ليس الآن.. (رواية) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 609 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : عبدالكريم العنزي - مشاركات : 3921 - )           »          نصوص بلا أجنحة ..🪽🪽 (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 15 - )           »          في حضن النعمة: تأملات أنثوية في الضوء والسكينة (الكاتـب : وهم - مشاركات : 10 - )           »          مأوى الأحلام. (الكاتـب : آية الرفاعي - مشاركات : 123 - )           »          مخطوطة الحلم والنار ... (الكاتـب : بسام الفليّح - آخر مشاركة : نادية المرزوقي - مشاركات : 1 - )           »          وكأنّي لم أرحل. (الكاتـب : عُمق - آخر مشاركة : جهاد غريب - مشاركات : 6 - )           »          اعترافاتٌ تُكتَبُ بِنارِ الرُّوحِ وقَبضَةِ القَمَرِ! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 2 - )           »          حين اختار القلب أن يصمت! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          جُب حظي (الكاتـب : غازي بن عالي - آخر مشاركة : نادية المرزوقي - مشاركات : 1 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-25-2018, 09:58 AM   #1
عمرو مصطفى
( كاتب )

افتراضي


(1)
في مكان ما بشرق المدينة فتح يسرم عينيه ليجد نفسه في قفص حديدي داخل غرفة لها باب واحد ونافذة واحدة يتسرب منها ضوء القمر.. الغرفة تبدو كمخزن قديم تم إعداده لينزل فيه سجيناً..
قفز ناحية باب القفص وضرب رأسه به عدة مرات وهو يعوي كالذئاب..
بعد قليل انفتح الباب ودخل منه جلال ومعه نفر من رجال السلطة
لم يكد يسرم يلمحهم حتى أطلق فحيحاً غاضباً:
ـ أنا جائع..
نظر إليه جلال بلا مبالاة قائلاً :
ـ القائد جاء بنفسه ليقابلك..
تقلص وجه يسرم وهو يتذكر وجه نادر ذلك الشباب الذي ظهر فجأة
وقلب الأمور رأساً على عقب..
ـ أنا جائع يا حمقى.. ألا تفهمون..
هنا برز نادر وخلفه العوادلي فتراجع يسرم وانكمش في ركن القفص.. تساءل نادر :
ـ ألم تطعموه..؟
قال جلال :
ـ طعامنا لا يعجبه.. إنه يريد دماء..
التفت نادر إلى يسرم.. ثم اقترب من القفص..
ـ أيها القائد..
شعر بكف جلال المضطربة تحول بينه وبين التقدم لكنه ردها برفق
مطمئنا إياه.. ثم واصل الاقتراب حتى لامس وجهه القفص الحديدي وهو ينظر ليسرم في ثبات..
ـ هذه معاملة غيـ..غير أدمية بالمرة..
هذه كانت من العوادلي طبعاً.. التفت إليه جلال محنقاً فتراجع قائلاً :
ـ لابد أن نحرص على سمعتنا أمام الشعوب الأخرى.
قال نادر دون أن يرفع عينيه عن يسرم :
ـ هذا السجن أفضل بكثير من باطن الأرض حيث جاء يا دكتور..
هنا وثب يسرم واقفاً في منتصف القفص وصاح :
ـ أريد طعام يا حمقى.. ألا تفهمون..
رفع العوادلي سبابته قائلاً :
ـ هذا حـ.. حق من حقوق الإنسان..
كور جلال قبضته وبدا وكأنه موشك على الفتك بالعوادلي.. ثم أكبح جماح نفسه و قال في غيظ :
ـ إن كان شرب الدماء الإنسانية حق من حقوق الإنسان.. فيمكنك أن تتبرع له بدمك يا دكتور.
هرب الدم طبعاً من وجه العوادلي وتحسس عنقه مرة أخرى قائلاً :
ـ أنا لا أقـ.. أقصد هذا.. لكن هناك دائماً بديل للدماء البشرية..
هنا قال نادر وهو يرمق العوادلي بنظرة جانبية:
ـ البديل هو أن يعود لبشريته يا.. دكتور...
ثم عاد ينظر ليسرم والأخير يتضور جوعاً.. هذا المسخ لا يشغل باله الأن إلا الطعام.. وفكر نادر.. ماذا لو لم تكن هناك قضبان حديدية
تحول بينهما الآن.. هذا الكائن يستحق القتل مئات المرات..
لكن.. ليس الأن..
ـ لا يوجد هنا فئران؟..
قالها يسرم زاحفاً على ركبتيه وهو يتشمم الأرض..
غمغم جلال متقززاً :
ـ مع أي مسوخ قذرة نتعامل بالضبط؟
رفع يسرم وجهه إليه وأطلق فحيحاً غاضباً :
ـ ستدفعون ثمن هذا غالياً.. بنو الأصفر حلفائنا سيغزونكم لو تعرضتم لي بسوء.. لو كنت مكانكم لبحثت عن طعام لسيد الظلاميين
من يدري ساعتها .. ربما فكرت في الصفح عنكم..
عقد جلال ساعديه أمام صدره وتبادل النظرات مع نادر قبل أن يلتفت الأخير ليسرم قائلاً :
ـ لو كان الشعب الأصفر قادراً على غزونا منذ البداية.. لما كان لمؤامرتهم الكبرى معكم أي معنى..
لعق يسرم أصابعه وهو ينظر لنادر في غل :
ـ أكيد.. أكيد.. نحن مهمون لهم.. كما أنهم مهمون لنا.. لكنهم قادرون على حرق الأرض من تحت أقدامكم.. لا أحد يتحدى سياسة الشعب الأصفر.. ألم تتعلم شيئاً ممن سلفك..
ابتسم نادر قائلاً :
ـ نعم تعلمت.. تعلمت الكثير..
مال جلال للإمام كأنه يستنطق نادر المزيد.. لكن الأخير استدرك:
ـ لكنكم لا تتعلمون شيئاً ممن سلفكم يا سادة الظلام..
كاد العوادلي يموت غيظاً وكمداً.. ذلك الظلامي الأبله يتكلم بلا حساب.. لذا كان عليه أن يوجه دفة الحديث بعيداً :
ـ أنه يهـ.. يهذي من شدة الجوع.. أي علاقة تلك التي تجمع الشعب الأصفر رمز الحضارة والرقي بهؤلاء الوحوش..
قال نادر :
ـ من الذي سعى للحوار مع الظلاميين.. كلنا شاهدنا التمثيلية السخيفة التي أداها مبعوث الشعب الأصفر مع هذا اليسرم..
ـ أنا متأكد أنـ.. أنهم خدعوا فيهم مثلما خدعنا كلنا فيهم.
ـ إذن سنراهم قريباً معنا ضد الظلاميين؟
ابتلع العوادلي ريقه.. وبدا كأنه قد أسقط في يده..
ـ ر.. ر.. ربما..
نظر نادر في ساعته قائلاً :
ـ اعتقد أنك سهرت معنا أكثر من اللازم يا دكتور..
كانت إشارة واضحة فعدل العوادلي من ربطة عنقه وأستأذن في الانصراف وهو يتمنى للجميع ليلة سعيدة..
وبعد انصرافه تردد من جديد عواء يسرم الجائع.. طرق نادر على قضبان القفص الحديدي وقال:
ـ تريد دماءً حارة؟..
فغر يسرم فاه.. وسال الزبد من بين شدقيه وعينيه متعلقتان بشفتي نادر وهو يكمل :
ـ يمكنك أن تحصل على ما هو أفضل لو تعاونت مع أخونا جلال.
وحينما غادر نادر محبس يسرم همس لجلال :
ـ هذا الظلامي الجائع كنز معلومات.. أريدكم أن تعصروه حتى أخر قطرة..
ـ والعوادلي؟
ـ ليس الأن..
قالها باقتضاب، وتركه قبل أن يسمع منه أي تعليق..
***
في اليوم التالي انقلب العالم رأساً على عقب ..
العالم أشبه بحافلة يرى فيها لص يسرق عياناً بياناً ولا يتحرك أحد.. حتى يقرر أن يخرج أحدهم ويهلل : هذا لص .. فتنهال على الأخير الصفعات والركلات .. كان العالم بانتظار ذلك الـ ( جدع ) الذى سيطل برأسه ويدلي بدلوه لتتبعه الجموع .. وهذا الجدع بالمناسبة كان ..
سيد الشعب الأصفر ..
خرج وأعلن للجموع أنه قلق لما يحدث للشعب الأسمر .... ودعا للهدوء وضبط النفس والحوار ... ثم أنهى بيانه وطلب رجله هناك .. كان بحاجه إلى إفراغ شحنة الغضب في أحدهم ... وكان نوسام يستحق ..
ـ مازال الوقت مبكراً لنعلن فشلنا يا سيدي ..
ـ متى إذن ؟. عندما يعلن عدونا فشلنا على الملأ ..
ـ لدي خطة ـ قالها نوسام وهو يضغط على أسنانه ـ أقسم لك بتاريخي كله.. أنا لن أسمح بفشل خطة القرون ... خطة الأجداد ..
جائه صوت زعيم الشعب الأصفر متأففاً :
ـ أشرح لي خطتك .. وبناء عليها نبحث أمر بقائك هناك من عدمه
وبدأ نوسام على عجالة من أمره يشرح الخطة البديلة .. كان يشرحها على صوت صراخ الظلاميين وهتافات الشعب الأسمر الذي أفاق من ثباته العميق ... وما أشد هذا على نوسام.. إنه لا يتخيل شعبنا إلا نائماً وغارقاً في المتاهات التي يصنعها له هو وأسلافه ...
وأنهى نوسام المكالمة مع زعيم شعبه والتفت إلى دشرم .. أين أنت أيها القذر؟.. ها هو ذا متعلقاً ببعض الأستار يرتجف في رعب وهو يرمق عبر النافذة الطريق الرئيس والشعب الحاشد ...
ـ دشرم ..
صرخ نوسام فطار دشرم كأنما أصيب بصاعقة وتدحرج عند قدمي سيده وهو يلهث ثم رفع طرفه إليه مناشداً :
ـ أرجوك يا سيد .. لقد تلقى شعبنا الظلامي لطمة عاتية لم يتلق مثلها من قبل ...
جذبه نوسام من عنقه وقربه إليه :
ـ السبب هو .. الحماقة .. الاندفاع .. الهمجية ..
كان يتحدث وهو يضرب برأس دشرم الجدار والأخير تدور عينيه في محجريهما ... أخيراً تركه يسقط على الأرض واعتدل مكملاً :
ـ الأن على أحدهم أن يسمع ويطيع دون أن يتدخل من عند نفسه .. نوسام لديه خطة .. كل شيء يمكن أن يعاد بنائه ...
ورفع عقيرته مستطرداً في جنون :
ـ إننا نصنع قدرنا ...
***


 

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكُنَّاشَة شمّاء أبعاد العام 255 05-27-2025 09:59 AM
الآن ... الهادي التليلي أبعاد الشعر الفصيح 6 01-12-2016 06:23 PM
ملخص رواية \ مسلسل ( الجذور ) لـِ أليكس هالي عماد تريسي أبعاد العام 10 07-08-2014 02:20 AM
الموتُ في وهران رواية للحبيب السايح سارة النمس أبعاد النقد 7 04-17-2014 04:25 PM


الساعة الآن 04:47 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.