مقالات جريدة الوسط - بستان البيان - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : جليله ماجد - مشاركات : 75154 - )           »          ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 785 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-24-2008, 01:45 AM   #1
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي مقالات جريدة الوسط - بستان البيان


.




( الجفول . . . تبقى روحك الأجمل )


جاء في قصص البادية، انه كان هناك رجل مات وترك خلفه ثلاثة من الأبناء في ريعان شبابهم، وزوجة صالحة حكيمة، الأب بعد وفاته ترك لأبنائه الثلاثة قطيعا كبيرا من الغنم مع راع يدير شؤونها وكلب يحرسها.
في احدى الليالي قتل شخص ما الكلب الذي كان يحرس قطيع الغنم، حيث وجده الراعي في الصباح الباكر على مضارب القبيلة جثة هامدة، بعد ان سددت عدة طلقات نارية الى رأسه، لم يغضب أحد من الأبناء الثلاثة لمقتل الكلب، وذهبوا مسرعين وأتوا بكلب حراسة جديد، وكأن لم يحدث شيء!، حزنت أمهم على مقتل الكلب كثيرا، وطلبت منهم ان يبحثوا عن قاتله فيقتلوه، لكن الابناء الثلاثة اخذوا يسفّهون رأي امهم ويزدرونه.
بعد ليال قليلة على مقتل الكلب اتى شخص آخر وقتل الراعي!، فلم يهتز او يغضب احد من الأبناء الثلاثة لمقتل الراعي المسكين، ولم يكلفوا انفسهم حتى معرفة قاتله، ولقد حزنت امهم حزنا شديدا على مقتل الراعي، واخذت تطالب ابناءها الثلاثة بالعثور على الشخص الأول الذي قتل الكلب ليقتلوه، فأخذ ابناؤها الثلاثة يضحكون بشدة من طلبها ويسخرون منها، ويقولون لها: كيف تطالبيننا بالبحث عن قاتل الكلب ثم الاقتصاص منه، ولا تطالبيننا بالبحث عن قاتل الراعي والاقتصاص منه؟! وبعد مقتل الراعي استأجر الابناء الثلاثة راعيا جديدا مكانه، لرعاية القطيع، وبعد ليال قليلة من مقتل الراعي اتى لص في جنح الظلام وسرق عددا قليلا من خراف القطيع، فلم يكلف الاخوة الثلاثة انفسهم معرفة من يكون ذلك اللص السارق! لكن امهم جمعتهم بعد هذه الحادثة سريعا وقالت لهم: غدا سيزيد عدد الخراف التي ستسرق من القطيع حتما، لذا ابحثوا عن قاتل الكلب واقتلوه يا أبنائي. لم يعجب كلام الأم ابناءها الثلاثة، وسرعان ما انفضوا من مجلسهم ذاك وهم يتأففون من طلبها المتكرر هذا، وبعد عدة أيام من اجتماع الأم بأبنائها، اتى لص جديد وسرق معظم قطيع الغنم!، فثار جنون الإخوة الثلاثة وغضبوا من هذه الفعلة واحتاروا في امرهم ماذا يصنعون، فلما ذهبوا الى امهم ليطلبوا مشورتها، كررت عليهم طلبها، وهو ان يبحثوا عن قاتل الكلب ثم الاقتصاص منه، وبالفعل ذهب الاخوة الثلاثة بكل جد وعزيمة وتكاتف يبحثون عن قاتل الكلب، فلما عرفوه قتلوه على الفور بلا هوادة، فلما انتشر هذا الخبر بين الناس واخذوا يتناقلونه من مكان الى مكان، بعد عدة ايام جاء الشخص الذي سفك دم الراعي وسلم نفسه لشيخ القبيلة كي يقتصوا منه، وبعد عدة ايام اخرى استيقظ الاخوة الثلاثة ذات صباح ليجدوا جميع ما سرق لهم من القطيع قد عاد من دون اي نقصان، تذكرت هذه القصة في هذه الايام، بسبب شاعرة جديدة سعودية خرجت على الساحة الشعبية فجأة باسم «الجفول»! محاولة بكل صفاقة ان تسطو على التاريخ الابيض للشاعرة الكويتية المشهورة «الجفول الوايلية»!. لا، ان الأرواح تختلف حتى وان تطابقت الأحرف في الأسماء، لا، ان التاريخ يحكي الحقيقة ولو طال تغييب الحق، لا، ان الاجيال اشهاد ولن يرضوا بهذا السخف، حتى ولو خرجت مليون «جفول» من مليون مكان في الارض، الجفول الوايلية لا تحزني ولا تبتئسي ولا يقربك كدر او حيرة، واعلمي جيدا وقري عينا واهدئي نفسا انت زرعت الحب في جوانحنا، ومن يزرع الحب لن يجني الا الحب، وسنقف حولك بكل حب ووعي كسياج الغيريدينا والياسمين، حتى لا يطمع ويتمادى أي لص آخر على تاريخك الأبيض، وحتى لا تتكرر حكاية الأم مع ابنائها الثلاثة في الـــساحة الشعبية.

نشر في موقع روح:
http://roo7.net/index.php?news=82

نشر في جريدة الوسط - بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...768&pageId=110


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




.

.

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح


التعديل الأخير تم بواسطة حسين الراوي ; 07-24-2008 الساعة 01:48 AM.

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-24-2008, 01:53 AM   #2
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي






( معاناة الشاعرة )

الحديث عن الشاعرة الشعبية في هذه السطور يجب ان نستقبله بإحساس كبير، وعلينا ألا نكتفي فقط بإدراك معاني المفردات والسطور في حقها، ونهمل أبعاد أنوثتها ومشاعرها وضعفها الفطري وانكساراتها الوجدانية.
الحديث عن الشاعرة الشعبية لا يؤخذ على انه مجرد كلام في قضية انسانية ادبية والسلام، لا، ان الامر ابعد من ذاك.
رغم التمدن الكبير واتساع دائرة التحضر التي ننعم بها في هذا الوقت لاتزال اعين كثيرة في مجتمعاتنا تنظر إلى الشاعرة الشعبية بنظرة قاصرة خالية من الوعي والعدل، اصحاب تلك النظرة يرون ان الانثى حينما تنشر ما ترجمته من مشاعرها الوجدانية عبر اي وسيلة اعلامية فقد ضربت بذلك العادات والتقاليد والاعراف في عرض الحائط مع سبق الاصرار والترصد! لذا هم يريدونها تكتم مشاعرها الرقيقة التي خالجتها بين حناياها بكل ألم من دون ان تخرج اي زفرة ساخنة من اقصى وجدانها، ومن دون ان تبوح وتشتكي وتتنفس للحياة عما يجول في ذاتها وعالمها الخاص بها، انهم يريدونها للاسف جمادا او على الأقل انثى بلا وجدان واحاسيس. أغلبية الشعارات الشعبيات اليوم تتخفى خلف اسام مستعارة، كي يجنبن انفسهم الكثير من المشكلات الاجتماعية التي قد تواجهها من الزوج او الأب او الاخ والام، لذا ترى بعضهن يتعاطى الشعر، وكأنه شيء ممنوح يستجلب العار تعاطيه! وهنا امر يصعب تجرعه كثيرا، فأي شعور ذلك الذي يلجم ويكبل في داخلهن، وهو بالاصل لم يولد جامحا عاصفا يريد ان يحلق في الأفق الرحيب.
تعاني الشاعرة الشعبية كذلك مضايقة بعض العاملين في الصحافة الشعبية، الذين يستغلون مراكزهم الاعلامية لابتزازها والضغط عليها بسخف، وقلة وعي من اجل تحقيق ما يسعون اليه من امور تافهة، ولا اعلم لماذا ينظر هؤلاء للشاعرة الشعبية على انها مجرد لقمة لذيذة يسهل مضغها وأكلها؟! والى متى تستمر الاحداث الطويلة لمسلسل الخذلان التي يؤديها بعض العاملين في المطبوعات والصفحات التي تهتم بالشعر الشعبي؟ فكم واحد منهم خذل العديد منهن بسبب معاملته غير الطيبة لهن.
ومن المحزن ما تتلقاه الشاعرة الشعبية من اشاعات وتصريحات وكلام فارغ يدور حولها لا يزن في سوق العقلاء رأس بعوضة. الكاتبة حنان محمد في لقاء معها عبر احدى المطبوعات الشعبية الكويتية قالت بالحرف الواحد: «فالإباحية ولغة الجسد اصبحت هي عنوان الشاعرات وقد قلت في السابق ان اغلبية الشاعرات فتيات ليل»، اي كلام سخيف هذا؟ واي ظلم هذا؟ واي طعن هذا؟ وهل تمتلك الزميلة حنان محمد احصائية موثقة من اي جهة امنية حتى تصرح بان «أغلبية» الشاعرات فتيات ليل؟! وذكرت كذلك حنان محمد في اللقاء ذاته اسامي ثلاث من الشاعرات وصفتهن بالمسترجلات! ولو سلمنا جدلا بان وصفها هذا صحيح - رغم عدم صحته مطلقا - اي فائدة سنجنيها من هذا الكلام المؤلم الجارح في حق اخواتها وبنات جنسها؟
لا تقف معاناة الشاعرة الشعبية عند هذا الحد، بل قد تمتد الى ما هو ابعد واعمق من ذلك، حيث ان هناك ثمة مشكلات مختلفة تكمن بين الشاعرات انفسهن، وهذا من قبيل الغيرة او الحسد، او تدخل بعض شياطين الانس من المعدين بينهن عبر تقديم أسئلة تافهة لاحداهن لضرب الاخرى، او بسبب تلك الفبركات السخيفة التي يصنعها بعض الصحافيين في المجلات الشعبية.
الشاعرة الشعبية المبدعة لا تستحق منا الا ان نقف بصفها، ونأخذ بيدها مادامت تقدم احاسيسها الجميلة لنا بكل وعي وعمق، فهي بمنزلة زهرة النسرين التي يؤثر في اوراقها الرقيقة اي حدث بسيط داهما من أجل ذاك العطر الفواح الذي ادهش لحظته.

نشر في موقع روح:
http://roo7.net/index.php?news=84

نشر في جريدة الوسط - بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...768&pageId=110



.

.

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح


التعديل الأخير تم بواسطة حسين الراوي ; 07-24-2008 الساعة 02:03 AM.

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-24-2008, 01:58 AM   #3
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي




( مواقف وشعراء )

أجمل القصائد هي تلك التي تنبعث وليدة اللحظة، هي تلك التي يستفزها دافع قوي يجعلها تزفر في جوف شاعرها أبياتا تصطلي صدقا وعنفوانا، إذ ان الذي يجعل كفة ميزان قصائد الشعراء ترجح بالقبول والشهرة، ويجعلها تتداول من عهد الى عهد كموروث ادبي جميل، هو ذاك الألم الحقيقي الذي سال من وجدان صاحبه ابياتا يانعة، اعتلتها قطرات الندى بكل عذوبة ورقة.

الوقفة الأولى مع الشاعر عبدالله القريفة المطيري، إذ قال هذه القصيدة وهو عائد لتوه من رحلة سفر كانت شاقة، وسمع وهو يسير باتجاه اهله احدى فتيات القبيلة تدعى «نورة» تتحدث مع مجموعة من صديقاتها بكلام البنات الناعمات المترفات عن العشق والزواج والأمنيات الوردية، بينما كان هو في قمة التعب والنصب، وهم طلب الرزق، فأحدث هذا التضاد الكبير بين همومه وهموم «نورة» خروج هذه القصيدة:


هنيّ نورة ما شقت بالمعايير
ولا رافقت هجنٍ حفاها مشى دم

ولا وايقت قدامها بالشناطير
ولا همها صمع مضاريبها زم

وهنيّ لُمات البنيّ الغنادير
غير الهوى والعرس ما همهن هم

وأنا همومي من مناحى المناعير
ما أرضى بزود منه لو هو ولد عم

واصل عمري صلّه الدلو بالبير
وأورد الهيّاب والجمع ملتم

والله لا أسوق الهجن لو هن مقاصير
من يدي المجهود ما يلحقه ذم

ويا زين كسب المال وقت المخاضير
نومي على الاطراف ونخمهن خم

ما أزين تهاوى خلفها والمعاشير
يوم الردي مفلس ولا هوب يغنم

الوقفة الثانية مع الشاعر الفارس شيلويح العطاوي العتيبي، الذي استفزت قريحته احدى الفتيات التقى بها من غير سابق موعد، إذ عرفت عن طريق الصدفة انه هو بذاته الفارس الكريم شليويح العطاوي ذائع الصيت آنذاك، فلما رأت ان منظره لم يعجبها كثيرا، وانه لم يوافق ذلك الخيال الجميل الذي رسمته له في فكرها، أسرت له ببضع كلمات لم تعجبه، كانت تدل على رأيها السطحي في هذا الإنسان الشهم، فقال شيلويح العطاوي قصيدة أنتقي لكم منها هذه الأبيات:

يا بنت ياللي عن حوالي تسألين
وجهي غدت حامي السمايم بزينه

أسهر طوال الليل وأنت تنامين
وان طاح عنك غطاك تستلحفينه

أنا زهابي بالشهر قيس مدين
ما يشبعك يا بنت لو تلهمينه

الوقفة الثالثة مع الشاعر عيد بن مربح الرشيدي، الذي قال هذه القصيدة التي لا تحتاج مني الى مقدمة في شرح واقعها، إذ انها هي بنفسها تحكي واقعها لكم بكل صدق وشفافية:
يالمور خذ نمرة الخامس من اليمنا
تحتر تبرد ترا الاخلاق خربانه

والله لتندم وحنا ما تفاهمنا
مادام ميقوع ما عقبت قلبانه

ولا تشكي الظلم وحنا الوقت ظالمنا
دليل ظلمي تراك تشوف برهانه

البارحه مع ثلاث اوجاب ما نمنا
مكينتك تشتغل والعين سهرانه

ان ادبرت شدنا يرخي محازمنا
نروي بدلوٍ يضيّع ماه شقانه

وان اقبلت خصمنا يقضي لوازمنا
صداقته تستحل بيوت عدوانه

عز الله انا من الدنيا تعلمنا
درسٍ صعيبن على التلميذ نسيانه


مع هذه المواقف الجميلة الصادقة لما ذكرنا من بعض الشعراء،
أختم معكم لقاء هذا الأسبوع.

نشر في موقع روح:
http://roo7.net/index.php?news=92

نشر في جريدة الوسط - صفحة بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...768&pageId=110


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




.

.

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-24-2008, 02:17 AM   #4
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي






قراءة في أبيات ( شاعرة البنفسج ) نوف الميموني .

الحديث عن الشاعرة نوف الميموني حديث يورق في مدى أبعاده التوت والكرز ، ووجودها كشاعرة في هذا الوقت أعطى القصيدة النسائية شيء من الانتعاش وأشياء أُخرى جميلة مختلفة تقول لنا باختصار أن الشِعر النسائي لا يزال بخير . نوف الميموني لقصيدها بريق في حضوره وثقل في وجوده وقيمة حقيقية في زمن تكاثرت فيه اللا قيمة واللا شاعرية .في معظم أبيات نوف الميموني تجد أنها تكتب بمشاعر بسيطة جداً ، بعيدة عن إرغام الحرف على الدخول في عالم الصورة الشِعرية المتعسرة من أجل محاكاة بعض شعراء هذا الزمن . نوف تغمس مشاعرها في محبرة أحزانها وآلامها وآمالها وأحلامها ثم تكتب بها أروع ما يتلبسها في تلك اللحظات الوجدانية ، دون أن تلتفت لأي حسابات برستيجية في سوق القصيد ، فالأهم عندها أن تكتب شِيئاً صادقاً حقيقياً تتنفس من خلاله هواء الشِعر الطهور ، لأن الشِعر بالنسبة لها رئة ثانية تستخدمها عندما تشعر أن رئتها الأولى باتت لا تسعفها لأن تتنفس بشكل جيد . حاولت أن أنتقي لنوف الميموني بعض من أبياتها لقراءتها لكم ، فوجدت أن نوف تمتلك أرضاً خضراء شاسعة أينعت فيها العديد من الأبيات الجميلة كما أينعت زهور البنفسج في البساتين ، فانتقيت منها ما أتمنى أن يسركم .
لو يديني ارض وعيونـي سمـا || والله إن تنبت على يدي ّ قصايد
غرست نوف في هذا البيت الواحد ثلاثة أشياء ، هي: ( استعراض وتمني وثقة ) !فهي استعرضت بإيجاز وبشكل غير مباشر أن لديها قدرة وحنكة في كتابة الشِعر ، وتمنت في البيت ذاته بطموح المبدعة لو أن عيناها كانت بعلو السماء ويدها برحابة الأرض ! ، وبثقة جميلة وإيمانٍ بقدرات الذات أقسمت لثقتها في شاعريتها أن القصائد ستنبت على يدها جمالاً واخضراراً من خلال ما تكتبه من شِعر جزلٍ عذب يعجب القراء .
مو خطاي البعد وايضا ً مو خطاك || الخطا كله من اسباب الظـروف
تنذرف دمعة عيوني فـي لقـاك || ودها ترقد على ذيك الكفـوف
ايه انا لو شفتنـي كلـي معـاك || داخلي ضيقه من الفرقا وخـوف
في هذه الأبيات الثلاثة رسمت نوف مشهداً حزيناً بين عاشقين ، وجعلت هذا المشهد طاغياً بمشاعره الوجدانية وأحاسيسه التي كانت تنبض بالخوف من الفراق .في البيت الأول تبرر له ولنفسها أن الغياب الذي وقع لم يكن بفعلها أو بفعله ، بل كان مكتوباً عليهما رغماً عنهما ، ولا شك أنها في عجز البيت الأول كانت بنبرة خافته تلوم الظروف الصعبة التي أوجدت الفراق الذي كان بينهما .في البيت الثاني بيّنت نوف مدى فرحها الكبير عند لقاء محبوبها إلى حد خروج دموع الفرح من عيناها فرحاً في هذا اللقاء السعيد ، وأن دموعها تتمنى أن تغفو فوق كفوف محبوبها ، وهي ترمز بذلك في تمنيها لانتهاء معاناتها التي لا تستسيغ تجرّع مرّها في الفراق.في البيت الثالث تقول نوف لمحبوبها: رغم أنك الآن معي في هذه اللحظات ، ورغم أني معك في هذه اللحظات بكل مشاعري ، إلا أنني خائفة أن تُفرّق الأيام بيننا . وهذا شعور جميل لا يتلبس أي أحد ! ، يدل على عظمة هذا الحُب الصادق .
غربه وطن غربه مشاعر وأحاسيس || وين انت ياللي للمشاعر وطنهـا
في هذا البيت الرائع كثفت نوف منسوب مشاعر الشوق ، بشكل جعل البيت يسيل حنيناً لذلك الحبيب الذي غاب عنها . في صدر البيت شكَت من شعورها بالغربة بسبب غيابه عن عالمها الشخصي ، وأن أحاسيسها شاركتها كذلك وتضامنت معها في شعورها بالغربة لغياب محبوبها .
وفي عجز البيت صوّرت نوف مشاعرها بـ الطائر الذي يبحث عن مسكنه وراحته ، حيث جعلت من محبوبها وطناً تحط فيه مشاعرها وتستوطنه راحة وسكناً .
ما يشابـه هالسفـر إلا الـجـروح || يا جروح البُعـد قلبـي مسرحـك
امس اسولفلك عن اشواقي وآبوح || كنت افكر كيف أشوفك وألمحك
قلت لك إبـلا موادع لا تروح || لان السفر لآصار فجـأه يجرحـك
هنا ثلاثة أبيات فيها شفافية كبيرة بالمعنى والمفردة ، وهذا الذي تمتاز به نوف كثيراً .في صدر البيت الأول شبهة نوف السفر بالجروح ، وهي أرادت بذلك أن تعطينا مدى في المقارنة بين السفر والجروح ، حيث أنها رأت في أحيان معينة أن أجواء السفر تتطابق مع أجواء الجروح في الحزن والحيرة والشتات . وفي عجز البيت الأول تتكلم بكل تسليم وصعوبة تجربة أن جروح البعد دارت مشاهدها وأحداثها مرات كثيرة على مسرح قلبها . في البيت الثاني كانت نوف تتكلم بشكل غير مباشر عن تبدل أوضاعها من حال إلى حال ، وهنا حبكة جميلة وبسيطة صاغتها نوف في هذا البيت بعيداً عن الإسهاب وتعقيدات الصوّر الشِعرية .في البيت الثالث تطل نوف بنبرة حزينة سكنتها بحة العتب ، حيث كانت تعتب على محبوبها لأنه قرر أن يغيب فجأة دون أن يخبرها ، وهو بذلك فجعها بألم جرح الغياب الذي غرسه في داخلها .
ما انتثر دمعي على حب وغـرام || لكن انه إنتثر ذنـب وخضـوع
أسألك وعـداد ماهـل الغمـام || يا إلهي في سجـودي والركـوع
لا دنا موتي عسى مسك الختـام || أتشهد واذكر اسمك في خشـوع
في هذه الأبيات الثلاثة المنتقاة من إحدى قصائدها نأتي لجانب روحاني إيماني جميل عند نوف ، جمعت فيه من جهة الخضوع والانكسار والتذلل لله الواحد القهار ، ومن جانب آخر جمعت فيه الابتهال والعبودية والرجاء الخاشع .في البيت الأول تفسر نوف للقراء أن عيناها فاضت بالدمع ، لا لأجل شيء دنيوي حقير ، بل هو كان من أجل ذِكر الله تعالى وذكر شيء من تقصيرها في حق نفسها .في البيت الثاني وبلفته رمزية ذكية جميلة ، سألت نوف الله جل جلاله بعدد ما نزل المطر من الغمام ، وهنا نوف أرادت أن تقول: يا من غَشِيَ برحمته العالية الواسعة الكريمة كل شيء ، أرحمني وأغثني برحمتك . في البيت الثالث العظيم تمنت نوف على الله تعالى أن يثبتها عند دنو أجلها ، وأن يجعل آخر عهدها في هذه الدنيا الفانية ذكر الشهادة بكل إنابة وخشوع ورجاء . ونسأل الله تعالى أن يحقق لها ولنا ما تمنت . وهنا نصل لختام قراءتنا لأبيات (شاعرة البنفسج ) نوف الميموني .

نشر في موقع روح:
http://roo7.net/index.php?news=91

نشر في جريدة الوسط - بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...204&pageId=110


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




.

.

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-24-2008, 03:42 PM   #5
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي


( نظرية الذئب بين المشعان وابن فطيس )

كتب الشاعر خلف المشعان قصيدة جاء من ضمنها هذا البيت:
إيه الشجاعة تغلب الكثرة وانا اعطيك الدليل || الذيب يدرع بالغنم ولا يحسب حسابها
الشاعر خلف المشعان، من خلال هذا البيت، أقنع الكثير في نظريته الجديدة التي جاءت في الفكرة التي احتواها ذلك البيت، وهي أن العدد مهما كثر لن يغلب الشجاعة، ان كانت هذه الشجاعة شجاعة حقيقية، وهو بذلك اراد ان يوصل لكثير من الجمهور ان ذلك المثل الذي يقول ان: «الكثرة تغلب الشجاعة» هو مثل يحمل نظرية خاطئة تماما، وذلك عن طريق اصراره واقتناعه المطلق عندما قال في صدر البيت ذاته: «إيه الشجاعة تغلب الكثرة وانا اعطيك الدليل»، فهو من خلال هذا الشطر جاء بكلمة «إيه» و«دليل»، وهاتان كلمتان أتى بهما خلف المشعان ليوضح بهما مدى اقتناعه الشخصي الأكيد بنظريته الجديدة في بيته المذكور، وكذلك من أجل أن يبيّن عدم اقتناعه بذلك المثل القديم، الشاعر خلف المشعان يجزم بأن الشجاعة الحقيقية تغلب كثرة العدد من دون النظر إلى تكافؤ النوع، وهو يوضح ذلك «بالمفرد» الشجاع الذي رمز له بالذئب، وكثرة العدد التي رمز لها «بجمع» الغنم، اي ان نظريته ترى ان الشجاعة الحقيقية دائما تغلب العدد ولو كان النوع مختلف غير متشابه.

وكتب الشاعر محمد بن فطيس قصيدة جاء من ضمنها هذا البيت:
الذيب كانه ذيب يدرع فالذياب || يخلي الخرفان للضبع العويق
هذا البيت لم يكن بيتا من الشعر فقط، بل ايضا كان مطرقة ضخمة قوية هشمت نظرية الشاعر خلف المشعان التي جاءت في بيته الذي ذكرناه آنفا، الشاعر ابن فطيس هز أكتاف الكثير ببيته وصحصحهم، من اولئك الذين اقتنعوا بأن الشجاعة تغلب الكثرة من دون الالتفات إلى تكافؤ النوع!. جاء الشاعر ابن فطيس ليهمس في أذن زميله الشاعر خلف المشعان بأن الذئب إن كان ذئبا حقيقيا ويتحلى بالشجاعة الكاملة، فعليه الا يهجم على غنم هي بطبيعتها ضعيفة وأليفة، بل عليه ان يتجه لنوع مثل نوعه من «الذئاب» المفترسة غير الأليفة، كي يعرف قيمته الحقيقية، اي ان الشاعر ابن فطيس يعارض نظرية زميله الشاعر خلف المشعان، حيث انه يرى ان «ذئب» خلف المشعان لا يحق له ان يفتخر بشجاعته امام مجموعة من الخرفان، بل عليه ان يفتخر عندما يكون نده وخصمه من جنسه نفسه من الذئاب لتكافؤها النوعي.

في الحقيقة نظرية «ذئب» الشاعر خلف المشعان نقطة تحسب لمصلحته في مجال الشعر، لأنه أثار عبر هذه النظرية جدلا كبيرا حول صحتها من خلافه، أضف إلى هذا أن خلف المشعان استطاع ان يدخل نظريته هذه بكل اقتناع أو شبه اقتناع في رؤوس بعض الذين هم ليسوا من جماهيره، لكن الشاعر ابن فطيس نسف «نظرية الذئب» عند خلف المشعان بكل هدوء وثقة، لأن القوي قوي والضعيف ضعيف، ولا يحق لنا أن نساوي أو نقارن القوي فطريا بالضعيف فطريا من حيث الشجاعة، ولاسيما ان كان هذا القوي جُبل على الشراسة والصيد والجسارة، في حين جُبل ذلك الضعيف على الرعاية والضعف والخوف.


نشر في جريدة الوسط- صفحة بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...972&pageId=110
نشر في موقع ( روح )
http://roo7.net/index.php?news=93

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح


التعديل الأخير تم بواسطة حسين الراوي ; 07-24-2008 الساعة 03:49 PM.

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:13 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.