سمعت مبكراً عن شاعرية علوان، و كانت سمعة هذه الشاعرية كبيرة جداً لحد أن صديقاً أثق بحديثه قارنه بـ أحلام مستغانمي و أرجح كفته على كفتها.
لم تتح لي فرصة قراءة علوان إلا هذه الأيام، و كان له الفضل في تحفيزي لمشاهدة فيلم رائع " بمقاييسي " كنت قد شاهدته منذ زمن بعيد و هو فيلم / sweet november
قرأت الرواية و استمتعتُ بها فهي نصُ ناضج إملائياً و نحوياً و الفضل مقسمٌ بين علوان و بين الناشر، أعني فضل شكل النص الخارجي، و لكن !!
لكني في نهاية الرواية استأتُ جداً، استأتُ بشكل سيء، لماذا يا علوان كانت النهاية هرولة بهذا الشكل، و باهتة أيضاً
هرول بنا علوان عندما أخذ يسرد الأحداث و يحل العقد بطريقة سريعة مريبة و كأنه فقط يريد أن ينهي النص، و يلحق على " صكة البلوت " في أحد بيوت أصدقائه!
و ما قبل الهرولة كانت مشاعر مبتذلة من الشاعر علوان! فتوسله لها بأن تخبره أين ستكون و على أي شكل سيحضر ملاكه الذي مات، على أي شكل في هذه الحياة سيبقى الملاك قريباً منه!
كنتُ أتحدث في داخلي هكذا لـ علوان :
- لماذا يا علوان تبني الإهرامات، ثم تنسى أن تضع لنا سلماً لنصعد فوقها و نرى من نفس المكان الذي اعتليته و شاهدت منه، لماذا يا علوان تبني الإهرامات و تغرينا بأنها إهرامات ذات دهاليز في الداخل، ثم تنسى أن تشق لنا في جدار الهرم باباً لندخل منه إلى داخل مبناك الأسطوري و نتوه قليلاً في دهاليزه.
و ستسألون عن أي هرمٍ أتحدث بالتأكيد!
محمد حسن علوان أنشأ ميداناً فلسفياً في روايته، فـ صوفيا مريضة بالسرطان و هي تحتضر، و سيعيش بطل الرواية " الآخر " و اسمه معتز معها في شقة تشرف على البحر في العاصمة اللبنانية بيروت.
أي كشفٍ هذا يا علوان، و الله أبدعت - قلتها في نفسي بل صرختها - ، و لكنك أنشأت الميدان و حسب! و رحت يا علوان تتحدث عن سلوك السعوديين إذا قدموا إلى بيروت و عن حال مطلقة معتز التي يعاملها المجتمع كمنديل إذا استُخدِم مرة فلن يعود بعدها صالحاً للإستخدام، بأسلوب صحفي، و رحت تتحدث عن الملل و تُفلسفه!! و تفرَغ طاقتك الشعرية فيه!
و تركت صرحك مهملاً، أحضرت الموت لنا و كان بوسعك النيل منه في روايتك كان بوسعك الحديث معه على الأقل و لكنك لم تفعل!!
لماذا يا علوان تنشئ هذا الجمال ثم تتعفف عن التجمل به، لماذا تصمم هذه البيئة الخصبة للتفلسف ثم لا تتفلسف!
ذهبتُ بعيداً في تأنيب علوان داخلي - طبعاً - و في زحمة أفكاري، طفا سيناريو فيلمٍ قديم، فيلم كأنه رواية صوفيا!!
فيلم / sweet november
يالله! يخلق من الشبه أربعين! فتأملوا هذا الشبه:
رواية صوفيا /
البطل ميسور الحال في الثلاثينيات من عمره، ملول جداً يحيى بالتغيير، تزوج لثلاث سنوات و لكن زوجته لم تعد تتغير و تتجدد فطلقها، تعرف من خلال الانترنت على " صوفيا " الفتاة العذراء اللبنانية، و عرف لاحقاً أنها مصابة بالسرطان، هذه الفتاة التي أخبرها الدكتور / سعيد صفير بأن موتها وشيك و لم يتبقى على حضوره سوى أسابيع، تطور علاقتها بـ " معتز " فتهاتفه، و بعد زمن تدعوه لزيارتها في بيروت.
لم يحبا بعضهما، و لكنها على وشك أن تموت، هي مسيحية بالمناسبة، تطلب منه أن يقيم معها في شقتها إلى أن تموت، على أن تمنحه نفسها، هكذا كان " الإلتزام " و " العهد " الذي اتفقا عليه، إلى أن تموت.
فيلم نوفمبر الحلو :
ويلسون موظف دعاية و إعلان، لديه صديقه، و شقة فارهة، هو أهم موظف في الشركة التي يعمل بها، الابن المدلل لهذه الشركة، يذهب لإجراء اختبار تجديد رخصة القيادة، و هناك لم يستطع الإجابة على الإسئلة فغش من : سارا، مما أدى إلى طرد سارا من قاعة الإختبار، انتظرته في المواقف، و صارت بعد ذلك تزعجه بطلبها منه أن يوصلها لأنه تسبب في حرمانها من تجديد رخصتها.
يطول إزعاجها له و ينتهي بهما الحال إلأى أن تطلب منه الإقامة معها في شقتها لمدة شهر واحد ينسى خلاله العالم، يرفض هو ذلك، و لكنه يتورط في مشكلة في عمله مع أحد أهم عملاء شركته،الأمر الذي جعل مديره يطلب منه أن يأخذ إجازة، و لكن ويلسون يتمادى في زهوه بنفسه، فيفصله مديره، في نفس الليلة تهجره صديقته، و في نفس الليلة أيضاً تتمادى / سارا في إزعاجها له، و هنا يذهب إلى شقتها ليوبخها، و لكنها بكل برود تعيد طرح العرض عليه مرة أخرى، فيوافق و هو يقول في نفسه لـ ليلة واحدة فقط، و لكنه يعيش معها طويلاً، و يكتشف في النهاية أنها مريضة بالسرطان.
هذا سيناريو صوفيا و هذه حبكة الفيلم، عفوا العكس : هذه حبكة صوفيا، و هذا سيناريو الفيلم.
غريبة جداً !
من سرق من ؟ الفيلم الذي عُرض في 2001 أم الرواية التي نُشرت في 2004
أم أنه مجرد تخاطر، و يا له من تخاطر !!
بقي أن أقول أن لي ملاحظة على شاعرية علوان!
حيث قال : نظرت إلى رقبتها شاسعة البياض !
هل يصح استخدام " شاسعة " التي تتعاطى مع المساحات، لوصف اللون و مدى سطوعه أو خفوته ؟
لا أدري هل يصح ذلك فنقول عنه شعر، أم لا. و لكن الحداثة جعلت في الأمر سعة.
الغريب أن علوان أنهى روايته في /
نوفمبر 2004
هكذا كتب في نهاية الرواية /
الرياض، نوفمبر 2004
شكراً لك علوان فقد جعلتني أِاهد فيلماً قديما أحببته!