عبدالكريم قاسم:الراحل الباقي في قلوبهم

[عبدالعزيز رشيد]

مقاطع عنه:

يروي الاذاعي المعروف محمد علي كريم هذه الحادثة التي ثبتها د. الناصري في ص192 من كتابه المشار اليه:
”حين استدعى الزعيم من الاذاعة الشاعر المتمرد حسين مردان وفي جلسة مرح عرض عليه ان يكون رئيساً للوزراء لمدة ساعتين وان يحتل مكانه خلف مكتب الرئيس ويجيب عن المكالمات ويأمر رجال الحماية بما يشاء، تركه في الغرفة وحيداً فهم حسين مردان صائحاً (تعالوا راح اموت) وحين عاد الزعيم ضاحكاً سمع حسين مردان يقول: (ياالهي، سيادة الزعيم دخيلك ما ان جلست خلف مكتبك حتى شعرت بالسماء تمطر مسدسات ربما كانت نبوءة من حسين مردان او انها مواصفات الرئاسة في العراق حتى يومنا هذا “.

يكتب ذو النون ايوب في صلب مذكراته ج5 - ص55.
” كان من اغرب ما سمعت من احاديث ابي علي ”عبد اللطيف الشواف “ انه كان لرعاية بدر شاكر السياب عند قاسم وبلغت الرعاية انه ارسل الزعيم الشاعر للاستشفاء على نفقته الخاصة خارج العراق فصاغ الشاعر قصيدة مدح له سماها ”الزعيم “ وحدث ان قتل قاسم والسياب في المستشفى فبدل الزعيم بـ ”الزنيم “ واحالها الى قصيدة هجاء. ثم لحق بقاسم بعد وقت قصير دون ان يجد رعاية من احد “.

شهادة الجواهري
امتازت شخصية الزعيم بحبه للادباء ورعايته لهم وهذا اكده الجواهري في الجزء الثاني من مذكراته: ص179.
”ان عبد الكريم قاسم كان يملك ضميراً حياً ونزاهة نادرة وبساطة في اللباس والحياة والمأكل، ما جعله يضاف الى قائمة المترفعين عن المظاهر والمكاسب وجاه الثروة وهو ما اغفله الكثيرون من الكتاب والصحفيين والمؤرخين واراها مناسبة للقول ان الكثيرين من هؤلاء لم يتعاملوا بنزاهة مع التاريخ ولا بأمانة مع واقع حال هذا الرجل وكثيرون كتبوا اما بدواع سياسية او بدوافع شخصية او بدوافع مصلحية “.

حكاية الرقم ”82264 “ !
هذه الحادثة تدلنا على جانب آخر في شخصية قاسم التي لم تتأثر بردود الفعل الانتقامية ازاء منتقدي سياسته ومعارضيه الشخصيين، ففي الوقت الذي كان فيه الشاعر عدنان الراوي يقدم برنامجه اليومي من اذاعة صوت العرب في القاهرة والموجه ضد قاسم كانت عائلته تتمتع بكامل حقوقها المدنية والانسانية، وفي الوقت الذي كان فيه الجواهري يتعرض بقصائده في الخارج لشخصية عبدالكريم كان الجواهري موضوعاً يدرس في كتاب الادب العربي لطلبة الثالث المتوسط ص173.
ازاء هذا هل عومل قاسم فيما بعد بهذه الروح المتسامية والمترفعة عن الصغائر؟
هذا ما يكشف عنه المفكر د. سيار الجميل في كتابه ”تفكيك هيكل “ ص48 الى الدين الذي ترتب على الزعيم عن اجور التلفون الشخصي في بيته الذي كان رقمه ”82264 “ والذي ابقاه على ذمته الشخصية بعد توليه الحكم ولم يحوله الى تلفون رسمي كما هي العادة ولم تدفع اجور التلفون للسنتين الأخيرتين قبل وفاته، وطلبت مديرية التلفونات استقطاع مبلغ ”13 “ ديناراً و”631 “ فلساً من رواتب الاجازات التي يستحقها الفريق الركن عبد الكريم قاسم!! وسدد المبلغ بعد ان الغى ”مجلس قيادة الثورة “ المقبور في 1978/5/17 قرار مصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة، وبعدها استقطع المبلغ اعلاه من رواتب الاجازات الاعتيادية.