نصوص الحلم :: أغْنِيَةُ الحُبّ ::

[سمية عبد الله]

هائم على وجهك لا تدري أي جهة تريد ، تبدو كالمجنون.. من بعيد رأيت خيالا ساحرا يتحرك بسكون ملائكي ، بدأ يصعد نحو السماء ، ركضت تتبعه ولكنه اختفى.. يمر جواد أبيض تمتطيه لتلحق به ..تقع متأوها وضاحكا من شدة الألم.. حمام يطير ويحوم فوقك..
يا سيد ، هل أنت مريض؟
فتحت عينيك ثم عدت لتغفو.. تلحفت بأوراق شجر خريفية ، تطايرت بعد حين، عبق سوسني يريح أفكارك وأعاصير همومك.. نافذة مفتوحة ينسل منها نسيم لطيف كأنه خزامى بل ياسمين ، على الجانب الآخر تقف طفلة تلبس الأبيض ، نظرت إليها انتشلتك من قعر الأحزان.. لملمَت ثنايا الوجود في ابتسامة زرعتها على ثغر الحياة.
نهضت .. جريت وقفزت من النافذة ليتحول كل شيء إلى السواد
ها أنا ذا أسقط .. لا أدري إلى أين.. ربما جهنم .. لازلت.. متى سأصل؟؟
أنا الآن في أرض فراغ كل شيء أسود ، من بعيد لاح لي ثقب ينبعث منه طيف ليلي ، اقتربت منه أدخلت يدي ليمر جسدي بالكامل من خلاله.. روضة شعرت فيها بدفئ الشوق .. تغريد المشاعر يتعالى ، الفضاء صافٍ والأفلاك تدور والكواكب ترقص طربا ، تمايلت كثمل شرب خمر الظلال الربيعية حتى ما عاد يقوى على الحراك.
هذا الوجود مبهم .. غريب ، تلوح هناك صور محفورة في دفتر الحكايا الأسطورية تسبح في قلب السحاب ، وأنا أجدف برجلي في قارب بدأ يحبو في أحضان الدموع.
أفقتَ لتعرف بأنك كنت غارقا في فصول الحياة .. لازمتك هذه الصورة : كراسٍ وطاولات وأناس عج المكان بهم حتى بدؤوا يقعون وهم يتعلقون بالمكان ، وفي الزاوية نفس الطفلة الملاك تتنقل من زاوية إلى ركن ، تتوهج وتخبو، صوت أنفاس تداهم صمت الظلام ، تلفــتَّ لا أحد ، بحثت هنا وهناك بين الطاولات وتحت الكراسي ، والصوت يعاود الظهور
من؟ من تكون؟
قهقهة تسمعها تدق جذورها في أذنك.. ستنصب خيمة في فنن أطيافك
آه.. ما عدت أحتمل
حسنا.. أنا أغنية الحب – قالتها بخبث باهر وانسحبت بهدوء كما تفعل الساحرات-
على الأرض ناي اقتربت منه لتمسكه وتعزف به نبضا خرافيا هو ذات الأغنية ، تخيلت نفسك راعٍ يغني لغنيماته في المرعى ، لا بل رسام ترسم العشق وشذرات الحنين بألوان لطخت بها جدران العالم النائم الباكي .. عدت حيث الطاولات والكراسي والناس ، رائحة القهوة تعطر حنايا الهدوء ولا قهوة ، انقباض ينتابك، أصابعك ترتجف ، على الجدار المقابل ارتسمت عيون حمراء تهجم عليك تريد أكلك ، تهرب وتتسلق خيطا ضوئيا انقطع لتسقط في....
أشتم هواءا حارقا ـ تابعتَ الخطى لتصطدم بعموم الفراغ ، على الأرصفة عجائز بوجوه متهشمة وأطفال بوجوه حريرية ، وأنت تتبع ذاك الخيال ، خيال الطفلة الملاك .. تظهر وتختفي
تعبت.. سئمت ، لا جدوى حتما هذه ساحرة
ضحكاتها البريئة تهيم في المدى الأزلي ، ولا زلت تسمع الأغنية
سأجن - بدأت تضرب رأسك بيدك في حركة هسترية - توقفــي أيتها الملعونة توقفي .. أوقفوها ساحرة شريرة
انقطع الصوت .. انشحنت بالفوضى والبكاء العارم , بدأت تدور وتدور ، لفحتك شمس الظهيرة وها أنت تعود لنفس المكان .. ترى عجوزا يجلس على أجنحة الزمان وبجانبه سدرة عملاقة ، استأذنته بأنك تريد النوم تحتها ، سدد نظراته إليك كالسهام ، تفحص شكلك ومنظرك الرث ، وأماء برأسه بالموافقة,,
نمت مع همس القمر وكلام السكون.. لتفيق بعد برهة .. تجري وتجري.. ارتجاجات في أعماق روحك
عد أيها المجنون.. ارجع
تتغاضى ولا تأبه.. تجري وتجري
هيا يا صغيري تعال
أغنية الحب تناديك

2003م