- 38 -
* الموج يثرثر *
وكذلك يخطر لي أحيانا ً أن الراحة الحقيقية لا توجد إلا بزوال كل شئ ،، ولكنه مجرد خاطر يعبر القلب إذا اشتد العنت أو ادلهم الخطب ،،
خاطر لا وزن له في الواقع ،، حلم يقظة أخرق ،، وهل تصبح الحياة حياة إلا من خلال التعامل مع الأشياء بهما معا ؟! ،، وهل يمكن تخيل الوجود بدونهما وبدون ما نسميه ذكرى ؟! ،،
أما حيرة التردد بين الماضي والحاضر فهي قدر لا مفر منه ،،
في البدء تردد همسات بالمحاذير والدعوة إلى الاعتدال حيال البسمات المغرية ،، ولكنها تحدت المحاذير وهونت الترشيدات ،،
يكفهر الوجه ويفجر الانذارات ،،
وفي المقابل إغراء بالتجاهل والتشكيك في الشكوك ،،
ولكن لا غنى عن الألوان ولا قدرة على تجاهل الروائح ،،
في أيام البراءة كان اللعب في نور الشمس تحت السمع والبصر ،،
ولكن الهمس المقتحم يقول : حافظ على نظافة ملابسك ونظافتها ،،
ولكن اللعب يحب الحرية ،، أليس كذلك ؟! ،،
فيهمس : اللعب الرشيد لا يتنافر مع النظام ،،
فيسيل امتعاض القلب حتى يصل الجوارح ،،
اللعب هو اللعب ،، لماذا يقيد اللعب بالأوامر ،، لماذا يفسد مذاق الأيام ،،
فلتتسخ الملابس فثمة من يغسلها ،، ولتتمزق فالسوق مليئة بالجديد ،،
إليك عنا ،، انظر هناك ،، هاك شئ يشغل نهارك وليلك فلا تهدر الوقت في تكدير صفاء الحب المتين المتبادل ،،
أرأيت تعسفهم ؟! ،،
وتقول : لا تعمل حساب لكلمة تصدر عن همساتهم ،،
ولكنه لا يعرف الصمت ،، والتجربة أثبتت أن الاستهانة به غير محمودة العواقب ،،
ماكرة بقدر ما هي لطيفة ،، أعرفها ،،
واسمع كلام الهمس : لست أمانع ،، ولكن عليك أن تنظر هناك ،، أرأيت ؟! ،، فإني أعرف أكثر منك ،، لذلك اسمع الكلام ،،
ها هي الأشياء تتبعثر دون قيد أو شرط ،،
تعثر في الخوف ولم تنس همس الغضب وعواقبه ،،
أجل أشياء تتحدى اللهو وتلتهم الأيام بلا رحمة ،،
هل قضي أن تنفق العمر في الصراع مع الجهل ؟! ،، اختر لنفسك ما يحلو لك ،،
حقا ً ؟! ،، لو خيرت لاخترت ،،
ولكن الهمس لا ينقطع فما الحيلة ؟! ،،
اعترف بأنك تنحرف عن الخط المرسوم فتشرد وتفكر ،،
تخلو في غفلة وتأخذ بيدها ،، تسألك فتتورط في الكذب ،، ويكفهر الوجه حين يكتشف الكذبة ،، أنت ضعيف فتتجلى الأشياء في عينيك ،،
تجاهل الهمس ،، ولكن الكذب أرذل من الجهل ،،
أي ضرر يصيب العالم إذا جهلت أن الرياض عاصمة المملكة ؟! ،، أو إذا لم تحفظ جدول الضرب ،، أو إذا نسيت كل شئ ،،
يجب أن تعرف السماوات والأرض ،، ليست الحياة لعبا ،، انظر هناك ،، هاك ما تستحقه ،، هل يرضيك الجهل ؟! ،،
لا منع ولا إبعاد ،، تلك أيام مزقها العذاب وإن بدت اليوم آية في الجمال بسحر الزمن ،،
والهمس يقول : اسمع وأطع ،،
الجرأة تلاشت منها وحل الحياء ،، يتكلم اللسان بكلام والعين بكلام آخر ،،
لا يمكن أن يهدم في لحظة ما بني في عمر مديد ،، ولكنك لم تعد تقنع بالألعاب القديمة ،،
حقا ً ؟! ،، ولكن اللعب يتغير بتغير الزمن وله حدود لا يتعداها ،،
اصمت ،، هاك نجم ومجرة ،،
أمل أو حبة رمل في صحراء التفاهة ،، فعليك الاختيار من جديد ،،
وهذه الميتافيزيقية لم تحرقك رغم كل شئ ،،
قيل بأن الغواية أخرجت أباك من الجنة ،، ولكن الشيطان سبقه متتشقا الكبرياء ،،
وذات مرة ارتفعت حدة الهمس فقاربت الصراخ : لا حول ولا قوة إلا بالله ،، يا بني لماذا تشعرني بالفشل معك ؟! ،،
الفراق مؤقت ولكنك تحتقر الرغبة ،، والحياة اقتحام وحذر ولا مجال فيها للهروب ،، إذن ماذا عن أيام الجنون ؟! ،، ماذا عن الجامعة ؟! ،،
لا تضحك ،، إن هي إلا سنتين في سفينة تجوب المتوسط والأطلسي ستثير الدمع والحسرات فلا تضحك ،،
الأمور تتعقد وتزداد عسرا ،، بل أضحت عذابا ً ومحنة ،،
ولعل الهمس لم يبد منفرا ً كما يبدو الآن ،، وطبيعي أن يرتفع الكلام درجات ،،
هراء في هراء ،،
لا تتدخل فيما لا يعنيك ،،
ولكن كلما غاب الهمس تلاشى الوجود تماما ،،
كل شئ هناك ولا شئ هنا ،،
والصمت لا شئ ،، كأنه خرافه ،،
إلا صرخة العجلات التي هزأت من غصن يافع ،، قيل بأن الموت مصير كل حي ،، ولكن ماذا عن الدماء ،، ذلك شئ لم أفهمه ،،
العطر لا يتجاوز الحدود ،، فهل تغلغل الهمس ؟! ،،
انفجر الغضب ،، فقابل سخرية في كل مكان وتشكيك مرة أخرى في الشكوك ،،
يا نسيان أين الراحة أين ؟! ،،
ولكن بالرغم من كل شئ فللنظرة الناعسة سكرة لم تتبخر ،،
لعل الهرب كان بوحيه وتأثيره ،، وحدة ،، وتخبط في الفراغ ،،
شحنت برغبة دكناء في الانتقام فاندفعت في اقتراف أخطاء كثيرة بتشف واستهتار ،، أما السخرية فهي "مبروك التخرج" ،، أجل ،، تحدى كل شئ واعبث بالذكرى ،،
ولكن لا نجاة من غشاء الوحشة ،،
هل الفراق إلى الأبد ؟! ،،
هل هذا الصمت الظاهر هو ختام الهمس ؟! ،،
هكذا تبدل الحال ،، ووظيفة أيضا ً !! ،،
حق عليك أن تتذكر فضله إلى الأبد ،،
مارس السيادة في دنياك الصغيرة ،، كيف كانت رائحة البحر ؟! ،، ومساعد القبطان هل عاد لوطنه ؟! ،، ما اسم تلك الآلة التي كان يعزف عليها ؟!،، وما هي أخبار البحارة ؟! ،، إنا لله وإنا إليه راجعون ،، كدت أنسى المرافئ كذلك ،،
تمرد أم نسيان أم عبث ؟! ،،
حقا ً !! ،،
الزمن كفيل بتغيير الأشياء ،، أين الدلال والبسمات والكلمات العذبة ،،
قد ينتهي اللعب بشجار حتى تعجز الخمر عن فضه ،،
ويعود الهمس ليقول : ألا تنظر ؟! ،،
يا للعجب ،، ألا تزال الكائنات تسير ،، ألم تعرف الطيران بعد ؟! ،،
شئ من الحذر ،، خالط السلوك الأهداف ،، وكل ثمرات الجهد مطروحة تحت الأقدام دون كلمة شكر أو تقدير ،، ولكن الشكر لا يهم ،، شئ من الرحمة ،، حتى زي العسكري الذي يزين الدولاب لا يرحم ،،
ويقول الصمت : ماذا سيحدث إذا كنت مكانه ؟! ،،
حقا ً ؟! ،، الكواكب لا تتعب في المدارات ولكنك أناني ،،
يا جنون ،، وصفة للتوفيق بين الحب والكراهية ،، بين الحياة والموت ،، بين التضحية والرغبة في القتل ،،
الحياة لا تخلو أبدا ً من منغصات ،، من حيث تتوقع أو لا تتوقع ،، المهم كيف تواجهها ،، كيف تستوعبها ،، كيف تطويها تحت جناحك ثم تمضي في سبيلك ،،
في الماضي السفينة صارعت الأمواج ونجت من الغرق ،،
حاجة لشئ ،، الوحدة تجر أثقال العمر ،، أبي هل رأيتهما هناك ؟!،،
عليك أن تقبل قوانين الأشياء ،، فما هي إلا همسات لا أكثر ،،
ناج إن شئت في وحدتك الرضا والسلام ،، لا تقلل من قيمة المسرات الزائلة ولا من سحر الأغاني ،، ولا حتى من جمال الأطعمة الشعبية ،،
وها هو الهمس يعود فجأة بعد طول نسيان ،، كيف لا تذكره ما دام على قيد الحياة ،، والصوت يغبط رغم حنانه الأخوي لأنه يعاند الزمان والمكان ،،
سيسعد برجوعك مثل سعادتك وأكثر ،، لا غضب ،، لا شك ،، لا تشكيك ،،
أما عن الرأي فلا أحسبه في صالحك ،،
شد ما تهفو النفس إلى الخضرة والهواء النقي ،،
أثمن في النهاية من عواصف البحر وطنين صفارة الإسعاف ومنظر الاحتضار،،
والأفق الحكيم يجيب على سؤالك : اذهب فرمضان يعقبه عيد ،، والجميع سيجتمع هناك كالعادة ،، لا تعتذر ولا تصوغ من سحر البيان جملة واحدة ،،
بل بسمة وهمسة ،، قبلة على رأس ،، عودة مدفوعة بالشوق وحده ،،
فاقض بما أنت قاض