(( في اغــتياب مدينة )) دعوة للمشاركة .. - الصفحة 3 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
الزمن بوّار (الكاتـب : عادل الدوسري - آخر مشاركة : عبدالإله المالك - مشاركات : 3 - )           »          العين (الكاتـب : عبدالإله المالك - مشاركات : 14 - )           »          تعجبني ! (الكاتـب : حمد الدوسري - آخر مشاركة : عبدالإله المالك - مشاركات : 2 - )           »          تجاربك . . . خبراتك . . . فائدتك (الكاتـب : نواف العطا - مشاركات : 1491 - )           »          اقرأ الصورة بمِدادٍ من حبر (الكاتـب : نواف العطا - مشاركات : 2783 - )           »          مِن ميّ إلى جُبران ... (الكاتـب : نازك - مشاركات : 877 - )           »          في خاطري شيء ..!؟ (الكاتـب : صالح الحريري - مشاركات : 3151 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1685 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 513 - )           »          ربَّةَ القدِّ الرشيق (الكاتـب : إبراهيم عثمان - آخر مشاركة : حمد الدوسري - مشاركات : 7 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-27-2010, 04:34 PM   #1
حصه العامري
( كاتبة )

الصورة الرمزية حصه العامري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حصه العامري غير متواجد حاليا

افتراضي


.
.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

يا أنيقَة المَعشر .
بَعض الأحاديث و رِوايات الحُب, تأتيك مُلخبطة الفصول الزَهرية, مغرورة بِوقع مطرها في كُل الصَفحات
مُتخمة بروائِح العتقِ من الأحزانْ, شاسعة الأَحضان الفَجرية إلى حَد الضياع في تفاصيلها الدَهشة .

مؤمِنة أنا بجمال كُل المدن, مُدن الحرب والسِلم, مُدن الأرض والسَماء .
و"العين" إحدى عَطايا الله للصالحين, إبنة العِطر والأيام التي لا تتكَرر .
مَدينتي فضيلة .
كالمناكِبْ التي إجتهد المُفسرون في الإتِيان بها, في إحدى الرواياتِ أتت كالجبال وفي الأخر كالحواف والأَطراف .
وأنتِ ياجميلتي تَجمعين كُل الدروب والتعرجات .
يا مَدينة السكينة .
يا مَراحل الحُب التي لا يجيئها وَهنٌ وزيف .
حُب الله لكِ, حُب الله لكِ .


-
نهلة
يا إبنة النور, يا أسرار السمو .

 

التوقيع

.
.

نِهاية مُمتدة




حصه العامري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-28-2010, 08:35 AM   #2
نهله محمد
( كاتبة )

افتراضي


مدينة بحجم بصر وبعض بصيرة يا حصة ..
نور على نور هذا التواجد المفعم بالألق ..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-28-2010, 08:51 AM   #3
نهله محمد
( كاتبة )

افتراضي


على عكس أغلب المدن ,
لها في الصمت نفسٌ طويل جداً مما يضمن لها هيبة تامة ..
تحتفظ بك في محفظتها المتواضعة كورقة , وعليك أن تصمت كي لاتنتبه لك الشوارع والبقالات الصغيرة جداً والباعة المتجولون والهاربون من الشمس.. ... ..
صغيرةٌ كنتُ يوم دخلتها بحبةِ موز , يوم كانت الثقة شعرة هدب بين البشر والقردة .
سعى أبي جاهداً لذاك الطريق المُقلق لنكتشف معاً سرّ مدينة تأهلك لمدينةٍ أخرى وتقبل أن تكون مدخلاً متهالكاً لجمالها.
المبهر في نظري كطفلة حينذاك , ذلك العدد المهول للأنفاق , حيث تمزق صراخي في مراوحها , ودُهست أصداؤه بالعجلات وأنا معلقة في النافذة , أفرح على اللاشيء ..
سيارة حمراء من نوع متوسط العمر ,
حقائب , وزحام , فوضاي ,
وعينا أبي التي تراقبني في المرآة الأمامية وأنا أجلس في المقعد الخلفيّ كي أحظى بفرصة ضَمّهِ من خلف المقعد -بيدين قصيرتين جداً - وأقبله .
قبلةٌ على الشعر ومرةٌ على " الغترة " ومرة على الكتف وأخرى على الأذن , حتى ضاع الطريق في القُبل و استقبلنا الضباب ..
معطفي هناك كان صديقي الأول , ووصية أبي الدافئة , تنبيهات أمي الملازمة لظلي ..

على ربوة, وبعد خطوة واحدة, اكتشفت أن للحديث فيها شكل دخان, إنها المرة الأولى التي يبهرني فيها شكل الكلام ..
كسرتُ عود شجرة صمغية قريبة , و افتعلت تدخيناً وشروداً ..
كنتُ في الغالب أتلمس في داخلي أنثى لم تسمح لها الفرصة أن تستطيل ..
لكني هناك تحديداً كَبُرتُ بسرعةٍ هائلة ..
شعرتُ بي أختار شخصي , و أميز كينونتي دون عوائق ..
إلا أن الخوف الذي لازمني مطولاً كَبُر هناك أيضاً وأعادني لضفائري ..
لم تكن لتسعفني ذراع أبي وتذبه عني بشكلٍ كامل , لأنه كان يختار النوم فيها بعيداً عن نفث التكييف .
أنا التي اعتدت صوته لترقيع الأصوات غير المبررة ..الأصوات التي تقول عنها أمي " مسرى الليل يابنتي " ..
على ذارعه وفي أحضان أمي_ أحياناً _ كنتُ أعدُّ كم عجلةٍ مرت بقلقي بدلاً من الخراف .
فالشارع لم يترك لي خياراً آخر , ولم يتح لي فرصة الإستمتاع بصوتٍ غير أصوات الذهاب والإياب والأنفاس .. وكأنني حُصرت بين اتجاهين يعاكسهما الصمت ويطحنني ..

الساعة الثامنة كانت شرارة العقدة الأولى ,
حيث أني ببداهة الصغار أدركت أنها الساعة التي تذبل فيها أضواء السيارات , وتنام المحلات , ويخلد الضجيج البسيط إلى سريره ..
عرفتُ تلقائياً أنها الساعة التي يبدأ منها السّبات , وأنّ في ذلك زمنٌ طويلٌ مطليٌّ بالسواد , ينفث دخاناً يمنعك من استقراء ظلك ..
في الشرفة كنتُ أعلق ظلي كل ليلةٍ على الكلام وأخرج لذراعِ أبي كي أقاوم هيبة " الباحة " , المدينة التي لا أذكرها إلا وأقشعرّ ..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..


التعديل الأخير تم بواسطة نهله محمد ; 08-28-2010 الساعة 09:01 AM.

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-31-2010, 01:33 PM   #4
صالح الحريري
( وريث الحرف )

الصورة الرمزية صالح الحريري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 3565

صالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي لذاكرتك الأمان يــ نهلة :)


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهله محمد مشاهدة المشاركة
على عكس أغلب المدن ,














لها في الصمت نفسٌ طويل جداً مما يضمن لها هيبة تامة ..
تحتفظ بك في محفظتها المتواضعة كورقة , وعليك أن تصمت كي لاتنتبه لك الشوارع والبقالات الصغيرة جداً والباعة المتجولون والهاربون من الشمس.. ... ..
صغيرةٌ كنتُ يوم دخلتها بحبةِ موز , يوم كانت الثقة شعرة هدب بين البشر والقردة .
سعى أبي جاهداً لذاك الطريق المُقلق لنكتشف معاً سرّ مدينة تأهلك لمدينةٍ أخرى وتقبل أن تكون مدخلاً متهالكاً لجمالها.
المبهر في نظري كطفلة حينذاك , ذلك العدد المهول للأنفاق , حيث تمزق صراخي في مراوحها , ودُهست أصداؤه بالعجلات وأنا معلقة في النافذة , أفرح على اللاشيء ..
سيارة حمراء من نوع متوسط العمر ,
حقائب , وزحام , فوضاي ,
وعينا أبي التي تراقبني في المرآة الأمامية وأنا أجلس في المقعد الخلفيّ كي أحظى بفرصة ضَمّهِ من خلف المقعد -بيدين قصيرتين جداً - وأقبله .
قبلةٌ على الشعر ومرةٌ على " الغترة " ومرة على الكتف وأخرى على الأذن , حتى ضاع الطريق في القُبل و استقبلنا الضباب ..
معطفي هناك كان صديقي الأول , ووصية أبي الدافئة , تنبيهات أمي الملازمة لظلي ..

على ربوة, وبعد خطوة واحدة, اكتشفت أن للحديث فيها شكل دخان, إنها المرة الأولى التي يبهرني فيها شكل الكلام ..
كسرتُ عود شجرة صمغية قريبة , و افتعلت تدخيناً وشروداً ..
كنتُ في الغالب أتلمس في داخلي أنثى لم تسمح لها الفرصة أن تستطيل ..
لكني هناك تحديداً كَبُرتُ بسرعةٍ هائلة ..
شعرتُ بي أختار شخصي , و أميز كينونتي دون عوائق ..
إلا أن الخوف الذي لازمني مطولاً كَبُر هناك أيضاً وأعادني لضفائري ..
لم تكن لتسعفني ذراع أبي وتذبه عني بشكلٍ كامل , لأنه كان يختار النوم فيها بعيداً عن نفث التكييف .
أنا التي اعتدت صوته لترقيع الأصوات غير المبررة ..الأصوات التي تقول عنها أمي " مسرى الليل يابنتي " ..
على ذارعه وفي أحضان أمي_ أحياناً _ كنتُ أعدُّ كم عجلةٍ مرت بقلقي بدلاً من الخراف .
فالشارع لم يترك لي خياراً آخر , ولم يتح لي فرصة الإستمتاع بصوتٍ غير أصوات الذهاب والإياب والأنفاس .. وكأنني حُصرت بين اتجاهين يعاكسهما الصمت ويطحنني ..

الساعة الثامنة كانت شرارة العقدة الأولى ,
حيث أني ببداهة الصغار أدركت أنها الساعة التي تذبل فيها أضواء السيارات , وتنام المحلات , ويخلد الضجيج البسيط إلى سريره ..
عرفتُ تلقائياً أنها الساعة التي يبدأ منها السّبات , وأنّ في ذلك زمنٌ طويلٌ مطليٌّ بالسواد , ينفث دخاناً يمنعك من استقراء ظلك ..

في الشرفة كنتُ أعلق ظلي كل ليلةٍ على الكلام وأخرج لذراعِ أبي كي أقاوم هيبة " الباحة " , المدينة التي لا أذكرها إلا وأقشعرّ ..
هي مدينتي ....
سيدة الضباب
سيدة قصائد الطرق الجبلي ..
عروساً تمشي على استحياء بحضرة المطر ...
كطفلة تحمل بين ذراعيها هدايا الفتنة وضحكة الغيم ...!
في غابة " رغدان " تجد أشجار العرعر كنساء يمارسنا الغناء بصوت البرد ...!
وعلى قمم جبال السراة يأتيك صوت " شيخ الشموخ " يعلن في مسامع السكون تراتيل الكرم ..!
في أزقتها الضيّقة حكايات جدّي .. رائحة ريحان جدتي .. وأشياء قديمة ما زلت اذكرها برغم كبر سني ..!
هناك بتلك الأنفاق يــ نهلة تفاصيل لحكايات التحدي ..روايات القصص القديمة " لأهل تهامة " ومعاناة الجبال ..!!


ها هي مدينتي ..
بهذا العام تضم على صدرها ...
أطفال الغيث وتباشير الهدوء ورقصات السيف ..!
تداعب بأوديتها أطفال المطر لتراهم بمشهد عجيب ..
حين يمارسون الركض من ضفة إلى الضفة الأخرى ..!

الباحة ..
سرّ طبيعي ..
ربيعٌ لكل فصول المدن ..
أنشودة المطر " لأحمد مطر " ...
مضاءة بمشكاة عصى " الطفيل الدوسي " ...
عبقة بعلم رقيق القلب صاحب الهرّة " أبي هريرة ..
ما زالت تزورها دعوة النبوة " الهم أهدي دوسا " لتنجب من صلبها دعاة للإيمان ...!


الباحة ...
سيدة العتمة البيضاء " الضباب "
حين يأتيها الشتاء تبدو كل الأشياء في خشوع ...
الناس والأنفاس .. المناظر والانظار .. الفوضى والسكون ...


الباحة ..
أي حديث عنها يــ نهلة ...
سيجعلني أغني ثم أغني ثم أغني ..
ولن ينتهي الغناء وفي الحفل عروس المطر ..!


نهلة محمد ..
غيمة فكرتك ...
أمطرت غيثاً سحا غدقا ..
وعلى ذاكرتك الأمان ودعوات أمي ...!نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


شكرا كصوت المطر في مسامع الامتنان يــ نهلة ...!

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة صالح الحريري ; 08-31-2010 الساعة 02:16 PM.

صالح الحريري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-02-2010, 10:56 AM   #5
ضياء شمس الأصيل
( شاعرة )

الصورة الرمزية ضياء شمس الأصيل

 






 

 مواضيع العضو
 
0 ؟
0 " هي"
0 كان لي وطن
0 الظل

معدل تقييم المستوى: 32665

ضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


...


في كل بلد لي مدينة
زهورها عصافير
تغرّد للمارين...
لي مدينة ...تشبهني في الجنون
خالية من الفرح
ممتلئة بالوجع
لي مدينة...يصرخ فيها غصن الزيتون
يختنق فيها الكلام
يستوطنها شبحا...شبح
يستولي على أراضيها
والحكام على الأطفال يقصّون
حكاية الأميرة والبجع
لي وطن في كل مدينة
لي في كل وطن ...مدائن الوجع
لي مدينة تشبه بلد المليون
هكذا تخبرني ابنة لبنان...لا يهمّ ما تقول
ولا يهمّني ما يقولون
و شجر الأرز يحوم على حدود البدع
لي مدينة عبدوا فيها آمون
لي مدينة...فيها ينادون

بوضع مخفضات صوت الآذان
و أهلها في رمضان لا يصومون
لي مدينة ...تشبهني في الجنون
خالية من الفرح

ممتلئة بالوجع
/
/
/

لي بلد ينمو فيه ورد الحب
لي فيه مدنا عاشقة وحرفا مجنون

ينام على حجر الوجع

...
"'
أفكر لو أني سجينة ,
قد لا ألتقي بضجيج الشارع ..
هناك على الجدران
سأبلل إصبعي بالريق , وأرسم لي مدينة ..""



نرحل وتبقى المدينة...أليس كذلك غاليتي نهلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

أنت نغمة الحياة التي تعيش بداخلي


التعديل الأخير تم بواسطة ضياء شمس الأصيل ; 09-02-2010 الساعة 11:26 AM.

ضياء شمس الأصيل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-29-2010, 08:57 AM   #6
نهله محمد
( كاتبة )

افتراضي




عدتُ أنبش ذاكرتي بحثاً عن مدينة تكون لي قميصاً صيفياً مُزهراً وبارداً, فكانت ..
أرضٌ حكى عنها جدي بشوق ,
تدلت من قصائده كبرتقالة ريّانة , تفرعتْ على أبياته كسوق عرائش العنب ..
كنتُ حينها صغيرة على فهم المدن متعددة النوايا والقصائد التي تكبر بحب مدينة ..
جاء اليوم الذي سمعتُ فيه ندائها .جيداً أذكر حتى لون الحقيبة الرمادية الكبيرة الممتلئة بملابس تراوغ مزاجات طقسها ..
وتماماً , فوق غيمةٍ بكيت خوفاً كأول مرةٍ أتعامل فيها مع الارتفاعات الشاهقة ,
لكني اليوم عرفت بأني إنْ سقطت , ماكنتُ لأسقط إلا في غابةٍ رحيمة .. أصبح لديّ ثقةً مُتجاوزة في أشجار الصنوبر , ومايعنيه طول أغصانها وفسحة ظلالها ..

المدينة الهشة , مدينة الجلود البيضاء ,
والمشي الطويل و السواحل التي يمتزج فيها عطرك مع البحر ..
مدينة الزوارق و الغابات , والإنتماء , والصرامة المفرطة . حتى كان ليخيل إليّ أني ملزمةٌ باحترام كرسي حديقة أمر بجانبه ..
هذا ما تعلمته من الحديث المُشطب لــ" صوفيا ".. جارتنا العجوز الأنيقة ..
في بالي الآن طريقة جلستها " الملوكية " ومشيتها المحسوبة , دون أن تطرق بكعبها - العالي جداً - الأرض احتراماً لجارها بالدور الأسفل ..
أذكر حزمها المبالغ مع أحفادها ولطفها المُسترسل معي .
اكتشفتُ ذلك بعد أن ناولتها كوب الشاي بميسرتي , فأخبرت أمي أنها كانت تجبر أبنائها -عند حركة مشابهه - على صَبّ كوبٍ آخر وتقديمه بيمناهم حتى لايألفوا معاودة الخطأ ..
كانت من النساء اللاتي يتحدثن بجرأة , وينفعلن ككومةٍ من القشّ قفزتْ فيها شرارة ..
صريحةٌ جداً وواضحة للدرجة التي شوشت عليّ نفسي ..
كريمة ومضيافة , حيث اختارت لنا شقة علوية - نظفتها بنفسها- مطلّة على بحرٍ يشبه طباعهم إلى حدٍ كبير .. آسر وهادئ ومثير..
في " البلكونة "ملياً استجمعتُ فرحتي وفرقتها كتذكارعندما حزمنا الأمتعة وهربنا من الإحتمالات ومن غضب الطقس ..

طاولة بيضاء , كرسيان , راديو بني فاحم , طبق فاكهة , سكين ,
وأبي يجلس على كرسي ويمد رجليه على الآخر والبحر رفيقه الذي لا يعكر مزاجه بالحديث عن الموج ..
هكذا كان يمضي الوقت بين الفينة والأخرى ..أما أنا فكنتُ أتعربش على السور أمامه كقطةٍ فضولية وأتأمل الزقاق الضيق ,
وفي نفسي عَدّاد لعدّ خطى الذاهبين لأحوالهم ..
حياتهم المختلفة عنا كانت شرار فضولي ..
فيمكن أن تفاجأ بسيارة للخضار تمر وتفرق الخضروات ,
أخرى أكبر حجماً مليئة بالأحذية والقلائد المخرزة ,
ثالثة لبضائع زهيدة أو ألعاب لجلب الصغار..
أجمل مايمكن أن تكون المراقبة من ربوة عالية , تبدو الحياة بالأسفل أصغر مما نعيش فيها وصاخبة بتعجرف حد سؤالٍ تطرحه على نفسك :"كيف لم أنتبه لكل هذه التفاصيل ؟"...

في خضم ذلك , كنّا نجاهد الوقت كي لايفوتنا شيء ,
الشلالات , والجبال المزهوة بالربيع , مطاعمها الكثيرة , متاحفها العريقة , أسواقها الشعبية المغرية بإنفاق نفسك فيها ..
تقرّبت فيها للسنارات في محاولة لفهمها , وكم تمنيت لو أكون سمكة ..
تقرّبت للبنادق أيضاً , الأمر الذي لم يتجرأ عليه أخي .
أطلقتُ رصاصةً في الفضاء وقفزت فزعاً لكني عدتُ للمقبض سريعاً تدفعني الرغبة لكشف جنون أبي وهوسه .
و عرفتُ المعنى في أن تكون دقيقاً عندما تراقب " شارتك " ..
اقتربت كثيراً من بياض مدافنهم و بصلابة قلب أردت إلقاء نظرةٍ فاحصةٍ منها على مدافننا الشاحبة جداً والتي تثير قلقك على الأموات ..
و بكيت فرحاً... نعم , بكيت عندما صار لي أصدقاء كبار:

- السائق الأمين" مصطفى " وخطيبته ..
كانا أكثر من يستلذان بصحبتي وبالحديث معي كصغيرةٍ لاتشبه الصغار وتثير دهشتهم بسرعة الحفظ والأسئلة ..
فعلموني طريقةً للعد وتفنيد فئات النقود , وطريق البقالة المجاورة ,
وكلماتٍ قليلة تكون جسرا بيني وبين البائع " حليب , خبز , بطيخ , شاي , تونة ".
الآن نسيت من أين تؤتى الجسور!

- بائع البوظة الشهيرة في " تَرَابيا ",
ذاك المُتلاعب , صاحب الحيل الواسعة واليد الخفيفة .
لطالما أحببت فيه ظرافته وحسن احتواءه للعرب الآخرين وكرمه في توزيع المقالب ..
للآن مازالتْ بوظته مقلوبة على يدي ,
ووجها والديّ قِبالتي أحدهما يضحك على انفعالي
والآخر يسعفني بمحارم ورقية ويخفي ضحكته كي لا أثور ويصمت الــ"كورنيش " إلى الأبد ..

وصديق ثالث لايخطر على بال أحد ,
ليس إلا الليل .. ذلك الذي يعتني بالضجيج الهاديء
و يعني أن تنصتَ كطفلٍ شرير لصوتِ الكؤوس
و تترك العنان لمخيلتك في اختيار شكل حانة , ونسوة لاتعرف ماذا يفعلن, ورجال أغلبهم من تربتك ..
وتعاود ترتيب الخيال , فتُسقط مكانه مقطعاً من فيلم أجنبيّ ليبدو دقيقاً مناسبا للقرع الذي تسمعه ..

في " تركيا " من المحتمل أن تلجأ " لميداليا " زرقاء بشكل عين فقد تختلط عليك نفسك ,
وتشعر بما لايمكن أن تشعره في مدينةٍ سواها. لها الحق إن خصصتْ لها ذاكرةً فارقة
..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..


التعديل الأخير تم بواسطة نهله محمد ; 08-29-2010 الساعة 09:52 AM.

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-30-2010, 09:46 AM   #7
نهله محمد
( كاتبة )

الصورة الرمزية نهله محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1186

نهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي




في يونيو تكتشف قوة سلاح سهلٍ ينتمي لمدينة توقف بعضها عند عصر , والآخر مضى قُدماً غير آبهٍ لغيرة المدن الفقيرة من ماضٍ بات لغيرها , لا ملكاً لها ..
ذاك السهل الخفيض يمنحك متسعاً للتأمل , ونسيان نفسك ..
يآخي بين جسوره ليعبرك . يتودد إليك بنهره , وفراشاته التي اعتادت المكوث في ركنٍ قصيّ من الذهول ..
على مقربة من أساطير " رودس " كَبُر الوادي بالفراشات
وكان واجباً عليّ أن أكون في باقته كي لا أشذ عن السرب ..
تلك المساحة كانت كافية بالنسبة لي كي أمحو مصطلح "الصحراء" من قواميسي مؤقتاً على الأقل ..
هناك حيث تؤذي عينيك الخضرة الفاقعة, ويفرقعك الصمت كبقيةٍ للكرنفال تضفي مزيداً من السحر على المكان ..
هناك حيث تنسى الألوان الترابية والرمادية
ويصبح المكان مسرحاً " لبليتة "الألوان و للخيال" ولفنانٍ قادم بتواطوء الطبيعة ..
لم يسحرني تاريخ "رودس " برغم هامتها الفارعة في التميز كما فعلت بساطة ذلك السّهَل , السهل الممتنع ..
ولم يلفت نظري "إيليوس " كما فعلها " بيثيوس " عندما تولى أمر سياجٍٍ يحفظ حقوق جمال تلك البقعة ..
لكني وقفتُ فاغرة على أبواب " ليندوس " القرية التي تتنفس البحر بعلوّ طيرّ من جيبي فراشاتي ..
كنتُ أفكر جادة بأن المار من هناك لن يستطع إلا محاصرة ذاكرته كما فعلتْ ؛ مخافة أن تُهدر فيها فيعود خالياً لأرضٍ لاتشبهها في شيء ..
لا في باحاتها المرصوفة بكِسَر الفسيفساء المجنونة والمرصوفة بحذاقة ولا بمحافظتها على إرثها العريق ولا
في منازلها البيضاء المتدرجة و التي تجبرك على تحسس جدرانها !!..
بالنسبة إليّ كنت أوجه لها أسئلة من تحت ضرسي :
- ( إلى متى سيمتد بكِ هذا البياض ! ) ,
-( أمتأكدة هناك أحدٌ بالداخل ؟)
-( أما مللتي من مقابلة الشاطئ ومجاورة القلعة ؟ ..
أوووه , القلعة التدك في صدرك باباً من أول نظرة , وتجعل من الهيبة مفهوماً مختلفاًعن الذي عهدته مرعباً في "الباحة" ..

من أول ما استقبلتنا " أثينا " ,
كان لديّ حدسٌ غريب بأن هذه البلد لاتخون زائرها . يكفي أن تقدم لكَ أرضاً تفاجئك بصورتك على رصيفها ,
أو على رمل شواطئها أو طاولاتها تماما كما على زجاج " الفاترينات " . و ماكنتُ لأشعر بالقرف لو سقطت من يدي حلوى واستعدتها من الأرض بثقة , بل واستلذذت مذاقها ..
" أثينا " التي اختلطت فيها الحضارة بالمتاحف والمعابد وعجّت حول آثارها الأجنحة و الأساطير ,
تجعل من شعورك أسطورة وأنت ترتقي " تل الكافتيوس " مراقباً إياها عن كثب , مُضيفاً إلى قائمة التأمل ألفي جزيرة كاحتياطٍ جمالي تعتد به
وفيه من الدهشة ما لاينتهي من إقلاعٍ واحدٍ وقصير ..
" اليونان " المدينة التي سأعود لها حتماً وبحوزتي ذاكرةً إضافية ..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-30-2010, 10:17 AM   #8
ضياء شمس الأصيل
( شاعرة )

الصورة الرمزية ضياء شمس الأصيل

 






 

 مواضيع العضو
 
0 شكوى
0 حياة
0 ثلاث نقط...
0 ___خطوط حمراء___

معدل تقييم المستوى: 32665

ضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


...


تابعي يا غاليتي نهلة
وبالتوفيق لصفحة البوح


مودتينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

...

 

التوقيع

أنت نغمة الحياة التي تعيش بداخلي


التعديل الأخير تم بواسطة ضياء شمس الأصيل ; 08-30-2010 الساعة 11:16 AM.

ضياء شمس الأصيل غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:25 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.