إعدام مستشفى حكومي - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
حلمٌ تذكَّر أنه مات! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          سوء أدب!.. ميكروفونك صامت‼️ (الكاتـب : رشا عرابي - مشاركات : 51 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 599 - )           »          أطيافُ الحبرِ والغياب! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 246 - )           »          غُصْن بُرغَندِيّ _ مُجرّد رَأي (الكاتـب : عَلاَمَ - مشاركات : 27 - )           »          أَعـتَــرِف .! (الكاتـب : سُرَى - آخر مشاركة : يوسف الذيابي - مشاركات : 59 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : يوسف الذيابي - مشاركات : 75393 - )           »          في حضن النعمة: تأملات أنثوية في الضوء والسكينة (الكاتـب : وهم - مشاركات : 7 - )           »          (( شهد .. للحديث بقية ..)) (الكاتـب : زايد الشليمي - آخر مشاركة : خالد صالح الحربي - مشاركات : 2 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-31-2009, 12:54 PM   #1
محمد العبدالعزيز العرفج
( شاعر وإعلامي )

الصورة الرمزية محمد العبدالعزيز العرفج

 






 

 مواضيع العضو
 
0 إعدام مستشفى حكومي

معدل تقييم المستوى: 0

محمد العبدالعزيز العرفج غير متواجد حاليا

افتراضي إعدام مستشفى حكومي


رأى بنظره الضعيف دفتي الباب مفتوحتين أمامه، دخل بينهما تتقدمه عصاه بعد أن جاء من الريف بملابسه الرثة تاركا الكهرباء مقطوعة ليدفع تكاليف علاجه لأمراض الشيخوخة التي وافته بعد تسعين عاما قضاها فقيرا!!.

لاحت له موتة ابنه الخمسيني بمرض سرطان الدم بعدما كان يخدمه:

- آه.. ليت ابني تزوج ليخدمني ابناؤه!.

قالها الشيخ بنشيج.. وهو يلفت رأسه المغطى بشعر أصلع إلا من بعض النتف البيضاء، بعدما تعدى الباب، ليسمع صوت صراخ من غرفة على يساره، فالتفت فإذا بسقيم قد سقط في المستشفى مغميا عليه وتنكسر يده الأخرى، حيث إن إحدى يديه مجبرة، فلا يقوى على النهوض، مثل الطير الكسير!.

- لا حول ولا قوة إلا بالله!

قالها الشيخ بتأوه.. ماشيا تخطو عصاه أمامه، ومهللا ومنزلا رأسه ليستوي مع ظهره راكعا في وقار، ليرى شخصا آخر ملقى على الأرض يزحف ويتقيأ طشَّات من الدم على جدار المستشفى!.

تجاهله الشيخ.. وهو يساوي رأسه للأمام ومقدما عصاه خطوة كذلك ليتبعها، ومنزلا رأسه أشد من إنزاله الأول.

مرت عليه الأحداث سريعا، وهو يعرف أن مقصده قريب للآخرين بعيد عنه، فكلما رأى مشهدا ثقلت خطاه أكثر، وغلظت عصاه أكثر، وصارت ثقيلة حتى على يده التي جفت فيها العروق، وبانت من آثار السنين الطوال.

بقي القليل من وصوله الصيدلية فسمع شخصا ثالثا بالغرفة اليسرى يقول:

- قتلتموني!.. قتلتموني!.

أطرق الشيخ برأسه، وأسرع بخطاه نحو الصيدلية، فمر من أمامه رجل معه طفل صغير جدا حديث عهد بولادة، ويصيح:

أنجدوني!! إنني لا أملك المال.. إنها حالة إنسانية!!.

وقف الشيخ قليلا لينظر إلى المشهد، فرأى الأب في حالة يرثى لها من التعب والإعياء والخوف والرعب على طفله، وكيف أن الأطباء يصرفونه من طبيب إلى آخر، حتى رأى الرجل ابنه أخيرا فجلس على أرضية المستشفى والناس يتجمعون حوله ويتأوهون، كان الرجل يصيح باكيا:

- لقد مات! لقد مات!!.

حث الشيخ خطاه، ونزلت دمعتان من عينيه، لقد تذكر ابنه الذي مات، وكيف أنه صرخ بالجيران مناديا على ابنه الذي مات!.

وصل الشيخ إلى صيدلية المستشفى طالبا بعض الأدوية من الصيدلي، وفي نفسه أن يسرع خطاه برجوعه كي لاتتكرر عليه المشاهد المباشرة التي رآها وسمعها، كيلا يزداد ضيقه أكثر.

دفع الرجل كل ما كان في حوزته، بعد أن طلب العلاج، وبمجرد أخذه للكيس الذي يوجد بداخله بعض الأدوية الزجاجية انقطع طرف كيس العلاج السفلي فسقطت الأدوية الزجاجية المحقونة على الأرض فورا وتكسرت!.

رأى الصيدلي ذلك المشهد ولم يبال، فناداه الشيخ، ولم يرد الصيدلي حتى أدخل الشيخ نصف رأسه المتيبس في فتحة الشباك الصغير ذاكرا للصيدلي أن كيسهم الرقيق الشفاف تسبب في سقوط الأدوية.

طلب منه الصيدلي أن يعطيه نقودا أخرى لكي يصرف له أدوية أخرى!! فذكر الشيخ أنه لايملك شيئا من المال وأنه أعطاه جميع ما يملك، وقد قام بجمع ذلك المال لدرجة أنه لم يسدد فاتورة الكهرباء، ثم قال الشيخ برجاء.

- أنجدوني!! إنني لا أملك المال.. إنها حالة إنسانية!!.

فتمتم الصيدلي إنه لايستطيع إعطاءه الأدوية دون المبلغ المطلوب، وإنه كان بإمكانه أن يحتضن الأدوية بيديه، وكان ينبغي له ألا يحملها بالكيس الذي أعطاه إياه، وكأنه يتسوق!!.

علم الشيخ أنه لا حول له ولا قوة من أخذ أدوية له عوضا عن الأدوية التي تكسرت تحت قدميه، فوطأ على الزجاج الحاد برجليه النحيلتين دون مبالاة، حينها سالت دماؤه من قدميه،وصار يردد عاليا وهو يمشي:

- قتلتموني! قتلتموني!.

حين وصل إلى باب المستشفى المؤدي إلى الخارج وقف بين دفتيه لحظة، ثم رفع رأسه عاليا، واستوى رأسه مع عجزه، حتى يخيل لرائيه من بعيد أنه فتى عشريني!.

مد الشيخ عصاه الغليظة مشيرا للسماء وتمتم بكلمات سريعة وغير مفهومة، وفجأة خارت قواه وانهارت، فسقط جسمه على الأرض سقطة قوية تكسرت لها كثير من عظامه، وتردد صداها في بهو المستشفى الحكومي، ثم ركض إليه رجل بدين يتفحصه فصاح بالناس: لقد مات! لقد مات!!.

 

محمد العبدالعزيز العرفج غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:22 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.