حكاية الغريبة - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-10-2020, 02:55 AM   #1
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

Post حكاية الغريبة


امرأة جميلة مهيبة، هذا ما بادرني به قلبي حين رأيتها، فرسٌ عمياء تخطيء فراساتها الطريق، تُرخي غطاء رأسها على عينيها ، تمد يدي الفضة تتلمس فضاءات ما حولها، مددت يدي قليلاً ، سحبتها مترددا، أتكأتُ على سياج المزرعة أنظر لتعثرها الفاتن، كنتُ أرى رأسها يميل جهة الريح، تلتقط أذناها همس أنفاسي المتلاحقة، ترفع غطاء عينيها، ثم تحدق بي، أرتعب ، أعرف أنها لا تراني، لكنني أنسى وأظنها أيضاً تسهو عن عمائها وتهجر مخلوقاته ثم تختلس بعض نورٍ تُلقي به عليّ كل مرة ، في هذا الوقت، وقت التقاء عينينا ، اللحظة الأبدية الممتدة ما بين البصر والبصيرة ، أنتهي مني، يتضاءل تاريخي كله، ما قد يأتي أيضاً ليس له أهمية مقابل إن لا تشيح بعينيها عني ، أود لو أنها علقت خاتمها بين الباب وإنغلاق الوقت، كي تمتد النظرة وأنجو من هذا الحريق في أحشاءي كل مرة.

قيل أنها تستعيد نظرها في مواسم الحصاد القصيرة ، تخرج الى أنحاء القرية مختبئة بظلامها المفروغ منه وترى ما تريد ، تختزنه بتؤدة العارف، تستعيده كل العام وتستنفذه، حتى ان فرغت منه ، تأتى لها بصرٌ جديد يربط أدراكها بالمادة ويعيد تشكيل الروح بقناديل ملونة وفراشات سحرية ، وحدها تراها، ووحدها تعرف فهرساتها، ووحدها تماماً تخبرها عن ما سيحدث وما حدث.

مستوحدة ومستوحشة، برية الطبع ، نافرة ، غير قابلة للطرق، صاغها المجهول الذي أتت منه بغموض الأصل وجمال الهيئة والبشرة الفضية، مكللةٌ بشعرٍ شمسي ، له لون شمس الظهيرة الحارقة، أما عينيها فعالمٌ ملونٌ ينتخب الرؤى ويستجير بالداكن من الأخضر في القراءة، تأخذ كف السيدة صاحبة الحاجة، ويبرق زمرد عينيها وهي تبشر، أما إن كان المزاج يعزف على وتر فقدٍ إو غياب فلها عين ٌ زرقاء غامقة لها لمعة الزجاج ، تنفض عنها لين الكف وتنهض مثل زوبعة ولا تلفظ حرف، مهما قدموا بين يديها من عطايا أو تزلفوا لها بالهدايا.

في حضورها الأول الى القرية، دخلت الى حياضنا تحمل صرة يتساقط منها اوراق أشجار ملونة وبذور ناضجة وتحوم حولها العصافير تلتقط ُ ما تتركه الأرض لها، أذ كانت البذور تتهادى وتحط على التربة ، ثم تنغرس بخفة ، وفي ثوان ٍمعدودات تتعرش شجيرات ورودٍ لم نرها من قبل أثر خطواتها ، وجدنا أنفسنا نلتم ونمضي وراءها ، هي تمشي الهوينا وتتلفت ، حتى وصلنا الى الساحة وسط القرية فأشارت الى دارٍ عتيقة خالية مذ تُوفيت صاحبتها ام الخير منذ ثلاث ليالي، وكانت أم الخير داية القرية وطبيبة نساءها، والتي لم يرزقها الله ذرية فأستعاضت بنا كلنا، كل أطفال البلدة وُلدوا على يديها ، لا أحد يعرف كم عمرها ، وهي غريبة أيضاً كما هذه الغريبة ، مدت السيدة العمياء سبابتها الفضية شطر الدار وقالت : من يمنحني سُكنى دار أم الخير وبكم أكتريها؟ سكت الجمع ، لا صوت يُسمع إثر سماع صوتها الرخيم الواسع، لم نسمع من قبل هذا الحس ، ولا يُوصف الصوت عادة بالإتساع، لكن هذا ما كان يدور في خلد العامة، بعد وقتٍ ألفيته طويل قال المختار: هذا بيتُ الغرباء ولا أجرة له، لكِ السكنى حتى رحيلٍ أو فراق على أن تقبل بكِ أرواح البيت ، فإن أستطعت إجتياز عتبته كان لكِ وأن عافك البيت رفضتك الناحية كلها.


توجهت نحو البيت ووقفت على أعتابه ، سلمت على البيت وسكانه! نحن المندهشون ، لوحت لنا بيدها اليسرى كي نبقى بعيداً وأوقفت أقتراباتنا، كنا نسمع كلمة وتفوتنا أخرى، أقرأت البيت السلام وقرأت عليه ( أذا حييتم بتحية....) ثم أستأذنته في الدخول، تشرع الباب مثل مفاجأة مطر في صيفنا الحارق هذا، سمعنا تنهيدة جماعية وزفرة ارتياح ، عبرت الى الدار وأغلقت دونها بابه ونحن في الصمت ، لا بكاء لطفلٍ ولا نداء لبائع، كأننا خطونا خارج المكان والزمان، بصرنا معلقٌ بالباب والسكون يلفنا حتى أنني لا أستطيع الجزم بكم بقينا على هذه الحال الا أن الشمس انحنت لمغيب ، وعند أول الغياب لآخر ضوء ، فُتح الباب، خرجت الغريبة بمهابتها الساطعة فشع نورٍ حولها للتو رأيناه إذ غيبته الشمس ، هالة ما بين الأخضر والأزرق الفيروزي، ثم أنها بصوتها الرخيم المتسع وعينها الجميلة السابحة في الأخضر الزمردي نظرت لكل عينٍ من عيوننا وقالت: ( هذا عهدٌ بيني وبينكم، أرتضيتم جيرتي وأرتضيت أحتضانكم، سيحل بإذن الله بكم الرخاء الذي قابلتموني به، وستسكنون الى الكفاية مثلما كفيتموني بالسقف والجدران، وبرحمة الله ابدأوا مواسمكم الجديدة بالنور والفرحة وتيقنوا ولا تشكوا فيّ مهما رأيتم مني، اقبلوا واصبروا وستعلمون ولا تحملوني على رحيلٍ لا أرغب فيه ولا أطلبه، كشفتُ لكم اللين في ولا أحب تبيان القاسي ، كونوا لي أكن لكم ، والسلام.)

رفعت يدها بتحية لنا وعادت الى دارها التي أصبحت قبلة آمالنا وتساؤلاتنا.

عادت الأصوات الى الساحة ، الكل يسأل كيف ترى، كيف وصلت، من هي، ماذا تريد منا، هذه البلدة المنفى من يتجه لها؟! ماذا ستجد هنا ؟! وعندما تعبنا من الأسئلة وأعيتنا الأجابات كان الوقت قد غادرنا وتجاوزنا منتصف الليل وكلٍ توجه الى داره مشوش الذهن لكن طيب الخاطر بما لم نعهده فينا ، لا أهتم البائع بكم باع ولا الصانع ما صنع، كنا في الرضا نسبح ونُسبح الله وعلى ذلك نمنا.

في اليوم الثاني لحضور السيدة الغريبة، صحونا لا يشغل بالنا شيء، خبزنا خبزنا ووزعناه على البيوت، مررنا بدار السيدة وطرقنا الباب لمنحها الخبز ، فتحت الباب لنا وبادرتنا بصوانٍ مصطفة خلف الباب وقالت لنا خذوها للناس يتقوتون بها وضعوها في الساحة لكل العابرين، كشفنا الغطاء عن الصينية الأولى فأذا بحليبٍ وقشدة وسمن وعسل ولوز محمص بالبر والتمر وأطايب ما عرفنا لها أسما ولا مذاقاً وكانت سبع صواني، فسألتها : أهناك على وجه التعيين من نأخذ له أي صينية أو ماذا؟ قالت بل كلهم لكلكم ضعوها على المصطبة المتوسطة في الساحة ولا تكشفوا غطاءها الا لآكل جائع فإن كان جائعاً ستمنحه الصواني أطايبها وأن كان جشعاً وكشف عنها طمعا ً فلن يجد الا أوانٍ فارغة فأصدقوا معها تصدق معكم ولا تنقلوها من مكانها أو يحاول أحد سرقتها فلن يتمكن من حملها وستقيده الى جوارها حتى تفضحه.

أخذنا الصواني ونصبناهم في وسط البلدة كما أمرتنا وأخذ الناس يتساءلون عن مصدر الطعام وكيف حصلت عليه وقد اتت أمامنا بصرة صغيرة بها بعض بذور تتساقط وحسب ، اجتمع الناس بالمختار بعد صلاة العصر وقال تجار الناحية اللذين توقف الناس عن شراء الطعام منهم بلسان كبيرهم( هذه المرأة تتعاون مع الجان لا بد، من أين لها بكل هذه النعم ، وكيف صنعتهم وهي العمياء؟! لا بد أنها تكذب وتريد أخذ مكانك يا مختارنا ، بالأمس ظننا أنها على شاكلة أم الخير وعلى دربها تسير ، أما الآن وبعد فعلتها هذه فلا بد أن لها أطماع ٌ لا نعرفها ، ربما هي طامعة في الكنز الذي أخبرونا عنه الأسلاف وأعيانا البحث عنه، وربما تريد التسيد علينا ونحن لا ننقاد لأمرأةٍ ! فكيف ان كانت غريبة وعمياء ، ان لم تأخذ على يدها وتطردها فعلنا نحن ). تمتم بقية التجار بموافقةٍ جمعية.

وما ان حدث هذا حتى هبت ريحٌ قوية ، فتحت باب المسجد على مصراعيه، تطايرت أوراق وأظلمت السماء والوقت عصر ، برقت غيمة لا نعلم متى تكونت وصعقت شجرة عالية أمام المسجد وتبعها رعد له صوت بكاء ساطي، تعوذ الأمام من الشيطان والظن وأخذ يبسمل ويحوقل ، ثم وقف وسط حلقة الإجتماع وقال: ( امهلوها سبعة أيام حتى نرى ما هي فاعلة وسيلهمنا الله)

كنا في لجة الخوف نستجير بكتوف بعضنا ونستند على شبابنا كي نقوم الى الذهاب، لا أستطعنا ولا أطاعتنا أقدامنا، فجلسنا نقلب أعيننا في الباب المشرع والمطر الغزير الغير مألوف في عذا الوقت ونرى الأنهر الصغيرة التي تكونت بسرعة شديدة أمام المسجد ونحن نرتجف ولا نجرؤ على حديثٍ أو حتى تفكير فقال كبير التجار( حسنا يا شيخنا ، فليكن).

في انتهاء لفظ النون وعلى نية الإمهال والتريث، سكنت السماء وانقشع الغيب وأشرقت الشمس والتمت الشجرة على بعضها في عناقٍ ملتحم ولم يبق من أثر الصاعقة الا شرخٍ صغير لا يتبينه الا مدقق عن قرب، قمنا لشؤوننا ، لا أحد فينا ينظر في عين الآخر ولا هبةٍ لحديث عابر مُنحنا، لبثنا في الصمت وحده ، مررنا بالصواني والناس منها تُصيب غذاءها ونحن ننظر ولا نمد أيدينا ولم نر في هذا اليوم السيدة المهيبة ثانيةً.

حتى أذا أتى اليوم الثالث....




استيقظنا هذا اليوم على صوتِ غناء واهازيج، وكان عرس ابنة المختار على ابن شيخ التجار، كانت الخراف تُجر الى مذابحها أزواجاً ، وكن السيدات يرشحن بماء الزعفران وعطر الريحان والمسك، الحنة تُعجن في أوعية كبيرة، وعجين ٌ طازج يتهيأ للتشكل في ثوب أفاعٍ صغيرة تلتف على السواعد والكواحل، كي تحيط الحنة بجسد الأفعى الأسمر وتلمع عينها بخضابٍ أزرق، وكن المواشط قد أتين بخرزهن وقلائدهن وشعرهن الأحمر المجعد ورنين خلاخلهن المضطرب، التنانير الفضفاضة الملونة زينة الطريق، يصطف شباب البلدة بشواربهم الخفيفة وبشرتهم الحائرة بين طفولة ونضج ، يخبئن لوعاتهم في الحنق وبعض سبابٍ رقيع، تنهرهم الأمهات فترتفع ضحكاتٍ ماجنة من بعض الرجال ويتنحنح بعضهم الآخر ملتزمون بحشمةٍ مصطنعة بينما تمر نظراتهم الحارقة من تحت كوفياتهم متحينةً ارتفاع طرف تنورة عن ساقٍ او خصلة طائشة من إحدى الوافدات اليانعات.

كان للبلدة رائحة ُ خصبة وشوق، وكنا نتذكر من عبروا هنا وراحوا، ونشعر بهم، احدنا يقول للآخر لو كان فلان هنا لفعل كذا، فيحدث، تلجمنا الفجاءة ونتلمظ الذكرى ونسهو ثم نعود للمشاهدة والحديث.

وإذ نحن في هذه الملحمة، أتت الغريبة بهيلمانها العجيب، بدت لنا أطول مما نتذكرها عليه، دخلت ، سكت الجمع كله، ثم أنها وفي الغمرة زغردت فزغردت الصانعات كلهن وكأنها أذنت ببدء العرس وسلمت علينا ثم توجهت الى مخدع العروس.

أتى من أخبرنا أنها قلدت العروس قلادة ذهبية ما رأى مثلها قط يتوسطها فص من الفيروز المائج لا يبقى على حال ويخطف الأبصار وقالت هذه مني لكِ وأنتِ أول عروسٍ هنا أقلدها هذا الفص ليطرد عنكِ العين وأرواحها وليطمئن فؤادك من فراقٍ لحضن والدتك وليمنحك الله ببركته الولد ويلظمه في رحمكِ الليلة وليكن لرجلكِ رقة الوردة وحسم السيف وقوة الجبل ورواء فراتٍ لا يتعكر وليكن ستركِ وعمود دارك وأب لسبعةِ أولادٍ ذكور يهبكِ الله اياهم بمعيته بلا تعبٍ ولا كدر بل بسترٍ وغنى وليرث المشيخة من جدٍ لجد لا زرعاً يموت ولا نعمٍ تفنى.

حين سمعنا ما قال الرسول، طأطأ شيخ التجار رأسه قليلاً وهو يسبح بمسباح كهرمانٍ في يده ثم رفع عينه وقال ( ستر الله عليها وأرضاها، هذه الغريبة في حماي منذ الساعة الى أن أُفارق أو تفعل هي ولا رادٌ لوعدي هذا الا البين).

وكأنها سمعت، أقبلت علينا ووقفت أمام الشيخ ورمت في حضنه صرة ثقيلة كما بدا لنا وقالت له( أنا على عهدك ما دمت عليه وهذا نيشانكم مني ولتتباركوا) أرادها أن تجلس لتأكل فرفضت وحلف عليها فمدت يدها الى اللحم وأصابت منه قطعة ، أخذتها وأطعمته إياها ، وقالت له ها قد برئت ذمتك من الحلف وأصبت طعامك فليهنأكم الله وأختفت كأنما تطير ونحن ساهمون.

ذهبت صواني الغذاء وأتت صواني الفواكه والحلويات وقارع الرجال الدفوف والسيوف في رقصةٍ تخص الناحية وكان الجو جميلاً وحميماً حتى شككنا أننا في السنبلة وكأننا في نوء العقرب ، نسمات شمالية تهب وتحرك كوفياتنا ورائحة البخور وماء الورد تتضوع وتلتف وتغسل أرواحنا ووجوهنا، كنا في حالةِ ثملٍ بلا مُسكر، تغمرنا المحبة وتملأ قلوبنا البهجة ويكللنا السرور وظللنا هكذا الى أن أتى وقت الصلاة فصلينا المغرب وانصرفنا لنعود بعد العشاء ونزف العريس على العروس.

خرجنا من دار المختار الكبيرة والمتعلية على سفح جبل ، تحدرنا كلٌ في طريق جهة داره، أختلفت علينا الطرقات كأننا في متاهة، كنا نلف ونعود لنلتقي أمام البوابة ذاتها التابعة لدار المختار، أعيانا التعب ونالت منا الدهشة ، نحوقل ونبسمل ونركز ونفترق ونعود لثالث مرة، حتى قررنا أن ننزل من طريقٍ واحد يصل بنا الى الساحة ونفترق هناك، وفعلاً اجتمعنا في مجموعاتٍ عدة خلف بعضنا حتى ظننا أن الطريق تنوء بنا ووصلنا في لمح البصر الى الساحة فحمدنا الله ، وما أن توسطنا الساحة حتى اشتعلت أنوارٌ لا نعرف مصدرها، كأن النجوم زادت في السماء وأضاءت الأرض، بدت البيوت غير البيوت، مصبوغة كلها بالأخضر الزاهي، صواني الغريبة تفيض بعسلٍ يتقطر تلتقط منه كائنات ومخلوقاتٍ أرضية وتختفي، روائح عطرة تجوب في غيماتٍ صغيرة ، تقطر الزهر في حرار الماء وتنثر الكادي على الطرقات، رائحة الحبق المنثور على عتبات الدكاكين تملأ الدنيا وتجلب الفأل الحسن ونحن بين مصدقٍ ومكذب بين الماشاءالله وال سبحان الله سهونا عن العودة لدورنا ، قال أحدنا ( انها الجنة)
خرجت لنا السيدة تحفها هيبتها تطفو على عتبتها فأقرأتنا السلام وقالت لمن تكلم .... يا أسماعيل اسمع ، تنبه الرجل وأرتجفت فرائصه ، حاول الأقتراب وما طاوعته قدماه، كنتُ الأقرب لها ، أنظر الى صفحة خدها وأتعجب وأخمن كم عمرها يا تُرى ، وكأنها تراني ، ألقت غطاءاً على وجهها وتوجهت الى رفيقي وعادت تقول ( يا إسماعيل أستمع وانصت لما أقول : ان شئت أن تُنجب فدع عنك البخل وأقبل بفداء ٍ نطلبه منك، انزع جشعك ورُد على أولاد أبيك مالهم، وأعد رسم حدود بستانك بما يرضي الله ، هذا لا يشبه الجنة في شيء انما الجنة للقلوب السليمة وأنت تأخذ من هذا ببركة جيرانك ولتمنحهم من بركتك شيء صن نعمتك بالحمد تصونك بالدوام واحفظ مال غيرك يحفظ الله مالك وأمنح الناس حقها يمنحك الله ما لا تستحقه عن عدل بل ما يليق به عن رحمة ، ها قد بلغتك وأنت وما تروم).

ران الصمت واستشرت شراساته بيننا وأخذنا ننظر الى بعضنا نظرة الخائفين من الفضح، كشفٌ كهذا سيقوض أسمائنا ويفضحنا.

هنا جرجرنا أقدامنا الى ذهابٍ وهي تنظر لنا بعين ٍ سوداء تلمع مثل حد خنجر ماضي وتتمتم ما تفعلونه اليوم تلقونه غداً.

تلك الليلة قلةٌ منا عادوا ليزفوا العريس ويستكملوا طقوس الفرح ، تيه ٌ سكن بعض العقول وخوف سكن أرواح بعضهم الآخر ونمنا الى الغد كيفما أتفق ننتظر رابع الأيام



أشرقت شمس رابع الأيام وإسماعيل لم ينم لحظة، أتى لأبنة عمه شبه محموم، غسلت وجهه بماء الورد وأسقته ماء لبانٍ مر، حرقت له الشبة على فحمٍ أحمر ملتاع من فقدِ ناره ، قرأت عليه آية الكرسي وألم نشرح، توجهت للفناء وقرأت تبت وهي تنفخ في الجهات الخمس، أربع الجهات المعتادة وخامسة للأرض، مشطت رمل الفناء ونثرت السكر للصالحين في أرضه كي ينشغلون به عن رجلها، كل طقسٍ عرفته أو سمعت عنه أو نشأت تراه قامت به، الا أن رجلها ظل يرتجف ويعرق ويتنهد، ولما أشرقت الشمس خبزت له ( التاوة) كسرت عليها بيضة ودهنتها بالسمن ولفتها ، أتت له بالحليب الطازج مغلياً بالهيل ومطعماً بالزعفران ومعانقاً لملعقة عسلٍ اسود، وضعت أمامه فطوره وبعض تمرات عقيقيات اللمعة ونظرت اليه بعين الرأفة وقالت( ألا تريد إخباري بما يعتريك منذ البارحة يا ابن عمي، أنت زوجي وولدي وحبيبي وكل من لي، ان عشقت غيري قد تمنحك الولد فقم لخطبتها وأنا أعينك وأذهب معك وأخبرهم بعيب أرضي البور وأنفح عروسك صداقها من مالي وأخلع عليها قلادتي الأغلى )
عندها مد يده على رأس زوجته وربت عليه وتناول جديلتها اليمنى وقبلها، ثم سألها ( كم مضى لنا في عشرتنا هذه يا ابنة العم) تغير وجهها واغتمت من خوفِ الشريكة ، وضعت يدها على وسط صدرها الى اليسار تطمئن أن قلبها لا يزال ينبض في محله ويدها الأخرى أخذت تمسد بها حلقها الذي اختنق وعافه صوتها، عاود السؤال فردت بصوتٍ خفيض باهت ( ست سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام يا ابن عمي) فسألها ( ومتى ذهب أبي الى وادي الفناء) فقالت له زوجته ( بعد عرسنا بسبعة أيام) فقال لها ( أخرجي أوراق أبي واحضريها لي) دخل اسماعيل الى مجلس الرجال وقفل خلفه الباب دون إن يمس فطوره حتى منتصف النهار....



أحضرت الزوجة الأوراق وجلس أسماعيل في المجلس من الفجر الى منتصف النهار يفحص ويراجع ويسجل ، ثم أرسل في طلب أخوته وأخواته ، عندما اكتملوا أخذهم كلهم الى بيت المختار وأشهد على نفسه أنه منحهم أرثهم كله وما تكاثر فيه مذ تُوفي أبيهم حتى الساعة وسط استغراب الأخوة والعالم وتنهد مرتاحاً بعد أن منحه المختار صك ابراء ذمة موقعٌ عليه من إخوته، ثم وفي ذات النهار بعد الظهر ، ذهب الى جاره في أرضه وأصلح شأن حدود أرضهما ووقع عهد ٍ بينهما وطهر الصك من دنس الطمع، ثم أنه ذهب الى شيخ المسجد وتصدق بين يديه بثلث ما يملك وثلثٌ آخر كهبة ، وظل مع الدار والمزرعة وثلث المال غنياً وأصبح سعيداً راضيا خفيفاً بإنتهاء النهار، وبينما هو يمشي مترنماً عائداً الى داره في سقف الظلام الأول ، تعثر في المشي فتلقفته يد السيدة العمياء وعدلته وأوقفته مثل طفل بقوة وحزم، ارتعب وهرب منه الكلام ، سألته السيدة الغريبة( لم أنت خائف يا أسماعيل، هل فعلت كل ما تتقي به الله؟! هل تظن انك نلت المغفرة؟! فرد أسماعيل بوجل( لن أعرف الآن ، أنا نقيتُ مالي من الحرام ووفيت الأمانات الى أهلها بريعها وما استحقته خلال السنوات الماضيات والله يشهد ما عضمت حق أحد ٍ ولا بخلت نفسي بل أنني كل ما أخرجت من مالي الذي كان شيئاً لم يكن لي استطابت نفسي وطابت روحي واختفى خطٌ من جبيني وأعتدل ظهري المائل وتنفست) فردت السيدة المهيبة ( طوبى لك يا أسماعيل وحان وقت الوفاء لك) رفع إسماعيل يده معترضاً ومعارضاً وقال ( أنما ما أبغاه عند الله لا عندك فدعيني وشأني ، وما كان لكِ أن تفضحيني على الملأ هكذا ، وقد فعلت ما أمرتني عن رغبة لا عن خوف فالفضيحة حصلت والأثر باق، وسأتحدث الى مختارنا في أمركِ هذا لعل هناك منكِ مهرب أو مخرج، نحن لا نفضح بعضنا ولا نتكلم في هامش الصراحة بل نتلاعب على وتر الكلام ونجامل ونتحدث بالرمز فإن فهم من نحدثه ما نروم كان لنا خلاً وان لم يفهم استبدلناه لا لعيبٍ فيه بل لإستقامة في مخه لا تتناسب والتوائاتنا، التقويم مؤلم وقاسي والملتف جميل ومرن وسنرى لمن الغلبة وكيف ستمضي هذه الأيام الباقية)!؟

هنا انتفضت السيدة الغريبة وتغيرت عينيها ولون وجهها وهتفت به( إفعل ما تريد وسأفعل ما يريد الله !) وأختفت..

كان النهار الرابع قد انقضى ولا أحد يتحدث الا في العرس واليوم الآن الذي يجب أن يذهب الناس للمباركة فيه ومنح الهدايا، كلٍ وما يستطيع ، وكن النسوة قد جهزن لكل واحدة خرجاً من قماش مذهب ، به مشط عاج ومشط خشب وبه حناء وسدر وكسر بخور ودهن عود وفتائل زعفران وقارورة دهن ورد وقطعة قماش ما بين الغالية جداً والرخيصة كل حسب مقدرته وبعضهن وضعن وسط القماش حلية ذهبية تبين وضعهم وحالتهم ومستواهم في البلدة.

أما إمرأة أسماعيل ، فكانت لديها حرفة في يدها وتصنع مهوداً للأطفال، وقد صنعت لأبنة للشيخ مهد ٌ على شكل ( منز) مهيأ ٌ للولد متسعا لأخيه ، يتكيء على جذع نخلة مقصوص ومهذب مما يجعله يتأرجح ما بين بين بثبات وجسد المهد من جذوع الليمون العطرة الضعيفة التي شُبكت ونُحتت مع بعضها في تشكيلٍ بديع وله ما يشبه الصارية تتحدر منها قطعة شاش خضراء عفية حتى لا يُرى الطفل ولا تقرصه حشرة فضولية ، حملته على كبدها رغم شوقها للولد وصعدت به الى السفح حيث بيت المختار، أودعته للجاريات بأسمها ودخلت للعروس وعمتها أم زوجها وباركت وتمنت الخير وألمحت للسرير والهدية فقبلوها وعادت إدراجها تبكي ، هذا شأنها كلما باعت أو منحت مهداً ، تبكيه وتخفي عن زوجها دموعها ثم تسهو في صنع آخر، ًوالنسوة توافدن على مجلس امرأة المختار وعدن على ذات السفح كلٌ وطريقها وكل ونوع سهوها وكنا اذ نعبر تحت السفح نجد الجبل يموج ويرسل دخاناً أسود مائل للرمادي كإنما اجتمعت كل تنهدات النساء في قمته.

وكن النسوة ينزلن الى الساحة مهما اختلفت الطرق ومن ثم يتفرقن الى الدور، بعضهن رأين السيدة الغريبة ومسحت على رؤوس أطفالهن، وبعضهن لم يرينها ! إما امرأة اسماعيل فرأتها واقتربت مثل مسحورة منها والسيدة تقرأ عليها وتضع يداً حانية على بطنها ثم إن امرأة اسماعيل أحست بشيء يخرج منها ويفر فابتسمت السيدة وقالت لها( قري عينا واذهبي الآن واغتسلي وتعطري وتزيني واستعدي لأستقبال وليفك ، فإن عاشرك فلا تهبي واقفة ولا تذهبي للغسل حالا وابقي على وضع الأستلقاء زمنا ومباركاً لكما يحيى..

أما أسماعيل فذهب بيته الى المختار وشيخ التجار في مجاس الرجال فقال له المختار لقد كفيت ووفيت واحضرت هدية من قبل فلم التكلف الزائد ، هل لك بنا حاجة ، فشكى اسماعيل السيدة الغريبة وما فعلت به أمام الناس وكيف كشفت مستوره وفضحته وإحس أنه طفل يؤنب إمام الجميع وإنها جعلت كل الطرق تؤدي الى الساحة غصباً وأنها لا بد تسحر العين والرؤى والدروب ولا بد أن يُؤخذ على يدها

بعد صمتْ استمر برهة طويلة قال المختار( لقد عاهدتها على الحماية وأكلت زادي من يدها وما أمرتك الان بمعروف فلم تريدنا إن نطردها إو نأخذ على يدها )

قال اسماعيل ( من أين لها معرفة ما عرفته وأنتم لم تدرون عنه ، وكيف هيأتني للقسمة وفك النزاعات، ومن أين أتت الينا؟! على كل حال ا لم تأخذوا على يطها ستكشف عنكم غدا ما كان خافياً ولن يسلم أحد) وخرج متجهاً الى داره لا يلوي على شيء.



أتى النهار الخامس والمختار يقلب الأمر في رأسه، ما بين عهدٍ ألزم به نفسه أمام الرجال وما بين خفايا ان تكشفت لن تبقي ولن تذر، لن يبقى من بإمكاننا احترامه ولو عرضاً وسنمشي مطأطأين الرأس ، خاسرين.

للتو نهض المختار وخرج من مخدعه فأذا الأصوات العالية تعكر مزاحه المكدر أصلاً، ونادى يا صبي ما هذا اللغط، فقال له الصبي جف النهر الشرقي ولا ماء في البلدة ، كأنما للعجب يدٍ صفعته على وجهه وظل حاجبه معلق من دهشةٍ مباغته وقتاً ليس باليسير ، بحث في رأسه وبحث، لا حل من أين سيأتيهم بالماء؟! لا بد من مطر ومطر شديد يحرك النهر ويملأه.

أمر بتوزيع بعض الماء من بئر بيته ، فأتته امرأة تخبيء الصبي وراءها من خوفه وقالت ( نضب الماء يا مختارنا، ألا ترى أنه نضب في النهر فكيف يبقى لديك، ألا تتنزل من عرشك وتعي، خطاياكم ستقتلنا، كيف سنعيش الآن بلا ماء ولا مخلوق يتمكن من جفافه ويغلبه الغلبة للظمأ دوماً وأبداً)

قام المختار الى زوجته يستشيرها ويطلب بعض طمأنينة ، ألفاها جالسة ٌ الى المرآة عابسة الوجه ، سألها ما سبب عبوسها قالت( أتتني في الحلم امرأة ، أمرتني أن لا أنظر اليها، ثم صارت تسحب شعري بهدوء من رأسي، خصلة خصلة حتى تركتني صلعاء تماماً ، ناديتها لتداوي ما جرحت فقالت لي سترك زوجك ان صلح صلح أمرك وانتفضت من النوم ابحث عن شعري وأتأكد من وجوده)

اغتم المختار أكثر، وقال لأمرأته صفيها لي، قالت( امرأة من عجب، لها غطاء رأسٍ يسقط على عينيها مثل مظلة صغيرة ، طويلة مهيبة، تأتي برائحة ريحانٍ وزعفران ، ثيابها سوداء وعيناها خضراوان).

اذاً المسألة في يد الغريبة ، كيف لم يتذكرها، نهض من فوره ويمم شطر بيت السيدة الغريبة، تيسر الطريق وقصر، حتى أذا وصل وجدها تقف بالباب كأنما تنتظره ، وقالت أهلاً بعبد الله ، جفل المختار فلم يناده أحد بهذا الأسم منذ لا يذكر متى، أدخل يا عبد الله ولا تخف هكذا همست بلطف وحزم في آن ، دخلتُ الى ساحة المنزل الذي يبدو أوسع كثيراً في الداخل عن الخارج فالساحة لا ينتهي اليها البصر ولا تجمع ما بها الحواس فقد اجتمعت في الساحة حيوانات عجيبة لا تتعايش مع بعضها عادة الا أنها ترفل في سلام ٍ متقد.

قالت الغريبة ( لك سؤالٌ واحد وبه ذاته الطلب ثم لك خروج فأختر وتفكر ولا تستعجل الأمر فنحن في أول الأول )

على وجلٍ رفعت عيني لها ونطقت متأتئاً بمعاني الكلام، كان صوت الريح في فناءها الواسع يعيدني الى خيمةٍ شرقية ، يذكرني بأصلي وصحرائي وصوت أبي، وكنت في حضرتها عاجز عن ملك نفسي وتوجيهها، كانت ذكريات دفنتها تخرج وتهاجمني وصور تتلاحق في ذهني ولا زلت أحاول مسك طرف الحديث ولا زال الحرف الأول يتردد ويعاود مثل صدى يخرج ملتاعاً من كهف صدري الذي ظننته قد تخفف من كل هذا وألفيته منسحقاً تحت كل الوعود التي لم أنفذ والوصايا التي لم أتبع والطرق العوجة التي اتبعت والمبرر الذي هيأته ، ووجدتني أخرج عن سجيتي وأبكي ، أبكي بغضبٍ وحنق في باديء الأمر وكنت أعي بكاءي فأجفل منه ولا أملك وقف ذلك ولم أعد أشعر بشيء حولي، دخلت في غيمة ووجدتني في حضن والدتي أبكي وأبكي وأتطهر وأعدها بأن لا أنسى ما أنا عليه.

عندها قالت الغريبة ( لا حاجة لك بسؤال أخرج وستجد الماء للناس ولا تنسى من أنت لكي لا يكون تيه ٍ وشرود).

خرج المختار من دار الغريبة راكضاً كأن به مس، كانت الشمسُ تتوسط السماء، بئر الساحة يفيض، ثم عبر به ضوء مختلف ، ضوء ٌ أخضر مثل شهابٍ بارد، حط على عتبة ِدار الغريبة وفي لمحةٍ خاطفة نبت في مكمن الهبوط نباتٌ تعرش كإطار لباب الدار، نبات ٌ لا يعرفه وأخذ يتحرك ويلتف والضوء يخفت حوله، وفي وعيٍ شبه هائم، تدثرت الشكس بغيمٍ من رمادٍ ووردٍ قاني ، وبدأت السماء تذرف قطراتٍ عطرية لها طعم ورائحة الورد المحمدي في عز أوانه، سُمع صوت أمٌ تهز مهد طفلها وتُغني له، تداخل وصوت أذانٍ ملائكي بصوت ٍ عميق عتيق، رجعُ
صدى حداءاً حزينا أتى أيضاً ، أرخت عصافير الناحية أجنحتها ، غطت بها عيونها وناحت على شكل زقزقةٍ مُرهفة، لم يبق شيئاً على حاله، تدفق النهر وانحدرت سيول شرقية صغيرة تتفرع وتنساب حول الصخور ، كأنما قُطع عليها وعد ، لا رمت صخرة ولا شقت أرض، تبلل ظمأ الناحية بخفة خطو أنثى للتو يزورها غنج الفتوة بعد الغر من طفولتها وتاخذ السيول ما عفر الناحية الى انتهاءٍ غير معلوم.

اجتمت الناس في الساحة بين مسبح ٍ ومندهش ، خرجت الأمهات بأطفالهن ليصبن بعض بركة، شيخ المسجد أذن بالناس أن صلوا لله شكراً وتباركوا بالحمد. التم الناس على باب الغريبة ليشكروها على منحتها وانقاذهم من العطش، لكنها لم تفتح ولم ترد، طرقوا عليها الباب كثيراً ، وما فتحت، حتى أتت مريم بقرصها المخبوز من برٍ وسمن وتمر وسُمي بإسم مريم هذا الخبز ، وحين أتت مريم بخبزها ودقت الباب، خطبت رائحة الخبز ود الغريبة وفتحت الباب....

وقفت الغريبة بالباب مؤطرة بالنبات الذي عبقت برائحته الساحة ملتاتاً ومتدلهاً بماء الورد فكان مزيجٌ يناوش حرارة الخبز وعبير التمر الملسوع بنار التنور والملفوف حفظاً من المطر بمنديلٍ أخضر مطرز بورود ٍ ومخلوقات ٍ وهمية تتحرك وتلتف كلما تسربت اليها قطرة من هذا المطر ومريم في شرودها تنساق الى البيتِ مغيبةٌ عن ما حول بهبة الوصل الذي بُشرت به في حلم البارحة وما باحت به لأحد لكننا عرفناه حال فتحت الغريبة باب الدار وبادرتها بالسلام، أخذت ( دسمال ) * الخبز ومنحتها عملة ذهبية اسقطتها في واديٍ سري بين نهدي مريم وقالت: ( ها أذوق بسم الله خبزك وصنيعتك وخلق الله في يدك) وطعمت من الخبز قطعة وكنا نراها تأكل للمرة الأولى وكأننا رأينا اللقمة تتنزل في حلقها بلونها العقيقي المحمر من شدة بياض عنقها اللؤلؤي المصبوب في قالب فتنة ولا زال الرجال يتساءلون عن عمرها حتى أعادت لف الغطاء على رقبتها وابتسمت ، ثم حركت الهواء تجاه مكاننا كأنها تقول لنا أننا لا شيء وأن تساؤلنا لا يعنيها ، ثم عادت لمريم وقالت بصوتها الرخيم المتسع الممتد الى دواخلنا؛
( يا مريم ، لكِ هبة الوصالِ بعد مشقة الهوى ، ولك ِ طيب المقال بعد صدٍ وجوى، ولكٍ ثلاثة عيال بعد الهجر والغوى، فأذا أتى اليوم رجُلكِ من رحلته وبمشيئةِ الله سيفعل، بادريه بالسلام وامتنعي عن الكلام ، فأن سألكِ عن الحال فإيماءٍ وابتسام ، وأن طلبك ِ للمنام فطيب ٍ وانسجام ، لا تريه دمعتك ابدليها بمحبتك، ولا تشعريه بغضبك ناوليه فرحتك وكوني على مزاجٍ حذر لا أستفاضة وهذر ولا بخلٌ وقتر، اسمعي مني واذهبي فتوافيقك حاضرة ونجمك صاعد وسمي الولد حامد يكن لك ساند وفي الشر زاهد ).

بلا همسة واحدة استمعنا لها ، كانت النسوة تبكي والأطفال ينامون على أكتافهن بدعةٍ والرجال ينظرون الى الغريبة محتارون في أمرهم فحضورها مهيب وأمرها غريب وثرائها فاحش وكل قليلٍ لديها كثير وكل ضيقٍ واسع وهي على الكشف قادرة وبالعقاب مجاهرة من غير حرف، تفرق الجمع وكلٍ يحدث نفسه بأن انتهى اليوم الخامس ويا تُرى ماذا سيحدث في سادس الأيام.

لا نعرف ان كنا قد نمنا حقاً واستيقظنا أم أننا لم نستيقظ بعد، كان الامر كأنه امتداد لحلمٍ ماتع، ربما نحن الآن في وعي اللحظة ، صباحٌ به شمسٌ بيضاء منيرة وباردة، مخلوقات شفافة تُصلي في الفضاءات الممتدة على مرمى البصر، أصوات ٌ ملائكية الطابع تترنم بأناشيد تسبح وتمجد الخالق وكونه، تفوح روائح الهيل من البيوت والقهوة والحليب والخبز، لا طفل يبكي ولا صراخ لأمرأة أو أي حنقٍ عابر، يتوجه الناس الى أعمالهم بقلوبٍ آمنه مطمئنة ، يسري في الجو المحيط ما يشبه الغيم الشفيف الذي يضمخ الأبنية ويعيد ترتيب المكان، لم نعد نتعرف على بلدتنا ، كل بيتٍ عامر وكل ناحية معشوشبة ، لا أحد مريض ولا أحد يشكو ، أنكون هنا أم أننا متنا جميعاً وذهبنا الى الجنة الموعودة في دعةٍ وبقينا على أثارنا نسكن في ألفتنا الآمنة ونتوشح بالمحبة؟!

ظللنا هكذا حتى منتصف النهار ، لا صوت الا حفيف أوراق الشجر تموسقه نسائم لطيفة وزخات مطر معطر..حتى أتى سلطان عائداً من رحلة الصيد التي اعتاد الغياب فيها ، أتى يحمل طرائده صبيانه وهو يصرخ فيهم كعادته ويداعب المشاة بخشونةٍ عهدناها ، وعندما أقبل على الساحة بغية دكان الدباغ ليسلمه الطرائد شعر بما حوله فأفاق من سكرته متسائلاً ولا من مجيب، رمى بالطرائد وهرع الى منزله ، سأل امرأته ووالدتنا وأنا عما يجري في البلدة مستغرباً لأن غيابه لم يتعدى الاسبوع والتبدل يزرع الشك في صدره المتقد بالريبة المتاصلة من عشرة الجبل ومغاراته والصحراء التي لا يقارع عفاريتها سواه.

أخبرته عن الغريبة ويومها السادس ، عن عهد المختار ، عن عودة اسماعيل الى رشده ، عن إياب الماء للبئر والنهر والمطر العطري والنبات العجيب ، عن مريم وخبزها ورجلها، وعن قلادة الفيروز وعملة الذهب في مفرق وادي مريم، عو الصواني الفائضة بالنعم والأطفال الأصحاء السعداء، عن المواقد التي لا تنطفيء والشمس التي لا تحرق ، عن البيوت الجميلة والناحية الفاخرة وعن كل الكل في الشخص والمعنى ، عن الهيبة في الفارعة العمياء البصيرة وفضة عنقها وعاج أسنانها وزمرد عينيها

كنت أحكي وتومض عينه اليسرى ببريقٍ حاد
أحكي وأشعر بريقه يتجمع ، يتلمظ ويزدرد ماءه ويسأل عن المال ومصدره ، فأعيد على سمعه ما رأيت ، وكيف أنني أول من رآها في الممشى بين المزارع وكيف أثر بي بصرها المطفأ فيتجاهل ذلك ويعيد السؤال عن دار أم الخير وهل فتشه أحد قبل أن تطلبه ويرضى بها ؟! عن عصا العمياء وهل رأيناها ثانيةً، عن صفة العصا ورأسها، عن الثعبان الذي يلتف حوله، قلنا لم نر ثعابين ولا نعرف الا ما قلنا، ونحن في هذا الهذر أذن للعصر فقمنا من غذائنا لم نمسه ! ولإول مرة مذ كنا صبيين صاحبني أخي القناص للصلاة في مسجد البلدة الكبير في الساحة ذاتها المشرفة على دار أم الخير ، ولما وصلنا ترك رفقتي وراح لعتبة دار الغريبة الذي هو ذاته دار أم الخير ووقف يتفحص الباب والمداخل والنوافذ والمخارج وأنا أضرب كفٍ بكف ، ثم أقام الشيخ الصلاة فأهملته ودخلت للفريضة ووقفنا في الصف واعتدلنا وبدأنا في التكبير ، حتى وصلنا للتشهد الأول ، دوت صرخة عظيمة فصرخ الشيخ الأمام الله أكبر وأتممنا الصلاة ونحن في غير التوجه بل في الشرود والفكر أثر الصرخة باقٍ فينا وقبل أن نسلم على بعضنا هرولنا نحو باب المسجد لنر ما حيرنا كثيراً.

كان سلطان معلقاً وعالقاً في النباتات المتعرشة حول منزل السيدة الغريبة ، يصرخ ويرفس برجليه في الهواء، يحمل في يده سكيناً ، كلما أراد قطع غصن جرح بدنه وصرخ ، أردنا القرب منه ومساعدته على الفرار كلنا بلا تفكير ركضنا اليه، حائطٌ غير مرئي يلفظنا، نمد أيدينا لمساعدته ولا نستطيع لمسه ، وهو يصرخ ( أيتها الساحرة الملعونة الشريرة، أيتها المتنكرة في عمائها والموغلة في خداعنا، من أنتِ ؟! ما أسمكِ ؟! من أين أتيتِ ؟! لم اخترتنا؟! لم أخترتِ هذه الدار ؟! من دلك علينا؟! لم تسألين ولا تُسألين؟! من أين لكِ كل هذه النعم؟! وهذا الأهم يا امرأة والله لإن لم تقتسمي معي كنزك وتدليني على خبرك وتُعلميني أمرك كله لاذبحك ذبح الطريدة البائسة في فخها ، ولأجعل رأسكِ بين قدميك يتدحرج وتختفي معالمه حتى ليحسبه العابرون طابة لعب)

كان سلطان يصرخ ويهدد ويتوعد ، دمه يشخل ويسيل الى التراب، وجهه مزرق وعروق رقبته بارزة، يفيض الزبد على أطراف فمه من غيظٍ جلي ّ يحرث روحه ، كانت الناس مجتمعة تشاهد ما تعجز عن فهمه وتسأل سلطان عن ما فعل به ذلك وهو يصرخ بلا وعي ( هذه الساحرة اللعينة سأريها ، سأطعم لحمها لعفاريتها وأسخرهم لي، سترى ما سأفعل) وكلما صرخ أشتد عليه القيد وأن ، حتى أُغمى عليه وارتخى رأسه ، عندها فتحت باب الدار وأقبلت تمشي بيننا الغريبة كأنما تطفو

حل الصمت كما يحدث دوماً عندما تظهر السيدة الغريبة، اليوم السادس ولم تنفك هيبتها تسيطر علينا ، حتى الطفل الرضيع يستقيم لهالةٍ تحيطها وموجة أريجٍ تتبعها ويصمت متتبعاً طوفانها بيننا بتركيزٍ ولهفة، هكذا كنا في حضرتها، مشغولون بذهب السكوت ، تاركين لها وحدها فضة الكلام المجلية بالكشف والمطعمة بفصوص الكرم والحكمة وبينما نحن نحوها نشخص بأنظارنا ابتدأتنا بالحديث متجاهلة سلطان تماماً وهو قد وقع في فخ سهونا بها عنه على كل حال
ابتدأنا صوتها الرخيم المتسع وانتبتُ لأول مرة لثعبان عصاتها المتحرك يلتف ويلتف ويرانا بعينين ياقوتيتين من نارٍ وحديدٍ ملتهب ويفح بلا سمٍ ولا صوت
قالت

( يا اهالي الناحية، يا أهالي البلدة، يا تركة أم الخير لي، عندما حضر البين لدايتكم وطبيبتكم وأمكم أم الخير ، استمهلته ثلاثة أيامٍ بلياليها، ووفت بالنذر، سحبت من يدها اليسرى عِرق الحياة ونظمت به ثلاث أمنياتٍ منحناها أياها في زمانٍ قديم ، حين أنقذت ام الخير أمي حين تعسرت ولادتها بي، نحن من أهل الأرض، مطعمون بكم ، خُلقنا وخُلقتم بيدٍ واحدةٍ وحيدة ، نحملكم ولا تحتملونا، نراكم حين لا نرى ، وتعمون عنا وانتم المبصرون، غاية خلقنا واحدة وطرقنا مختلفة، إما أسمي فهو سر الأسرار لا امنحه الا لعاشقٍ بار يفارق أهله وعشيرته ويعطش ويهاجر ويجوع وينحل في الهوى بي واليّ وكي أرضى ، وأما جنسي فأنا امرأة هذه الأرض، ريحانة من رياحين الله زرعني في خلقه، هل أنا بشرٌ ام .... من يضمن ما هو عليه ، وماذا تعرفون عن الحمأ المسنون حين اختلط بنارٍ موقدة وضوءٍ كثيف واتيتُ أنا ، بذرة العشق ومولودة المحبة الطاغية ، عاقبة التغرب والغربة الحادة المشحوذة لقلب فتىً غض تاه في غوى النظرةِ وتبع والدتي الى الأرض السابعة ، لا وجل ولا ندم، أنا ابنة الحب الصافي من غير رجس، أنا التمني والغاية ، أنا البصيرة والحس، أنا الحدس زالنعمة، أنا التي كلما دخلت عليكم برزقٍ عدتُ لأجد أضعافه لدي، أنا ما يتسع لي المقامات وتتلون لأجلي الكلمات، أنا النعمة الحرة الكاملة من مخلوقات الله المباركة ، إنا في عِرف المقام الناقة المبروكة وفي عرف المنام روح النائمين بلا حلمٍ ولا موت في مسجدهم ذاك، أنا ثانية الخلق حين استوحش آدم الأول ، وانا التي فقدت بصرها حين اقتتل ابناها على أختهم ، أنا الأولى والأخيرة والمعنى ، أنا الأرض والزرع والحرث وانا كل ما هو والدٌ في الأرض وبالماء أحيا وأكون أتشكل وأكبر.

أتيتُ حين نادتني أم الخير وقدمت بين يدي عرقها لأستدل على رائحة يديها التي سحبتني بها من رحم أمي وأذنت في أذني اليمنى وأستودعتني إمانة الوفاء للمنادي حين يأمر الله، طلبت مني لكم رخاءاً يدوم وبركة تحل ولا تنقطع ، هبة الماء وإشاعة العدل وأرادت أن تكون بلدتكم مركز السلام وقبلة المحبين ، لا يُسمع فيها لغوٌ ولا صرخة مظلوم ولا من يحزنون، أرادت مني ان ازرع في قلوبكم محبة العفو والغفران، أرادت أن تضمن لأطفالها اللذين لم تنجبهم من ذاتها أن يعيشوا في طور النور وان يرضى عليهم الله فيأتيهم رزقهم يتأتى بين أيديهم لا تعب ولا نصب ....

هذا ما اردته لكم ، وهذا ما لم استطعه معكم وقد أخذتكم بي الريبة رغم عطاءاتي، وكنتم بي بين مشككٍ ومستنكر، لا يرد سفيهكم صالحكم ولا تتناهون عن منكرٍ تفعلونه، وقد بين الله لكم الكثير في ستة أيامٍ طوال ولا اتعظتم ولا فهمتم ولا اقتربتم من معرفة كنه الأسباب بل اقتحتم الأبواب وكسرتم الأقفال وتطاولتم على أصحاب الألباب بما لا أقبله ولا أرضاه ويحق لي معه نقض العهد والرحيل عنكم.....)

بعدها شاع صمت ٌ مختلف، به اضطراب ٍ وخوف، ثم فجأة بدأ كل الأطفال بالبكاء في منظومةٍ واحدة كانهم رأوا ما إرعبهم ، خرج شيخ المسجد واقبل المختار وقد وصل لهم الخبر ، حاول المختار الكلام مع الغريبة لكنها لم تقف حتى تمنحه أي فرصة ، انسحبت الى داخل الدار تسعى خلفها عصاها يلتف حولها أفعى يتلوى وتبرق عيناه ورائحة العطر تنسحب وراءها وتقبض أنفاسنا، وقع سلطان على الإرض بغتة واسترد وعيه ، بينما ذبل النبات حول الباب وتفتت وسقط، انحسر الماء قليلاً عن البئر ، ظل في الداخل لكن لا فيض ولا غيم ولا نسائم ولا صوانٍ عامرة، كأننا طُردنا من ترفٍ ونعمة الى فقرٍ وخيبة ، حسرة تصفر لها وجوه الرجال وأما النساء فاخذن يهدهدن اطفالهن ويبكون معهم، وأقبلت مريم مثل عروسٍ في جلوتها يرتديها اخضر براق وفي يدها حنة يغار منها العناب وطرقت الباب بخبزها الساخن بُغية الشفاعة وتلبية النذر والواجب من البشارة ولا مجيب ، كأنها لم تكن هنا، لمحنا الغبار على طرف الباب كأنما ظل مهجورا مذ موت أم الخير حتى اليوم، كل ما منحتنا اياه الغريبة ذهب معها، انتهى برحيلها ، لولا أننا جميعاً حضرنا قدومها من بين المزارع الى الساحة ، لولا أننا جميعاً اكلنا من صوانيها وشربنا من ماءها وربتت على أحد أهلينا بأصابعها، لولا اننا جميعاً سمعناها في الأيام كلها وحضرنا معها العرس والكشف ، لولا كل ذلك لقلنا انها حلم جماعي أو مرضٌ حملنا الى الهذيان، وكنتُ قد تولهت بالغريبة من حيث لا أعلم ، وأخذت بيني وبيني أخاطبها وأتودد لها وأبحث عنها في الأنحاء ، أصل الى السفح وأقرب الى الصحراء وأسمع أصوات الوحش وعواءها فأخاف وأرتد وأعرف أنها لن تكون الا لجسورٍ شجاع ، وأعرف أن لي قلب شاعرٍ ضعيف فأحجم وأعود وأذبل وأعود في الليالي في خلوتي على سطح المنزل أحادثها في القمر وأرجوها أن تعود لي أو تأخذني اليها ، ولا تعود ، وفي كل شروقٍ أشتعل حنيناً وأحترق شوقاً لصوتها وحضورها ذاته، حتى أتى يومٌ عليّ بعد شهورٍ تعبت من عدها ، وجدت نفسي في حلمٍ أطير واحط على السفح وأعبر الفيافي متخطياً وحوشها وسبعها الى واحةٍ غناء سمعتُ صوتها فيها يترنم بالتسبيح فأُغشي علي وشممت عبقها ففتحت عيني فإذا أنا لديها وإخذنا عهد العشرة وبقيت لديها عام ونيف أسميت ولدي منها (
اُنس) وقالت هي هو أُنس الحبيب
حتى اذا أتى الصباح أيقظتني أشعة الشمس الحارقة وأنا على سطح دارنا وصوت أمي مع جاراتنا يتذاكرن ما كان ويتحادثن بما سيكون وإنا وحدي فلم أعرف ان كان ما جرى علي صدقاً حدث إم من خيالي

وكان هذا الحلم آخر عهدي بالغريبة أم طفلي ( أُنس الحبيب).

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-11-2020, 12:14 AM   #2
نادرة عبدالحي
مشرفة أبعاد النثر الأدبي

الصورة الرمزية نادرة عبدالحي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 72240

نادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعة


مـجـمـوع الأوسـمـة: 1

فعالية النثر الوسام الفضي



افتراضي



كُنتُ هنا يا ود وأنا مثل أهل القرية مشدوهة حائرة بأسلوب كتابتكِ لهذه القصة ،

التشويق والأحداث الغريبة والتفاصيل التفاصيل الكثيرة ، كنتُ هُنا يا ود قالبا وقلبا

والروح تقرأكِ ، لي عودة بحقيبتة ردي ،

 

نادرة عبدالحي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-13-2020, 05:30 AM   #3
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو
 
0 لَــام .
0 عَرار .
0 العَقعقْ ق.ق.ج
0 كَستناء..2

معدل تقييم المستوى: 50467

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


.

ذهنٌ حَالم..
وحكايه مَرهونة للخَيال
أحداثها تَتَحدث، تَجُرّها أوصاف تَتمدد، لم تُغنها " كلمة ".
الإنسان فيها مُتشرذمٌ إدراكه
مُترنح ب طينه " بين رغبة التملك ، وميل للإستغناء "
القيم تسيل ذائبة في أحداث الزمان
والحياة حياه، عُلبة ألوان
و" الغَريب " غَريب ..
سائرًا يعبُرها، بَعضً لبَعض بفُرشاة ولَوح.

،

ياوردتنا
شكرًا لحضرتك

 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-17-2020, 11:20 PM   #4
نادرة عبدالحي
مشرفة أبعاد النثر الأدبي

الصورة الرمزية نادرة عبدالحي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 72240

نادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعةنادرة عبدالحي لديها سمعة وراء السمعة


مـجـمـوع الأوسـمـة: 1

فعالية النثر الوسام الفضي



افتراضي





الأحداث المتتالية في حكاية الغريبة عنصرٌ مميزٌ و ركنٌ أساسي بُنيت عليها

القصة ، فالزمن حُددَ بعدة أيام وهذه الايام المستمرة حدث فيها الكثير من الإحداث

قلبت القرية رأسا على عقب ،

للحدث زمانٌ يبدأ و ينتهي به…فنراه في القصة زمنٌ مطَّاطٌ قليلًا قد يستمر من عدة

ساعاتٍ إلى عدة أيام، و قد يتم أحيانا تحديد تلك الفترة من الزمن حين تتداخل القصة مع

أحداث غير مألوفة على القارئ فالتشويق هو مفتاح البوابة إلى الدخول الى حكايا

الخوارق ، في السرد أوضحت الكاتبة أن مزايا وخصائص الحدث لها تعالقات وتشابكات

مع شخوص النص و هناك ارتباط بين أفعالهم و بين ذلك

استغرقت مرحلة التشويق في قصة الغريبة فترة طويلة من السرد و الالتفاف

الاحداث الغريبة والرموز السرية حصلت ما بين الواقعية واللا واقعية وتثير بذلك

مخيلة القارئ لإثبات المغزى وتأكيده.

إثارة وتشويق؛ وغرابة وتغريب ومن هنا جاء سر جمالية السرد صاحب الأحداث الغريبة .

هنا في هذه المقطوعة أظهرت حقيقة الإنسان الذي إن حصل على النعم والعطايا يصيبه الريب والشك ،
ولا يستطيع ترك الأمور تتضح من تلقاء نفسها ، فهو إنسان على عجل لحوح في طباعه ،

اقتباس:
وهذا ما لم استطعه معكم وقد أخذتكم بي الريبة رغم عطاءاتي، وكنتم بي بين مشككٍ ومستنكر،
لا يرد سفيهكم صالحكم ولا تتناهون عن منكرٍ تفعلونه، وقد بين الله لكم الكثير في ستة أيامٍ طوال ولا اتعظتم ولا فهمتم
ولا اقتربتم من معرفة كنه الأسباب بل اقتحتم الأبواب وكسرتم الأقفال وتطاولتم على أصحاب الألباب بما لا أقبله
ولا أرضاه ويحق لي معه نقض العهد والرحيل عنكم.....)
القاصة المبدعة ود تمتلكين هوية إبداعية في القص هنيئا لكِ بهذه

الهوية التي تمتازين بها ، كتابة شيقة ممتعة وفيها من العِبر والمغزى ،

 

نادرة عبدالحي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-26-2020, 07:47 PM   #5
عبدالإله المالك
إشراف عام

افتراضي


نحن بحق أمام قصة متمكنة من جميع أدواتها
القاصة ود
لك من الود أعذبه

 

التوقيع

دعوةٌ لزيارةِ بُحُورِ الشِّعرِ الفصيحِ وتبيانِ عروضِهَا في أبعادِ عَرُوْضِيَّة.. للدخول عبر هذا الرابط:

http://www.ab33ad.com/vb/forumdispla...aysprune=&f=29


غَـنَّـيْـتُ بِالسِّـفْـرِ المُـخَـبَّأ مَرَّةً

فكَأنَّنِيْ تَحْتَ القرَارِ مَـحَـارَةٌ..

وَأنَا المُـضَـمَّـخُ بِالْوُعُوْدِ وَعِطرِهَا ..

مُــتَـنَاثِـرٌ مِـثلَ الحُــطَامِ ببَحْرِهَا..

وَمُــسَافِرٌ فِيْ فُـلْـكِـهَا المَـشْـحُـوْنِ
@abdulilahmalik

عبدالإله المالك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-02-2020, 06:33 AM   #6
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادرة عبدالحي مشاهدة المشاركة

كُنتُ هنا يا ود وأنا مثل أهل القرية مشدوهة حائرة بأسلوب كتابتكِ لهذه القصة ،

التشويق والأحداث الغريبة والتفاصيل التفاصيل الكثيرة ، كنتُ هُنا يا ود قالبا وقلبا

والروح تقرأكِ ، لي عودة بحقيبتة ردي ،
يسعد أوقاتك ايتها النادرة الجميلة
مس قلبي هذا التعليق حين قرأته أول مرة
لا زال يفعل ذلك بي
لقد تجسد الصدق في ردك هنا
وإنا يا عزيزتي افرح كثيرًا وأحتفي أكثر وأمتن الى ما لا نهاية حين يأتي الرد بعفويته هكذا خالٍ من المجاملة معبأ بالمحبة
وأنني يا نادرة أقدر اعتناءك بي ودعمك لي إشد التقدير وأنت الأديبة الرائعة والمشغولة بالحرف وأثره ومعانيه
الف شكر عليك يا حبيبة
لك مودتي ولك كل الفرح والرضا سيدتي الغالية💖

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-03-2020, 12:09 PM   #7
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عَلاَمَ مشاهدة المشاركة
.

ذهنٌ حَالم..
وحكايه مَرهونة للخَيال
أحداثها تَتَحدث، تَجُرّها أوصاف تَتمدد، لم تُغنها " كلمة ".
الإنسان فيها مُتشرذمٌ إدراكه
مُترنح ب طينه " بين رغبة التملك ، وميل للإستغناء "
القيم تسيل ذائبة في أحداث الزمان
والحياة حياه، عُلبة ألوان
و" الغَريب " غَريب ..
سائرًا يعبُرها، بَعضً لبَعض بفُرشاة ولَوح.

،

ياوردتنا
شكرًا لحضرتك
يسعد أوقاتك علام ورمضان مبارك عليك وعلى كل من تحبين
وسلام الله على الغرباء أينما حلوا
نعم الحياة حياة ،علبة ألوان
هكذا بعض الكلمات تحمل ببساطة عالمًا بأكمله في مفردات بسيطة
أجد نفسي أحب كثيرًا مفرداتك يا علام
ردودك نصوص إدبية مُلهمة
كأنما تتشربين ما تقرأين وتعيدين صياغته وتلقينه لنا هبة الجوهر المنظوم
ممتنة كثيرًا لوجودك وردك الرائع يا حبيبة
ولتكوني بخير دائمًا علام
لك الفرح المقطر وتمام الرضا جميلتي💕

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-03-2020, 12:17 PM   #8
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادرة عبدالحي مشاهدة المشاركة



الأحداث المتتالية في حكاية الغريبة عنصرٌ مميزٌ و ركنٌ أساسي بُنيت عليها

القصة ، فالزمن حُددَ بعدة أيام وهذه الايام المستمرة حدث فيها الكثير من الإحداث

قلبت القرية رأسا على عقب ،

للحدث زمانٌ يبدأ و ينتهي به…فنراه في القصة زمنٌ مطَّاطٌ قليلًا قد يستمر من عدة

ساعاتٍ إلى عدة أيام، و قد يتم أحيانا تحديد تلك الفترة من الزمن حين تتداخل القصة مع

أحداث غير مألوفة على القارئ فالتشويق هو مفتاح البوابة إلى الدخول الى حكايا

الخوارق ، في السرد أوضحت الكاتبة أن مزايا وخصائص الحدث لها تعالقات وتشابكات

مع شخوص النص و هناك ارتباط بين أفعالهم و بين ذلك

استغرقت مرحلة التشويق في قصة الغريبة فترة طويلة من السرد و الالتفاف

الاحداث الغريبة والرموز السرية حصلت ما بين الواقعية واللا واقعية وتثير بذلك

مخيلة القارئ لإثبات المغزى وتأكيده.

إثارة وتشويق؛ وغرابة وتغريب ومن هنا جاء سر جمالية السرد صاحب الأحداث الغريبة .

هنا في هذه المقطوعة أظهرت حقيقة الإنسان الذي إن حصل على النعم والعطايا يصيبه الريب والشك ،
ولا يستطيع ترك الأمور تتضح من تلقاء نفسها ، فهو إنسان على عجل لحوح في طباعه ،


القاصة المبدعة ود تمتلكين هوية إبداعية في القص هنيئا لكِ بهذه

الهوية التي تمتازين بها ، كتابة شيقة ممتعة وفيها من العِبر والمغزى ،
طابت أوقاتك غاليتي النادرة
ومن مثلك يعد ويفي وها قد عدتِ كي تبهجين قلبي بحضورك الجميل
لعلي سيدتي استطيع ان أكون في مقام الإبداع لحظة وحيدة
إنما انا أكتب لأنه لا بد ان أفعل
كأنني المرقوم بالكتابة والممسوس بالقص
هذه الحكاية تحديدًا تسربت من بين يدي ّ ،كتبتها في ليلة واحدة وقرأتها ولم أعرف لِم كتبتها
أشرع نافذة الحاسوب وأنظر الى بياض الصفحة وأنفمس فيه وأطرق بابه برفق حتى تأذن لي الكتابة وتمنحني بعض منها
لا ادري لم أقول لك هذا الطقس ،لكن لا بأس عادة انا اكتب ما يخطر في بالي بلا تهذيب ولا تشذيب
ربما شعوري بالراحة العميقة جعلني اخبرك بما حدث
أهم ما في الأمر كله ان الحكاية راقت لك ومنحتك وقتًا لطيفًا ،هذا جُل ما اطمح له
ممتنة كثيرًا جدًا لوجودك نادرة وسعيدة بك فوق الوصف والله
لك محبتي ولك البهجات كلها وتمام الرضا لروحك💖

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكاية أخرى حمود الحجري أبعاد الشعر الشعبي 26 06-25-2014 08:33 AM
حكاية من زمن العشق محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 6 09-18-2013 07:49 AM
اسعد الروابة لابـــــــــــعاد ادبية: هذه حكاية /البرتقالة/ كريم العفيدلي أبعاد الإعلام 7 08-25-2007 05:11 PM


الساعة الآن 04:57 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.