
- كُلما نضجتُ أكثر كُلما أَحسستُ بِمعنى الفقدِ أَكثر ،
وَ هكذا حَتى أَذوي فَأموتُ فقْداً !
كَكلِ الأشياءِ الجميلةِ في حياتي هو المَطر ،
و رائحةُ الطينِ المتكونِ بعد سقوطِه !
لثلاثةِ أعوامٍ خلت ، لم أفرح بالمطر ،
كنتُ لا أفرح به برغم تلهفي عليه ،
و لا أعلمُ كيفَ أمكنني جمعُ نقيضين !
إلّا هذا العام ، كان الأمر مختلفاً تماما .
فقلبي خالٍ من أمنياتٍ مُعاقة !
حاولتُ بدأ مراسمِ الفرح بابتسامة ،
فباغَتني الحزن فجأة !
أخبرتُكم من ذي قبل ،
أنا أشكُ بأن بيني و بينَ الحزنِ صلةُ رحمٍ
لذا لا ينفكُ عن وصلي بكل إخلاصٍ و مَودة !
كان المطرُ يهطل مذ ساعاتِ الفجرِ الأولى ،
و ما شعرتُ بهِ حتى اشتد !
و كان أولُ شيءٍ تذكرته و أنا أحاول إزاحة آثار النومِ عن عيني هو :
راشد !
حدثتُني ، أن تربة قبره الآن تُبَلل !
فأردفت أن يا ربِ اغسله بالماء و الثلج و البرد !
أردت أن أشعرَ به و المطر ،
فتناولت عِطره و أسبغتُ منه عليّ ،
ثم مددتُ يدي خارجَ نافذتي ، فتبللت ،
و انزلقت عنها حبيباتُ المطرِ مُنحدرة منها إلى الأسفل !
تذكرتُ وجنتا أبي يوم أن بكـاه ،
تذكرتُني و أنا لأول مرةٍ في حياتي أبكي بمرارة !
يا الله !
إنني لأتذكرُ و طعم الدُموع المُرة تغسل فمي !
عام جديد هاه ، و ابتدأ بالمطر ،!
على عكس الأعوامِ التي مضت .
إنَّ عاماً إفتُتح بمطر لهو حقيقٌ بأن نتفاءل به !
و مع ذلك وجدتُني أبكي ،
فالأعوام التي تذهب تفصلني و تُبعدني عن راشد كثيراً ،
و لا أرى أن رؤيا أمي تحققت ،
و لا أراني إلّا مُتمسكة بجلبابِ الذكرى كلما كبرتُ
و تقدم بي العمر أكثر !
لامتزاج الدُموع بالمطر ، لذةٌ لا مُتناهية .
و لا أعلمُ بالضبط كيمياءَ هذه اللذة .
حسنٌ تستطيعون القول بأنني
أجهل وصف و سبب كثيرٍ مما أشعر به ،
لا سيما ما يتزامن من مشاعري و المطر !
كلا صدقوني ، أنا لستُ حَزينة .
أنا فقط أُحاول أن أرسمَ الصباحَ الماطِر على تربةِ الفقدِ في داخلي ،
عسى أَن ترويه فيُزهر يوماً ما بما أحبُ و أشاء !
- و اللهِ لا زِلتُ مؤمنة بأن ما لم يجلبه لي المطر لا خير فيه أبداً .!
قابل للنقد حتماً !