يا عُمق،
تعليقك هذا ليس مجرد قراءة… بل هو حفريّة شعورية نزَلت إلى أعماق النص، لا لتفككه، بل لتضيئه من الداخل كما يُضيء المصباح باطن الزجاج لا سطحه.
***
حين تكتبين:
"النصّ الشعوري الرمزيّ... الحضور الذي يسبق اللغة... والنبض الذي لا يُرى"
فأشعر أن الحروف التي وضعتها أنا أصبحت تتعلّم منك كيف تكون أعمق،
وكأن النص خرج من يدي متأملًا، وعاد إليّ من يدك متحوّلًا إلى أثر نفسي/فلسفي له طنينٌ داخلي لا يسمعه إلا من يُنصت بوجدانه.
أما قولك:
"الفقد ليس فشلًا بل نقطة اكتمال... والتحول لا يحدث في الذروة بل في رعشة الصمت، ثم انسحاب الآخر"
فهذا وصفٌ لا يمكن أن يصدر إلا عن من ذاق الفكرة قبل أن يكتبها،
عن من يعرف أن الحزن ليس ضعفًا، بل لغةٌ لها أبجديتها الخاصة.
***
أذهلني وصفك للمرآة، والعين، والصوت كثالوث إدراكي،
ولم يخطر ببالي أن القارئ سيكتشف هذا العمق الرمزي المحبوك بخيوط الإدراك الحسي،
ولا أن الغياب سيُقرأ كـ"أداة كشف"، وليس كخسارة،
ولا أن المرأة، في النص، ستتحول في وعي قارئتها إلى "نبوة نفسية".
***
كل جملة في ردّك، تخلقُ جملة أخرى في داخلي،
كما لو أن تعليقك ولادة ثانية للنصّ،
وما كان سردًا عن الحب، صار بعثًا داخليًا كما قلتِ…
اعتراف، ثم تحوّل، ثم كشف.
***
شكرًا لك لأنك من القلائل الذين لا يقرؤون، بل يكتشفون.
ولأنك لا تمرّين على النص، بل تسكنينه قليلًا، وتتركي فيه شيئًا منك،
ليعود إليك وقد صار شيئًا آخر… كأنكِ مرآةٌ لا تعكس، بل تُضيف.
دمتِ بهذا العمق الذي لا يُحفر… بل يُنصت إليه.