
:
:
:
:
هل لي في الإصباح أن ابتسم ؟ هل لي أن استنشق العليل المعتل بالإنعاش ؟ هل لي أن ارسم السحاب على هيئة البشر ؟ هل لي أن ابصر الشمس في ذلك الأمد ؟ هل لي شعور ما أهداني إياه نسيم الربيع ؟ وشمّه المنعش الفريد !
أين كنت فيما مضى من أيام ؟ أين الفلك الذي سبح فيه الفكر ؟ أين مكمن الإشباع لجوع الشجن ؟ أين التلمذة على يد الشعر ؟ وذلك الكتاب ؟ والصوت المسموع وما تركه من أثر !!!
تلك العبارات كانت تدور في أفلاك شتى ، فلك في اليمن ، وفلك في الشام ، تتبادل الأدوار بأن تدور دائرة مدارية الحزن ، تجتمع وتتحد ، وتنفكُّ عن بعضها فلا تتفق ، تستسقي المطر ، تطلب الغوث ، لاعتقادها ، بأن أرضي الجدباء تلتصق بها الرمضاء ، تتخللها شقوق الأخاديد الممتدة ، تتسامج حتى تخرج ما في باطنها من حَمَاوَة وأُوَام ، وحينما صعدتُ سماءًا ادركت هذا ، شاهدتها عن بعد كعجوز اكتسحها العمر وعرّاها من الجمال والوسن .
هل لي أن أقول شيئًا قد زج به الفؤاد سجن الألم ...
سأخلي سبيله إذن لكي يتسربل حلّة جديدة ابصرها جيّدًا كالأمل ..
أمل ، أهو اسم يتردد علي كثيرًا ، اقرأهُ ولا أدّكر ، افهمه بلا فهم ، احتضنه جيدًا كي أنسيه ذاك المعتقل ، الذي أضناه وحوّره إلى متمرّد ، يهلك من يبصره أمامي بلا خجل أو تمعن في ضرر ، يتخبط فيه غدًا يجعله ذلك الثمل ، إن النتاج منه أشعرني بالندم ، مجّني كما يمج الماء الآسن ، ويح هذا وويح تلك النفس الضجرة التي تؤمن بالعلّة ، ولا تؤمن بأن العسر قد يمحوه اليسر .
يا صباحي الآخر ، قد زرتني ، فأهديتني الأريج والياسمين ، وأرشدتني أنْ استنشق ذلك كل ساعة وساعة ؛ حتى يحيي أضلع محطمة كالرميم داخل روحي الممزقة بزوابع الوهن .
آل علي