إليكم نظرية .." تمرحل الإنسان " .
التي ليس لها علاقة بنظرية " النشوء والإرتقاء "
كما أنني أعلم أنّكم تعلمون أنّ الأحرف عندما تخرج من قلم صاحبها
تصبح كائن قائم بذاته قد يكون أوّل محاكميه كاتبه ...
..........
دائماً ما أُجزّء الإنسان إلى مرحلتين "مرحلة البناء" و "مرحلة العطاء" ، فمرحلة البناء هي الجزء الأول من عمره وقد حددتها من بداية عمر الإنسان حتى الوصول إلى عمر الأربعين عام , حقيقةً أن هذا التحديد ليس هو الأساس لأنّه وكما هو معلوم قد يتغيّر من حالٍ إلى حال ، فنحن بالنهاية نتحدث عن أشياء متغيّرة ، هذه المرحلة أي "مرحلة البناء" تحتاج إلى ثلاثة ركائز تقوم عليها وهي كالتالي : الأساسيّات ، والمهارات ، والخبرة .
من خلال أولئك تتكون صورة الجزء الأول من الإنسان ، فالأساسيّات ما يتمحور حولها الاهتمام العام للشخص ، وبناءً عليها تتضح صورة المهارات المطلوبة ، والخبرة ، مثال ذلك أن يكون الأساس الذي يقرره شخص ما هو الدراسة وشغل مركز مهم في المجتمع للنهوض به من جانبٍ معيّن ، هذا الشخص سيحتاج لدراسة التخصص الذي يرى أنه قادر على الإفادة منه وهو الأساسيات ، ثم سوف يكشف رويداً رويداً ما هي المهارات التي تدعم ذلك التوجّه ويبدأ في البحث عن مصادرها لاستجلابها ، وهي مثلاً قد تكون دورات تدريبية تدعم الأساس ، أو أنها مثلاً دورات تدريبية في مجالات أخرى تدعم الأساس والشخص بعد إنهاء مرحلة الأساسيات ، وسيكتشف بالضرورة أيضاً أنه من خلال مسيرته هذه يعمل على كسب الخبرة التي تجعله أكثر سيطرة على ذلك الطريق ، هنا في جانب الخبرة أودّ التنبيه على أن يكون الإنسان محدد في طريقه الذي يسير فيه ، فعلى سبيل المثال ، هناك شخصين كل يوم يتصفّحان الإنترنت ، الأول دخل مبيّت النية على أن دخوله للمتعة ذاتها ولنسيان النظر إلى ساعته ، الآخر دخل مبيّت النية على البحث عن المعلومة التي تفيده واضعاً نصب عينيه ساعته ، فمن المعلوم لدى الجميع من هو الشخص في هذين المثالين سوف يخرج بخبرةٍ عظيمة وفائدةٍ جمّة وهي فقط ساعات قليلة ، وذلك المثال قد ينطبق أيضاً على شخص يريد أن يكون رجل أعمال أو يعمل في التجارة فهو سيحتاج إلى أساسياتٍ مختلفةٍ ومهارات محددة والخبرة تباعاً سوف تأتي على نمط معيّن ، وقس على ذلك جميع المجالات.
بعد ذلك تأتي مرحلة العطاء وهي الجزء الثاني من عمر الإنسان وعلى حسب اتقان متطلبات الجزء الأول وهذا في غاية الأهمية ، ستأتي النتيجة ويتبيّن مدى العطاء ، فهذه المرحلة عبارة عن إفراز وإظهار لتراكم يُفترض أنه وجِدَ في مرحلة البناء .
سؤال .!. لماذا نرى أنّ هناك أشخاص لا يعرفون ما يريدون تحديداً علماً أنّهم وصلوا إلى مرحلةٍ لا بئس بها من العمر ؟ - الجواب الخاص بهذه النظرية الفقيرة – هو: ذلك يعود إلى عدم توازن هذه الركائز الثلاث في مرحلة البناء ، فهو كإنسانٍ خُلِقَ ناقص الخلقة وهذا فقط لتقريب الصورة ، فهذا الشخص قد يكون برع في جانب الأساسيات وأغفل المهارات فهو لن ينجح بعد إنتهاء مرحلة الأساسيات ، مثل ذلك الشخص الذي أُحيط بمهاراته المكتسبة ، أو كأن يكون قد تقوقع على ذاته فهو بالتالي سوف يفقد نقطة الخبرة التي هي مهمّة لتصوّر الأشياء وطريقة عرض الذات للآخرين ، كما أن الوعي بالوضع العام الذي يشغله الفرد مختفي لديه ، فتجد الشخص "لا يعرف ما يريد" - وأركّز على هذا الذي بين علامتي التنصيص - فبالتالي لن يعرف ما هي الأساسيات التي يريدها ولا المهارات ولن يحصل على خبرة مركّزة تفيده .
وعليه كان لزاماً أن نبيّن نقطة مهمّة يجب وجودها واستيعابها واستحضارها هي (الوعي) يقولون المختصّون أنّه أي الوعي : " كلمة تعبّر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس ، كما يمثل الوعي عند العديد من علماء النفس الحالة العقلية التي يتميّز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية ، والذاتية (الإحساس بالذات) ، والإدراك الذاتي ، والشعورية والحكمة أو العقلانية ، والقدرة على الإدراك الحسي للعلاقة بين الكيان الشخصي والمحيط الطبيعي له " .
إذن أقول أنّ الوعي وعيان داخلي وخارجي وعي داخلي بما تمتلك من قدرات وإمكانات وما تنبني عليه من عواطف وتركيبات نفسية جزئية ، وما تحتاج إضافته في شخصيتك ، أو ما تحتاج إزالته منها ، و وعي خارجي بما يدور من حولك وما يتغيّر ويتطور وما يظهر ويسقط في مجتمعك وفي العالم .
لذا كي يصل الإنسان إلى مرحلةٍ من التصالح مع النفس ، والتعايش السلمي مع الآخرين لابد أن يعرف ما يريد الوصول إليه ويعي ما يحتاجه ويستمر في طريقه ، وعموماً عندما يصل الإنسان إلى مرحلةٍ جيّدةٍ من المعرفة والوعي يكتشف أنّه لا يملك من الوقت الذي يهدره في المزايدة ، والمنافسة الفجّة ، والترفيه الفارغ ، وغيرها من عقاقير إهدار الوقت .
..........
خالد ...
شتائي .. السابع والعشرون 2008