف يعود لعقله ولا شئ في يده غير الخواء ،،
ولكن يبقى الخوف ،،
فغدا أو بعد دهر سيقع في القبضة ،،
وعند ظهور اليأس يختال في أبهة النصر يتعزى عن الماضي بتربص النهاية المحتومة

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-10-2007, 04:36 PM   #18
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو
 
0 أبعاد ،، المنتدى
0 حصان خشبي
0 جده غير
0 فلا تغيب ،،

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 11 )

* الصدى *

أخرج المفتاح ،، ولكنه أعاده ودق الجرس ،، فتحت الباب الخادمة ،،
نظرت إليه حتى عرفته فأضاءت عيناها بانتباهة مذهله

سألها : ماما في الداخل ؟! ،،
فأجابت : نعم ،، تفضل ،،

دخل غرفة الجلوس متمهلا ً وبلا صوت وبقلب يزدرد انفعاله بصلابة معهوده ،،
وقف في وسط الغرفة ينظر إليها بتمعن واستطلاع ،،

كانت مسترخية على الكنبة تقرأ في مجله ،،
ولكنها لم ترفع رأسها إليه وكأنها لم تشعر له بوجود .

فقال لنفسه لا تعجب لبرودها فكم قاست وكم عانت ،،
وهي على أي حال منبع المآسي فكيف لا تخلو من روح العنف ،،
وماذا توقعت حينما عدت ؟!

وابتسم ليليّن من قسوة وجهه ،،
ثم تنحنح مبقيا ً على تماسك أعصابه ،،
إنها أشد مما تصور ،،
إنها أقسى من التاريخ الدامي

لكنني عنيد ،، لم آت هنا لأسلم بهزيمة عاجله ،،
توقعت سخطا ً ولعنا ً وبكاء ومرارة ،،
ولكن ليس الصمت والتجاهل

جلس في مواجهتها وقال بصوت حاول جاهدا ً أن يبدو طبيعيا ً : مساء الخير !! ،،

لم ترد ،،
صدمة أشد من الأولى ،،
الماضي بكل مآسيه لن يخفف من قسوة اللطمة ،،

حق أنك آخر من يعجب لقسوة ما ،،
وعليك أن تؤدي حساب سنتين من المقت ،،
الحق أني لم أتوقع مقابلة لطيفه ولكني لم أتصور هذه القدرة على الإعدام

لم يؤثر فيه صمتها وقال :
اسأليني على الأقل عما جاء بي ،،
الغبار لم يعد يطلق والشوك أدمى الأقدام ،،
وأعترف بأن نفسي نازعتني إلى مأوى منسي لأسترد فيه أنفاسي ،،
شعور طبيعي بالحاجة إلى ظل بعد احتراق لعين ،،
وسمعت صدقا ً أو كذبا ً أشياء وأشياء عن غرابة المرأة ،،
ومع أن آخر صورة احتفظت بها منك كانت عابسة باكية لاعنة ،،
إلا أني غامرت بالتجربه !! ،،

لا كلمه ،، لا حركه ،، لا اهتمام ،،

فتابع : أتتوقعين أن أعتذر ؟! ،،
أن أعترف بخطأ ،، أن أعلن الندم ؟!،،
ولكنك تعرفيني ،، لا أدري ما الذي حدث صباح اليوم ،،
كنت في وسط اجتماع هام ،، وإذا بي أغادره وأتصل بك ،،
قالت لي الخادمة بأنك لست على ما يرام فقلت في نفسي ومتى كانت غير ذلك ؟!،،
ولكني أراك في أحسن حال

الجملة الأخيرة غير قابلة للتجاهل إلى ما لا نهاية ،،
سوف تدب حركه ،،
أجل ستنفجر أولا ً في غضب وتصب اللعنات ،،
ثم تلين رويدا ً ،،
وأخيرا ً ستسمع هذه الجدران عتاب !! ،،

وضحك ضحكة قصيرة ميتة وقال :
نحن الاثنان من أصحاب الأنياب والأظافر ،،
ولكني مشوق إلى معرفة النهاية

رفعت رأسها قليلا ً ثم أدارته يمينا ً وشمالا ً عدة مرات لبعث الراحة في رقبتها ،،
ثم عادت إلى قراءة المجلة !! ،،

قال : ما مضى قد مضى ،، لسنا بأول مفترقين ولا آخرهم ،، ولكن ،،،

وركبته رغبة يائسة في المزاح فتابع :
ما رأيك باستدعاء أحدهم ليطردني فتشهدي مباراة في الملاكمة ،،
وضحك عاليا ً ،،
لكنه ضحك وحده

من يدري فلعل حضوري خطأ من أساسه ،،
ولكني مصمم على ألا أندم عليه

قال : أعلم ماذا يقول صمتك ،،
جاء الخائن ،، جاء معذبي ،، جاء أخيرا ،،
ربما شوقي لك هو سبب قدومي ،، أذكر أحيانا يديك الصغيرتين وفمك الدقيق وشعرك القصير ،،
كنت جميلة كما أراك الآن ،، ولكني دائما لا أذكر تفاصيل عينيك ،،
فلم أكن قادرا على النظر فيها طويلا ً ،، لا أدري

ألم تعاهد نفسك على تجنب الذكريات ؟! ،، ولكن كيف ؟! ،،
إنها مستمرة في قتلك ،، وأنت لم تأت لتجلس أمام تمثال من حجر !!

إذن تودين أن أذهب !! ،،
لا أعجب كثيرا ً ولكني أتيت ،،
وهذا جزء لا يتجزأ من الحكاية ،،
ألم تغضبي بما فيه الكفاية ؟! ،،
ألم ترفضي اقتراحي بالارتباط منذ البداية ؟! ،،
ألم تكوني سببا ً مباشرا ً في معرفتي بالأخرى ؟! ،،
ثم لعنتني حتى جف صوتك

تساءلت لماذا تذهب بعدما كان ،،
ولكن لا أحد يعلم بسري سواك ،،
وأنا أؤمن بالغيب إيماني بالقسوة ،،
والوقت قد فات ولكني رأيت رأيا ً آخر ،،
غير أني أود أن أعلم حتام تتعلقين بالصمت ؟! ،،

لا أحد يمكنه المحافظة على بروده كما تفعل ،،
وجهها لا يفصح عن شئ ،،
أنها لا تتجاهل وجودي ولكنها تجهله !! ،،
تجهله بكل معنى الكلمة ،،
إنها لا تسمعني ولا تراني ،،
من أين لها هذه القوة كلها ؟!

ثم صرخ بأعلى صوته :
أهذه طريقتك في العقاب ،،
لا شك أنك تخيلت هذا اللقاء وتمنيت وقوعه وانتظرته طويلا ،،
فأي شيطان دفعني إلى زيارتك يا امرأه

ها هي أنفاسها تتردد قريبة منك ولكنها أبعد من نجم ،،
كالموت غير أنه ينضح بالعذاب ،،
وها هو الصمت وها هو السد !! ،،
فعليك أن تؤول حلمك بنفسك أو سوف يبقى الحلم بلا تأويل

آه ،، فلتعجب بها بقدر ما تحنق عليها ،، ما أصدقها من مُحبه
ثم واصل حديثه :
لا تطرديني دون كلمه ،،
أخبريني إذن أنت عن سبب قدومي ،،
فقد خطر لي وأنا في الطريق شئ تافه وبطريقة غير عادية ،،
وهو أنني لم أكن متعجبا ً من تفاهة هذا الخاطر !! ،،

يا رب السماوات ،،
ها هي تتثاءب مرة أخرى ،،
من الضجر لا من التعب ،،
ولكن طلاء التجاهل سيتقشر عاجلا ً أم آجلا ً ثم يتساقط ،،
والأحزان قد أنضبت في نفسك موارد سخية ،،
ولكني أجلس أمامك بشخصي وشهادة سنين من الحب ،،
وإن يكن حب مفلس أجدب

وقف قائلا ً بصوته الجهوري :
أصغي إلي ،، أنا لم آت عبثا ً ،، وسأذهب أقسى مما جئت ،،
ولكن الساقية تدور ولا تحمل من باطن الأرض إلا العلقم ،،
كم من نساء عبثن بي وأخريات قبلن قدمي ،،
وكان أن ضجرت ،، ضجرت حتى الموت ،،
ولكننا نكره الكلمات الطيبة ولا نصدقها ،،
وإذن فلتمض القافلة مثيرة للغبار ولرشاش الدم ،،
وقد تمادى بي الضجر حتى وقعت ،،
وبعد سنتين من النسيان ذكرني الضجر بك ،،
ماذا أريد ؟! ،، أن أرجع إليك ؟! ،، ولكن ماذا وراء ذلك ؟! ،،

ونحن نخجل من العواطف ونتباهى بالكلمات ،،
لا شئ سوى الشماتة ،،
ولست أصدق الواقع ولكني لم أجد مفرا ً من تصديق الألم ،،
فربما كان ذلك الضجر هو ألم ،، ألم الضمير

فسمع صوت كالصدى يردد :
ثمة آلام أعنف من ترف الضمير !!

انتفض كمن يفيق من حلم ،، وانتبه لنفسه ،،
نظر فيما حوله بذهول فوجد أن جميع الأشخاص في الاجتماع قد علت أصواتهم بالنقاش غير حافلين به

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-06-2008, 09:52 PM   #19
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي إلى الأستاذ سليمان الخريجي ،،


( 12 )

* شمسي *

" اللهم بارك لهما ،، وبارك عليهما ،، واجمع بينهما في خير " ،،
مشيت في خطى بطيئة متأملا ً فيما أمامي بعينين لا تريان شيئا ً ،، وعلت شفتي ابتسامة مريرة ،، وقد بدا لي كل شئ غريبا ً كئيبا ً يذيب النفس حسرات ،،
يخفق قلبي بعنف لسماع عبارات التهنئة وترديدي لكلمات الشكر والترحيب ،، كمن يسمع شيئا ً عظيما رهيبا يثير في الوجدان مكامن الشجن ويستدعي ذكريات قائمة موجعة الصدى ،،


لم تخلق هذه الليلة للحزن بل ليمتلئ الجو برنين الضحكات ووميض الأمنيات وإيماءات السعادة ،، وأنا سعيد أكاد أختنق بالفرح ،، وقد تم الهدم وبقيت الأنقاض رغم كل شئ ،، تجلى القلب مساحة في الفضاء خالية من أي معنى وبلا رموز ،، ورحت أقلب ناظري في الناس والأشياء كأني أبحث عن شئ أو لا أدري شيئا ،، أيا صغيرتي ،، لقد بدا لي العالم أكثر جمالا ً لأنك فيه ،، وبدت الحياة أكثر واقعية لأنك شمسها ،، وسينقضي الباقي من العمر بلا شروق لأنك ستنيرين أرضا أخرى

* * *

وجدت في تلك اللحظة رغبة خفية قاهرة في الفرار إلى الأمس ،، إلى تلك الفترة التي تبدو فيها الحياة كقطعة من العجين في يد الخيال يعبث بها كما يشاء ويصنع منها ما يملي عليه هواه بعيدا ً عن قساوة الواقع ،، ولكن هل ثمة طعم للدنيا في حواسي الآن ،،
ماتت رفيقة الدرب فاصطدم العمر بأحداث مروعة ،، وتركت بين يدي زهرة يانعة لم تتجاوز الخامسة ،، فهل ينتهي كل شئ الليلة كما ينتهي الحلم الجميل ،، ينتهي في لحظة قصيرة كأنه لم يدم أيام وسنين ،،


ها هي صغيرتي ووجهها الذي كست الشمس حمرته كأنها غمسته في الشفق ،، كنور الفجر الحالم وقد اكتسى بحلة فضية من ضوء الصباح المنير ،،

بدأ مخي وأنا أستمع لصوت ذكرياتنا يسخن ،، وترتفع حرارته حتى بدأ يفرز عرقا ً داخلياً غزيرا ً على هيئة رذاذ من الأفكار المتلاحقة ،، وصلني القلق على ليال مرضها أو امتحاناتها ،، وركضت بي جوارح الحنان من براءة طفولتها إلى شبابها المرح ،، فرحت أهيم محمولا ً على أكتاف أحلام اليقظة ،، ليت شعري كيف يكون وجودي بعد ذلك إذا خلا من ضحكاتها وأحاديثها وعذوبتها ،، ولكن وا أسفاه ،، إن انقضاء الليل ينسي قطر الندى ،، وللحياة جلبة تبتلع همسات الضمير والوحدة ،،

* * *

وها هو ابن أختي يتبختر كأنما امتلك الأرض ومن عليها ،، فليحفظكما المولى ،، ولكن تجتاحني رغبة لا تقاوم بلكمه !!،،
جاء لزيارتنا قبل أسبوعين ،، أخذا يترامقان بنظرات أعلم ما وراءها ،،
ابتسمت وأنا أضع فنجان الشاي وقلت : ماذا وراءكما ؟! ،،
قالت بسرعة ولوهجه : أبي لدينا رجاء بأن توافق على أن تعيش معنا ،،
فقال : أجل يا خالي ،، فلا أريد أن أكون سببا في فراقكما ،،
استجمعت قواي لأقبض دمع قلبي ،، ما أكرمك يا عزيزي ،،
ولكني قلت بمرح : قراري في ذلك لا رجعة فيه ،، لديكما حياة لتعيشا أيامها في بيتكما الخاص بعيدا عن ظل ثقيل لعجوز مثلي ،،
فقالت : أبي !! ،،
قاطعها قائلا : يجب أن نحترم رغبته ،، وقد وعدنا بالزيارة دائما ،،
فقلت بصوت خافت ومدمع محبوس : أتمنى لكما حياة سعيدة ،،

يا إلهي كيف نمت تلك الليلة ،،
كنت لا أنام إلا حين أراها نائمه – أو متظاهرة بالنوم – فأصبحت هي تقوم بذلك معي ،، يا عزيزتي لمَ كبرنا ؟! ،،

* * *

وتبعتها عيناي حتى غيبها باب السيارة المبهرجة ،، ثم عادتا تنظران إلى الأشياء المحيطة نظرة ذاهلة لا تعي التفاصيل ،، فأحسست إحساسا ً غامضا ً بالسمرة التي أخذت تشوب الكون والسكون الساري في مفاصلي ،،
وصافحني العريس بسعادة وقبّل رأسي ،، شددت قبضتي ونظرت إليه طويلا ولم أدعه يسترجع يده بسرعة

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-10-2008, 01:54 PM   #20
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو
 
0 السحر القادم
0 حصان خشبي
0 فصاحة الأنثى
0 مرايا

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي لا عليك يا صديقي


( 13 )

* موظف *
أن يمر يومك بلا جديد ،، فلا جديد في ذلك ،، وفي ذلك حلم يستحق أن تعيشه ،، أن تحبك السماء فتنتظر شروق الشمس وما تدري إلا والصباح الغائب المفتقد يهل عليك بفرحة مباغته ،،
ذلك لن يصبح بالحدوث وأنت مدينا لوظيفة ما بامتلاكك ،، تبدل زيك من شرطي إلى شرطة أو تنفض أحلامك من مدرس إلى مدرسة ،، كلها أمثله ،، بأن تصبح معرّف دون أداة تعريف تبين تفاصيل ذاتك ،، حتى إن قسوت على نفسك فلن يعيدك التاريخ إلى شخصيتك المجهولة ،،

تسمع اسمك يتردد ،، لا تدري كيف تردد ولا من كان أول ناطق به ،، تقتنص من قميص الليل رائحة حبيبة ولا تمانع إن تملق غيرك المنصب وسابقته بكساء السموم ،، غير مشفوع بـ يا حضرة المسئول ولم تناغيه أيا حبيبي ،،
تنصت ،، وتختلس من وجوه زملائك النظرات وتكاد تلمس المعاناة والذهول وراء الأقنعة ،، وممكن أن تقول بأن الحياة استعادت روتينها اليومي مع أوامر رؤسائك ولكنها في الواقع فقدت قدرا لا يستهان به من صميم مرءوسيك ،، فاستكنّ إلى الكرسي وراء مكتبك المشترك ،، وأسدل ستار كثيف على فترة أيام مجهولة مضت كسر ٍ مثير تحوم حوله الأسئلة وترتد خائبة ،،

وتلوح بشرى كالحلم باقتراب الترقيات ،، ورغم المرح والأحاديث انتشر الحذر في الجو مثل رائحة غريبة مجهولة المصدر ،، تحمل كل نكتة بأكثر من معنى وكل إشارة أكثر من مغزى وكل نظرة التبست فيها البراءة بالتوجس ،، أجل في ذلك ما يكفي ،، في زمن القوى المجهولة والجواسيس التي يعرفها الهواء وعلاقة الأشباح بالنهار ،، فقل لنفسك مستعيذا من مؤهلاتك أن الديناصورات استأثرت بالأرض ملايين السنين ثم هلكت في ساعة من الزمان ،، في صراع الوجود والعدم فلم يبق منها اليوم إلا هيكل ،،
انتظر ،، وتخيّل وتذكر ملاعب الرومان ومحاكم التفتيش وجنون الأباطرة ،، تذكر سير المجرمين وملاحم العذاب وبراكين القلوب السود ومعارك الغابات ،، وعندما يلفك الظلام أو تسكرك القوة وتطربك بنشوة تقليد الآلهة ،، فلا تستيقظ وفي أعماقك تراث وحشي يبعث فيك العصور السائدة ،، لا تنسى بأنك موظف

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-13-2009, 12:30 AM   #21
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 14 )

مواويل العالم الأخضر

قام مسرعا وفتح البوابة وتابع دخول السيارة التي لا يبين ما بداخلها ،، وأخذ يرقبها مبتعدة بلوحتها الخضراء والرقم 57 الذي تحمله ،،
عاد إلى رفاقه وسمرهم إلى منتصف هدأت الأصوت في الخارج ،، خرج ليطمئن متشاغلا باشعال سيجارة ،، داس عقبها وهو يلقي آخر نظرة ثم عاد إلى رفاقه وأغلق باب الحجرة بإحكام وقال : كل شئ هادئ ،،
قال أحدهم : تأخر اللعين " جون " هذه الليلة ،،
فقال آخر وهو يخرج حزمة مخبأة تحت الجدار : دعنا منه فلا وقت لدينا ،،
ثم راح يفتح الحزمة الملفوفة بعناية ويخرج مجموعة من الأوراق قائلا : لقد تأخرتْ هذا الشهر ،، "ناظم" هل تأكدت جيدا من الحركة خارجا ،،
فقال ناظم وهو يجلس بجانبه : أجل أجل ،، ابدأ بالقراءة فكل شئ على ما يرام ،،
وراح الجميع ينصت ،،

بينما تابعت السيارة التي تحمل الرقم 57 سيرها بعد تجاوز آخر نقطة للحراسة سالكة الطريق الطويل إلى الحي الكبير الراقي ،، أخذت تتلوى وتتعرج وتصعد وتهبط بين الربى الخضراء تغطيها الغابات بأشجارها الباسقة وأحواض الورد الزاهية بالألوان والعطور المتداخله في انسجام بديع ثم حقول الأزهار وتلال النباتات النادرة بأشكالها الجميلة التي ترسم شعار المنطقة عند النظر إليها من الأعلى ،، لوحة للطبيعة كأحلى ما تكون الطبيعة حين تلمسها أصابع فنان يعرف ما يفعل ويفهم العلاقة بين حساسية الإنسان وحيوية الطبيعة ،،
قال السيد جون وهو يغلق هاتفه : "علي" أريدك غدا أن تذهب إلى الإدارة العامة لكي تحضر طردا من العاصمة ،،
التفت علي من المقعد الأمامي قائلا : حسنا سيدي ،، هل وصل بيانو السيدة الذي كانت تنتظره ؟! ،،
فقال باقتضاب : أجل ،،

وقفت السيارة الخاصة بضابط الاستخبارات الكبير أمام بيته الفاخر ،، نزل مرافقه علي بسرعة وفتح الباب له وناوله معطفه وحقيبته ،، وتابعه وهو يصعد السلم بخطواته المتثاقلة ،، ثم عاد إلى السيارة متجاهلا نظرات الحنق الصامته المطبوعة على وجوه الحراس المنتشرين من باب البيت حتى أسواره العالية ،،
كان علي مكروها من الجميع ومصب لعناتهم ،، كانوا يكرهونه أكثر من السيد جون نفسه ،، كيف وهو ربيبهم الذي أتم تعليمه في أرقى جامعات العاصمة ثم عمل في عدة وظائف قبل أن يحظى بوظيفة مساعد ومرافق اهم الشخصيات بالمنطقة فلا يخطو خطوة ولا يقدم على شئ إلا مع "علي" وترتيباته ،، ولذلك كان عدو الجميع اللدود ،،

صرخ السيد جون في وجه الخادمة : أين ذهبتْ ؟! ،،
فأجابته بصوت خفيض وهو ترتعد : خرجت منذ وقت طويل لا أدري إلى أين سيدي ،،
أشار بيده لكي تنصرف محاولا الاحتفاظ بهدوءه ،، تناول هاتفه وقام باتصال سريع ،،
- هل وصلت ؟! ،،
- لا يا سيدي ،،
- أريدك أن تعود بسرعة لكي نحضرها ،،
- هل تعرف أين ذهبت ؟! ،،
- وأين ستكون برأيك ،، فهي لا تتغير ،،
- سأصل إليك بعد خمس دقائق ،،

أشار إلى مرافقه قائلا : ها هي ترقص وسط تلك المجموعة ،،
فقال : لا عليك سيدي ،،
وذهب بخطواته الرشيقة مخترقا رواد الحانة من الموظفين والضباط والساقطات ،، حتى وقف أمامها متجاهلا كلمات الرجل الذي كانت تراقصه ،،
صرخت : ماذا تريد هل أرسلك ؟! ،،
فقال بهدوء : لنذهب فقد تأخر الوقت ،،
فقالت وهي لا تكاد أن تثبت من السكر : سأبقى قليلا بعد ،،
قال بهدوءه المعهود : سأحملك إذا لزم الأمر ،،
فقالت وهي تضحك بدلال : إلى أين ؟! ،، إذا كنت تعني لغرفة نومي فسأسابقك إلى هناك ،،
فحملها بسرعة صاما أذنيه عن صراخها واحتجاجات من كانت تراقصهم ولم يتقف إلا أمام السيارة في الخارج ،، ولم يتوقف صرخها إلا بعدما قال زوجها وهو يفتح الباب : اصعدي ،،
أخذت تستمع إلى حديثه المتكرر صامته متكروه على نفسها في آخر المقعد لا تنظر إلا لجانب وجه "علي" الأيسر وهو يتابع الطريق ويأمر السائق بجانبه أن يزيد من سرعته ،،

في اليوم التالي وقف ناظم يتحدث إلى مجموعة من الحراس ،،
قال له أحدهم : هل سمعت عن تلك المواويل ؟! ،،
فقال ناظم : كلا لم أسمع بها ،، ولكن اخفض صوتك ،،
واصل حديثه : يقولون بأنها مكتوبة بعدة لغات ،،
فقال بسرعه : ألا تريد أن تخفض صوتك ،، حسنا وماذا سمعت أيضا ؟! ،،
قال الآخر وهو يخفض صوته : لا أدري ،، ولكنهم يقولون أن ما بها يبعث إلى الأمل ،،
ثم وقف الاثنان بسرعة وهما يشدان على سلاحهما عند مرور سيارة رسمية ،، وعندما ابتعت السيارة ،، امسك كاظم بكتف رفيقه وقال بصوت لا يكاد يسمع : إذا كنت تريد ان تعرف ما بها تعال في منتصف الليلة هنا ،،
فقال : هل تعرف عنها شئ ،، أخبرني ،،
أشار إليه بالسكوت وقال : تعال الليلة فقط ولا تخبر أحدا بذلك ،،

وفي مركز القيادة كان جون يتحدث في هاتفه وعلي يجلس بمقابلته ،، كان مركز القيادة يتوسط المنطقة في أكبر شوارعها ويعتبر أهم مكان للتواصل مع العاصمة ،، هذا الشارع الذي لا يصله المرء إلا بعد تجاوزه لعدة نقاط للتفتيش ان استطاع تجاوز البوابة الكبيرة الخارجية والأسوار العالية المرصعة بالنجوم ،،
قال : سنذهب إلى المنطقة رقم 61 ،،
وثب الفرح إلى حلقه ولكنه كتمه وارتفع منكباه بحركة عكسية كأنما ليخفي موافقته وقال : كنا هنالك قبل شهر ،،
فقال : أجل ،، ولكن وردتنا معلومات علينا التحقق منها ،،
صمت قليلا ثم قال : هل سترافقنا السيدة ؟! ،،
فقال : كلا ،، باتت سعيدة بالبيانو مما يريحني من مشاكلها ،،
قال : حسنا ،، هل نجهز الطائرة ؟! ،،
فقال : أجل ،،

وفي الطائرة جلس علي في مكانه المعتاد في مواجهة رئيسة وكل وقت ينظر إلى الخارج يقاوم رغبة جامحة للقفز يشعلها الحنين ،، وأخذ يجيبه على أسئلته واستفسارته إلى أن وصلا إلى مكان الهبوط وعدة أشخاص كانوا بانتظارهم ،،

وبعد الاجتماع الطويل مع المسئولين تسلل إلى الخارج عندما ذهب جون للقاء القائد العام ،، راح يمشي إلى ان وصل إلى البوابة الكبيرة ونفس النظرات الحانقة الصامته تقابله في الوجوه ،، توجه إلى أفقر الأحياء وأقدمها ،، فلا تكاد المناظر تتغير خارج المناطق التي يعمل فيها ،، نفس المخيمات والسحن المستسلمة ولم تكن المساكن إلا خيم أو بيوت من الصفيح ،، توغل في الأزقة وهو يلتقت كل حين خلفه ليتأكد أن لا أحدا خلفه إلى وصل لبيت خرب قديم من الطين بابه يستند على جدار متهدم ،، دخل إلى غرفة مظلمة وفتح بابا صغيرا يتوسطها ونزل بهدوء إلى سرداب ضيقه قاده لغرفة أخرى تحت بيت آخر ،، تحسس الجدار إلى أن وصل إلى مصباح من الغاز قام باشعاله ،، نظر إلى الغرفة الخالية إلا من صندوق في أحد أركانها وراح في بكاء طويل ،، ثم جلس على الأرض وفتح الصندوق وأخرج بعض الأوراق وأخذ يكتب ،،

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-23-2009, 10:03 PM   #22
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 15 )
الكرسي



جلس على الكرسي وابتسم معلنا امتنانه ،، تأزم من حوله بتوتر خفي ،، وتضاربت شعارات المجاملة مع الانفعالات العدوانية الباطنية ،، فنسي أن يمر للسلام على أمه وتوجه من فوره إلى الباب وأخذ ينظر إلى الشارع ،،

أما الأب الصامت فنظر إلى ولديه الآخرين وقال : عملت جاهدا هذا الشهر لأحصل عليه ،، سيأتي الدور عليكما قريبا ،،
فقال الصغير محتجا : دائما تعدنا وتتأخر ،، لا أريد سوى إكمال لعبتي ،،
وقال الآخر : أريد أن أرى أمي ،،
نظر إليهما الأب قليلا وغادر الغرفة وسارع بالرجوع إلى عمله ،،

بعد تقاعده من حراسة المدرسة أمّن له أحد معارفه وظيفة أخرى لخدمة مدير مستشفى ،، يحضر له القهوة في الصباح ويشتري له احتياجات بيته ويعود لكي يصنع له كوب الشاي الذي يفضله من يديه ،، تزوج ابنة عمه المريضة راضيا ،، وراضيا عن وراثة أبناءه بالشلل على أعمار متفاوتة ،، فالأكبر عند السادسة والآخران عند الرابعة والثالثة مما جعلهم مساجين في إحدى الغرفتين للبيت الصغير ،،

مرق بجوار ابنه الذي يسد كرسيه الباب قائلا : سأعود متأخرا بالغداء ،،
لم يرد عليه فقد كان مأخوذا بمنظر الشارع ،، يستبشر خيرا فأي شئ خير مما هو فيه ،، ومن السخرية أن أحلامه لا تتعثر إلا بما يشاهده ،، كما أن سنته الأولى بالمدرسة قد ماتت قبل أن تمتد يدا لتقتلها ،،
تورد الأفق أمامه وهو يتأرجح على الكرسي المدولب ،،
فما أكثر الأشياء التي تعذب الإنسان ،، ليته يستطيع الخلاص ولكنه يجد فيها ما يجد المقرور من المدفأة ،، لم لا يبقى في المزاودة إلا الأشياء التافهة ؟! ،، ينزع الخيال إلى الواقع المر فيتولاه عجب ساحر ،، تضفي عليه النوازع نسيجا رقيقا من الفتنة والقهر ،، سحر الأقدار المسيطر على المصائر ،،

قال الصغير : متى سيحين دورنا برأيك ؟! ،،
فقال أخيه : أنتظر ذلك ،، اشتقت لأمي ،،
قال : وأنا لعبتي في غرفة أمي ،، اسمع هل تعرف مكان المنوم الذي يأخذه أبي ؟! ،،
فأجاب : أجل ،، لماذا ؟! ،،
فقال : سيتأخر بالغداء اليوم كعادته ولن يلبث طويلا حتى يعيد الكرسي ،، أرى بأن نضع المخدر لأخيك حينها ،،
نظر إليه وقال : أنت مجنون ،،
فأكمل : هل رأيته وهو يمضي متبخترا صاما أذنيه عنا ؟! ،، ثم ان الأمر لن يتجاوز الساعات حتى يعيد أباك الكرسي ،،
قال : أمي كانت تستطيع السير حين زواجها من أبي ،، فهل برأيك سنسير ذات يوم ؟! ،،
فقال بسرعة : ربما ،، ولكنك لم تجب على خطتي !! ،،

عاد الأب لعمله محشورا في الحافلة ،، وما يحنقه حقا أنه يجد في تذمر من حوله إجابات جاهزة وحاسمة ،، وما يشغل غضبه أكثر وأكثر أنها دائما ما تريحه ،،
فها هو الجالس بجانبه يقول : هل قرأت عن التغيير الوزاري الجديد ؟! ،،
فقال متعجبا : كلا ،،
وعندما دخل إلى عمله لاهثا ،، قال له المدير : لماذا تأخرت ؟! ،،

 

التوقيع

المتشرد


التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الدوسري ; 02-23-2009 الساعة 10:15 PM.

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-04-2010, 01:23 AM   #23
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو
 
0 تقطير الضوء
0 مرايا
0 من غير ليه
0 فصاحة الأنثى

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي مدفون الكنز ،،


قالت له زوجته وهو يهم بالخروج : خذ هذه الأشياء معك يا عزيزي ،،
حمل الأكياس وحاول أن ينزل ابنته الصغيرة التي كانت معتلية ظهره ،، وأبت أن توصل قدميها الأرض إلا بعد أخذ وعد منه بشراء لعبة لها ،،

فمنذ يومان كان يذهب إلى مكان جمع التبرعات ،،
يضع ما يحمله ويساعد قليلا لضيق وقته وللفوضى العارمة ،،
سار بسيارته حتى أوقفها أمام المركز وهو يبتسم لوعد صغيرته ،،
فاجأته فتاة تقول : هلا أخذتني معك ؟! ،،
نظر إليها متعجبا فأردفت : أنت ذاهب إلى هناك صح ؟! ،، يجب أن أتواجد هناك على الفور وأبي سيتأخر كثيرا حتى يقلني فخذني معك ،،
قال : لا مانع لدي ولكن إلى أين ؟! ،،
أجابت بعد ركوبها في السيارة : إلى الحي المنكوب بالطبع ،،

كان يحاول جاهدا ألا يذهب إلى هناك ،،
فبيته بعيدا عن ذلك الحي كما أنه لم ينساق إلى المشاركة بالتبرعات إلا بعد إلحاح زوجته ،،
وصلا إلى الحي فغادرته بسرعة وهي تقول : شكرا ،،

نظر بذهول فيم حوله ،،
أضواء سيارات الأمن ،،
وجموع تتحرك بجنون ،،
الكل يصرخ حتى ازدحمت برأسه أشياء لم يفهمها ،،
لم يفق إلا على طرق رجل الأمن على نافذته قائلا : تحرك ،،

سار على قدميه رافعا طرف ثوبه فوق الطين والمياه الآسنة ،، نظر إلى السيارات المعانقة لصفوف الدكاكين وبقايا الإسفلت الذي راح كما تتقشر الفاكهة ،،
واشتد ذهوله عندما سمع حديث رجل لآخر بأن ابنه مفقود ويظن بأنه في الحفرة خلف التل ،، والآخر يتمتم له بكلام لم يفهمه ،، حتى مر من جانبهما ،،
فأمسك بعنقه قائلا : هلا أنقذت ابني ؟! ،، هو جثة هامدة الآن أعلم ،، ولكن أريد أن أراه ،،
تلعثم وقال : أين ؟! ،،
فقال : هناك خلف هذه التلله هم يظنون بأن السيل لم يجرف ما به إلى هناك ولكني بحثت في كل مكان ولم أجده ،،
طمأنه بما استطاع وتابع سيره ،، وجد أنه أمام حفرة طينية كبيرة خلف التل ،، نزل على مهل حتى بلغها فغاصت ساقاه في الطين ،، تذكر حديث زوجته عن المشاركة والمواطنة فاستعذب الغوص بالطين أكثر نكاية بها ،،
كجامع لأحلام ضائعة ،، وتقفز برأسه الأسئلة ولا تجد الإجابات الآنية في زوايا المحال المحال أو على الأرصفة ،، تصوغها الأحلام المشروعة والمحفوظات المبتذلة ،،
توقف حينما اصطدمت قدمه بجسم صلب ،، فأدخل يديه فتبين بأن ما أمامه ما هو إلا صندوق ،، نظر حوله فشاهد رافعة ضخمة تجوب المكان ،، فأشار إلى سائقها بأن هنالك ما سيحمله ،،
وقف أماهم صندوقه الذي رُفع خلف التل ،، والتفت حوله وإذا بالرجل لا يزال يعترض المارة ويستنجد لابنه ،، حاول أن يرفع الصندوق فلم يستطع حتى شاهد الفتاة التي قدمت معه ،، أشار إليها فأتته مسرعة ،،
قال : هذا الصندوق ،،
فقاطعته قائلة : هل تريد من يساعدك على حمله ؟! ،، سنساعدك لا عليك ،،
وبصوت مرتفع قالت : أبي تعال إلى هنا ،، هذا هو الرجل الذي جئت معه ،، فلا تقلق ،،
وبلا مشقة تذكر وجد بأن حمله في سيارته بجانب الأكياس التي حملها من بيته ،، وألقى نظرة أخيرة قبل أن يغلق صندوق سيارته ،، فإذا به ضخم لا شبيه له إلا تابوت ،، أدخل رأسه وفتحه ليبصر وهج ذهب خالص وزكمت أنفه رائحة منتنة نافذة لحواسه ،، ولم يتابع ذهوله حتى وضع ما يحمله تحت السلم في بيته

* * *

قال صديقه : يا صديقي ما يحدث هو حصيلة وراث بيولوجي للإنسان تجعله قالبا بغريزته أو ناهبا بطبيعته ،،
تذكر الصندوق في بيته ولكنه قال : أنت تحكم على مجتمع بأكمله ،،
قاطعه قائلا : بل أنت محكوم من فوقك ومن تحتك بنهر عظيم يصب في بحر أعظم ،، وما أنت إلا ما تخلفه دلتا ً لا تظهر في الخارطة !! ،، كما هي حصيلة عالم تلعب فيه الفوضى المفبركة دورا رئيسيا ينشأ من انفجار كبير وينتهي بوفاة وانهيار وتحلل ،، فهل تذكر قصة علي بابا والأربعون حرامي ؟! ،، فلمن استنصرت بجهلك ؟! ،،
قال : ولكن الإنسان قادر بوعيه أن يتجنب الحروب مثلا ،، كما أثبت تكيفه على مر العصور ،، ولو غيبت المبادئ والأخلاق فخشية الخالق باقية ،،
فقال : اسكت فالحديث في ذلك عقيم ،، ثم أني تأخرت عن سهرتي الأسبوعية ،، هل سترافقني ؟! ،،
أجاب : تعلم بأننا نختلف كثيرا وفي هذا الأمر أكثر ،،
هز كتفيه وقال : حدثني عن عملكم التطوعي ،، يقال بأن هنالك جميلات يسرن فوق الطين ،،
ابتسم قائلا : هل هذا ما يهمك ؟! ،، لو تأتي معي اليوم فسوف ترى بنفسك ،،
ثم أردف بصوت هامس : لقد وجدت شيئا سأخبرك عنه ،،

* * *

فلم يعد الوطن يحتضن مشتغلين جدد بالفكر من خارج نظامه وتوجهاته ،، فلا يتيح لهم على الأقل الإسهام معه بإنتاج مفهوم آخر للعقل الإنساني التحولي ،، فهذا هو لب المجتمع ،، عقل طامع للتحرر من قيود المكان ليضرب في حدود الزوايا والأزمنة ،، مبلورا حداثة مغايرة ،، مختلفة ،، ومتجلية بإبداع فاحص ،، ناقد ،، ومستوعب لكل ما لا يفهمه أو يلتبس عليه ،، ويجتهد بالتالي لجعله مفهوما ،،لذلك غادر صديقه وفي رأسه ثقب يحاول لجعل الريش يليق بهذا الجنون ،،
أما صديقه فقد ذهب لسهرته حتى آخرها ،، وألقى بسيجارة ملفوفة إلى الفتاة التي أمامه قائلا : ألم أخبرك بأن صديق لي وجد كنزا ،،
فقالت بنبرة ناعسة : كلا لم تخبرني ،،
ضحك قائلا : صندوق ملئ بالذهب عليه نقوش عثمانية قديمة ،،
قالت : أنت تكذب ،،
قال : حسنا لا عليك مما أقول ،،

ولكنها تذكرت حديثه لاحقا في جلسة أخرى ،، حيث تواجد رجل كان على معرفة بصديقة مسئول كبير ،، وعندما وصل الأمر إلى الأكبر منه كان مجرد قطعة ذهبية أخذت من أرض تملكها إدارتها ،، فخاصم إدارات أخرى على أحقيتها ،، حتى صدر القرارات بالمطالبة من كل الجهات ،،

* * *

دخل إلى بيته وقد نسي لعبة ابنته ،، تناساها في حرب الشرعية والفضيلة وبرمجة عقل المجتمع على إيقاع تحريمي مرتاب ،، كيف ارتد العقل من حماسة العقل والانفتاح والإبداع إلى صراعات ومفسدات وكأن التيسير لا شرعية له ،، أصبح العيب أشد جرما من الكبائر والمحرمات المعروفة ومن الباب الآخر توقف نداء من أين لك هذا ،، وكل ذلك في مجتمع حي ومتوهج ومتحرك ،، ولكن ببطء ،، لذلك عاد في تالي يومه ليدفن ما وجده بمكانه

 

التوقيع

المتشرد


التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الدوسري ; 02-04-2010 الساعة 01:27 AM.

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-02-2010, 03:59 AM   #24
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي على الطريق ،،،


( 1 )

شئ ما يسحبني إلى الأرض ،،
أشعر بما حولي دون أن أراه ،،
لا أشعر بالفزع ،، كأنني كنت هنا من قبل ،،
نفس ما شعرت به عندما أصابتني الكره في وجهي وأنا صغير ،،

أرجوكم لا تأخذوني إلى المستشفى ،، غرف الطوارئ لا تنقذ أحدا ،، وحوادث السيارات لا تقع إلا بعد منتصف الليل ،، حين لا يكون هناك إلا طبيب عابس السحنة بملعقة صدئة ،، أنظر إلى أولئك الحمقى ،، لماذا يصرخون ؟! ،، معظم أفراد أسرتي ماتوا كبارا بعدما تجاوزا الخرف بمراحل ،، أنا مجرد فرد آخر لا أستحق كل هذا ،، ها هي ممرضة جميلة رغم كل شئ ،، لا تقلق يا قلبي لن أستسلم ،، فلست مستعدا للرحيل ،،
أشعر أني عائدا لتوي من السفر أحكي لها عن كل ما كان وأستمع للكثير من أحلامها التي لن تكون ،، فالغرفة الماسية ليست نهاية قوس قزح كما مانت تتصور ،،
الكثير من الكبوات والكثير من الوقت الضائع ،، ولكنك خارج الأسوار الآن أحاول البدء من جديد ،،

- أنت تغيرت ،،
- لماذا ؟! ،،
- لم تكن تتحدث هكذا من قبل ،،
- لم يكن شعوري هكذا من قبل ،،

قال لي أحدهم بأنك تستنفد طاقتك ،، ليس بامكانك الركض دائما ،، عليك أن تتوقف أحيانا ،،
لا تستطيع أن تعاند كل شئ فستهزم حتما ،، لن تستقيم وستذهب مع الريح ،،
فأنت لا تثق بمن يحاول تقنين نفسه من الداخل ،، كما أنك لا تستطيع أن تحجب الشمس بغربال ،،

عاهدت الكثيرون بالكثير ولم تبال في صراخهم ،،
أما الآن فحتى الخذلان صعب المنال ،،
ولكنها كتقطيب جرح أو اثنين وسيرون شخص آخر واضح المعالم يولد من جديد ،،

- ما الذي حدث ؟! ،، كانت لديك أحلام لا تحدها آفاق ،،
- أجل ،، ولقد استيقظت الآن ،،
وأخذ يقص عليها كيف أن أبيه اشترى له سيارة أجرة بعدما وعده مرات عديدة بأن يضبط حاله ،،

الشيخ الكبير كان أكثرهم حنوا علي وتعبا مني ،، ولكن حياتي التي لم أعشها أصبحت قريبة بإمكاني أن ألمسها ،،
الحلم لن يتحقق بمفرده ،، عليك أن تسعى إليه ،،
ولكني قد تأخرت عما كانوا يظنون ،،
انتهى النداء الأخير والشمس تغرب ،،
أشعر برعشة خفيفة ،، لن نبتعد عن هنا ،، عن خشونة الليل ،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ

( 2 )

عدت مرة أخرى إلى القرية ،، هذه الندبة الجميلة تحت أضلعي ةالتي لا أرغب التخلص منها ،، عدت متأخرا بعد أن ذهبت الشوارع للنوم والمصابيح تتسكع بانتظار الفجر ،، وحدي كالعادة حاملا حقيبتي وجسدي ،، تكومت في السيارة التي تقلني من أقرب مدينة والسائق يقودنا بسرعة الزمان أتدثر بمعطف سميك ،، نظرت للقمر فوق أسطح المنازل وحسبته رغيف خبز قضمه طفل وهرب قد يكون للجوع دور في ذلك ،، جلست ألتقط أنفاسي أمام بوابة البيت الكبير مترددا فمن بالداخل فيما يبدو نيام ،،

غفوت وكل ما أذكره أنني استيقظت مرات عديدة وكأنني أستعجل الصباح لأجد العتمة سائدة وأن خشب السقف يطقطق بحنان يشبه البوح ،، أخيرا أزحت ستارة النافذة بدأت أمامي فروع الأشجار مغمسة بشقوق الضوء الممتد بكسل فضي على الجبل ،، فتحت النافذة فتسرب الهواء إلى عري القلب ،، لا صوت للأشياء هنا فحتى فرشاة الأسنان تروح وتجئ بخفر وحياء ،، تناولت إفطاري مع رجال وشباب العائلة تتخلل قضمات الأكل أحاديث لا تلبث أن تنقطع ،، خرجت ببرودة نائمة والهواء يتمخطر في الطرقات ويهز كتفيه بتعال وما هي إلا لحظات حتى خرجت الشمس بعد فترة من وراء رؤوس الجبال بهيبة دافئة ،،

رغم تعاظم اللوحات الساحرة التي تتصدر القرية كنت أنصت إلى أنفاس الصباح واضعا قدمي على السجاد الترابي الذي يغطي الطرقات أقاوم رغبة تغمرني بالضحك عاليا أو تسلق أكبر شجرة ،، تأملت بعض المزارعين يضرب كل منهم بفأسه وبريق غامض كان يكسو عينيه ،، وبعض الصبية يسيرون بخطى باردة إلى مدرستهم وأكبر منهم كانوا يتجمعون لانتظار السيارة التي ستقلهم إلى القرية المجاورة ،، استوقفني صوت موسيقى منبعث من مذياع مجهول المكان يبث أغنية قديمة كأنها هدنة مؤقتة في سماء المدينة الصاخبة العائد منها ولكنه سرعان ما انطفأ ،، حتى وصلت إلى لوحة علاها الصدأ تكاد تسقط مكتوب عليها عبارات لإنشاء طريق عام يعود تاريخها لعشرون عاما ،،

كانت اللوحة تقف منتصبة كيأس خالد فأحسست بالعجز وأشاء أخرى ،، حبست دمعة قبطان يشهد أفول سفينة تغرق ولا يفعل شيئا سوى التجديف بقارب النجاة ،، حاولت أن أنشغل عن العبارة بتأمل المحلات الصغيرة والبيوت المصبوغة بدهان مميز الألوان ونزيف الأزهار ينمو على الأسوار الحجرية ومن فتحات حقائب التلاميذ الممزقة كالآمال المصطفة على ريف العين ،، كنت أحاول أن أتحاشى تلك اللوحة كأنني أهرب من أيام تفسد نفسها ،، كانت محاولة انشغالي تذكرة الهروب الوحيدة الممكنة من قسوة التجاهل ،، فما أصعب أن تكسب لحظات جميلة في ساعات وتفقدها في لحظة وتتحاشى عيون من حولك كالهارب من ظله ،،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ



يتبع ،،

 

التوقيع

المتشرد


التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الدوسري ; 05-02-2010 الساعة 04:02 AM.

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سدف الظلام .. إبراهيم الشتوي أبعاد النثر الأدبي 10 01-30-2009 03:03 PM
قد يحدث آفاق أبعاد النثر الأدبي 16 12-31-2007 12:18 AM
> حديث الغمام < عبدالله الدوسري أبعاد النثر الأدبي 12 12-12-2007 02:04 PM
أبو العلاء المعري سلطان ربيع أبعاد المكشف 6 06-18-2007 04:44 AM
صفصاف الظلام محمد المغضي أبعاد الشعر الشعبي 21 10-17-2006 06:04 AM


الساعة الآن 08:48 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.