يا عُمق،
لم يكن ردُّكِ مجردَ تعليقٍ عابر، بل إضافةٌ فنيّةٌ توشِّحُ النصَّ بألوانٍ جديدة. ما كتبتِه ليس كلماتٍ تُعلَّقُ، بل نصٌّ موازٍ يحملُ ذاتَ الشجن والسكينة، ويزيدُ "مقهى الخريفات" عُمقًا على عُمقه.
قرأتُ حروفَكِ فاستقرَّتْ في الذاكرة كندىً على أوراق الخريف، تلمسُ زوايا خفيّةً في المكان، كأنكِ أضفتِ إليه مقعدًا غائبًا، أو نافذةً لم أكن أعرفُ أنها تُطلُّ على روحي.
اتَّسعَ المقهى فجأةً بوجودكِ، وكأنه وجدَ شريكًا روحيًّا يعرفُ أسرارَ طقوسه:
- تلك الطاولة الوحيدة التي لا يجلسُ عليها أحدٌ إلا الغيابُ نفسه،
- والنادلُ الذي يمسحُ الغبارَ وكأنه يمسحُ دمعًا قديمًا،
- والقهوةُ التي تنتظرُ شفتين لن تَأتي، فصارتْ قصيدةً في فنجان.
لقد حوَّلتِ "مقهى الخريفات" من مكانٍ إلى حكايةٍ تتشابكُ فيها الأرواح.
لم تكتفي بأن تتركي أثرًا على الأرائك، بل زرعتِ في الزوايا ذكرياتٍ لم تكنْ هناك من قبل.
تعليقُكِ كان نافذةً جديدةً أرى منها:
- كيف يكونُ الغيابُ حضورًا يُضاءُ بالانتظار،
- وكيف تُصبحُ الأوراقُ المتساقطةُ سيرةَ الذاتِ والنُّضج.
عُمق،
أنتِ لغةٌ تفيضُ شعرًا، وحسٌّ يقرأُ السكوتَ ويكتبُه حروفًا.
شكرًا لكِ...
- على الهديةِ التي جعلَتْ من مقالي مرآةً تُعيدُ اكتشافَ نفسها،
- على الأرواحِ التي أهديتِها للحروف فصارتْ تنبضُ،
- على التناغمِ الذي حوَّلَ الكلماتِ إلى موسيقى تُذكِّرُنا بأنّ الحزنَ قد يكونُ دافئًا.
شكرًا لأنكِ كُنتِ هنا، في هذا المكان الذي صارَ أكثرَ جمالًا بوجودِ بصمتكِ.
الغريب