ذلك الرجل - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-20-2011, 02:27 AM   #1
محمد الكحلاني
( كاتب ومصمم )

الصورة الرمزية محمد الكحلاني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

محمد الكحلاني غير متواجد حاليا

افتراضي ذلك الرجل



ذلك الرجل
- أجبني ، لماذا رحلت !؟

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ذات صباح ، خرج من المنزل في عجلة من أمره ، يلقي بأي شيء يعترض طريقه ، حدثٌ طارئ ؟ . . ربما ، أنفاس تتسارع ونبض يعلو، هكذا هي أنفاسنا عندما نهرع ، توترها الشرايين والنبضات ، فتعيش قلقاً يشابه قلق الأم وخوفها على فلذة كبدها ، في يده اليمنى ملفٌ أخضر اللون لا يفارقه ، يحوي العديد من الأوراق الهامة ، وفي يساره مفاتيح عتيقة ، تلك التي اعتادت أن تصدر أنغاماً تُجاري نشيد شاعر مفعم بالغناء، ينشد في كل يوم قصيدة لا تتكرر.


في حركته العجلة جاذبية تلفت انتباه نظرات التأمل ، ولكنها لم تعد تثير جيرانه ، لقد اعتادوا على صخب إيقاع أيامه ، باب غرفته ، ونافذته ، ومكتبته ، جميعها تكيفت مع نمط حياته كما تكيفت كل الجمادات من حوله ، يقترب من النافذة فترتعش إيذانا بانفتاحها ليومه ، يغلقها فتتشبث بأطراف المكان ، لباب حجرته صرير تحفظه الجدران ، ولمكتبته مزيج من عبق الأوراق والكتب ومشاعر مدفونة في كل صفحة ، وبصمات من الود في كل تذكار نقشه على مقدمة كتاب ، الذكرى لمكتبته كالفوضى المنظمة التي يعشقها ، لكل كتاب رائحة ، ولكل صفحة إحساس يميزه انعكاس ضوئها في عينيه.


- أنا في طريقي إليك.
خطوة مترددة . . تتبعها خطوة ، يومه هذا مختلف ، هناك ما ينقصه ، تفحص ثيابه وملفه ،" لا ينقصني شيء " ، تقدم بحذر وروحه متوقفة عند باب منزله ، فزعة ، ينقصها إحساس قديم ، تحدق بخطواته المرتبكة ، تتفحص المكان وألوان الجدران ، صوت الباب ، رائحة الطريق ، مختلفة هي دنياه ، اقترب من سيارته التي أوقفها على الضفة الأخرى من الطريق ، وضع الملف على سطحها والتفت ، تأمل باب منزله وظل يفكر: " ما هذا الشعور الغريب!؟ " ، اعتلى بطرفه إلى نافذة حجرته ، رأى مكتبته وهي تحدق باتجاهه ، سمع ندائها أسطراً تتابعت في عينيه فتبسم: " أعشق غوايتك " ، اخفض رأسه ونظر إلى كفه الأيسر ، يده فارغة ، لقد نسي المفاتيح في الداخل ، هم بالعودة وملامح الكآبة تحاصر صباحه المختلف ، " يا إلهي! نسيت أن أوقظ أمي لصلاة الفجر! " ، غص بعبرة لم يعش مثلها منذ الصغر ، ارجع بصره إلى نافذة السيارة وإذا بدمعة عتاب ذاته والندم تسقط بحرارة على وجنته ، لم يشعر بها ، فالحزن ينمو بين أضلعه ويحرق كل بهاء بداخلها ، التفت وبدأت خطاه الآسية تدفعه باتجاه المنزل.


- لاااا !!
سمعها بخوف وفزع ، من قالها !؟ ، أتت في لحظة ، ومن كل الاتجاهات ، لا يقدر على تمييز مصدرها ، ومع سقوط دمعته الثانية على طريق منزله المعبد بالسواد ، سقط كتاب عتيق من على رف مكتبته التي تنظر إليه من نافذة حجرته المصدومة ، تطايرت أوراقه في السماء ، وارتفع صوت مكابح سيارة طائشة دهست كل ما كان طاهراً ، أردته صريعاً على ذات الطريق الذي اعتاد على ابتساماته وخطواته الآسرة ، أردته معطراً بدمائه ، أخذته وقد لف الحزن أشجار الطريق التي حاولت أن تحتضن بأغصانها أوراقه البيضاء المتطايرة ، لعلها تتنفس رائحة الحياة التي يبثها في كل مكان هو فيه . . ولو للمرة الأخيرة !


- هل أنت على ما يرام؟
- يا الله ! يا الله ! يا . . .
توقف الوقت ، وسلم الجسد آخر نبضه إلى القدر ، ظل قائد السيارة التي دهسته يحرك الجسد في محاولة لإعادته إلى الحياة، "أنا آسف . . أنا آسف . . . أرجوك" ، أخذ يكررها والرعب يسيطر على عينيه كلما نظر إلى الجثمان ، تلفت إلى المكان من حوله ، أحس بآهات حزينة تصدرها الرياح ونظرات حزن غاضبة تلعنه في كل شيء! قام مسرعاً باتجاه المنزل ، رفع يده إلى الجرس ، فإذا بها ترتجف كرجفة قلبه ، اقتربت يده أكثر ، فشهق شهقة أعادت رائحة الموت في تفاصيل الحادث إلى حواسه ، وكأنه يعيشه مرة أخرى ، يحاول تغيير الحال ، فلا يقدر ، ألتفت والحزن يمزق فؤاده ، اتجه إلى سيارته .. ورحل!


صباح الرحيل الموجع ، غيّر الزمان والمنزل والجيران ، كست الأحزان حجرته المليئة بالغياب ، وفي كل زاوية تنوح الجدران ، سكن الباب ، وتلاشت رائحة الأوراق من مكتبته التي تبدل تأملها للطريق من على النافذة إلى جرح يتكرر كل صباح ، جمدت الحياة في حجرته إلا من قلب ينزف وحيداً ، اتخذها مسكنه منذ فجيعته ، يتأمل فراشه ، ويحتضن ثيابه:

- " حبيبي . . لقد استيقظت وصليت فرضي قبل أن تغادر المنزل . . وتتركني وحدي ، بني . . خرجت بروحي فخذني إليها . . أخذت قلبي ومزقته فلا تعيده ، لا أريد البقاء هنا وإن عدت إلي . . أجبني ، لماذا رحلت !؟ إذاً لنرحل معاً يا بني . . لن يتلاشى هذا الحزن وإن احتضنتك تسعة أشهر أخرى . . لنرحل معاً"


محمد الكحلاني

 

التوقيع

محمد الكحلاني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-28-2011, 04:59 AM   #2
حياه
( كاتبة )

الصورة الرمزية حياه

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

حياه سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي


..


قصة مؤثرة يا الكحلاني محمد
بدأت بسرد أدق التفاصيل التي جعلتني أبحث عن قلقه و عن ارتباكته الصباحية
التي يتبعها ظل موت .
جميلة النهاية بصوت بكاء الأم

سعيدة بالقراءة
شكرا لك .

 

التوقيع

:


حَسبُنَا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى الله راغبون .

حياه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-03-2011, 12:57 PM   #3
محمد الكحلاني
( كاتب ومصمم )

الصورة الرمزية محمد الكحلاني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

محمد الكحلاني غير متواجد حاليا

افتراضي



حياه

شكراً لطيفكِ الذي أنار المكان
كل عام وأنتِ بخير

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

محمد الكحلاني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.