ما الفرق بيني وبين نساء الأرض؟ ما الذي يدفعك لتجنبهنّ وأخذ يدي في يدك، والتحديق حتى أدهس قدمك بغضب: ’’ لا تنظر إليّ هكذا! ‘‘، قال أحدهم: ’’ ابتسمي حتى لا يجوع طفل في أفريقيا ‘‘، يُصرّ على ذلك تحت تأثير الكوارث الطبيعية، ويعدّني الرقم الدقيق لمقياس ريختر، إذن فخلفي زلازل وعواصف وجبال تفقد وزنها على الأرض، لست امرأة يحطّ الحمام على كتفيها، وتعقد شعرها بأوراق الزيتون، أنا كائن ثوريٌّ، يهوى جمع المفرقعات، وعقد القنابل بالأشرطة الحريرية، ويأمل يوماً أن يرقص على طبل عال بكعب حادٍ، ليعلن عن الحرب بلا حلقات دخان من خارج خيمة هندية، أجهل سبب جلوسي إليك بهدوء كالمعتاد، وأنقر بإصبعي على أنفي مشجعة إياك: ’’ قبّلني هنا ‘‘، أحياناً أؤكد بأنك أكثر حزناً مني، وربما بؤساً، لكنك تبقى في البيت، تحت تأثير المكالمات المحدودة والزيارات الخاطفة للفتيات، وأنتبه أنك لا تنظر إليّ، المرأة كتمثال قدّيس، يتجه إليها الإنس ليرقبوا تفاصيل ذراعها المجبولة من الحجارة، ومقدار الشبه بينها وبين مريم المجدلية، كنت الوحيدة التي يراها الجِن فيتجهون إليّ بالإشارات والرموز، وأعود أقول لربّي: ’’إنسانٌ يا ألله!‘‘، وبفوضى غير عقلانية، أجدك أمامي، نتسابق معاً، فتصل قبلي، نقفز، فأسقط أمامك، نطير، فتحلّق أعلاي، نحزن، فأبكي خلفك، نشتهي، فأكون أسفلك، كنا نتساوى في نهاية كل أمر، وهذا ما زاد من عقد الخيوط حول أصابعي، واتضح ألم لا أحتمله، في إحدى الأيام الفائتة، أصابني خَدْرٌ شديد في يديّ، فانفجرت بالدموع، هلعت: ’’أريد أن أكتب، أريد أن أكتب‘‘، طرأت عليّ فكرة ساذجة، كأن أرتدي قفازين لأحميهما، أو أنهض من مكاني وأبدل بنطالي بآخر بجيوب، لكني لم أستطع تحريك معصميّ حتى ربع ساعة، اتجهت إلى المغسلة وأدرت صنبور الماء بصعوبة عليهما، تمتمت ببضع آيات قرآنية، وانعقفت أصابعي أخيراً، استندت للجدار، أحمد كثيراً، وأعود ليديّ مجدداً، تذكرت "موديغلياني"، الرسّام الإيطالي حينما هاجمته عصبة من رجال الحانة، وأوسعوه ضرباً بالعِصيّ حتى هشموا عِظامه، تردد صوته في أذنيّ وكلتا يديه، مُكمّمة بالشاش الأبيض: ’’ My hands, my hands ‘‘، واعترتني رجفة حينما حادثتني عن يديك – هل أثير اللون الأسود فيك؟ أجبني حقاً – ما كان أصعب على كاتبٍ/نحّات/ رسّام . .أكثر من أن يفقد راحتيه؟، ’’ ابتسم الآن من فضلك ‘‘، لأنك تنتظرني في مكان صغير، قليل التأثيث، بسيط التصميم، هناك حيث يأخذني صدرك، وأستمع إلى حكايات الراعي بين زنديك، أصابع كاتبة، أصابع رسّام، شَابِكني في الفراغات بين الأصابع والشيطان ليس بثالثنا: ’’ ما رأيك أن نخلق لوحة تكتب؟ ‘‘، تفكر قليلاً: ’’ طيّب، كتاب من لون واحد؟ ‘‘، وأقترح أيضاً: ’’ تمثال بيده قلم وفرشاة؟ ‘‘، وتزيد قائلاً: ’’ قصيدة في إطار ؟ ‘‘، وأنطق بوميض: ’’ ستوثّق اسمك عليّ ؟ ‘‘، وتضحك عالياً: ’’ دائماً يرغب الفنان في متابعة عمله وإن عُلّق في المعارض وقُرِأ على الملأ، الفنّ قوس لا ينمو إلى دائرة، واللوحات لا تكتمل يا ناقصة، فتعالي أُكمّلكِ ‘‘، وأتبعك في خدعة علبة الألوان، وعبوات الطلاء، والرداء الأبيض وفقدان القدرة بين تقنيّ المعمل والرسّام، ألحق بك كي " تتجاوب يدي مع يدك * "، وأعلم لاحقاً، أن أيّ عابرٍ بالقرب من المدخنة، سينتبه أن دخانها اليوم: ملوّن، وينبعث منه رِيش أبيض كثير . . . ،